1. اختيار البرامج :
§ كيف يتم اختيار البرامج ؟
بمجرد وقوفنا علي قدرات الطفل الفعلية و توصلنا لما يعرفه و ما لا يعرفه من مهارات نكون قد وضعنا أنفسنا علي بداية الطريق الصحيح لوضع البرامج .. و يتم وضع البرامج باتباع تسلسل البرامج الموجودة ببنود المقياس أو القائمة الارتقائية التي تم تطبيقها لتقييم الطفل .. حيث يتدرج المدرس في التعليم علي بنود المقياس التي يعرفها أو يؤديها الطفل حتى يصل إلي أول بند يلي هذه البنود مباشرة لا يؤديه الطفل ليعتبره المدرس برنامج التدريس التالي المقترح و علي اعتبار أنها المهارات التالية المستهدفة في التدريس في الخطة التعليمية المقبلة
مثال : يمكننا أن نأخذ مثالا من خلال استعراض جزء من أجزاء مقياس أو قائمة ارتقائية تخيلية لبنود مجال من مجالات التدريس و ليكن مجال الأداء الاستقلالي أو مجال رعاية الذات ، لجزء من أجزاء رعاية الذات و ليكن الجزء الخاص بالنظافة .. فنجد أن شكل بنود المقياس يمكن أن يكون كما أن يضع يده تحت الماء .
§ أن يغسل يديه .
§ أن يمسح وجهه بالماء مقلدا الآخرين .
§ أن يستعمل الصابونة .
§ أن يغسل ووجهه بمفرده .
§ أن ينشف يده ووجهه بشكل كامل .
§ أن يغسل أسنانه .
§ أن يرش الماء علي جسمه عندما يساعده أحد علي الاستحمام .
§ أن يدعك جسمه بالليفة أثناء الاستحمام .
§ أن يستحم بمفرده .
ففي هذه الحالة يتدرج المدرس مع الطفل طالبا منه أداء المهارات الموجودة بالقائمة .. فيبدا بأول بند و هو " أن يضع يده تحت الماء " .. فإذا وجد الطفل تؤديه ينتقل للبند الذي يليه و هو " أن يغسل يديه " .. فإذا وجد الطفل يؤدي هذا البند ينتقل المدرس إلي البند الذي يليه و هو " أن يمسح وجهه بالماء مقلدا الآخرين " .. فإذا لم يجد الطفل يؤدي هذا البند يكون هذا البند هو البرنامج المقترح للتدريس في المرحلة المقبلة .. و بعد الانتهاء من تدريس البند يعيد المدرس عملية التقييم مرة أخري للبند التالي .. فإذا وجد الطفل يؤديه ينتقل للبند الذي يليه .. أما إذا لم يجد الطفل يؤدي هذا البند يعتبره برنامجا جديد للتدريس ، و هكذا .. حتى انتهاء بنود القائمة أو المقياس ..
§ محددات اختيار البرامج :
و بالرغم من تفضيل إتباع المدرس لتسلسل المقياس أو القائمة التي استخدمها المدرس للتقييم إلا أن هذه البنود غير ملزمة للمدرس في اختيار برامج خطته و ذلك بسبب ..
(1) عدم ملائمة البند لقدرات الطفل :
فقد يجد المدرس نفسه في بعض الأحيان مضطرا لتخطي بند أو أثنين و اختيار البند الثالث في المقياس أو القائمة كبرنامج للتدريس نظرا لعدم مناسبتهما لقدرات الطفل حيث يتوقع المدرس عدم قدرة الطفل علي أداء هذين البندين لقصور واضح في قدرات الطفل ( وجود إعاقات مصاحبة تحول دون التمكن من الأداء الحركي ، وجود مشكلات نفسية تؤدي إلي الانعزال ، قصور في القدرات العقلية .. مثل عدم القدرة علي التركيز أو التشتت و عدم الانتباه ) أو لتأكده بشكل كبير من عدم قدرة الطفل علي أداء هذه المهام ..
(2) تدرج المقياس أكثر من اللازم :
و في حالات أخري قد يري المدرس ان المقياس تدرج بصورة أكثر تفصيلا من اللازم بحيث وضع تفصيلات زائدة قد تنطبق علي بعض الحالات في حين لا تحتاج الحالة التي يعمل عليها المدرس حاليا لكل هذه التفصيلات .. فيري المدرس تخطي بند أو اثنين و عدم اتخاذهما كبرامج للتدريس و اتخاذ البند الثالث كبرنامج للتدريس حيث يمكن للطفل بالممارسة تدارك هذا البند أو هاذين البندين اللذين تخطاهما المدرس أثناء وضع البرامج دون الحاجة منا لتدريس هذه البنود كبرامج خاصة و إضاعة الوقت في محاولة إكساب الطفل إياهما حيث سيتمكن الطفل في المستقبل القريب من اكتساب هذه المهارات بالممارسة دون الحاجة لإضاعة الوقت في تدريسهما بشكل خاص ..
