بالتعاون مع «الأوتزم سبيكس» ومختصين من الوطن العربي
الشفلح يطلق حملة التوعية بالتوحد على مدار العام
الدوحة - هدى منير العمر
أطلق مركز الشفلح للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الحملة الثالثة للتوعية بالتوحد، وذلك دعماً لليوم العالمي للتوعية بالتوحد المصادف للثاني من أبريل كل عام. وقالت نائب المدير العام لمركز الشفلح سميرة القاسمي إن أبرز ما يميز الحملة الشراكة مع منظمة «الأوتيزم سبيكس» للتوحد، ومقرها نيويورك، فضلاً عن تدشين الموقع الإلكتروني المتخصص بالتوحد، وفتح الخط الساخن لكافة أفراد المجتمع، وبالتالي لن تقتصر فعاليات الحملة مدة أسبوعين فحسب، بل ستستمر في تلقي كافة الاستفسارات وتبادل المعلومات حول التوحد على مدار العام الحالي.
جاء ذلك في كلمة القاسمي الافتتاحية لندوة «حقوق الأفراد ذوي التوحد: بين الواقع والمأمول» صباح الخميس بفندق الإنتركونتننتال بحضور عدد من أبرز المختصين والعاملين بمجال التوحد في شتى أنحاء الوطن العربي، من أبرزهم عضو الرابطة الخليجية للتوحد الأميرة سميرة الفيصل من السعودية، بالإضافة إلى أولياء أمور الأطفال المصابين بالتوحد. وصرحت القاسمي بأن هدف الندوة الرئيسي هو تسليط الضوء بشكل مباشر على خلاصة تجارب الأمهات مع أطفالهم المصابين بالتوحد ودورهم الكبير في تحقيق دمجهم أسرياً ومجتمعياً، وذلك إيماناً من مركز الشفلح بأن الأسرة تعد المعلم الأول والمدافع الحقيقي عن حقوقهم ونشر التوعية بها، ليأتي في المرتبة الثانية دور المختصين الذي لا يمكن أن يضاهي مكانة الدور الأسري.
ولفتت إلى أن المشاركين في الحملة يعكفون على الخروج بمسودة مشتركة لتطوير مستوى الخدمات المقدمة لأطفال ذوي التوحد في كافة الدول العربية. ونوهت القاسمي في ختام حديثها إلى الدور الذي تلعبه الرابطة الخليجية، والشبكة العربية للتوحد في تحقيق ذلك مع رفع الوعي بثقافة التوحد بشكل عام.
من جانبها قالت عضو الرابطة الخليجية للتوحد الأميرة سميرة الفيصل في تصريحات على هامش الندوة إن مشاركتها تكمن في عرض ما لمسته من واقع تجربتها الخاصة كأم مع طفلها المصاب بالتوحد، آخذة بيد كل الأمهات والآباء للإيمان بالقدر وعدم إلقاء الملامات على أنفسهم ومؤكدة أن لكل حالة من حالات التوحد ما يميزها بقدرات كامنة متنوعة تتطلب مساعدة من قبل الأهالي لإبرازها عند أطفالهم.
أما رئيسة الجمعية المصرية لتنمية قدرات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بمصر مها الهلالي، والتي شاركت كذلك بعرض تجربتها الخاصة مع ولدها المصاب بالتوحد فقد اعتبرت أننا نعيش العصر الذهبي للتوحد مع إعلان الثاني من أبريل يوما عالميا للتوعية بالتوحد، كإعلان عالمي عن القلق من زيادة نسبة المصابين بالتوحد من خلال الاعتراف بمبادرة عربية قطرية متمثلة بجهود حرم سمو الأمير سمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند، واعتبرته عصراً ذهبياً أيضاً بصدور واعتماد الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعاقين، وتوقيع أكثر البلاد العربية عليها، والتي بدأ البعض بالتصديق عليها من خلال صياغة القوانين التي تحمي حقوق المعاقين.
وفضلت الهلالي التركيز في الندوة على مرحلة البلوغ والشباب لدى أفراد التوحد كون الحديث يقتصر دائماً على التدخل والتشخيص المبكر، مع التأكيد على أهمية التفات المجتمع إليهم «ليس بإحسان، ولكن حقوق إنسان»، مشددة على دور الأم في دمج طفلها داخل الأسرة الممتدة ومن ثم بين أفراد المجتمع فيما يخص الجوانب التعليمية والترفيهية والتوظيفية والطبية.
