ما هو الحول وما هي أسبابه وكيف يعالج؟
د. سامر حجو
ما هو الحول ؟
الحول هو فقد التثبيت المشترك بالعينين على الهدف المرئي بحيث تكون إحدى العينين مثبتة بشكل صحيح والعين الأخرى منحرفة في اتجاه خاطئ .
§ يمكن أن يكون الحول في نفس العين دائماً فيكون مثلاً حول أيمن أي في العين اليمنى دائماً أو يكون متبادل بين العينين بحيث تكون أحياناً العين اليمنى هي المثبتة واليسرى هي المنحرفة ويكون العكس في أحيان أخرى ويسمى حينها بالحول المتناوب وهو يدل على أن الرؤية متساوية بين العينين ولا يوجد أفضلية لعين على الأخرى بينما يدل الحول وحيد الجهة في الأغلب على أن العين المنحرفة هي أضعف من العين الأخرى وفي نفس الوقت فإن الحول وحيد الجهة في السنوات الأولى للحياة سوف يسبب ضعف العين المنحرفة بفعل الكسل الوظيفي .
§ يسمى الحول أنسي إذا كان الانحراف باتجاه الأنف , ويسمى وحشي إذا كان باتجاه الأذن , كما يمكن أن يكون الحول عمودي ( علوي أو سفلي ) و يمكن أن يكون أفقي وعمودي في نفس الوقت ( مثلاً وحشي علوي )
§ قد يكون الحول موجود دائماً ( حول ثابت) وقد يكون متقطع يظهر في أوقات أو حالات معينة كأن يظهر عند النظر بجهة معينة أو أن يظهر في حالات التعب أو المرض أو الشرود .
ما هي أسباب الحول ؟
يمكن ترتيبها بحسب الشيوع كما يلي :
o مد البصر : يسبب مد البصر حول أنسي يسمى الحول الأنسي التطابقي وهو أكثر أنواع الحول شيوعاً على الإطلاق و أكثر ما يبدأ بين عمر 3 – 7 سنوات لكن قد يبدأ بعمر 6 أشهر وقد يتأخر حتى سنوات المراهقة , ويمكن أن يكون هناك شرارة تطلق هذا الحول كالصدمة و ارتفاع الحرارة و المرض و غالباً ما يؤدي التصحيح الفوري للمد بالنظارة إلى تصحيح الحول بشكل كامل بينما يؤدي التأخر في وصف النظارة إلى أن تصبح الاستجابة غير تامة وبقاء زاوية حول حتى مع النظارة .
o الحول المكتسب مجهول السبب
o الأسباب الخلقية (الحول الولادي) : يتضح الحول عادة بعد 2-4 أشهر من الولادة
o فقد الرؤية (الحول الحسي) : يؤدي فقد الرؤية في إحدى العينين (أو الضعف الشديد فيها ) و في كثير من الأحيان إلى حول وحشي يتطور تدريجياً خلال شهور أو سنوات .
o الحول الشللي : يؤدي الشلل في عضلة واحدة أو أكثر من العضلات المحركة للعين إلى حدوث حول مفاجئ ومترافق غالباً مع ازدواج في الرؤية ( شفع ) أو مع هبوط في الجفن (إنسدال) , ينجم الشلل عادة عن إصابة العصب الذي يعصب تلك العضلة و إصابة العصب بدورها قد تنجم عن أسباب كثيرة جدا منهاً ( رضوض الرأس , أورام الدماغ , الجلطة الدماغية , الداء السكري .....)
ولكن هل الحول هو مشكلة جمالية فقط ؟
بالتأكيد لا , فهناك العديد من المشاكل التي يمكن أن يسببها الحول :
أخطر المشاكل هي الكسل الوظيفي في العين المصابة بالحول , وهو يعني أن هذه العين تصبح ضعيفة الرؤية و لا يمكن تحسين رؤيتها بالنظارة رغم أنه لا يوجد أي مرض عضوي في هذه العين و ينجم الكسل الوظيفي عن الاعتماد التام على العين الأخرى عندما يكون الحول في عين واحدة ( وليس متناوب) و حدث في السنوات الأولى للحياة ولم يعالج بشكل مناسب .
يؤدي الحول أيضاً إلى فقدان الرؤية المشتركة بالعينين مما يعني فقدان القدرة على الرؤية المجسمة وهذا لن يسبب إعاقة لفعاليات الحياة العادية لكنه سوف يعيق صاحبه عن امتهان بعض المهن كالطيران والجراحة المجهرية , كما سوف يجعل أداءه ضعيفاً في معظم الرياضات .
إن بدء الحول في سن الشباب أو الكهولة كثيراً ما يؤدي إلى حدوث الازدواج في الرؤية ( الشفع ) بشكل مستمر مما يشكل مصدراً كبيراً للاضطراب في حياة المريض .
