العلاقة بين الذكاء والموهبة والإبداع
د. حازم محمد أللهيبي
الفروق الفردية ظاهرة عامة بين الأفراد ، فأفراد النوع الواحد يختلفون فيما بينهم ، فلا يوجد فردان متشابهان في استجابة كل منهما لموقف واحد ، وهذا الاختلاف والتمايز أعطى الحياة معنى ، وجعل للفروق الفردية أهمية في تحديد وظائف الأفراد ، وهذا يعني أنه لو تساوى جميع الأفراد في نسبة الذكاء على سبيل المثال فلن يصبح الذكاء حينذاك صفة تميز فردا عن آخر، وبهذا لا يصلح جميع الأفراد إلا لمهنة واحدة
إذاً ما هو الذكاء ؟ وما هي الموهبة ؟ وما الفرق بين الموهبة والإبداع ؟
الذكاء :
قدم علماء النفس على اختلاف مدارسهم تعريفات شتى للذكاء ، بعضها يتعلق بوظائفه، وبعضها يتعلق بالطريقة التي يعمل بها، ونتيجة لهذا وجدت تعريفات متعددة لهذا المفهوم مما جعل الباحثين يصنفون هذه التعريفات إلى ثلاث مجموعات :
الأولى : تؤكد على الأساس العضوي للذكاء : وهذه المجموعة تعرف الذكاء بأنه قدرة عضوية فسيولوجية تلعب العوامل الوراثية دوراً كبيراً فيها .
الثانية : تؤكد على أن الذكاء ينتج من التفاعل بين العوامل الاجتماعية والفرد, فالذكاء في نظرها القدرة على فهم اللغة والقوانين والواجبات السائدة في المجتمع وهنا تكون العوامل الاجتماعية هي العوامل المؤثرة في الفروق بين الأفراد في الذكاء.
الثالثة : فهي فئة التعريفات التي تعتمد على تحديد وملاحظة المظاهر السلوكية للحكم على ذكاء الفرد .
الإبداع:
أما الإبداع فإن أسهل تعريف له هو العملية التي تؤدي إلى ابتكار أفكار جديدة، تكون مفيدة ومقبولة اجتماعياً عند التنفيذ, وهناك تعريف شامل "هو مزيج من الخيال العلمي المرن، لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة، مهما كانت الفكــرة صــغيرة، ينتج عنها إنتاج متميز غير مألوف، يمكن تطبيقه واستعماله"
( الحمادي , 2005 . 2).
إذاً الإبداع هو إنتاج أفكار جديدة خارجة عن المألوف، بشرط أن تكون أفكار مفيدة.
الموهبة:
أن للمدرسة دور أساسي في صقل الموهبة وتنميتها، كذلك للأسرة دورها الأساسي في اكتشاف الموهبة وتشجيع الطفل على الإبداع, ويتميز الطفل في سنواته المبكرة بفطرة وتلقائية وانفعالات خاصة ليس لها ضوابط منطقية يمكن للكبار أن يحولوا دون حدوثها لكن المهم هو مدى ونوعية استجابة الكبار لهذه الانفعالات والسلوكيات وهنا يأتي دور الاستجابة في تعديل سلوك الطفل والقدرة على إحداث التوازن النفسي وإشباع حاجاته الصغيرة وكسر نزعة العدوان داخله وتوجيه طاقاته إلى الأنفع والأجدى والإبداع.
فإن النمو العقلي للصغير يرتبط بعوامل كثيرة بعضها موروث والبعض الآخر تشكله البيئة التي يولد فيها بما في ذلك الأسرة والأصدقاء والتعليم ,فالموهبة لا تظهر في فراغ, بل تحتاج إلى مناخ اجتماعي يتسم بالثراء والإيجابية والانفتاح سواء في الأسرة أو في المدرسة أو بين الأقران, وفى المحتوى البيئي أيضاً ، فهذه العوامل المحيطة بالطفل قد تعزز أو تحبط دوافعه وحريته في التعبير أو التفكير الإبداعي.
كما أنه لا تعارض بين الموهبة والإبداع, فالموهبة استعداد فطرى طبيعي, والإبداع هو كيفية إخراج الموهبة إلى حيز الوجود, والمبدع الموهوب له رغبة في إظهار ميوله تجاه ما يحب, سواء الأدب أو الرسم أو الاختراع العلمي أو أي مجال آخر.(العتوم,2007. 237 )
لقد اعتنى الإسلام بالموهوبين فكانت توجيهاته في إشباع مواهبهم توجيهات ربانية سامية موافقة للطبيعة البشرية ومتوازنة معها بما يتوافق مع حياة الإنسان ،وقد تميز المسلمون في هذا المجال بداية من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعنايته الدقيقة الفائقة لعموم المسلمين والمتميزين منهم بشكل خاص كأسامة بن زيد في القيادة وعبد الله بن عباس في الفقه وخالد بن الوليد في الشجاعة وحسان بن ثابت في الشعر وغيرهم.