بين الفلسفة والعلم:
وخطا علم النفس الاجتماعي خطوة واسعة بين الفلسفة والعلم.
ويعتبر موريتز لازاروسLazarus (1824- 1903)وهريمان ستينثالSyeinthal (1823-1899)من المؤسسين الأول لعلم النفس الاجتماعي فقد أصــدرا مجلة لهذا العلم الناشئ(1)سنة 1860 وقسم ميدان علم النفس الاجتماعي إلى ميدانين:الأول يبحث في العوامل النفسية الاجتماعية العامة التي تفسر سلوك ا لجماعة كافة، والثاني يبحث عن العوامل التي تفسر سلوك كل نوع من أنواع الجماعات..
ولقد أهتم بريد Braisd بدراسة الإيحاء وأثره المباشر في سلوك الجماعات وفي السلوك الاجتماعي للفرد. ولقد تأثر به بيرهايم وتأثرت به مدرسة نانسي المشهورة بدراستهاللتنويم الإيحائي Hypnosis .
ولقد أوضح جرائيل تادTarde (1843-1904) في دراسة عن المجرمين أن الإجرام لايرجع إلى تكوين الحيوي للمجرم،كما كان سائدا في الوقت ذاك، بل يعود إلى طبيعة المجتمع والبية التي ينشأ ويعيش فيها المجرم.ويعتبر تارد أول من كتب بوضوح وتفصيل في سيكولوجية المجتمع،وو يقوم على فعالية التقليد.ومن مؤلفات تارد المعروفة ((قوانين التقليد)) و((منطق الاجتماع )) و((قوانين المجتمع)).
وكذلك أوضح جوستاف لوبونLeBon (1841-1931) أن أهم القوى التي تساعد على تجانس الجماعات هي الاستهواء والتقليد والمشاركة الوجدانية. وعرض لوبون لموعضا ت أربعة رئيسية في علم الاجتماع النفس وهي Psychological:Sociology:
· وصف سمات الجماعة..
· وصف الفرد داخل الجماعة
· كيف تؤثر الجماعة في الفرد بحيث تجعله وهو بداخلها يختلف عما هو عليه وهو منفرد..
· كيف يؤثر الفرد على الجماعة عندما يصبح زعيماً أوقائداً..
الاتجاه العلمي:
وسار علم النفس الاجتماعي في الاتجاه العلمي.وفي سنة 1908 نشر أول كتابين يحملان اسم((علم النفس الاجتماعي))أحدهــما في أمريكــا.تأليف روسRoss ةالآخر في بريطانيا تأليف مكدوجل..
ويعتبر ويليام مكدوجالMcDougall (1871-1938)من أسلاطين علم النفس الأجتماعي المحدثين، ففي كتابه ((مقدمة علم النفس الاجتماعي))حرص مكدوجال على إقامة علم النفس على أساس اجتماعي، وأبرز أهمية الغرائر ووصفها بأنها هي المحركات الأولى، والدوافع المهمة للسلوك.وفي سنة 1920 قدم ويليام مكدوجال فكرة العقل الجماعيGroupmind على أنه يسيطر على سلوك الجماعات، ويميز بينها ويتميزعن مكوناته الفردية..
وقد عارض جون واطسونWatson (1878-1958) أهمية الغرائز التي قال بها مكدوجال.
ثـــم ساهم علم الاجتماع بقسط كبير في توجيه بعض بحوث علم النفس الاجتماعي فيما يختص بدراسة سيكولوجية الشائعات، وسيكولوجية الانتخابات...ألخ.
كذلك ساهم علم النفس بفروعه المختلفة مثل علم النفس النمو في البحوث التي تدور حول عملية التنشئة الاجتماعية، والنمو النفسي الاجتماعي للطفل...ألخ.
وينتقل بنا كيرت ليفينLewin إلى ماأسماه"المجال النفسي" حيث يركز على دراسة الفردفي تفاعله مع المواقف والخبرات المتعددة التي تتطلب مثل هذا السلوك.وأسهم ليفن بالعديد من البحوث التجريبية في تعديل الاتجاهات..
وقد أسهم كل من مظفر شريفSherif (1936)وسليمان آش Asch (1952) ببحوث تجريبية في دراسة المعايير الاجتماعية..
الحرب وتطوير العلم الجديد:
ولقد كان للحربين العاملتين الأولى والثانية في النصف الأول من القرن العشرين-رغم ويلانها-أثر بارز في تطوير علم النفس وحركة القياس.وكان لعلم النفس الاجتماعي نصيب وافر،فتوالت الدراسات عن السلوك العدواني عند الأفراد والجماعات،ودراسة الزعامة أو القيادة سواء في المجماعات الديموقراطية أو الدكتاتورية وخصوصاً ظاهرتى الفاشية والنازية،والصراع بينهمــاوبين الديموقراطيات،وأثر معايير الجماعة على معايير الفرد وأثر كل ذلك في مدى توافق الفرد بالنسبة للجماعة التي تنتمي إليها..
