رغم انتشار مرض الثلاسيميا(فقر الدم) في جميع أنحاء العالم، إلا انه يظهر بشكل اكبر في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، ومنه اكتسب اسمه الثاني...وأول من تعرف على المرض، هو الطبيب كولي عام 1925 ، حين شخص حالات لمرضى يعانون فقر دم شديد، ومجموعة أعراض لتشوهات العظام وموت المصاب في نهاية المطاف.
((والثلاسيميا))،كلمة يونانية الأصل، تعني فقر دم منطقة البحر الأبيض المتوسط ، ويعرف أيضاً باسم أنيميا البحر المتوسط وفي الولايات المتحدة الأمريكية كان يعرف باسم أنيميا كوليز.
وينتج المرض عن خلل وراثي انحلالي، يؤدي إلى نقص حاد في أنتاج بروتينات خاصة في الدم تسمى الجلوبين، وهو المكون الرئيسي للهيموجلوبين الموجود في خلايا الدم الحمراء.
ومادة الهيموجلوبين هي المسؤولة عن حملالأكسجين منالرئتين إلى مختلف أجزاء الجسم، وبالنتيجة يؤدي نقص الهيموجلوبين إلى فقر دم (أنيميا)، وتكسر سريع في خلايا الدم الحمراء، ونقص كمية الأكسجين التي تصل أجزاء الجسم المختلفة.
وتنتقل السمة المسببة للثلاسيميا من الأباء للأبناء، عن طريق الجينات المسؤولة عن نقل الصفات، فيحدث المرض وتبدأ مضاعفاته ولا بد أن يجتمع في جسم الشخص المصاب جنتين (واحد من الأب والأخر من الأم) يحملان هذه السمة.
لذلك يعزز زواج الأقارب من فرص الأصابة بفقر الدم، لارتفاع احتمالية أن يكون لدى الأقارب نفس الجينة الذي يحمل سمة المرض مع العلم أن مرض الثلاسيميا من الأمراض غير المعدية.
((أعراض الثلاسيميا))
تظهر أعراض الأصابة على المريض خلال السنة الأولى من العمر فبعد ولادة الطفل بفترة (3-6 شهور). ونتيجة لتكسر خلايا الدم الحمراء المبكر تبدأ الأعراض بالظهور على النحو التالي ''شحوب البشرة، مع اصفرار أحياناً، والتأخر في النمو، وضعف الشهية، وإصابات متكررة بالالتهابات. ومع استمراره تظهر أعراض أخرى؛ كالتغير في شكل العظام، خصوصاً عظام الوجه والوجنتين، وتصبح ملامح الوجه مميزة، ويحدث تضخم في الطحال والكبد، ويتأخر نمو الطفل.
أما في الحالات البسيطة (لدى حاملي المرض)، فقد يحدث فقر دم بسيط بدرجة لا يكون فيها بادياً للعيان ويعيش صاحبه بشكل طبيعي جداً ولا يحتاج إلى علاج، وقد لا تكتشف هذه الحالات إلا بالصدفة.
و يكثر انتشار المرض في مناطق مختلفة من العالم، خاصة في المناطق التالية: حوض البحر الأبيض المتوسط والدول المطلة عليه، ومنطقة الخليج العربي، ومنطقة الشرق الأوسط وتشمل إيران ، العراق سوريا الأردن وفلسطين، شمال إفريقيا وتشمل مصر ، تونس ، الجزائر المغرب وشبه القارة الهندية.
((أنواع الثلاسيميا))نوعان،
((النوع الأولى)) أولها الصغرى التي تظهر سمتها عندما يرث شخص جين الثلاسيميا من احد والديه وجين هيموجلوبين طبيعي من الوالد الأخر، وفي هذه الحالة يكون الشخص الذي يحمل السمة طبيعي وفي العادة لا يعلم بحمله لها، ولأن المرض وراثي قد ينقل الإنسان السمة إلى أولاده.
و((النوع الثاني)) هو الثلاسيميا الكبرى، التي تظهر عندما يرث شخص جنين للثلاسيميا (جين من كل والد) وهو خطير جدا، ويظهر الطفل المصاب به طبيعياً عند الولادة، وتبدأ الأعراض بالظهور في الأشهر الأولى من العمر كشحوب الجلد مع فقر دم (الأنيميا)، وضعف الشهية، والخمول، وتضخم الطحال.