بينما قالت رئيسة الجمعية اللبنانية للأوتزم أروى حلاوي لــ «العرب» إنها سعت مع بقية الأعضاء لتأسيس هذه الجمعية إثر إنجابها لطفل من ذوي التوحد، بهدف مساعدة بقية الأسر وتوعيتهم. ومن هذا البند تلاحظ حلاوي أن نمو الوعي بثقافة التوحد في تحسن مستمر داخل المجتمعات العربية، أما فيما يتعلق بحقوق أفراد التوحد، فبينت أنها مسألة تحتاج لمزيد من الجهود والوقت لتحقيقها على أتم وجه. وتطرقت رئيسة الجمعية في حديثها إلى الشبكة العربية للتوحد والتي تم الإعلان عنها في أكتوبر من العام الماضي ببيروت، وقالت أنها تضم 15 دولة عربية تسعى لمستقبل واعد لأطفال التوحد، وذكرت أن الشبكة مازالت في طور التأسيس ولم تجتمع سوى مرتين في بيروت ومصر، وسيتم إشهارها رسمياً من مقرها المحدد في لبنان قريباً.
من جانبها، قامت الدكتورة موزة المالكي بالتعقيب على تجارب الأمهات المطروحة في الندوة. وكشفت المالكي على هامش الندوة أنها بصدد إصدار كتاب يضم قصصا وتجارب لأمهات مع أطفالهم المعاقين ومن بينها حالات توحد عملت المالكي على جمعها منذ أكثر من 20 سنة. وعلى إثره كونت المالكي «جماعة دعم الأمهات» كما قالت، وهي عبارة عن برنامج مشترك بين أخصائيات اجتماعيات، وأخصائيات من مستشفى الولادة، ومرشدات نفسيات سيضعن أيديهن بشكل مباشر على كيفية تبليغ الأم بحالة طفلها، وأهمية اعتماد الطريقة المناسبة والمتخصصة لذلك، مع عدم تولي الممرضات أو الأشخاص العاديين أمر مواجهتها بالحقيقة، لما يتطلبه الموقف من تفهم وعناية دقيقة بنفسية الأم من وقع الخبر.
* روين قصصاً مؤثرة وتجارب مشرّفة
أمهات: مصاب التوحد قابل للتغيير والتحسن بجهود الأهل
تجارب لا يمكن إلا أن يشار لها بالبنان، فرغم ما سردته الأمهات المشاركات في ندوة «حقوق الأفراد ذوي التوحد: بين الواقع والمأمول» حول معاناتهن وأبرز الصعوبات التي صاحبت حياة كل منهن مع طفلها المصاب بالتوحد، إلا أن قوة الإيمان وصبر وتحمل مرارة التجربة الأبدية خلقت منهن أمهات أكثر قرباً وعناية بأبنائهن، وأكثر المدافعات عن حقوقهم التي تعد جزءاً لا يتجزأ من حقوق الإنسان الطبيعي، كما يمكن استنتاجه من خلاصة الندوة.
أثر الحروب على ذوي التوحد
رئيسة الجمعية اللبنانية للأوتزم أروى حلاوي من وقع تجربتها مع ولدها عباس، نصحت الأمهات بعدم الهروب من الواقع ومواجهة الحقيقة، وأضافت «عندما كان عباس في الأشهر الأولى من عمره بدا مختلفاً عن بقية الأطفال بعدم تجاوبه مع الآخرين أو اللعب معهم، وعندما أرسلته إلى الحضانة لفتت المديرة إلى أنه قد يكون بحاجة لاستشارة نفسية، ورغم إحساسي كأم بأن عباس ليس على ما يرام إلا أن رفضي الداخلي وتهربي الدائم من اكتشاف حقيقة حالته مدت من فترة الكآبة التي لم تنفعني، بل انعكست سلباً وبشكل مباشر على الجو الأسري والطفل».
وأفادت حلاوي أنها لم تسترجع قواها إلا بعدما قابلت أسراً تعاني من نفس الحالة، وحينها قررت مواجهة المجتمع، وأسست مع 4 عائلات «الجمعية اللبنانية للأوتزم» لنشر ثقافة التوحد.
ونوهت أروى حلاوي إلى تأثير الحروب على أطفال التوحد، وقالت «تأثرت نفسية عباس أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز 2006، لاسيما وأنه كان في مرحلة المراهقة، فتوقف روتين يومه الذي اعتاد عليه خارج المنزل، مما أصابه بنوع من العدائية والتوتر إثر أصوات الضرب المخيفة».