(3) عدم ملائمة البند لبيئة الطفل :
و قد يجد المدرس نفسه مجبرا علي إهمال بعض البنود في المقياس أو القائمة الارتقائية التي يستخدمها حين يجد أن البند غير مناسب لبيئة الطفل المحلية .. فواضع المقياس أو القائمة يضع المقياس أو القائمة بناء علي البيئة المحلية له ( التي يعيش فيها أثناء وضع المقياس ) .. فيضع بنود يري أنه يجب علي الطفل إجادتها في حين قد تخالف هذه البنود واقع بيئات أخري لا توجد ضرورة لإجادة الطفل لها حيث أنه قد لا يتعرض لها في بيئته علي الإطلاق ..
فمثلا : في بعض المقاييس أو القوائم الارتقائية قد نجد بنودا في مجال " الرعاية الذاتية " تتدرج بمستوي الطفل من :
§ أكل الطعام بإصبع واحد .
§ تناول الطعام بكل الأصابع أو بكامل اليد حتى و لو وجد انسكاب واضح في الطعام .
§ التمكن من تناول الطعام بكامل اليد مع عدم وجود أي انسكاب في الطعام .
§ الأكل بالملعقة حتى و لو وجد انسكاب واضح في الطعام .
§ التمكن من الأكل بالملعقة بدون وجود أي انسكاب في الطعام .
§ الأكل بالشوكة حتى و لو وجد انسكاب واضح في الطعام .
§ الأكل بالشوكة بدون وجود أي انسكاب في الطعام .
§ أن يقطع بعض الأطعمة بالسكين .
في مثل هذه القائمة يجد المدرس نفسه يتدرج في وضع البرامج طبقا لبنود القائمة بدأ من البند الأول و مرورا بالبند الثاني و حتى الخامس ، ثم يجد نفسه قد توقف عند البند الخامس حيث لا يستطيع الاستمرار في وضع البرامج طبقا لتسلسل بنود هذه القائمة .. فأفراد هذا المجتمع أو هذه البيئة لا يستخدمون الشوكة في تناول الطعام .. في هذه الحالة يمكن للمدرس أن يخالف تتابع بنود القائمة أو المقياس و أن يتغاضى عن إدراج بند أو اثنين من بنود المقياس أو القائمة التي يراها غير مناسبة لبيئة الطفل ( التي تنص علي استخدام الشوكة ) ، ليضع بند من البنود التي تليها و التي يتم فيها استخدام السكين ..
مثال أخر : لا يستطيع المدرس فيه وضع البنود طبقا للتسلسل الحرفي للقائمة الارتقائية أو المقياس الذي يستخدمه عندما يجد بند مثل " أن يستخدم الطفل التليفون بالعملة " تحت بنود أنشطة الحياة اليومية .. في حين لا يتواجد تليفونات بعملة في بيئة الطفل ..
أو أن يغسل الطفل ملابسه بيديه في حين أن الطفل يستخدم الغسالة الكهربائية .. أو العكس أن يستخدم الطفل الغسالة الكهربائية في حين أنه قد لا يتوافر غسالة في بيئة الطفل ..
(4) التنوع و الحصول علي برامج أكثر ملائمة :
و ينصح في كثير من الأحيان بوضع البرامج من خلال أكثر من مقياس أو قائمة و أخذ ما يناسب الطفل من كل مقياس من هذه المقاييس دون الاعتماد بنود مقياس واحد لوضع البرامج .. حيث أن هذا التعدد قد يفيد الطفل في الوصول لما يناسبه بشكل أكبر .. ففي بعض الأحيان يكون المقياس المستخدم للتقييم ذو غرض عام فيكون محتويا علي مجالات متعددة وتكون بنود كل مجال من هذه المجالات التي يقيسها المقياس عامة حيث أنها ليست متخصصة عامة بشكل كبير و يرغب المدرس في وضع برامج هذا المجال طبقا لمقياس أكثر تخصصا في هذا المجال ..
