«الشؤون الاجتماعية» تطالب بنزع «ولاية» والده... وتحيل ملف القضية إلى «الادعاء العام» ... مسلسل العنف الأسري «يستمر» ... أب وزوجته يعذّبان طفلاً بـ «وحشية»
جدة - أحمد الهلالي الحياة - 16/11/08//
سجلت منطقة مكة المكرمة حالة عنف أسري جديدة لطفل في التاسعة من عمره (تحتفظ «الحياة» باسمه) من قبل زوجة والده التي كان يعيش معها في منزلهم، إذ تعرض إلى حروق وضرب مبرح في منطقة البطن، إضافة إلى نتف شعر حواجبه بالقوة، وإغلاق الغرفة عليه وإطفاء جهاز التكييف وإجباره على الوقوف على رجل واحدة، وأدخل إثرها إلى مستشفى النساء والولادة والأطفال في حي المساعدية بجدة. وأوضحت مصادر مطلعة على مجريات القضية لـ «الحياة» أن الجهات المختصة في فرع وزارة الشؤون الاجتماعية أحالت كامل ملف القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام للنظر فيها، وإحالتها إلى المحكمة لبدء محاكمة الأب وزوجته اللذين قاما بتعذيب الطفل، والنظر في نزع ولاية الأب عنه.
طبيبة: وضعه «مستقر» ... وشهر لتعافيه
قالت المديرة الطبية في مستشفى الأطفال رئيسة لجنة الحماية من العنف والإيذاء في المستشفى في جدة انتصار عاشور، «إن الحالة هي إحدى حالات الإساءة إلى الأطفال، وتسلمتها إدارة المستشفى الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن الوضع الصحي للطفل مستقر الآن، وهو منوم في الأقسام الطبية». وأضافت عاشور: «إن التحقيقات لا تزال جارية ولم تكتمل الفحوصات، لكن مبدئياً هي حالة من حالات العنف للأطفال»، موضحة أن الطفل تعرض إلى إصابات جسدية تتضمن حروقاً في مختلف أجزاء جسمه، مشيرة إلى أن الحروق تحتاج إلى شهر ليتعافى الطفل منها. وكشفت عن رفع خطابات بالحالة إلى الجهات المختصة توضح مرئيات لجنة الحماية في المستشفى في ما يتعلق بالحالة، مشيرة إلى أنهم لازالوا في طور إجراء بعض الفحوصات الطبية ليقرروا التوصيات اللازمة للطفل، مؤكدة في الوقت نفسه منع زيارة الطفل عن الجميع باستثناء والدته.
يشار إلى أن ندوات علمية ودراسات أجريت كشفت عن تنامي ظاهرة العنف الأسري في السعودية، وفقاً للحالات الواردة إلى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، إذ بلغت نسبتها 40 في المئة بين نحو ستة آلاف حالة مسجلة لدى الجمعية. كما ذكرت الدراسات أن الأطفال دون سن خمس سنوات يتعرضون للإيذاء بنسبة 32 في المئة، فيما تبلغ نسبة تعرض الذين تتراوح أعمارهم بين خمس وتسع سنوات للعنف إلى 27 في المئة.
وبدأت تفاصيل القضية بتعرض الطفل إلى تعذيب من قبل زوجة والده، تضمنت حروقاً في أعضاء حساسة من جسمه، إضافة إلى إغلاق باب الغرفة عليه من دون تكييف حتى وصول والده إلى المنزل، لتبدأ بعد ذلك بتوجيه الاتهامات إلى الطفل بأنه ارتكب أخطاء والعبث في المنزل ليقوم الأب أيضاً بمعاقبته بقسوة مرة أخرى.
وأوضح مدير الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة الدكتور علي الحناكي، أن موضوع الطفل الذي تعرض للعنف من قبل زوجة الأب لم يعد مسؤولية الشؤون الاجتماعية أو الأب، إذ تمت إحالة ملف القضية بكامله إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لمحاكمة الأب وزوجته، والنظر في نزع الولاية من قبل المحكمة. وقال الحناكي: «إن الطفل المعنف لم يلتق والدته منذ عامين تقريباً»، مشيراً إلى أنه تعرض إلى قسوة في التعامل من زوجة الأب، حتى وصل به التعذيب إلى أن فقد القدرة على التحكم في مخارج التبول والبراز، ليصل الأمر إلى حد اضطراره إلى لبس «حفاظة» عند ذهابه إلى المدرسة.
وأضاف: «إن المدرسة التي كان يدرس الطفل فيها رفضت استمراره في الدراسة، خصوصاً وأنه لا يستطيع الجلوس من كثرة التبول والبراز، وأبلغت وزارة الشؤون الاجتماعية بحال الطفل وقدمت عريضة وقع عليها أكثر من سبعة أساتذة في المدرسة تفيد بأن الطفل لا يستطيع الجلوس في المدرسة بسبب التعذيب الذي يتعرض له، وأن وضعه الصحي أصبح «بائساً» نتيجة التعذيب.
وأشار الحناكي إلى أنه تم نقله إلى المستشفى ووقف أعضاء لجنة الحماية الاجتماعية على وضع الطفل الصحي، مؤكداً أنه تجاوز الآن مرحلة الخطر، وستتم المطالبة بإعادة النظر في الولاية ونزعها من والده، مشيراً إلى أنه تبين أن الأب لم يقم بعلاج ولده بطريقة نظامية، وإنما تجاوز ذلك إلى تخويفه وكيه بالنار في أماكن حساسة من جسمه لمنعه من التبول، مضيفاً «أن الأب حضر إلى الشؤون الاجتماعية، واعترض على سحب ابنه من المدرسة».
ولفت إلى أن الوزارة لا تتعامل مع المعنِف بقسوة لأن هذه «اجتهاداته»، خصوصاً وأنه اتضح أن الزوجة كانت تقوم بإثارة الأب تجاه ابنه إلى أن وصل إلى هذه المرحلة من تعذيبه والقسوة عليه، موضحاً أنه تم تمكين والدة الطـفل من رؤيته والجلوس معه في المستشفى.
وأكد الحناكي أن الموضوع أصبح في عهدة القضاء بعد أن أحيلت القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام، مشيراً إلى أنه تم تصوير آثار الحروق وتضمينها في ملف القضية لإعادة النظر في الولاية، لافتاً إلى أن الأب قد يتعرض إلى العقوبة هو وزوجته لأنهما أسرفا في تعذيبه، وقال: «لولا الله ثم وجود الحماية لربما لقي الطفل مصير من سبقوه، بعد أن وصل والده وزوجته إلى مرحلة متقدمة في تعذيبه من دون شعور بالأبوة والرحمة، وتقدير براءته وطفولته»، مؤكداً أن الطفل أصبح الآن في مأمن، وحصل على العلاج اللازم.