أعجبني قرار معالي وزير الشؤون الاجتماعية الذي نشرته هذه الصحيفة (الاثنين الماضي) حول تخصيص الوزارة رقماً موحداً (1919) لتلقي البلاغات عن حالات العنف الأسري الذي يتعرض له الأطفال دون الثامنة عشرة والنساء كذلك،
وهذه الخطوة الموفقة تساندها مراكز ولجان التنمية في مختلف مناطق المملكة، وهذا ما كنّا نأمله حيال هذه الظاهرة المقلقة التي بدأت ترى النور في بلادنا بسبب الانفتاح الذي تعيشه وسائل الإعلام والشفافية في نشر وإذاعة مثل هذه الأخبار التي كانت حتى وقت قريب من المحرمات إعلامياً؛ لذلك فأنا ضد من يقول إن هذه الظواهر دخيلة على مجتمعنا. صحيح أن مجتمعنا - ولله الحمد - لم يكن يعرف مثل هذه الظواهر قبلاً، ولكن ذلك لا يعني عدم وجودها. وأتفق في الوقت نفسه مع من يرى أنها الأقل في مجتمعاتنا مقارنة بغيرها من المجتمعات الأخرى.
والراصد لظاهرة العنف الأسري في العالم العربي عموماً وفي بلادنا على وجه التحديد سيُفاجأ بأنه لا توجد إحصاءات دقيقة لذلك، وهذا مكمن الخطورة في نظري؛ فالملفات لا تزال مغلقة، وما زلنا نناقش قضايا على استحياء؛ فبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية هناك سيدة من كل ست سيدات تتعرض للعنف في المنزل في جميع أنحاء العالم، وفي استطلاع صحفي نشرته الوطن السعودية (سابقاً) يشير إلى أن 90% من مرتكبي العنف الأسري رجال و50% من حالات العنف الأسري موجهة ضد المرأة.
ووفقاً لوزارة الشؤون الاجتماعية فإن الوزارة بصدد إعداد أنظمة لحماية الأطفال والنساء إلى جانب حملات توعية شاملة. كما نشرت صحيفة الشرق الأوسط قبل حوالي العامين حديثاً لمديرة الإشراف النسائي بالوزارة، أوضحت فيه أن المكتب بدأ فعلاً بتلقي البلاغات حول الإيذاء الجسدي والنفسي والتحرش الجنسي. ولقد طالبت مديرة مكاتبات الإشراف الإعلام بعدم تصعيد حالات العنف بحجة عدم التشهير، ونحن نخالف هذا الفكر؛ فعلى الإعلام - وهذا دور من أدواره الأساسية - إبراز هذه القضايا وتسليط الضوء عليها لعلاجها ومحاربتها؛ فلولا الإعلام لما عرفنا حجم هذه الظاهرة، ولما تحركت مؤسسات المجتمع، وأولى مراحل العلاج هو الاعتراف بوجود المشكلة أولاً، أليس كذلك؟!