كتب - ابراهيم الحقيل:
يعيش أطفال المعلمة التي قتلها زوجها قبل خمسة أعوام بسبب مرض نفسي في حالة من البؤس والعوز.. دون ان يستفيدوا من حق والدتهم التقاعدي.. الذي لم يبت فيه حتى الآن.
أبناء المعلمة المقتولة الستة يعيشون على صدقات المحسنين وزميلاتها المعلمات وقد خاطبت مديرة المدرسة المستشفى الذي نقلت إليه بعد الحادث لاعطائها شهادة وفاة لتقوم برفعها حتى يتم طي قيدها والبدء بصرف راتبها التقاعدي ولكن المستشفى رفض وأفاد بأن ذلك من حق الوكيل الشرعي وهو العم الذي يتم توكيله من قبل المحكمة. يعيش الأبناء منذ ذلك الوقت لدى أحد أعمامهم العاطل عن العمل في وضع مأساوي حيث انشأ لهم غرفة على مدخل السيارة ودورة مياه ومطبخ صغير وقد كان يكفيهم عندما كانوا صغاراً ولكن الآن اصبحوا شبابا، مرتب المعلمة كان عشرة آلاف ريال. كما أن العم يرفض ان يكون الوكيل الشرعي وقد قال ذلك لمديرة المدرسة صراحة لأنه يخشى المشاكل مستقبلاً.
زميلات المعلمة والمحيطون بها اكدوا ضرورة المساعدة العاجلة في صرف حقوقها المالية التي تمكن ابناؤها من العيش في حياة كريمة بعيداً عن الفاقة والعوز. والأبناء الآن قد وصلوا مرحلة المراهقة وقد يكونون بسبب ما يجري غير أسوياء أو منحرفين أو حاقدين على المجتمع الذي تخلى عنهم وحرمهم أبسط حقوق الإنسان والتمتع بما تركته أمهم المعلمة الفاضلة من خير يستطيعون ان يعيشوا بحالة أفضل وليس عالة على الناس. تقول مديرة المدرسة التي كانت تعمل بها المعلمة المقتولة: كنت اسمع من المعلمات عن سوء معاملة زوج المعلمة (حصة) لها وكانت كثيراً ما تأتي حزينة ترغب في مكالمة أهلها خارج الرياض وكنت اخرج من الادارة لتأخذ راحتها وأراها وهي تكفكف دموعها حتى تناقل الجميع خبر اعتداء زوجها عليها بالمسدس وهروبها مع ابنها الأكبر (في الصف الخامس) عند جارتها احدى المعلمات وألحق بها طفلها الصغير (سنة) وكانت تنوي رفع شكوى وتطلب حضانة الأبناء ولكن للأسف سمع أهلها بالموضوع فأخذوها للقويعية وقد لا يصدق عقل ان بقية الأبناء قد أغلق عليهم الباب ستة أشهر كاملة لا يعرف ان كانوا احياء أو أموات وقد طلبت مني ان أوقع عنها طلب اجازة استثنائية أكثر من مرة.
وكنا نسأل الجيران ان كانوا يرون احداً من الأبناء أو والدهم وكانوا يجيبون بالنفي حتى انهم شكوا انهم قد غادروا المنزل. وتقول مواصلة حديثها: ثم اني طلبت منها ان تذكر لأهلها الذين لا يريدون ابناءها لوجود عداوات سابقة مع الزوج وأهله ان المديرة ستطوي قيدي إن لم أباشر حتى يتسنى لها الحضور للرياض والبحث عن ابنائها ومعرفة مصيرهم وتم ذلك بحمد الله وتمت مخاطبة امارة الرياض واخرج الأبناء هياكل عظمية إلى مستشفى الأمير سلمان. وبقوا فيه (40) يوماً وأودع الأب الصحة النفسية واستطاعت تأهيلهم نفسياً وصحياً واستأجرت منزلاً بجانب المدرسة وكانت في قمة السعادة تكثر الثناء على الله الذي جمعها بأبنائها وتدعو لكل من وقف معها وتدعو على أهلها الذين ساموها سوء العذاب عندما احتاجت إلى وقفتهم حتى توفي جد الأولاد فأخرج الأب من المستشفى ليتلقى العزاء مع اخوانه وبعدها بدأت المشاكل فقد ألح اخوانه عليها وقد رأوا تحسن أحواله ان يقيم مع أولاده وان يلتئم شمل الأسرة من جديد فوافقت على مضض وقد عاهدوها على اعادته فيما لو انتك س نفسياً للمستشفى وبقي الحال يتأرجح حتى 22من ذي الحجة 1422ه عندما اتفقت مع اخويه على اعادته للمستشفى فباغتهم بإطلاق النار على شقيقه فقتله وأصاب الآخر ثم باغتها في المطبخ برصاصة وأجهز عليها ب(الساطور) وبقي الأبناء لدى إمام المسجد دون ان يسأل عنهم عم ولا خال 10أيام حتى تكرم أحد أعمامهم وأخذهم عنده ورفض عودتهم للمدارس رغم الحاحي بالطلب والسؤال لاسيما والعام الدراسي على وشك الانتهاء والحديث لمديرة المدرسة، ثم خاطبت د.خضر القرشي المسئول في التعليم يوم ذاك الذي أصدر أوامره على مدراء مدارس الأبناء والبنات بتسهيل عودتهم وتذليل كل ما يعترض اجتيازهم للمراحل الدراسية من صعوبات وقد اجتاز جميعهم الاختبارات بتفوق ثم ان حظهم قد أوقعهم في هذا الوضع حتى ان عمهم رفض ان تتولى جمعية إنسان رعايتهم أو ان يستقلوا بسكن من قبل الجمعية ان لم يكتب باسمه - انتهى كلامها -. نطرح الآن الموضوع بين يدي المسؤولين لمتابعة تفاصيل هذه القصة التي هي أشبه بالخيال من أجل اتخاذ اجراءات تساهم في إعادة الحياة النفسية والمعنوية لمثل هؤلاء الأطفال.