الدكتور عبدالله الصبي أخصائي طب الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
قام الدكتور انجيلو دي جورج عام 1960 Angelo DiGeorge بوصف مجموعة من الحالات تتشابه وتتزامن فيها بعض الأعراض المرضية، ولذلك سميت هذه المتلازمة باسمه، وفي عام 1982م أثبت العالم كيلي وزملاؤه Kelly العلاقة القوية بين التشوهات في الكرموسوم 22 ومتلازمة دي جورج، وتعتبر هذه المتلازمة من عيوب تطور الخيشوم الثالث والخيشوم الرابع، كما تسمى velocardiofacial syndrome، وحديثاً تم إضافة حالات لهذه الحالة مثل CHARGE، Opitz-GBBB syndrome
وتشمل متلازمة دي جورج المشاكل التالية: o ضمور الغدد جار الدرقية Para Thyroid Gland o ضمور الغدة السعترية -الغدة التيموسية Thymus Gland o عيوب خلقية في القلب o وجود الشفة الأرنبية Cleft Lip وتشوهات كلوية ورئوية o الصعوبات النفسية والاجتماعية
نسبة الانتشار: يعتقد أن نسبة انتشار الحالة تصل لحالة لكل ثلاثة آلاف ولادة، ولكن الأعراض لا تكون واضحة في الكثير من الحالات، ويصيب الذكور والإناث بنفس النسبة يولد طفل مصاب بهذا المرض لكل 68 طفل مصاب بعيوب خلقية في القلب يولد طفل مصاب بهذا المرض لكل 20 طفل لدية شق في سقف الحلق
الأسباب: في عام 1982م أثبت العالم كيلي وزملاؤه العلاقة القوية بين التشوهات في الكرموسوم 22 ومتلازمة دي جورج باستخدام تقنية تهجين الفلوريسنت Fluorescent In Situ Hybridization إن الحالة ناتجة عن نقص جزئي في الذراع الطويلة لكروموسوم 22 ( 22q11) بنسبة 95% من الحالات أو نقص في الذراع الطويلة لكروموسوم 10 في 5% من الحالات السبب الحقيقي وراء هذا النقص غير معروفة، ولكنه معروف انه حدث عند انقسام الخلية عند خلق البويضة أو الحيوان المنوي- أي قبل تلقيح. إن معظم حالات متلازمة دي جورج ناتجة عن نقص "طفرة" في كروموسوم 22 ، و هذا يعني أن الطفل فقط هو الذي لديه نقص بينما كروموسومات الأبوين سليمة. في حوالي 10% من الحالات يكون هذا النقص موجود في جميع خلايا الأب أو الأم مع عدم ظهور أعراض واضحة في بعض الأحيان. و إذا كان الحال كذلك فإن هناك احتمال إصابة طفل آخر بمتلازمة دي جورج ، وهذا ما يعرف بالوراثة السائدة، لذلك يتم إجراء تحليل الكروموسومات للوالدين يمكن حدوث الحالة نتيجة التعرض لبعض المواد أثناء فترة الحمل كالكحول ومشتقات فيتامين ( أ ) والحمل السكري
الأعراض: هناك تفاوت واختلاف كبير بين المصابين بمرض دي جورج من ناحية شدة الإصابة من طفل لآخر، كما الآثار المترتبة عليها أو التي تنتج في المستقبل، وعلى العموم يمكن وجود الأعراض التالية بدرجات متفاوتة:
أولاً: الشكل العام: الشكل العام غير تشخيصي، ولا يتواجد في جميع الحالات، ومنها: o صغر حجم الرأس، بروز الجبهة hypertelorism o صغر حجم الحنك micrognathia o صغر حجم الفم fish-mouth o ميلان العيون للداخل والأسفل antimongoloid slant o عيوب في صيوان الأذن وصغره o شق الحنك والشفة الأرنبية
ثانياُ: ضمور الغدد جار الدرقية Para Thyroid Gland نقص هرمون الغدة الجنب درقية Parathyroid hormone الذي يسبب نقص مستوى الكالسيوم بالدم وارتفاع الفسفور، ويؤدي لحالات التشنج
ثالثاً: ضمور الغدة السعترية -الغدة التيموسية Thymus Gland ينتج عن هذا نقص في جهاز المناعة الخلوية o وهو أحد أسباب الوفاة الفجائية عند نقل الدم في بداية عملية القلب الجراحية في حالة إغفال هذا النقص المناعي o الطفل معرض للإصابة بالالتهابات بشكل أكثر من اقرأنه الأسوياء ، ويبدو كثير الزكام و الرشح والتهابات الإذنين والنزلات المعوية والإسهال . o قد يتعرضون لموت مفاجئ عند الإصابة بالتهابات شديدة