وتقدم علم النفس الاجتماعي التجريبي، ليشمل موضوعات عديدة مثل الاتجاهات النفسية الاجتماعية والتعصب والمعتقدات والشائعات، والروح المعنوية والدعاية، والاعلام، والعلاقات العامة، وسيكولوجية الأقليات والرأي العام والإنتخابات...إلخ.
وأفادت هذه الدراسات النفسية الاجتماعية في تقدم التخطيط الإجتماعي والتنشئة الاجتماعية، والتنمية الاجتماعيةوتنظيم المجتمعات..
وهكذااتجه علم النفس الاجتماعي من إطاره الفلسفي في نشأته من مجرد وصف الظواهرالعلمية إلى التجريب الدقيق، وتواجه من البحوث النظرية الأكاديمية إلى البحوث العلمية العملية التي تتناول كل ألوان حياتنا اليومية..
وظهرت دينامية الجماعة واتضح مجال البحث فيها ليشمل المعرفة بطبيعة الجماعات وخصائصها، والعلم بقوانين نشأتها ونموها، وما لهامن علاقات بالأفراد المكونين لها، وبالجماعات الأخرى المناظرة أو التي تعلوها أو تندرج تحتها بحسب الكبر أو الصغر الذي يوجبه التدرج في التنظيم الجماعي..
ومع نموعلم النفس الاجتماعي تقدمت الخدمة الاجتماعية والنفسية والعلاج النفسي الجماعي خاصه على يد يعقوب مورينوMoreno (1946) فظهرت السيكودراما، أو العلاج بالتمثيل النفسي المسرحي والسوسيودراما, والقياس الاجتماعي(السوسيومترى))، وظهرت أهمية دراسة سيكولوجية الجماعة والقيادة.
هذا وقد تم في جامة كولومبيا إنشاء"قسم علم النفس الاجتماعي"وهو أول قسم من نوعه في العالم.(كلا ينبيرج وكريستى Klineberg &Christie، 1965)..
الوضع الحاضر:
ومع تقدم البحث والدراسات تأكدت القوى والعوامل الاجتماعية في كل نواحي الحياة النفسية تقريباً.ومازال علم النفس الاجتماعي يخطو إلى الامام مع زيادة الاعتقاد بأن مشكلات الإنسان الأساسية أهم محاورها هو علاقة الفردمع الآخرين..
وتو الت دراسات والبحوث الجديدة في علم النفس الاجتماعي وزادت في الوقت الحاضر بدرجة كبيرة حتى نجد أن كثير من المجلات العلمية قد انفردت بنشر هذه البحوث. وهذه المجلات العلمية تجمع الآلاف من البحوث في علم النفس الاجتماعي.
ويميز علم النفس الاجتماعي المتطوراتجاهات أهمها:
· دراسات الخبرة والسلوك كناتج للتفاعل بين الإنسان وبيئته(سواء البيئة الاجتماعية أو غيرها).
· الاستعمال المتزايد للطرق العلمية في الدراسة والبحث كالتجارب على سلوك الفرد داخل الجماعات والدراسة العلمية للتفاعل الاجتماعي.
· الزيادة الهائلة في بحوث العلمية الدورية في علم النفس الاجتماعي.
· الاستخدام المتزايد للأجهزة العلمية(الميكانيكية والاليكترونية) في دراسة السلوك الاجتماعي للأفراد والجماعات, وذلك حرصاًعلى تقديم ميراث اجتماعية متقنة بقد الإمكان لزيادة دقة قياس الاستجابات لهذه المثيرات.ومن أهم موضوعات علم النفس الاجتماعي التي استخدمت فيها اجهزة تكوين الاتجاهات وتغييرهـا، وتكوين المعايير الاجتماعية وتغييرها......إلخ، (مكلينتوك McClintoc).
ولقد حظى علم النفس الاجتماعي في مصر بقد كبير من البحوث، وقد يكون سبب هذا أن الموضوعات التي يتناولها الباحثون في دراساتهم قريبة إلى اهتمامات الناس ومشكلات حياتهم اليومية.ومن الموضوعات التي تحظى بإهتمام كبير في علم النفس الاجتماعي في مصر:التنشئة الاجتماعية، والاتجاهات النفسية والقيموالمعايير والادوار الاجتماعية والقيادة.(سليمان الخضرى الشيخ وآخرون، 1988).