وعلي سبيل المثال مقياس السلوك التوافقي و كما تحدثنا عنه في الخطوة الثانية فهو مقياس " ذو إطار عام " يقيس مدي التوافق النفسي و الاجتماعي للفرد المعاق ذهنيا مع المجتمع .. لذلك فهو يعتمد علي تقييم مجالات متعددة كما ذكرنا لتمكن من قياس الهدف الذي وضع من أجله ( وهو قياس السلوك التوافقي للفرد مع المجتمع ) .. و من ضمن هذه المجالات مجال التخاطب .. إلا أن مقياس السلوك التوافقي ليس مقياسا متخصصا في مجال التخاطب حيث يقيم الطفل في مجال التخاطب ضمن مجالات متعددة ، لذلك فهو يقيمه بشكل عام للحكم .. في حين أننا قد نجد مقاييس أخري متخصصة في مجال التخاطب بحيث تقيس هذا الجانب بشكل أكثر دقة و حرفية في مجال التخاطب مثل " مقياس اللغة " .. و قد نجد أن المدرس في هذه الحالة بالرغم من أنه يستخدم مقياس السلوك التوافقي للحكم علي مدي توافق الطفل مع البيئة الاجتماعية له إلا أنه من المفضل في هذه الحالة أن يستخدم مقاييس أو اختبارات أخري إلي جانب مقياس السلوك التوافقي مثل اختبار اللغة العربية أكثر تخصصا في مجال التخاطب عند وضع البرامج في مجال التخاطب ..
2. تقنين الجرعات التعليمية :
( إستراتيجيات وضع البرامج )
أعتقد أن عملية وضع البرامج يجب أن تتم من خلال إستراتيجية محددة تتحدد أبعادها من خلال مراعاة مبدأين أساسيين و هما :
§ أن الطفل كيان متكامل .
§ أن عملية وضع البرامج عملية متكاملة و ديناميكية .
فارتفاع أو تدني قدرات و مهارات الطفل في مجال تعليمي معين قد يؤثر بالإيجاب أو السلب في المجالات التعليمية الأخرى ، كما أن البرامج التعليمية لمجال تعليمي معين تؤثر في البرامج التعليمية للمجالات التعليمية الأخرى ..
الطفل كيان متكامل :
و بما أنه يجب علي المدرس أو واضع البرامج أن ينظر للطفل هذه النظرة " أنه كيان متكامل " أثناء عملية وضع البرامج .. يجب أن لا يضع المدرس البرامج بنفس الكم ( عدد البرامج ) و الكيف ( نسبة التركيز و صعوبة البرامج ) في مختلف مجالات التدريس .. فعملية اختيار البرامج و المهارات التعليمية التي يمكن أن نضمنها الخطة التعليمية للطفل لكي تصبح منهجا تعليميا فيما بعد يجب أن لا تتم كعملية رصد مباشر ، متسلسل لبنود المقاييس أو القوائم التي نستخدمها لتقييم قدرات و مهارات الطفل بنفس الكم و نسبة التركيز في كل مجال .. و إنما يجب النظر إليها كعملية ديناميكية متكاملة بحيث قد يؤدي القصور في قدرات الطفل في مجال تعليمي معين علي قدرته علي الإنجاز وعلي طريقة أداءه في باقي المجالات التعليمية ، فلا يتمكن من إنجاز كم البرامج الكبير الذي تم رصده عشوائيا في باقي المجالات بسبب قصور قدرة معينة لديه في مجال معين ..
مثال : عند وضع برامج لطفل توحدي " أوتيزم " و هم عينة من الأطفال المعاقين ذهنيا و الذين يتسمون بطبيعة و سمات خاصة من أبرز هذه السمات ضعف نسبة التركيز و عدم القدرة علي التواصل مع الآخرين أو البيئة المحيطة .. يجب علي المدرس ( خاصة في المراحل الأولي للتدخل ) أن لا يضع برامجه بنفس الكم في كل مجال من مجالات التدريس .. و إنما يجب عليه النظر لحالة الطفل ككل و أن يعرف أن القصور في مجال معين لا بد و أن يؤثر علي مستوي الإنجاز في باقي المجالات بحيث أن عدم التركيز علي تكثيف التدريس و البرامج في هذه المجالات ( التركيز ، التواصل ) و إحراز تقدم نسبي مع الطفل فيها أولا بصفة مبدئية لابد و أن يعوق تقدم أداء الطفل في باقي المجالات ( رعاية الذات ، مهارات الحياة اليومية ، الأنشطة الرياضية ) مؤديا لعدم تحقيق إنجازات كبير كما يتوقع المدرس في هذه المجالات المتبقية ..
