ماذا سيفعل طفلي هذا إذا غادرت الحياة ؟
رؤية ....في دور جمعيات ورابطات الإعاقة
أبو زياد
إن إعاقة الطفل تهدد آمن الأسرة كما أنها تبعثر آمال وأحلام وتوقعات الأباء والأمهات ويكون غالبا في حالة إنهاك وتصبح حالات الزواج متكلفة ومربكة وتشعر الأسرة بأنها معزولة عن المجرى الحقيقي لحياة المجتمع من حولها .
ولغرض التواصل وتحقيق التوازن الوالدي الإيجابي يتطلب الآمر الحصول على التشخيص الدقيق للحالة وتوفير الرعاية الطبية الملائمة وكفالة تعليم مناسب باستخدام موارد المجتمع بالإضافة إلى التخطيط لمستقبل الطفل المعاق وهو ما يعد الأمر الشاغل لكثير من أولياء فالكثير منهم قد سأل نفسه هذا السؤالماذا سيفعل طفلي هذا إذا غادرت الحياة ؟
واذكر انه وجه إلي سؤال من أم طفل بمنتهى التلقائية والعفوية ويدلل على حجم المعاناة والانشغال بمستقبل الطفل قالت
( إن ابني ألان صغير ادخل معه لكي اغسله أسبحه فماذا عندما يكبر ..ماذا سأفعل ؟ وماذا سيفعل هو إذا مت ؟ وأبوه وكأن الأمر لا يعنيه .....)
وولي الأمر الذي كان يتسأل عن مصير ابنه مع اخوته
وكيف انهم لا يتفهمون دورهم معه ؟وكيف حكى لي ولى الأمر
(عن سفر ابنه لدولة عربية ليقيم بالقسم الداخلي فيها وما سببه له من صدمة لانفصاله عن أسرته وعالمه وكيف انه عندما عاد اصبح لا يفارقه خوفا من تركه في أي مكان لدرجة أن الابن اصبح ينام إلى جواره أحيانا يشعر به الأب يستيقظ من النوم ويرفع عنه الغطاء ليتأكد من انه موجود ويتحسسه بجواره ثم يعود بعدها للنوم ....)
كل هذه الأسئلة استوقفتني وجلست أتأمل كل هذه الكلمات التي تقطر حزن ألم وكلمات أخرى بكت فيها الام وسكت احتراما لتلك الدموع ولأنني لا املك أي كلمات ممكن أن أقولها فمهما قلت اجدني عاجزا ولكني تسألت بيني وبين نفسي وسؤالي الذي طرحته :
اين دور الجمعيات والرابطات بل أين دور المجتمع والمؤسسات الحكومية والأهلية ؟ فيما تقدمه من خدمة أراها ما زالت قاصرة .
وحديثي اليوم عن الجمعيات لسبب بسيط وهو أن نشئت هذه الجمعيات جاء ليغطي بعض القصور من الجهات الرسمية وليسد نقصا هاما في نوعية الخدمات التي تقدم للمعاقين ..وسبب أخر أن من اهتم بإنشاء هذه الجمعيات هم أولياء أمور ومهتمين وعاملين في هذا المجال ...
ومن هنا كان لابد من وقفه لنتأمل معا ما تقدمه هذه الجمعيات اعتقد إننا قرأنا جميعا عن لقاءات وملتقيات واوراق عمل تقدم ومصروفات تصرف على عقد مثل هذه اللقاءات ولكن هل سألنا أنفسنا ماذا قدمت هذه اللقاءات لاسر ذوي الاحتياجات الخاصة .....