رابعاً: عيوب خلقية في القلب: عيوب خلقية في القلب، ضيق أو ضمور أو انقطاع في الشريان الأورطي، الجذع الشرياني أو إي نوع من العيوب القلبية، وقد تكون هي السبب في البحث عن الحالة وتشخيصها 1. رباعية فالوت Tetralogy of Fallout (17%) 2. فتحة بين البطينين ventricular septal defect - 14% 3. انقطاع في الشريان الأورطي interrupted aortic arch - 14% 4. ضمور الشريان الرئوي pulmonary atresia 10%
خامساً: مشاكل أخرى: o التأخر في نمو الطفل المصاب o تشوهات كلوية o تشوهات رئوية o صعوبات التعلم o الصعوبات النفسية
التشخيص يبدأ الطبيب بالشك من إصابة الطفل بمتلازمة دي جورج عندما يكون هناك مجموعة الأعراض المذكورة سابقاً، خاصة العيوب الخلقية في القلب - انقطاع في الشريان الأورطي، وجود شق في سقف الحلق، نقص مستوى الكالسيوم بالدم، وغيرها، حيث يقوم بإجراء العديد من الاختبارات والفحوص ومنها: o القصة المرضية للعائلة لمعرفة وجود حالات مشابهة o القصة المرضية للحمل o قياس مستوى هرمون الغدة جار الدرقية parathyroid hormone o قياس مستوى الكالسيوم والفسفور والإنزيم القلوي الفسيفتائيAlkaline Phosphatase Enzymes o أشعة سينية للصدر - توضح غياب الغدة السعترية o نسبة كريات الدم البيضاء الليمفاوية o اختبارات لقياس جهاز المناعة(مجموع الكريات الدم البيضاء الليمفاوية من نوع بي وتي) CD3+/CD4+ o قياس الأجسام المضادة عند الضرورة o أشعة صوتية للقلب (echocardiography) o تخطيط القلب o فحص الكروموسومات o فحص الكروموسومات باستخدام تقنية تهجين الفلوريسنت Fluorescent In Situ Hybridization
المضاعفات المرضية والعلاج: لا يوجد علاج لحالات متلازمة دي جورج، لأن المشكلة خلقية وموجودة في جميع خلايا الجسم، ولكن هناك طرق وعلاج لبعض المشاكل المرضية المصاحبة، يمكن من خلال التعرف عليها في وقت مبكر السيطرة عليها وتقليل مخاطرها على الطفل، والطبيب المعالج هو من يقدر تلك الحالات وكيفية التعامل معها، ومنها: o مشاكل القلب: أغلب الأطفال المصابين يكون لديهم مشاكل في تكوين القلب، تتراوح خطورتها من مشاكل بسيطة إلى مشاكل تؤدي للوفاة، لذلك فقد يستدعي الأمر تدخل جراحي بشكل مبكر بعد الولادة مباشرة لتصحيح العيوب القلبية، وذلك حسب نوع المشكلة. o فقدان المناعة: لم تنجح حتى الآن حالات زراعة الغدة السعترية أو خلايا العظام للمصابين بهذه الحالة، لذى فإنه في حال وجود نقص للمناعة، فإن الطبيب المعالج يقوم بمحاولات لتخيف من تبعاتها، ومنها: 1. إذا كان الطفل يحتاج لجراحة القلب وفي حاجة إلى نقل دم، يجب أن يعالج الدم بالإشعاع قبل أن يعطى للطفل 2. يجب أن يخضع هؤلاء الأطفال إلى إعادة تقييم مناعتهم قبل إعطائهم التطعيم الثلاثي البكتيري MMR ، والتطعيم ضد العنقز - الجديري المائي o الكالسيوم المنخفض: في حال وجود انخفاض مستوى الكالسيوم في الدم، يقوم الطبيب المعالج بإضافة الكالسيوم للغذاء، كما يقوم بإضافة فيتامين دال - ون ألفا One Alpha ـ الذي يعمل على تصحيح مستوى الكالسيوم ويقلل الفوسفات o الترجيع والقيء والصعوبة في الأكل الأطفال المصابون بالشفة الأرنبية وشق الحنك، كما صغر حجم الحنك، يلاحظ لديهم صعوبة في المص والمضغ والبلع، كما زيادة نسبة حدوث الترجيع والقيء من الأنف، مما يؤثر على صحتهم ونموهم، مما يستدعي تدخل أخصائي البلع والتغذية، واحتمالية استخدام التغذية عن طريق الأنبوب لمدة من الزمن. o النطق والتخاطب: الأطفال المصابون بالشفة الأرنبية وشق الحنك يكون لديهم مشاكل في النطق والتخاطب، مما يستدعي التدخل الجراحي، كما أخصائي النطق. o مشكلة السمع: التهابات الأذن الوسطى مشكلة