جدل قانوني وشرعي حول استئصال أرحام الفتيات المعاقات عقليا
تباينت الآراء "بشدة" حول إزالة عائلات لأرحام بناتهم المعاقات، بسبب خوفهم من احتمالية اغتصابهن، ومن ثم حملهن.
وفي الوقت الذي تبدي فيه أمهات خوفهن على بناتهن من التعرض للاغتصاب، وإحداث مشاكل صحية ومحرجة بسبب الدورة الشهرية لهن، ويسعين لإزالة أرحامهن، يرى حقوقيون وعلماء دين أن عملية إزالة الرحم للمعاقة، هي انتهاك صارخ لحقوقها الإنسانية والصحية.
وتقول أم أسامة التي أصابها الهلع جراء خروج ابنتها ذات الأربعة عشر ربيعا، و"المعاقة" من البيت: "خرجت أبحث عن ابنتي كالمجنونة، والأفكار السوداء تملأ رأسي، وكانت أكبر مخاوفي، أن تتعرض ابنتي التي لا تدرك تصرفاتها، إلى الاختطاف أو الاغتصاب".
حملة بحث شارك فيها أهل الفتاة وجيرانها، استمرت نحو ست ساعات، قادت عائلة أم أسامة إلى اكتشاف مكان وجود الفتاة التي كانت تلعب بالرمل في متنزه يبعد حوالي 5 كيلومترات عن بيتها. كان الإجراء الأول، الذي أقدمت عليه أم أسامة وزوجها، الذهاب بابنتهما إلى الطبيب، للتأكد من أنها لم تتعرض لأي اعتداء.
وبعد أن اطمأنت الأم إلى أن صغيرتها لم تتعرض لأذى، عادت إلى بيتها، وأخذت تفكر بإجراء عملية إزالة رحم لفتاتها، كي تضمن عدم حدوث حمل لديها، إذا ما تعرضت للاغتصاب.
تقول أم أسامة إن الأطباء شخصوا حالة ابنتها على أنها "تخلف عقلي شديد"، وهذا ما يزيد من أعبائها كأم تجاه هذه الفتاة، التي تشدد على إبقائها تحت نظرها، غير أن الاعتناء ببقية الأبناء وشؤون المنزل تزيد من صعوبة المهمة على الأم، في حين لا تسمح ظروف العائلة المادية بإحضار ممرضة خاصة للطفلة.
أم أسامة، وبعد حصولها على تقرير طبي يؤكد الحالة المرضية لصغيرتها، ذهبت إلى أحد المستشفيات الحكومية، وأجرت عملية إزالة الرحم، لتطمئن أكثر على ابنتها، خصوصا أنها لم تعد تعاني من آلام الدورة الشهرية، التي انقطعت عن الفتاة بعد إجراء العملية.
قصة أخرى، تماثل قصة أم أسامة وابنتها، لـ خديجة، التي تربي ابنتها أمل المعاقة (19 عاما)، كانت تجهل إمكانية إجراء عملية إزالة الرحم، لذلك تقول "أنها تأخرت في إجرائها لابنتها".
وتضيف خديجة أنها أم لستة أبناء "أصغرهم أمل، التي ولدت وهي تحمل إعاقة عقلية شديدة، ومنذ ذلك الوقت والعائلة ذات الإمكانات المحدودة، تعاني ماديا ونفسيا جراء حالة أمل، كونها تحتاج إلى رعاية صحية كبيرة، وكذلك تحتاج إلى متابعة ومراقبة دائمتين"، الأمر الذي تؤكد الأم على صعوبته نظرا لكثرة الانشغالات.
معاناة أهل أمل زادت، بعد أن وصلت ابنتهم إلى سن المراهقة، والتي كانت أولى علاماتها انتظام دورتها الشهرية، وهذه أيضا أضافت عبئا كبيرا وجديدا عليهم، خصوصا أنهم فشلوا في تدريبها على سلوكيات النظافة خلال هذه الفترة.
تقول خديجة، أنها مرت بمواقف مؤلمة ومحرجة كثيرة، جراء عدم إدراك أمل كيفية التصرف إثناء الدورة الشهرية، ناهيك عن الآلام التي تعانيها بسببها كغيرها من الفتيات.
ومن المواقف المتكررة التي تقع الأم نتيجتها حبيسة حيرة وعدم قدرة على التصرف بشكل صحيح، هو قيام أمل بنزع ملابسها لإزالة الفوطة الصحية التي تزعجها على مرأى من العائلة جميعها، وأحيانا يتم ذلك بوجود زوار للعائلة.
ولا تنسى الأم التجربة الأولى لأمل عند قدوم الدورة الشهرية، بحيث خرجت ويداها ملوثتان بدماء الدورة، في طريقة لإعلان استغرابها مما يحدث معها، ليظن الأهل للوهلة الأولى أن الفتاة جرحت يديها.
بعد سنوات من المعاناة مع أمل، وخصوصا بعد ظهور علامات الدورة الشهرية، تقول خديجة "نصحتني إحدى جاراتي بزيارة طبيبة نسائية لسؤالها عن إمكانية وضع حل لمشكلة ابنتي، فبينت لي الطبيبة إمكانية إزالة الرحم، ما يسبب انقطاعا للدورة الشهرية".
وتضيف أنه وقبل سنة تقريبا "خضعت أمل لهذه العملية"، وتؤكد الأم أن معاناتهم مع ابنتهم خفت كثيرا، وأصبح تركيزهم على تأمين الرعاية لها وضمان عدم خروجها من البيت وحدها تحت أي ظرف، خوفا من تعرضها للاغتصاب.
"هَم أهون من هَم"، تقول أم شريف التي تراجع حاليا مستشفى البشير، بهدف الحصول على تقرير طبي، يؤكد إصابة ابنتها (15 عاما) بإعاقة عقلية لإجراء عملية لها لإزالة الرحم، وترى أن ذلك سيرحم الأسرة من مخاوف تعرضها للحمل بالحرام والابتلاء بابن غير شرعي قد يرث إعاقة أمه.
بيد أن أم شريف تدرك، أنه وحتى بعد إزالة رحم ابنتها، فإن ذلك لن يحميها من مخاوف التعرض للاغتصاب، ولكن، على الأقل سيحميها من إمكانية الحمل إذا ما تم اغتصابها.
وعند سؤالها لماذا تظن ان ابنتها ستتعرض للاغتصاب، تقول ام شريف ان ابنتها جميلة، وانها تخاف من ان تغفل عنها وتخرج الى الشارع وحدها، وقد تتعرض حينها للاغتصاب.