#1  
قديم 01-29-2010, 07:38 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي صعوبات تعلم الرياضيات لدى تلاميذ المستوى الثامن من التعليم الأساسي

 

صعوبات تعلم الرياضيات لدى تلاميذ المستوى الثامن من التعليم الأساسي


الباحث: د/ أحمد محمد مجاهد القدسي
الدرجة العلمية: دكتوراه
لغة الدراسة: العربية
تاريخ الإقرار: 2006م
نوع الدراسة: رسالة جامعية

مـقـدمة:
يزخر مجال علم النفس اليوم بالعديد من القضايا والمشكلات النفسية والتربوية، ومن ضمن هذه القضايا والمشكلات قضية هامة ومتميزة، وتتمثل في " صعوبات التعلم " التي يعاني منها الأطفال والتلاميذ في بعض المواد الدراسية، وخاصة ما يتعلق منها بمرحلة التعليم الأساسي باعتبارها القاعدة والأساس الذي تبنى عليه بقية المراحل الدراسية.
والرياضيات باعتبارها نشاطا فكريا تساهم من جهة في تنمية قدرات الاستدلال والتجريد والدقة في التعبير لدى المتعلم، ومن جهة أخرى في توسيع مجالات معارفه ومهاراته الحسابية والهندسية التي لها امتداداتها في محيطه الاجتماعي والحضاري، فإنها تعد من أهم المواد الدراسية التي تدرس في المرحلة الأساسية، ولذلك فإن مشكلة " صعوبات التعلم في الرياضيات " في هذه المرحلة ، تعد من المشكلات الرئيسية الهامة التي تشغل اهتمام المربين والباحثين في المجال السيكولوجي في وقتنا الحاضر . ويمكننا القول إن الرياضيات كميدان معرفي ، لم تنل حظها من الاهتمام والبحث في المجال السيكولوجي ، بالمقارنة مع باقي الميادين المعرفية الأخرى ، كالقراءة والكتابة مثلاً، إلا في ظل الدراسات المعرفية التي تركز على المعالجة الذهنية للمعلومات ، هذا إذا استثنينا المحاولة التي قام بها " بياجيه " من خلال بحثه في تكون العدد لدى الطفل. ذلك أن مفهوم العدد يشكل النواة الرئيسية للتفكير الرياضي.
ولقد كان للتطورات المعاصرة التي لحقت بعلم النفس المعرفي وما واكبه من تطور على مستوى الممارسات البيداغوجية، أثر على الاهتمام المعاصر بالرياضيات، فقد اهتمت الكثير من البحوث والدراسات بمناهج رياضيات المرحلة الأساسية ومحتواها، وبالصعوبات التي تعيق تعلم الرياضيات في تلك المرحلة، وتبين من تلك البحوث والدراسات "وجود صعوبات تواجه التلاميذ في تعلم الرياضيات تؤدي إلى فشل التلاميذ في استيعاب بعض المفاهيم والحقائق والمبادئ الرياضية، كما أكدت بعض هذه الدراسات على وجود صعوبات تؤدي إلى عدم اكتساب التلاميذ لبعض المهارات الرياضية لحل المسائل اللفظية".([1])
وتؤكد السيكولوجية المعرفية التي تنظر إلى التعلم كإستراتيجية وليس كهدف، على أن معظم الصعوبات التي يواجهها التلاميذ في الرياضيات تتعلق بكيفية اشتغالهم، أي بالإستراتيجية التي يوظفونها في حل المسائل أو المشكلات الرياضية، وفي هذا الصدد تشير بعض الدراسات إلى "أنه على الرغم من أن التلاميذ الذين يواجهون صعوبات في التعلم لا يعانون من نقص في الذكاء بل يعانون من قصور في التخطيط لحل المسائل والمشكلات، وقصور في مهارات "الميطا معرفية" Métacognitive Skilles، أي قصور في المراقبة العقلية النشطة، وفي تنظيم النتائج وتناسق العمليات العقلية والمعرفية وقصور في الطرق والخطط التي تساعد على تعلم أفضل.([2]) لذلك اتجهت معظم البحوث والدراسات المعاصرة نحو التفكير حول الطريقة التي يتبعها التلميذ في حل المسائل أو ما يعرف بـ "الميطا معرفية " واستخدام رسوم بيانية ومخططات توضيحية لحل المسائل، وتدريبات على تمثيل وتوقع حل المسألة.
إن هذه الدراسات وغيرها تعد مؤشراً على وجود صعوبات في تعلم مادة الرياضيات في المرحلة الأساسية، أما مواطن تلك الصعوبات ونوعها ومداها، فإن الدراسات في هذا المجال تكاد تكون نادرة إن لم تكن غير موجودة. وإن وجود دراسات في هذا المجال يسهم ليس في التنبيه على وجود صعوبات تعلم فقط، بل وفي تحديد تلك الصعوبات ونوعها ومداها، ويعين المربين والمعلمين على اتخاذ قرارات فعالة في معالجتها.

