#1  
قديم 05-29-2009, 03:06 AM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي تلاؤم السمع والبصر في تعلّم اللغات

 

تلاؤم السمع والبصر في تعلّم اللغات

أ. د. سعود السبيعي



في وقتنا الحاضر ينظر الباحثون في تدريس اللغة إلى الفهم الاستماعي، بوصفه معتمدًا اعتمادًا كاملاً على حاسة السمع، وأما المعلــومات البصرية فينظــر إليهـا كأداة مساعدة للمعلومات السمعية وليس جزءًا لا ينفصل عنها. إضافة لهذا، ترى نظرية إدراك الكلام أنه توجد نظريتان تتعلقان بالبصر وعلاقاته بالمعلومات السمعية: فإما أن يكون البصر بمثابة جهاز مساند يستخدم عندما تتدهور الإشارات السمعية بشكل ما، وإما أن يكون البصر جزءًا مركزيٌّا في إدراك الكلام تحت كل الظروف.

والقرآن عندما يحصي نعم الله على البشر فإنه يستعرض دومًا حاسة السمع وحاسة البصر وفقًا لهذا التلازم عندما يذكران معًا. علاوة على هذا فقد منح القرآن هاتين الحاستين أفضلية على ما عداهما من حواس. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هو الإعجاز في هذا التلازم بين السمع والبصر؟

ولماذا ميزهما القرآن على ما عداهما من حواس؟ ونبذل في بحثنا هذا محاولة لكشف الغطاء عن المقتضيات النظرية والعملية لتمثيل القرآن الكريم لحاستي السمع والبصر بالنسبة لاكتساب اللغة وتدريسها.

السمع والبصر في القرآن

في وقتنا الحاضر تستخدم وسائل الإيضاح التعليمية البصرية بدرجات متفاوتة على كل مستويات تدريس اللغات. ومع هذا فإننا نادرًا ما نجد في الأدبيات التي تتناول المهارات الاستماعية في تدريس اللغات وتعلمها مناقشة للمعلومات البصرية التي تنقل عن طريق الفم والفك أو التي تنقل عن طريق حركات الوجه (التعابير والإيماءات). والمرجع الوحيد الذي يربط الاستماع مع النظر يتعلق بتعلُّم الصم القراءة الكلامية: حيث يلجأون إلي أي نوع من المعلومات البصرية التي قد تقدم لهم (مثل تعابير الوجه، الإيماءات، حركات النطق).

على أي حال توضح البحوث الحديثة في نظرية إدراك الكلام أن البصر يلعب دورًا هامٌّا في عملية الاستماع. ومن أجل إثبات ذلك عمد الباحثون إلى دراسة كل من آثار انعدام الرؤية على إدراك الكلام واستخدام المعلومات البصرية في إدراك الكلام لدى الصم والأصحّاء على حد سواء. وقد أشار القرآن الكريم قبل زمن طويل إلى أن فقد السمع والبصر يعتبر عائقًا عظيمًا يحول دون اكتساب المعرفة.

ففي القرآن الكريم نجد أنَّ فقدان السمع (الصمم) يسبق فقدان البصر (العمى) في ثلاث عشرة آية بينما فقدان البصر يسبق فقدان السمع في آيتين فقط. هذا بكل تأكيد يوضح الأهمية التي يوليها القرآن للإدراك السمعي والآثار التي قد تنشأ عن فقدانه على حياة البشر المبتلين بذلك.

وقد أشار القرآن الكريم إلى أن فقدان البصر ليس بالأمر الهين ولهذا الســبب يجب أن لا يعتبر بالحــاسة الاعتيـادية بل على النقيض تمامًا من ذلك فإنها على نفس القدر من الأهمية، مثلها مثل حواس البشر الأخرى، فكل واحدة من هذه الحواس لديها وظيفة محددة هي التي تحدد درجة أهمية كل منها.

فضلاً عن ذلك فقد ذكر السمع والبصر في القرآن معًا ثمانية وثلاثين مرة بذات التتابع. ووردت كلمة السمع ومشتقاتها مائة وخمسًا وثمانين مرة بينما ذكرت كلمة البصر ومشتقاتها مائة وثمانية وأربعين مرة. واستخدمت كلمة السمع في القرآن لسماع الأصوات والكلام ولإدراك المعلومات المنقولة عن طريق هذه الأصوات والكلمات، بينما تستخدم كلمة البصر في ثمان وثمانين مناسبة للدلالة على إبصار الضوء وغيره من الأشياء بالمعنى الملموس. غير أن استخدامات البصر الأخرى في القرآن تدل على التفكير المنطقي والتأمل حول الكون وكل جوانب الحياة.

بناء على ما سبق، إذا كان (السمع) يسبق (البصر)، فلا بد أن يكون هناك سبب مقنع لذلك. لماذا يأتي السمع أولاً؟ ولماذا هذا التتابع؟ فالعين والأذن، من منظور بيولوجي، يؤديان وظيفتين مختلفتين. وبينما تهتم العين أساسًا بالضوء والألوان وغيرها من الأشياء المتعلقة بالبصر فإن الأذن تهتم بالأصوات. والعين لا تنقل الصوت إلى الدماغ/ العقل.

 

رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 المكتبة العلمية | المنتدى | دليل المواقع المقالات | ندوات ومؤتمرات | المجلات | دليل الخدمات | الصلب المشقوق وعيوب العمود الفقري | التوحد وطيف التوحد  | متلازمة داون | العوق الفكري | الشلل الدماغي | الصرع والتشنج | السمع والتخاطب | الاستشارات | صحة الوليد | صحة الطفل | أمراض الأطفال | سلوكيات الطفل | مشاكل النوم | الـربـو | الحساسية | أمراض الدم | التدخل المبكر | الشفة الارنبية وشق الحنك | السكري لدى الأطفال | فرط الحركة وقلة النشاط | التبول الليلي اللاإرادي | صعوبات التعلم | العوق الحركي | العوق البصري | الدمج التربوي | المتلازمات | الإرشاد الأسري | امراض الروماتيزم | الصلب المشقوق | القدم السكرية



الساعة الآن 05:13 PM.