مخاوف الأطفال من المدرسة
د . إبراهيم الخضير
إن المخاوف أكثر انتشاراً عند الأطفال مقارنة بالكبار، وعادة ما تبدأ هذه المخاوف ثم تختفي دون سبب واضح. تتذبذب لديهم المخاوف وتكون شديدة أكثر من تلك التي تصيب الكبار. ان هذا الأمر ينطبق على معظم مشاعر الأطفال والتي غالباً ما تكون متغيرة ويُعبر عنها بصورة عنيفة. ولأن مخاوف الأطفال شديدة فمن الصعب التفريق بين المخاوف الطبيعية وحالات الرُّهاب غير الطبيعية.
فالخوف هو استجابة فطرية تجاه مؤثرات محددة يمكن التفريق بينه وبين مشاعر أخرى في السنة الأولى من العمر. إن الإجفال (ردة الفعل السريعة لأي حركة غير متوقعة، كأن يُطرق الباب ثم يقفز الشخص بصورة مُبالغ بها، وهذا كثير الحدوث عند الأطفال) هو رد فعل يُظهره المواليد ويمكن الاستدلال به على الخوف الطبيعي لاحقاً. إن أي عمل غير متوقع ومفاجئ للمولود يجعله يرفع يديه وقدميه إلى أعلى وقد يبكي. بعد عمر ستة شهور يمكن أن نُفرق وبصورة واضحة ما بين الإجفال والخوف الذي يُرى كرد فعل للغرباء. يظهر الخوف من الحيوانات في فترة لاحقة.
تتغير المخاوف العامة كلما كبر الطفل. في العمر ما بين سن الثانية والرابعة يكون الخوف من الحيوانات هو أكثر المخاوف شيوعاً ولكن بعد هذا العمر تظهر المخاوف من الظلام أو المخلوقات الخيالية. يتلاشى الخوف من الحيوانات لدى البنين والبنات بصورة سريعة ما بين سن التاسعة والحادية عشرة، أما بعد مرحلة البلوغ فإن نسبة قليلة جداً من الناس يكون لديها أمثال هذه المخاوف.
إن بعض المخاوف لا تتلاشى بمرور الزمن. فالخجل والتوتر بصفة عامة عند مقابلة أشخاص لأول مرة يستمر حتى مرحلة البلوغ. فمثل هذه المخاوف وجدت عند حوالي نصف مجموعة تقدر بحوالي 6آلاف طفل من أطفال لندن تم اجراء دراسة عليهم على الرغم من وجود مخاوف أخرى قليلة مثل الخوف من الظلام والحيوانات. يخطئ كثير من الآباء تقدير عدد تلك المخاوف التي تصيب أطفالهم. في مجموعة أطفال من منطقة كاليفورنيا تبلغ حوالي ألف طفل كان حوالي 90في المائة منهم لديهم خوف بعينه في المرحلة ما بين سن الثانية والرابعة عشرة. إن تكرار حدوث تلك المخاوف يتلاشى كلما تقدم الطفل في العمر. تكون قمة التكرار هذه في حوالي الثالثة من العمر. في دراسة أخرى أجريت في منطقة ليستر في انجلترا على 142طفلاً تتراوح أعمارهم ما بين الثانية والسابعة وجد عند حوالي الثلث منهم مخاوف محددة تلاشت معظمها بعد مرور حوالي السنة ونصف السنة.
الحالات المعيقة نادرة:
على الرغم من أن المخاوف تنتشر وسط الأطفال إلا أن تلك الأنواع الرُّهاب التي تعيق حياتهم تكون نادرة. في مسح ميداني تم اجراؤه في جزيرة وايت (في بريطانيا) لحوالي ألفي طفل وجد فقط عند 16منهم مشاكل رُهابية تجاه واحد أو أكثر من المثيرات خمسة منها كانت بسبب العناكب وستة بسبب الظلام. من مجموع 239طفلاً تم تحويلهم لقسم الأمراض النفسية كانت لدى عشرة فقط منهم مشاكل رُهابية محددة.
يسبب الرُّهاب عند الأطفال نفس درجة الإعاقة التي يؤدي إليها عند الكبار. طفل في السابعة من عمره كان يشكو من خوف شديد من الحشرات الطائرة، خاصة الكبير منها، استمر لمدة عامين. يقول الطفل "تخيفني الحشرات الطائرة جداً وأخشى أن تلسعني وتسبب لي ألماً وتقول والدته حين يواجه طفلها الحشرات الطائر: "يصبح شاحباً، يتصبب عرقاً، تعتريه برودة في جسده ويرتعش ثم تخور ساقاه" انه يهرب في أي اتجاه إذا رأى حشرات طائرة، ثم تشل حركته. فهو لا يلعب خارج منزله في فصل الصيف ويجبر على الذهاب إلى المدرسة أوقات الدراسة. لقد هرب مرتين على الأقل تجاه شارع مزدحم حين رأى حشرات طائرة.
لقد أوضحت معظم الدراسات التي أجريت حول الخوف عند الأطفال أن البنات لديهن مخاوف أكثر من الأولاد. لكن هل يرجع هذا إلى أن الأولاد مطلوب منهم أن يكونوا أكثر شجاعة، وأن يخفوا مخاوفهم تلك؟ أم أن هناك اختلافاً عضوياً (بيولوجياً) يجعل البنات أكثر خوفاً من الأولاد، هذا ما لم ندركه بالضبط ولكن من المحتمل أن يكون كلا الاحتمالين يحمل نوعاً من الحقيقة.