"التنقلات الجماعية" وصعوبة المناهج تربك طلاب مركز التربية الفكرية "شرق الرياض"
أطفال التوحد في المركز بحاجة إلى تطوير قدراتهم الإبداعية والاندماج في المجتمع
تقرير - عذراء الحسيني:
أطفال التوحد أو (الأوتيزم) فئة من الأطفال، لهم مشكلات خاصة تمنع من اندماجهم مع محيط الأسرة، ورغم من أن توحدهم يمثل حالة نفسية وذهنية خاصة إلا أنه لا يندرج ضمن حالات (التخلف العقلي) التي تمنع من تواصل النمو، فهم أطفال لديهم قدرات كامنة، وتحتاج إلى معالجة تربوية خاصة جدا وفق أساليب علمية تجعلهم أكثر قدرة على الاندماج ومن ثم مواصلة النمو والتواصل في الحياة وفق حالتهم.
في مركز التربية الفكرية بشرق الرياض هناك قسم خاص لفئة من أطفال التوحد مندرجة ضمن تخصصات المركز، ولأن هذه الفئة تحتاج إلى تخصصات متميزة فقد كان يتوفر في المركز برامج خاصة بهؤلاء الأطفال برعاية مجموعة من المعلمات المختصات في مجال تعليم الطفل المتوحد، غير أن ما حدث في هذا القسم في يوم الأحد 1429/10/27ه كان مفاجأة غير سارة للجميع، ودلت على انتهاك واضح لحقوق هذه الفئة من أبنائنا.
معاناة الأمهات
فقد وردت عدة اتصالات ل "الرياض" من أولياء أمور هؤلاء الأطفال يشكون بها معاناة أطفالهم في مركز التربية الفكرية بشرق الرياض، حيث تم في ذلك اليوم انتداب جماعي للمعلمات المتخصصات في معالجة وتأهيل الطفل المتوحد إلى عدد من المدارس، وجرى استبدالهن بمعلمات غير متخصصات في مناهج تعليم الطفل المتوحد. ولم تقف المفارقة عند هذا الحد فحسب، بل صدر قرار من وزارة التربية والتعليم بتدريس منهج الصف الأول الابتدائي على القسم الخاص بأطفال التوحد، وهو أمر ليس مستغربا فحسب، بل يعتبر خطأ فادحا في حق الطفل المتوحد، فكيف سيستجيب هذا الطفل لهذا المنهج وهو بالكاد يحتاج إلى من يدربه على بديهيات الحياة اليومية عبر التكرار المستمر، وأوضحت والدة الطفلة (ن. ق) بقولها إن تعليم التوحد ينبني على خطط فردية تناسب كل طالب على حدة، تعطى لهم بعد دراسة حالة الطفل ومعرفة قدرته الإدراكية والمعرفية علماً بأن غالبية الأطفال غير ناطقين ولديهم صعوبة في التواصل وفرط في الحركة وتشتت الانتباه. فكيف لطفل توحدي أن يعرف أسئلة من قبيل؟ ما معنى الطهارة؟ وهو يفتقد لأبسط مقومات التواصل؟
وتضيف مع تكرر الأخطاء في حق هذه الفئة الخاصة من الأطفال، بدا أن هناك سياسة غريبة في مركز التربية لا تتوافق مع متطلبات وحاجات هؤلاء الأطفال، ولا يدري المرء لمصلحة من يعامل هؤلاء الأطفال الذين يستحقون عناية خاصة، بتلك القرارات التي قد تؤدي إلى مضاعفة معاناتهم الأصلية. وتروي والدة أحد أطفال هذه الفئة معاناتهم مع مسؤولات إدارة المعهد "أن إحدى مسؤولات المعهد اللاتي التقينا بها تتصرف بأسلوب لا يدل على معرفتها بأساليب المنهج الخاص في التربية مع طفل التوحد وطرق تلبية احتياجاته الخاصة. ولقد انعكس ذلك في معاملتها لأمهات الأطفال اللواتي شكون من طريقتها في عدم قبول الرأي الآخر، وضيقها وتبرمها من ملاحظاتهن على طريقة إدارتها للقسم، لأنهن وجدن ردود أفعال من طرف أطفالهن تدل على سوء المعاملة".
