عناصر المسئولية الاجتماعية
الدكتورة / ابتسام عبد الله الزعبي
كلية التربية - قسم علم النفس
جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن- الرياض
قد يُنظر إلى المسئولية الاجتماعية من عدة زوايا، إلا أنه في النهاية قد نعرّفها بإيجازٍ بأنها مسئولية الفرد عن الجماعة التي ينتمي إليها0إلا أننا نحتاج إلى تحليل لهذه المسئولية كي نتعرف على عناصرها التفصيلية؛ لأن التعرَّف على هذه العناصر ضروري للباحث الذي يريد أن يستقصي عنصراً منها، أو لمن يريد أن يُعيّن أساليب تربوية واجتماعية تؤدي إلى تنمية واكتساب عادات سلوك وتفكير ومشاعر، توفر عند الفرد المسئولية الاجتماعية المطلوبة .لهذا حدد(سيد عثمان) في تحليله للمسئولية الاجتماعية عناصرها الثلاثة الآتية : -
أولاً : الاهتمام .
ثانياً: الفهم .
ثالثاً :المشاركة .
1- الاهتمام : -
والمقصود بالاهتمام الارتباط العاطفي بالجماعة التي ينتمي إليها الفرد، اهتماماً يحيطه الحرص على استمرار الجماعة وتقدمها وتماسكها وبلوغها أهدافها، والخوف من أن تُصاب بأي عامل أو ظرف يؤدي إلى إضعافها أو تفككها. ويحدد "سيد عثمان " الاهتمام بأربعة مستويات هي :
ـ المستوى الأول :
ويُمثل أبسط صورة من صور الاهتمام بالجماعة. وهو مستوى الانفعال مع الجماعة. والحالة عند هذا المستوى هي حالة ارتباط عضوي بالجماعة يتأثر كل عضو من أعضائها بما يجري في الجماعة كلها، دون اختيارٍ أو قصدٍ أو إدراكٍ ذاتيٍ من جانب هؤلاء الأعضاء.
-المستوى الثاني :
وهو مستوى أرقى من المستوى السابق، وهو مستوى الانفعال بالجماعة. والمقصود به التعاطف مع الجماعة. والفرق بين هذا المستوى والمستوى السابق يظهر في أن الفرد هنا يدرك ذاته في أثناء انفعاله بالجماعة ، وأن المسألة لم تعد مسألة عضوية آلية شبه معاكسة كما هو في المستوى السابق .
- المستوى الثالث :
وهو الاتحاد مع الجماعة، ويتمثل هذا الاتحاد في أن يشعر الفرد بأنه والجماعة شيء واحد، وأن خيرها خيره وما يقع عليها من ضرر هو واقع عليه .
-المستوى الرابع :
هو مستوى تعقل الجماعة ونعني به :
أولاً : استبطان الجماعة أي تصبح الجماعة داخل الفرد فكرياً على درجات متفاوتة من الوضوح، أي تتطبع الجماعة في فكر الفرد وتصوره العقلي، بما فيها من قوةٍ أو ضعفٍ أو تماسك ٍأو تنافر، والفرد هنا يستطيع أن يدركها، ويجعلها موضع نظر وتأمل .
ثانياً : الاهتمام المتفكر المتزن الرزين بمشكلات الجماعة ومصيرها، ودرجة التناسق بين أنشطتها وأهدافها، وسير مؤسساتها ونظمها، هذا الاهتمام المتفكر الذي يقوم على منهج موضوعي مخطط من التفكير ،وهذا هو المستوى الأعلى من مستويات الاهتمام بالجماعة، إنه الاهتمام المستهدف بنور العقل.(عثمان،1996 :169-170)
2- الفهم :-
ويتضمن شقين :
الأول : فهم الفرد للجماعة :
ويُقصد به فهم حالتها الحاضرة من ناحية، ومؤسساتها ومنظماتها وعاداتها وقيمها وأيدلوجيتها، ووضعها الثقافي، وفهم العوامل والظروف والقوى التي تؤثر في حاضر هذه الجماعة، وكذلك فهم تاريخها الذي بدونه لا يتم فهم حاضرها ولا تصور مستقبلها 0
الثاني: فهم الفرد للمغزى الاجتماعي لسلوكه :
ويُقصد به :أن يدرك الفرد آثار أفعاله في الجماعة ، أي يفهم القيمة الاجتماعية لأي سلوك أو فعل يصدر عنه، وأن يوقن أن كل فعل يصدر عنه ذو قيمة اجتماعية، ومن ثمَّ فهو باق مؤثر في الجماعة مهما صغر شأنه أو خف وقعه .( عثمان ،1996 :170)
3- المشاركة :-
المشاركة هي تعبير عن الاهتمام والفهم، وإذا كان الاهتمام حركة الوجدان، والفهم حركة الفكر،فالمشاركة ترجمان الوجدان والفكر معاً .
والمشاركة هي اشتراك الفرد مع الآخرين في عمل ما يُوليه الاهتمام ويتطلبه الفهم من أعمالٍ تساعد الجماعة في إشباع حاجاتها، وحل مشكلاتها، والوصول إلى أهدافها، وتحقيق رفاهيتها والمحافظة على استمرارها0
وللمشاركة جوانب ثلاثة تتمثل فيما يأتي :
الجانب الأول :
تقبل الفرد للدور أو الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها وما يرتبط بها من سلوك وتبعات وتوقعات. و تقبل الأدوار الاجتماعية المناسبة يجعل الفرد يشارك في الجماعة (موحداً) وليس منقسماً، غارقاً في صراع أو تعارض داخلي0
الجانب الثاني :
وهو المشاركة المنفَّذة، أي المشاركة في العمل الفعلي لإخراج فكرة أو خطوة تتفق عليها الجماعة إلى عالم الواقع، أو تنفيذ ما على الفرد أداؤه من عمل .
الجانب الثالث :
وهو المشاركة المقومَّة، أي مشاركة الفرد مع الجماعة، وهي نوع من المشاركة الموجهَّة الناقدة.(عثمان ،1996 :171 –172 )
مما سبق تجد الباحثة أن مهارات المشاركة مع الجماعة والوعي الاجتماعي تعد من المهارات اللازمة والهامة لممارسة المسئولية الاجتماعية، فالفرد يشارك من خلال تقبله للأدوار المناطة إليه مع اهتمامه وفهمه للمغزى من القيام بها وتنفيذها على الوجه المطلوب، مع إدراك النتائج المترتبة عن عدم تنفيذها، وانتقادها نقداً بناءً إذا لزم الأمر، النقد الذي يهدف إلى النهوض بجماعته الصغيرة و مجتمعه الكبير.