سوزان المشهدي الحياة - 26/11/08//
آمل من أعماق قلبي أن تؤثر هذه المجموعة الرائعة من الإعلانات التي تتضمن مفاهيم وقيماً جميلة، استخدم مقدموها صوراً حياتية واقعية جداً تمر علينا أو بالأحرى أصبحت تمر علينا اليوم مرور الكرام.
«لا يرحم!»، بهذه الجملة المعبرة والبسيطة ينتهي الإعلان بعد أن وضع يد مخرجه على الجرح بجدارة من خلال مشهد تمثيلي رائع وحقيقي، ترجم كل الرسالة في جمل قليلة ومواقف واقعية.
دائماً أجيب عن السؤال: «كيف تعرفين الناس»؟ فأجيب بعد معرفة كيفية تعاملهم مع الخدم. اخلاق الناس الحقيقية تظهر مع «الأضعف منهم»، أولاً لأن أوراقهم الثبوتية معهم ولأنهم الحلقة الأقوى.
ولكن مع ذلك البعض يعتقد أن الخادمة أو السائق «يكفيه شرف خدمته»، وأن بإمكانه تأخير رواتبهم «التي من أجلها» تغرب وابتعد عن موطنه «لشهور عدة» دون وجه حق، أو بالأحرى بطرح العذر الغريب حتى لا يهرب وأخسر قيمة استقدامه! وهذه بحد ذاتها مشكلة يجب أن تحل بعيداً عن احتجاز الأوراق الثبوتية أو تأخير الرواتب المتفق عليها.
ماذا نتوقع من خادمة تعلم أن أطفالها مرضى أو جائعون، وحق خدمتها تحتجزه سيدتها «لسبب أو لآخر»، وتشاهد بأم عينيها ثلاجة المنزل ملأى بالأطعمة، وأطفال المنزل يلعبون بالريالات.
المعضلة الثانية، هي سوء التعامل والاستهزاء بهم أو بلغتهم، خصوصاً أمام الغير، كما جاء في الإعلان الرائع ان سيدة المنزل تهين خادمتها امام ضيوفها لأنها تلكأت في إحضار الأرز، فكانت فرصة للتندر بها وشتمها أمام صاحباتها.
الإعلان الرائع الذي يصور سيدة تهم بالخروج من المنزل، وهي تعطي أوامرها العسكرية لخادمتها التي تحذرها من النوم قبل الانتهاء من العمل، وتنسى أنها هي من أيقظت الأطفال من نومهم، وهي التي أعدت لهم الفطور، وهي التي جهزت الفطور للزوج ورشت النشا على شماغه النظيف، وربما دارت بالمبخرة حوله قبل ان يخرج من المنزل، وهي التي قامت بتنظيف غرف اطفالنا غير المنظمين الذين نزرع منهم ان الترتيب «ليست من مهامه»، وكأن كل ما عليه ان يعبث بالغرفة، ثم ينادي الخادمة لترتب فقط، فهذه وظيفتها التي يدفع لها «بتضخيم المبلغ 700 رياااااااااال»، ثم تبدأ بطبخ الغذاء والغسيل والكوي واستقبال الضيوف، وربما «تسلف» الى عائلة أخرى أو جارة قريبة لتنجز لها بعض المهام، ثم تقوم صاحبة المنزل من النوم العصر أو بعده بقليل لتبدأ في التفتيش عن عملها وتأنيبها على تقصير أو ذرة تراب وجدتها على لعبة الطفلة الصغيرة، ونجدها ترتدي ملابسها لتأمرها، قبل الذهاب الى جلسة الحريم المعتادة، ألا تنام قبل ان تلمع ارض المنزل، وإذا سألها أحد أجابت (أيش عندها)!
دارت حكاية في المنتديات عن سيدة مسنة مصابة بالسرطان في إحدى القرى السعودية، أحضر لها ولدها خادمة لخدمتها ومصاحبتها في جلسات العلاج الإشعاعي، وكيف انها لاحظت بقاءها لفترة طويلة في دورة المياه، وبعد سؤالها أجابت انها أنجبت مولوداً قبل عشرين يوماً وأن صدرها ممتلئ بالحليب، وأنها تبقى هناك لتتخلص منه حتى لا تمرض، لأن ظروفها القاهرة دفعتها ان تغادر البلاد، وكيف ان السيدة الفاضلة عندما سمعتها أخذت تبكي بحرقة وبصوت مخنوق، فما كان منها إلا أن أخبرتها بأنها حجزت لها وقامت بتسليم رواتب السنتين والكثير من الهدايا للمولود، وأوصلتها بنفسها للمطار، والخادمة تقبل يديها ورأسها، وانتهت القصة الرائعة برحمة الله الكبيرة التي وهبها إياها لرحمتها بالخادمة، اما يجافيها النوم لبعدها عن مولودها، وكيف أن الطبيب أخبرها بأن تحاليلها الأخيرة أظهرت خلوها من الخلايا السرطانية.