يجب أن لا ننسى أيضاً الأضرار النفسية الناجمة عن الحول والتي لا يسببها فقط الشكل الجمالي وإنما أيضاً المواقف الاجتماعية المحرجة عندما يعتقد البعض خطأً بأن المصاب بالحول ينظر إليهم بينما هو ينظر باتجاه آخر , ويشكل هذا الأمر مشكلة حتى عند الأطفال و خاصة إذا وقعوا ضحية السخرية من رفاقهم .
هل الحول قابل للمعالجة وهل المعالجة ممكنة في أي عمر ؟
من الناحية الجمالية فإن الغالبية العظمى من حالات الحول هي قابلة للمعالجة أو على الأقل يمكن أن تتحسن بشكل كبير بالمعالجة المناسبة .
أما من الناحية الوظيفية فإن استعادة الرؤية المشتركة الطبيعية بالعينين لا يكون ممكناً في كثير من الحالات وخاصة تلك التي تتأخر فيها المعالجة الجيدة لعدة سنوات .
بعض حالات الحول الولادي أو الحول المكتسب في سنوات الطفولة الأولى تكون غير قابلة للمعالجة إذا أهملت حتى سن الشباب أو الكهولة .
كيف يعالج الحول ؟
تختلف طرق المعالجة من حالة لأخرى بحسب نوع الحول وشدته و صفاته كما توجد اختلافات كبيرة تتعلق بخبرة الطبيب المعالج و المدرسة التي ينتمي إليها , وبسبب سعة هذا الحقل وتشعبه فإن هنالك توجهاً عالمياً لأن يكون مستقلاً كاختصاص فرعي من طب العيون .
بصورة عامة تعتمد معالجة الحول على واحدة على الأقل من الخطوات التالية :
· معالجة السبب إذا كان محدداً وقابلاً للمعالجة كتصحيح مد البصر مثلاً .
· معالجة الكسل الوظيفي أو أية مشكلة مرافقة تؤثر على الرؤية وقابلة للمعالجة , بحيث نصل إلى أفضل رؤية ممكنة في كلا العينين .
· المعالجة التصويبية : وهي أشبه بالمعالجة الفيزيائية للحول وهي تعتمد على التمارين باستخدام أجهزة خاصة للمساعدة على استعادة التثبيت المشترك بالعينين والتغلب على الحول وهي تفيد في حالات الحول المتقطع و الحول الصغير الزاوية وفي شروط خاصة .
· المعالجة الجراحية : في حال كانت المعالجات السابقة غير ممكنة أو غير مفيدة أو غير كافية فإن الحل الأخير يكون هو الجراحة .
كيف هي جراحة الحول و ما مدى نجاحها وما هي مخاطرها ؟
جراحة الحول هي جراحة على العضلات المحركة لكرة العين وهي تعتمد على مبدأ إضعاف العضلة (أو العضلات ) التي تحرك العين بجهة الحول و / أو تقوية العضلة ( أو العضلات ) التي تحرك العين بالجهة المعاكسة .
يعتمد نجاح الجراحة بشكل رئيسي على حسن التخطيط لهذه الجراحة من حيث تحديد العضلات التي يجب التداخل عليها ودرجة هذا التداخل على كل عضلة ( هناك 6 عضلات محركة لكل عين ) وذلك بحسب دراسة زاوية الحول وتغيراتها بوضعيات النظر المختلفة , بينما تأتي أهمية المهارة الجراحية للجراح في المرتبة الثانية و إن جراحة الحول من النادر أن تتطلب مهارة جراحية كبيرة .
في حال الدراسة الجيدة للحول والتخطيط السليم للجراحة فإن معظم الحالات تنتهي بنتيجة ممتازة ولكن ذلك ليس مطلقاً و لا يمكن لأي جراح في العالم أن يكون واثقاً تماماً من نتيجة الجراحة لأي حالة حول مهما كانت بسيطة ومهما كانت الدراسة دقيقة , و يبقى احتمال الحاجة لجراحة ثانية ( وربما ثالثة ) قائماً .
من النادر جداً أن تحدث اختلاطات أثناء جراحة الحول تسبب مخاطر جدية على الرؤية وذلك لأن هذه الجراحة تجري على عضلات خارج كرة العين ولا تتطلب فتح جراحي لكرة العين كما يحدث في عمليات الشبكية أو الساد ( الماء الأبيض ) مثلاً , وحتى لو حدث ثقب لكرة العين خطأً أثناء خياطة العضلات فإن ذلك لن يشكل خطراً كبيراً إذا أحسنت معالجته .
لا تتطلب جراحة الحول أي شق جلدي و بالتالي فهي لن تترك أي ندبة جلدية .