إنني أرى أن هناك قصور شديد في دور الجمعيات ...بل أنني لا أرى دور جوهري لها ..وارى أيضا وكأن دورها مقصور على عقد هذه اللقاءات واعتقد انه غاب عنها أهم شئ كانت تستطيع أن تقدمه بل اعتقد انه جوهر أساس نشأة هذه الجمعيات ألا وهو المساندةفكما يتأثر الوالدان يتأثر الاخوة والأخوات أيضا بالمقابل حيث يشعرون في كثير من الأوقات بأنهم مختلفون عن اندادهم ويشعرون بالحرج لوجود أخ أو أخت لهم في حالة إعاقة أما الأباء والأمهات فانهم قد يهملون حاجاتهم تفضيلا للطفل المعاق .
قد يتردد الاخوة والأخوات في الإفصاح عن عذابهم إلى آبائهم وأمهاتهم والذين يكون هم أنفسهم قد نال منهم الإجهاد الانشغال المتواصل بطفل شديد الإعاقة ، تتبع العواطف المضطربة من المسئوليات المتزايدة بالنسبة للطفل المعاق والخوف من الإصابة بهذه الإعاقة والشعور بالتجاهل وعدم التقدير أو الإحساس بمواقف أبوية سلبية أو متناقضة تجاه أعضاء أسرة الطفل المعاق .
وبالنسبة للكثير من هذه الأسر فان التدخلات بقصد التشاور من الآخرين ومن غير المختصين أو من أفراد يعانون مثل معاناتنا تزيد من مصاعب التوازن والقبول بالنسبة لهذه الأسر .
وفي رأي أن العامل الحاسم في التوازن والقبول وتحقيق التوافق النفسي لهذه الأسر هو الاشتراك مع أشخاص آخرين لديهم اهتمامات مماثلة من الأحزان والأفراح والمسئوليات وهذا في اعتقادي كان الأساس الأول الذي بنيت من اجله هذه الجمعيات التواصل لتحقيق التوازن والتوافق للأسرة ككل .
هناك الكثير من المشاريع لم تقدم إلى اسر الأطفال المعاقين ونسبة كبيرة جدا من هذه الأسر لم تصلها أي خدمات سواء من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ....لم يعد ما يقدم إلى المعاقين من خدمات تعليمية في المعاهد والبرامج الحكومية أو ما يقدم في المؤسسات الخاصة هو أقصى ما يقدم للمعاق .
ففي رأي أن هذا مفهوم قاصر فلم يعد الشغل المباشر هو المعاق ذاته ولكن العمل الحقيقي هو مع الأسرة .
فمن خلال الأسرة تحدث الانطلاقة ومن خلال الأسرة استطاع الكثيرين من أولادنا المعاقين التغلب على كثير من جوانب قصورهم .
العمل مع الأسرة هو الأساس الذي يجب أن تبنى عليه الخطط المستقبلية ..للجمعيات والمؤسسات ..
لم اسمع أن هناك جمعية من الجمعيات التي أقيمت وعملت مؤتمرات وندوات ولقاءات واوراق عمل قدمت مشروع ولو صغير يتناول كيفية إعداد بعض الأسر التي لديها طفل معاق للتعامل معه وان تعمل نواه صغيره تقوم بتدريبهم ليصبحوا هم مساعدين لاسر آخرين وهكذا ...
لم اسمع أن هناك مؤسسة قامت بمشروع لتدريب الأباء لتفعيل دورهم مع أبنائهم المعاقين وكذلك الأمهات ..
إن العمل ألان لم يعد مع المعاق ذاته وان كان هذا جانب فأنه ليس كل الجوانب ...هناك جوانب لا تقل أهمية لابد من التعامل معها الأباء والأمهات والأخوات ...
إلى كل الجمعيات والرابطات كفاية لقاءات واوراق عمل وتوصيات ...فقط قدموا مشروع مساندة وتدعيم اسر الأطفال المعاقين هناك اسر لا تجد من يساندها ويأخذ بيدها ولا تعرف الطريق ومتأكد إنها لو عرفت الطريق تقدر تساعد ابنها ...واعتقد إن هذا هو الدور الذي يجب الاهتمام به في الأيام القادمة .