وتضيف بقولها كانت حجة المسؤولة في مواجهة أمهات الأطفال بأن عليهن أن يخرجن أطفالهن من المركز إذا لم يعجبهن الوضع !!.. مؤكدة على قسم أطفال التوحد بمركز التربية الفكرية آل إلى هذا الوضع المحزن بعد أن كان هذا القسم يتميز بمستوى جيد من الأداء التعليمي الخاص لأطفال التوحد بواسطة معلمات من كل مناطق المملكة ممن تخصصن في طرق التدريس الخاص بأطفال التوحد بعد أن تم تدريبهن في مركز تنمية المجتمع التابع لجامعة الملك سعود، وحصلن على خبرات خاصة في التعامل مع أطفال التوحد وكذلك على شهادات خاصة بذلك. وكان لهن دور كبير في تحسين قدرات الأطفال وتحسن أدائهم بصورة جيدة شهد لها جميع ذوي الأطفال وأولياء امورهم.
ووفقا لمصدر مطلع في مركز التربية الفكرية ذكرت بأن هناك طموحاً كبيراً لتطوير هذا القسم بالمركز وزيادة الكادر التعليمي بعد أن كثرت طلبات الالتحاق بقسم أطفال التوحد من طرف الأهالي. فالقسم كان يضم 31طفلا، ومعلمات متخصصات في طرق التدريس الخاص ومعلمة أخصائية في النطق وأخصائية اجتماعية وأخصائية نفسية.
ولكن فجأة تغير الوضع وآل الحال إلى نقطة الصفر بتلك القرارات والتعيينات والتنقلات الجماعية التي طالت معلمات القسم الخاص بأطفال التوحد في المركز.
كانت بداية الأمر حين تم نقل اخصائية النطق من القسم رغم حاجة القسم الشديدة إليها ومن ثم توالت القرارات العشوائية التي أضرت بحال الأطفال ضررا كبيرا. ذلك أن طريقة التدريس الجماعي للمنهج الابتدائي الخاص بتلاميذ التربية الفكرية لا يصلح لحالة أطفال التوحد الذين يحتاج كل واحد منهم إلى برنامج فردي خاص بقدراته كما يحتاج إلى تصرف جسدي من المعلمة لضبط حركته، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بصورة منعزلة عن مقعده في الفصل الجماعي. كما أن مدة الحصة الطويلة 45دقيقة لا تتناسب مع الطفل المتوحد الذي لا يستطيع التركيز لمدة طويلة، وإلا سيصاب بالتوتر والانفعال، الأمر الذي يحتاج معه إلى فقرات متعددة من برنامج تربوي خاص. وقد ترتب على هذه القرارات التي أحبطت فكرة تطوير المركز وأعادته إلى نقطة البداية، إلى انتكاس حالة الأطفال كرد فعل على تأثرهم السلبي بالمنهج الجديد، ولاحظ ذلك أولياء الأمور في طبيعة تعامل أطفالهم، بصورة أصبحت ذات دلالة عميقة على الأثر السيئ للقرارات العشوائية التي تعلقت بنقل المعلمات المختصات من ناحية، وبالمنهج الجديد الذي لا يتناسب مع حال الأطفال، بل يؤدي إلى ردود فعل عكسية في طريقة استجابتهم له، من ناحية ثانية. إحدى الأمهات في اتصالها بالرياض تشتكي الرسوم الباهظة في المراكز الخاصة وعدم مقدرتها على إلحاق ابنتها في أحدها وتقول كل أسرة سعودية لديها طفل متوحد تعرف معنى أن يكون هناك مركز حكومي لرعاية أطفال التوحد، فالمراكز غير الحكومية التي تشرف على تدريس ورعاية أطفال التوحد لها كلفة غالية قد تصل إلى 30ألف ريال.