فلا يجب علي المدرس بالنسبة لمثل هذا الطفل مثلا أن تكون برامجه في مجال مثل أنشطة الحياة اليومية كالآتي :
§ أن يعد لنفسه وجبة خفيفة .
§ أن يغسل ملابسه لشخصية .
§ أن يشتري بعض مستلزماته البسيطة من خارج المنزل .
§ أن يقضي وقت فراغه بممارسة ألعاب بسيطة ( دومينو ، كوتشينة )
فكيف لطفل لا يتمكن من الأداء المتواصل و المتسلسل للمهارات لمدة بسيطة من الوقت ( دقيقة مثلا ) أن يعد لنفسه وجبة خفيفة مثلا ( ساندويتش ، مشروب ) أو كيف له أن يتمكن من غسيل ملابسه الشخصية ،أو أن يخرج خارج المنزل لشراء المستلزمات أو أن يقضي وقتا كبيرا في التركيز أثناء لعب لعبة مثل الدومينو .. و هي برامج أو مهام تحتوي علي العديد من المهارات التي يجب أن تتم بشكل متسلسل ، و التي تتطلب نسبة عالية من التركيز ..
إلا أن برامجه في مجال أنشطة الحياة اليومية يمكن أن تكون كالآتي :
· أن يبدي استعداد و تعاونا عند مساعدة أحد له في غسيل وجهه .
· أن يساهم في غسيل وجهه بوضع يديه تحت الماء .
· أن يضع يده وهم مبللة بالماء علي وجهه .
· أن يقوم بتنظيف المائدة بعد الأكل عندما يطلب منه ذلك .
· أن يقضي وقت فراغه في مشاهدة التليفزيون أو سماع الكاسيت .
من هنا نجد أن قدرة عقلية واحدة ( التركيز ) قد تؤثر بالسلب علي أداء الطفل في باقي مجالات التدريس المختلفة بحيث لا يتمكن من الأداء بشكل مرض في هذه المجالات ( رعاية الذات ، الأنشطة الاجتماعية ، الأنشطة الرياضية ) عند وضع المدرس برامج التدريس للطفل فيها بدون وضعه في الاعتبار مهارات الطفل في باقي مجالات التدريس ( المجال العقلي أو المعرفي هنا ) و تأثير هذه المهارات و القدرات علي أداء الطفل في المجال الذي يضع فيه البرامج .. لذلك لا يجب علي المدرس أو واضع الخطة أن يكدس خطة الطفل في مجال معين ( رعاية الذات ، الحياة اليومية ، الأكاديمي مثلا ) ببرامج لن يستطيع الطفل إنجازها كلها نظرا لضعف قدراته في مجال آخر بشكل كبير ( المجال العقلي أو المعرفي مثلا ) ..
مثال آخر : لطفل لديه إعاقة حركية بسيطة في يديه ، فهل يجب علي المدرس أن يضع له برنامج لرعاية الذات مثل ( أن يشرب بكوب بمفرده ) قبل تنمية المهارات الحركية لدي الطفل أولا بشكل يمكنه من أداء برنامج رعاية الذات بشكل مناسب .. و لا يعني عدم وضع برامج أخري بجانب برامج التركيز و التواصل بالنسبة لهذه الحالة ، و إنما يجب علي المدرس أن يضع برامج في باقي مجالات التعليم و لكن بكثافة أقل من المجالين المطلوب التركيز عليهما بصورة أساسية ..
كما يجب أن تتم عملية وضع البرامج بمراعاة العمر الزمني للطفل .. حيث يجب أن يتدرج تدريس المهارات في المجالات المختلفة للطفل .. فلا يجب أن يتم تدريس البرامج في مجالات التدريس المختلفة بنفس الكم و بنفس الجرعات من التركيز .. إلا أنه يجب أن نتدرج في تدريس المهارات ( بالزيادة أو النقصان ) في مجالات التدريس المختلفة بحيث تقل في بعض المجالات التي يجب أن تقل فيها البرامج بزيادة عمر الطفل ( مثل المجالات الأكاديمية ، و مجالات المهارات الشخصية و الاجتماعية ) و تزداد في مجالات التدريس التي يجب أن تزداد فيها البرامج بزيادة عمر الطفل ( مثل مجال مهارات الحياة اليومية المتقدمة ، مجال المهارات المهنية ) ..
و يمكن أن يتم ذلك طبقا للرسم البياني التالي :