شائعة، وذلك يجب متابعة الحالة لتفادي فقدان السمع o مشاكل التواصل: هذه المشكلة يمكن أن يكون سببها مشكلات تتعلق بالسمع والتخاطب، أو ربما تكون لها علاقة باستيعاب اللغة مشاكل الكلى: يلاحظ زيادة العيوب الخلقية في الجهاز البولي، كما زيادة حدوث التهابات المسالك البولية، وتلك تحتاج لمتابعة وتدخل طبي o المشاكل النفسية: يلاحظ في الغالب أن للأطفال تقدير ذاتي منخفض وفاقدي الثقة، كما يلاحظ أنهم يكونوا بشكل أفضل عندما يكونوا مع شخص أكبر منهم ومألوف لديهم ويثقون فيه على خلاف ما يكونوا عليه عندما يكونوا مع أقرانهم. يجب ملاحظة أن هؤلاء الأطفال في الغالب يعانون من "قلة التركيز والانتباه" ، وفي هذه الحالة يجب عدم إعطاءهم أدوية مثل ريتالين Ritalin ذلك بأن هذا الدواء قد يحدث آثاراً عكسية . في الغالب يعاني المرضى من مشكلات صحية ذهنية مثل الكآبة ذات القطبين أو الكآبة المهووسة، يجب استشارة أخصائي في حالة الشك بحدوث مثل هذه المشاكل. o التأخر في التعليم : معظم الأطفال المصابون لديهم مشكلات تعليمية دنيا أو طفيفة، يحتاجون إلى بعض المساعدة داخل فصول الدراسة، كما يحتاجون على اهتمام على المدى البعيد للتأثير الايجابي على حاجاته الصحية
مآل المرض: o المشكلة خلقية، وفي جميع الخلايا، ولا يتوقع لها الشفاء الذاتي o لا يوجد علاج طبي أو جراحي o درجة المرض والأعراض تختلف من طفل لآخر o تصل نسبة حدوث الوفاة خلال السنة الأولى إلى 80%، وخاصة مع وجود العيوب القلبية
التطعيم ومتلازمة دي جورج: الهدف من التطعيم هو تعزيز جهاز المناعة، ففي حالة وجود البكتريا أو الفيروس يمكن لجهاز المناعة التفاعل بسرعة وفعالية، ومن خلال أعطاء التطعيم يمكن لنا بناء المناعة لدى الأطفال الطبيعيين، وتنقسم التطعيمات إلى قسمين: 1. التطعيمات غير النشطة: وهي التي يتم إعدادها من جزيئيات من البكتريا ، الفيروس الميت، مثل السعال الديكي والالتهاب السحائي 2. التطعيم الحية المضعفة: وهي التي تحتوي على الجرثومة التي لا تسبب المرض في الأشخاص ذوي الجهاز المناعي الجيد، مثل السل، الحصبة الأطفال المصابون بمتلازمة دي جورج، ومع ضمور الغدة السعتية المسئولة عن المناعة، فإن التطعيمات يجب الانتباه لها وتعطى عن طريق متخصص، وتتركز في ما يلي: o الثلاثي الفيروسي DPT يعطى بأمان o هيموفلس أنفلونزا Hib يعطى بأمان o تطعيم السل BCG، الثلاثي البكتيري MMR ، العنقز Varicella يعطى بعد قياس مستويات الأجسام المضادة، وعدد خلايا تي T-cells o تطعيم شلل الأطفال الفموي Oral polio، يتم استبداله بشلل الأطفال العضلي intramuscular polio- Sabin
العنقز - الجديري المائي: الإصابة بهذا المرض تحتاج إلى ذكر خاص لدى المصابين بمتلازمة دي جورج، والمصابين بنقص المناعة، فإذا كانت الحالة بسيطة في الأطفال العاديين، فقد تكون قاتلة لمن لديهم نقص مناعة، لذى ننصح بالابتعاد عن الأطفال المصابين، كما سرعة زيارة الطبيب لإعطاء جرعة من مصل أجسام مضادة للجديري المائي
المضاد الحيوي: ربما تستدعي الحاجة إلى اخذ مضادات حيوية بصورة منتظمة لمنع الإصابات حتى يعمل جهاز المناعة، ويوصي بعض الأطباء يأخذ المرضى مضاد حيوي باستمرار (سبترين أو باكتريم) ريثما يتم التعرف على نتائج الفحوصات، ففي حالة أن تكون لدى الطفل مناعة منخفضة يجب أن يعطى مضادات حيوية لإصابات البكتريا حتى لا تسؤ حالته .
الأطفال والأسنان: عندما يفقد الأطفال أسنانهم أو أن يقابلوا طبيب أسنان، يعطى المريض في هذه الحالة مضاداً حيوياً ليمنع الإصابة . ويكون هذا في غاية الأهمية في حالة وجود مشاكل بالقلب تؤدي إلى زيادة المخاطرة لدى الطفل لإمكانية تعرضه بالتهاب بطانة القلب