آلية عمل المرض
تؤثر الثلاسيميا على عمر خلايا الدم الحمراء، حيث تحصل طفرة في مكونات الهيموجلوبين ما يؤدي لتكسر هذه الخلايا، ويحاول الجسم تعويض النقص عن طريق زيادة التكاثر وبالتالي تصبح كثير من عظام الجسم مصنعاً للنخاع العظمي ما يؤدي إلى انتفاخ جمجمة الرأس وتضخم الطحال والكبد.
لكن الأنتاج الكبير من خلايا الدم الحمراء، يفشل في تعويض التكسر ويتم نقل الدم إلى المريض بصفة مستمرة بمعدل (3 - 4) أسابيع، ويخضع المرضى للعلاج مدى الحياة.
ويصاحب نقل الدم -عادة- ازدياد الحديد في جسم المصاب، ما يسبب ضررا بالغا للكبد والقلب.
وقد يتعرض المصابون بهذا المرض إلى الوفاة إلا إذا أجريت لهم عملية زرع نخاع جديدة، مع العلم أن هذه العملية باهظة الثمن ونسبة الوفاة فيها ما زالت مرتفعة.
احتمالات الأصابة وتتحدد احتمالية ولادة أطفال مصابين أو حاملين لهذا المرض، تبعا لوجود سمة المرض في احد الوالدين أو كليهما معا.
فإذا تزوج شخص سليم (لا يحمل الجينة الحامل لسمة الثلاسيميا) بشخص يحمل الجينة الذي به الخلل لا توجد أي احتمالية لولادة طفل مريض.
إما إذا تزوج شخصان يحملان سمة الثلاسيميا (أي أن بكل منهما جينا واحدا فقط يحمل هذه السمة) فهناك احتمالية 25% من كل ولادة لمجيء طفل ''سليم'' تماما ولا يحمل أي جين به سمة الثلاسيميا''. و احتمالية 50% من كل ولادة لمجيء طفل يحمل جينا واحدا به سمة المرض فيكون حاملا له، واحتمالية 25% من كل ولادة لمجيء طفل مصاب بالثلاسيميا (مريض) أي يحمل الجنين المصابين معا.
سبيل الوقاية فحص ما قبل الزواج وبإلامكان تجنيب أبنائنا هذا المرض الخطير عن طريق ''فحص ما قبل الزواج'' المتوفر مجانا في المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة.
فيقوم احدهما بإجراء الفحص، وفي حالة حمله للسمة الجينية يقوم الآخر بالفحص. وإذا لم يكن ''حاملا'' أو إذا ثبت خلوه من السمة الجينية فلا يوجد هناك إمكانية بان يولد طفل مريض.
أي إذا كان أحد الوالدين فقط يحمل السمة، أو كانا كلاهما خاليين من السمة فبإمكانهما إتمام الزواج دون الخوف على صحة الأطفال. ويساعد فحص المقبلين على الزواج بتحديد احتمالية المرض، من خلال فحص نسبة الهيموجلوبين في الدم وحجم خلايا الدم الحمراء، ما يحدد إمكانية نقل المرض للأبناء.
وإذا كان فيهما خلل يجرى فحص أخر، وتحاليل دم مفصلة الأنواع الهيموجلوبين عن طريق الفصل الكهربائي.
العلاج يعالج الطفل المصاب بالثلاسيميا العظمى بعمليات نقل دم منتظمة ودورية، ويتطلب المرض علاجا محددا مدى الحياة ويسمى (ديسفيرال) يعمل على إزالة الزيادة الكبيرة في الحديد التي تدخل إلى الجسم.
وقد يضطر بعض الأطفال إلى استئصال الطحال.
ويبلغ عدد حاملي سمة الثلاسيميا 150000 حالة أي ما نسبته 3% من السكان مع زيادة 40-60 حالة سنويا.
وتتحمل وزارة الصحة نفقات معالجة المصابين بالثلاسيميا وهي نفقات عالية جدا تبلغ 5 آلاف دينار للمريض الواحد وتزيد مع مضاعفات المرض، ويحتاج المصاب إلى ما يقدر بأكثر من 20 ألف وحدة دم سنويا.
ومن الجدير بالذكر أن بعض الدول استطاعت التخلص من الثلاسيميا، فيما تعمل دول على الحد منها.
]