نحت في الصخر
«رغم أن ناصر أخذ ربيع العمر، إلا أنه يتربع وسط قلبي، ولو تحقق لي أن أستبدله بعشرة أطفال طبيعيين لما فعلت» بهذ العبارة بدأت المواطنة أم ناصر حديثها حول تجربتها مع طفلها المصاب بالتوحد، والتي سافرت من أجله لعدة دول أجنبية وعربية، وأشارت «تدربت مع ناصر لأستطيع مساعدته، فبدأت معه التمارين، ومنها أنني عندما سافرت للجامعة الأردنية كنت أجلس معه في غرفة متر في متر، لا تحتوي إلا على طاولة، مع استخدام دبوس الإشارة لرفع درجة تركيزه، حتى وصل إلى 50 دبوساً، فضلاً عن أنني جربت معه كل نظريات التوحد العالمية».
وشبهت أم ناصر حال الجهود المبذولة مع طفل التوحد كالنحت في الصخر بما يتطلبه من قوة واستمرارية، فما يتعلمه طفل التوحد اليوم قد ينساه غداً بإهماله.
التوحدي يبدو طبيعياً
لوفاء سعد تجربة أكثر عمقاً مع طفليها التوأم المصابين بالتوحد، والبالغين من العمر 22 عاماً. وبحكم عمل زوجها الدبلوماسي، وتنقله بين مختلف بلدان العالم، عانت مع ولديها من سبل توفير الممارسات الروتينية التي اعتادا عليها، وقالت «تعلمت من الاختصاصيين في أميركا أن دمج أبنائي في المجتمع لن يتحقق إلا بفرض الأم نفسها لطفلها المصاب بالتوحد على المجتمع، وإجباره على تقبله، حتى يصل المجتمع لمرحلة الوعي، ومن ثم تقديم المساعدة».
ورأت وفاء أن للأم دوراً أكبر من الأب في تحقيق ذلك، وعدم عزل طفل التوحد أو الخجل من حالته، وأكدت على أهمية هذه الحملات التثقيفية بمعنى التوحد، إذ إن من أبرز الصعوبات التي تواجهها الأسر أن طفل التوحد يبدوا بشكله الخارجي إنساناً طبيعياً، ما يجعل البعض يفسر سلوكياته غير المألوفة على أنها سوء تربية أو تدليل زائد من قبل الأهل.
ضغط المجتمع
المواطنة أم نورة التي بدأت تقص تجربتها مع ابنتها بالدموع، اعتبرت ابنتها مسيرة نجاح رغم ضغط الأسرة والمجتمع والمدارس التي وقفت ضدها ظالمة، حتى التشخيص الطبي كان جائراً بعدم دقته في ذلك الوقت، فقد شخّص نورة بأنها مصابة «بتخلف عقلي شديد» رغم قدرتها على الكلام وقراءة القرآن في ذلك الوقت، كما تقول، مما تسبب لأم نورة بشلل لمدة سنتين كاملتين، وتابعت «أعادتني نورة للدراسة، وجعلتني أقف من أجلها على قدماي من جديد، ولم أترك بلداً في العالم إلا وزرته، حتى تبين أنها مصابة بالتوحد، واعتمدت حينها على نفسي لإنقاذ ابنتي، وتعلمت أن التوحد ليس مرضاً يعالج بالدواء، وإنما يحتاج لتدريبات مكثفة للأم أولاً، ومن ثم لابنتي المصابة، فأصبحت لنورة الأم والطبيبة والمعلمة».
ومن هذا المنطلق تؤكد أم نورة للأمهات أن مصاب التوحد قابل للتغيير والتحسن للأفضل بجهود الأهل المستمرة.
كوادر ومرافق غير مهيأة
أما أم محمد العماري فطالبت من جانبها بتوفير كادر طبي نفسي يراعي حالة أولياء الأمور، خصوصاً في المرحلة الأولى من تلقي الخبر التي تصاب فيها الأم بحالة صدمة أو رفض لطفلها، معتبرة مساندة الأهل في هذه المرحلة ضماناً مهماً لمساعدة طفل التوحد وتلبية حقوقه مستقبلاً من قبل أسرته بعد الاعتراف به، بالإضافة إلى رغبتها في تأهيل الكادر التعليمي، كذلك على كيفية التعامل مع حالات التوحد. وأخيراً نوهت أم محمد على صعوبة أخرى تواجهها مع طفلها، وهي عدم إعداد كثير من مرافق وأماكن الدولة المختلفة لاستقبال ذوي التوحد بوجه عام.
تدريب أفراد الأسرة
مشوار واحد قطعته رئيسة الجمعية المصرية لتنمية قدرات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مها الهلالي كبقية الأمهات المشاركات، فقد مرت هي الأخرى بما ذكرته الأمهات من صعوبات ومعاناة مع ولدها مصطفى.
