طريقة ماريا منتسورى
سنحاول فى المقالات القادمة التعرف على طريقة ماريا منتسورى وهى إحدى الطرق الأساسية فى تدريب الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة ومنهم بالتأكيد طفل التوحد حيث أن هذه الطريقة تعتبر إحدى طرق أو برامج تنمية المهارات بل أنها بالإضافة إلى ذلك تركز فى بعض جوانبها على الجوانب السلوكية بل وتركز فى جزء أخر على التواصل وتنسب هذه الطريقة أو هذا الأسلوب إلى ماريا منتسوري وهى سيدة إيطالية ولدت سنة 1870 م وعملت كطبيبة مساعدة في مستشفى بروما وأثناء اشتغالها بالطب وجدت في نفسها ميلاً خاصاً لدراسة التربية الخاصة ومعالجة الاطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتعتبر ماريا منتسوري على رأس قائمة رواد الفكر التربوي في ميدان الطفل ذوى الاحتياجات الخاصة نظرياً وعملياً. منتسوري شخصية قوية تمتاز بسعة وعمق الفكر إلى جانب حركة نشطة مؤثرة وصلت بصماتها شرق وغرب العالم في أقل من نصف قرن. تأثرت ماريا بأفكار روسو الذي طالب بعودة الطفل إلى أحضان الطبيعة فناصرت فكرة تربية الطفل وفق ميوله وقامت بعمل إبداعي لتنمية الطفل روحياً وفكرياً وحركياً عبر مجموعة أنشطة تلبي حاجاته وتنمي إمكانياته داخل مؤسسات متخصصة طبقاً لمواصفات وأهداف تعليمية معينة آلاف من مؤسسات رياض الأطفال إلى اليوم وفي دول كثيرة تنتمي فكرياً وعملياً لفلسفة ماريا في طرق التعليم الخاصة بتنمية الأطفال وآلاف الجامعات تدرس فكرها التربوي الخصب. لاحظت لاحقاً أن الطرق التقليدية في التدريس من أهم أسباب ظهور التأخر الدراسي. عملت ماريا على توفير جو من الحرية للطفل ليختار الألعاب والأنشطة المتوفرة في المدرسة من أجل تطوير قدراته المعرفية ومهاراته الحرية بأسلوب اللعب. اشترطت في الوسائل التعليمية التي ينبغي أن توجد في المدرسة أن تكون قادرة على جذب عناية الطالب وتقوية دافع التعلم عنده. في عام 1915 م تبنت مئات المدارس في العالم نظريات ماريا واليوم نجد الكثير من أفكارها الأصيلة وأنشطتها التعليمية المبتكرة، ووسائلها المقترحة أصبحت من الثوابت التربوية الحديثة وأضحت من أهم معايير تقييم المناهج وإدارة المدارس الخاصة بالأطفال في مرحلة الحضانة ورياض الأطفال. توجت ماريا جهودها بسلسلة من الأسفار والمحاضرات الدولية فأصبحت أول طبية إيطالية تفتح آفاقاً عالمية للطفل مليئة بالابتكار وتستحق الانتشار. تتابعت قصص نجاح مدارس منتسوري فقامت في أربعين سنة بنشر خبراتها في العديد من الدول وأشرفت على تأسيس برامج إعداد وتدريب المعلمين وخلال هذه الفترة ترجمت كتبها إلى جميع اللغات العالمية الهامة. تركت منتسوري إيطاليا هرباً من الحركة الفاشية التي أسسها موسوليني في إيطاليا وتوسعت مع نفوذ الاشتراكية وبما أن الفاشية كنظام سياسي واجتماعي لا يتماشى مع طبيعة الإنسان الحر والنزعة الديمقراطية فيبدو أن ماريا لم تتأقلم معه. كانت محاضراتها في دول فقيرة وغنية فحاضرت في أوربا وأمريكا وفي الهند وسري لانكا وأسبانيا ثم استقرت ماريا في هولندا حيث توفيت سنة 1952 م.
تخطت ماريا التربية التقليدية فبنت بيوت الأطفال والمدارس في بدايات القرن الماضي وكانت في بداية أمرها قرب حي فقير في روما. لقد استفادت ماريا من أطروحات فروبل وروسو وبستالوزي كما تأثرت " ماريا منتسوري " في آرائها الخاصة بتعليم الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة بآراء كل من " إيتارد " و " سيجان " وهما من كان لهما فضل الأول في ميدان تقديم أساليب ونظريات حديثة في مجال ذوى الاحتياجات الخاصة .وقد زادت شهرتها وعظم صيتها عندما نجح أحد الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة من الدارسين معها في امتحان شهادة عامة وكان نجاحه لا يقل في نسبته عن نجاح غيره من الأطفال العاديين .
وقد ردت " ماريا منتسوري " على إعجاب المربين بقولها إن نجاح الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة وقدرتهم على مناقشة الأطفال العاديين إنما يرجع إلى عامل واحد فقط وهو أنهم تعلموا بطريقة مختلفة .
ولقد اعتبرت منتسورى مشكلة ذوى الاحتياجات الخاصة مشكلة تربوية أكثر منها مشكلة طبية .
وقد وضعت برنامجها في تعليمهم على أساس الربط بين خبراتهم المنزلية والمدرسية وإعطائهم فرصة التعبير عن رغباتهم ، وتعليم أنفسهم بأنفسهم .
نتابع فى المقال القادم