وشددت الهلالي في حديثها على أهمية توعية بقية الأبناء بحالة أخيهم المصاب بالتوحد، إذ إنهم شركاء أساسيون لمساعدته ولإكمال مسيرة الأم والأب مستقبلاً، ومن ثم ضمان التواصل الاجتماعي معه باستمرار.
* أبدت إعجابها بمستوى «الشفلح» في رعاية ذوي الإعاقة
سميرة الفيصل: لا إحصائية دقيقة للمصابين بالتوحد في الخليج
تعتبر الأميرة السعودية سميرة الفيصل عضوا فاعلا في الرابطة الخليجية للتوحد، وقد أسست مركز «والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد»، وتلعب دورا كناشطة ومتطوعة في مجالات التوحد ودعم الأسرة المتعددة على مستوى السعودية والخليج العربي، وساهمت في إنشاء العديد من المؤسسات والجمعيات السعودية المعنية بالتوحد. وأثنت الفيصل خلال تصريحات للصحفيين على الجهود الرائعة التي يقدمها مركز الشفلح لأطفال التوحد بمكانه المهيأ، وكوادره المعطاءة والمدربة على أرقى المستويات، التي تميزت بها دولة قطر عن غيرها، مبدية رغبتها في التواصل الدائم مع المركز عبر الرابطة الخليجية للتوحد لبناء قاعدة بيانات، وتبادل الخبرات، وتدريب الكوادر بما يحقق المصلحة الموحدة لأفراد التوحد.
نسبة ذوي التوحد
وحول استفسار «العرب» إن كانت الرابطة قد رصدت نسبة المصابين بالتوحد في دول الخليج العربي، أجابت سميرة «لم يتم التوصل حتى اليوم إلى النسبة الدقيقة لعدد المصابين بالتوحد في الخليج ككل، ولكن بالنسبة للسعودية، فقد قامت جامعة الملك سعود، ومركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة ببحث عشوائي، وبناء على النسبة العالمية يتوقعون أنه حسب سكان السعودية البالغ عددهم 25 مليون نسمة، سيكون عدد المصابين بالتوحد 250 ألف مصاب تقريباً، وهو عدد كبير جداً».
دور الصحة والجامعات
ونوهت الفيصل إلى ضرورة الالتفات إلى واقع الجامعات العربية التي مازالت متأخرة في عملية تخريج أفراد مهيئين ومدربين على كيفية التعامل مع أطفال التوحد، مع افتقار المجتمع الخليجي كذلك لأخصائيي التواصل معهم، مناشدة وزارتي الصحة والتعليم العالي لإيجاد كليات تخدم هذه الفئة، مع قيام المراكز المعنية بالتوحد لتدريب الكوادر الوطنية، بدلاً من استقطاب المختصين من الدول المجاورة «فما إن يتعود الطفل المصاب بالتوحد على أحدهم مدة سنتين وثلاث حتى تنتكس حالته وترجع للوراء مجدداً بمجرد مغادرة مشرفه للدولة»، وفقاً للفيصل.
تجربة شخصية
وتحدثت الأميرة سميرة الفيصل عن تجربتها مع ولدها البالغ من العمر 18 عاماً والمصاب بالتوحد، قائلة: «لن أتحدث عن المعاناة، بل عن القوة، لأن البلاء يزيد الصابرين المؤمنين قوة لا ضعفا». وتابعت أنه رغم عدم توفر التشخيص الجيد لاكتشاف حالات التوحد قبل 15 سنة في الخليج، إلا أنها سعت بجهودها الخاصة لتجاوز الصعوبات، فقامت الفيصل بفتح فصل دراسي خاص في مدرسة أختها، ووضعت فيه 4 حالات توحد مع ولدها، ثم اجتهدت لتأسيس «مركز والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد» والذي تجتمع فيه حالياً أكثر من 200 أم كل شهر لتبادل الخبرات ووضع الخطط المشتركة في صالح أبنائهم المصابين بالتوحد. وبفضل الجهود التي اعتبرتها الفيصل واجب الأم الأول، بدأ ولدها بالاعتماد على نفسه في ترتيب غرفته، واستخدام الكمبيوتر، والخروج للبقالة بمفرده.
http://www.alarab.com.qa/details.php...o=468&secId=16
__________________
(( المسمى الجديد الآن هو الأشخاص ذوي الإعاقة وليس المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة بناء على طلبهم في اجتماعات اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في نيويورك .. الرجاء نسيان المسميات السابقة كلها ))
والله أحبك يا قطر ** قدّ السما وقدّ البحر ** وقدّ الصحاري الشاسعة ** وقدّ حبات المطر ** والله أحبك يا قطر **