أهمية الموضوع :
نظراً لما تتميز به الرياضيات من طبيعة تراكمية في موضوعاتها، وما تتصف به من تجريد في المفاهيم والعلاقات، فإنها تعتبر حقلاً معرفياً معقداً بالنسبة للمتعلم، بمعنى أن تعلمها يثير العديد من المشاكل والصعوبات أمام المتعلمين. فمن الملاحظ أن معظم الأطفال والتلاميذ يجدون صعوبات حادة وشائعة في مجال الرياضيات إلى حد أن صعوبات تعلم الرياضيات تمثل أكثر صعوبات التعلم أهمية وشيوعاً واستقطاباً للاهتمام الإنساني على اختلاف أنماطه وتوجهاته.
من هذا المنطلق المرتبط بالاهتمام بمجال دراسة مثل هذه الظاهرة، كانت فكرة هذا البحث والتي تكمن أهميته في أنه يعالج قضية هامة من القضايا المتعلقة بالتعلم، وهي قضية صعوبات تعلم الرياضيات التي يعاني منها تلاميذ المستوى الثامن من التعليم الأساسي والتي يمكن الكشف عنها من خلال محاولاتهم في حل المسائل الرياضية في مقرري الجبر والهندسة في هذا المستوى. وبالتالي فإن اختيارنا لموضوع هذا البحث مبني على أساس الأهمية التي تحتلها الرياضيات، باعتبارها على رأس أهم فروع المعرفة التي يهتم بها أي مجتمع يبغي التقدم وملاحقة التطوير المذهل في شتى المجالات.

أهداف البحث :



إن هذا العمل بقدر ما ينطوي عليه من أهمية ، فإنه يطمح في ذات الوقت تحقيق جملة من الأهداف أهمها :
  • تعريف الآباء وأولياء أمور التلاميذ الذين سيطلعون على هذا العمل بأن تعثر أبنائهم في حل بعض المسائل الرياضية ليس لقصور أو تخلف في القدرات العقلية، بل لأن ما تستدعيه هذه المواقف لا يتناسب وطبيعة الأسلوب المعرفي الذي يميز هؤلاء المتعلمين، كما أن استراتيجيات تعلمهم قد تختلف عن استراتيجيات تقوم أساسا على التحليل والتفسير إلى أخرى تقوم على التطبيق.



    نستهدف أن تكون هذه الدراسة دليلاً لمن يعمل في تدريس الرياضيات سواءً كان مدرساً أو مشرفاً على التعليم.

    دعوة القائمين على بناء وتصميم مناهج الرياضيات لتبني طرق جديدة أثناء صياغة وكتابة مادة الرياضيات، هذه الطرق التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار كل العوامل التي يمكن أن تؤثر على أداءات التلاميذ ونتائجهم.
  • نأمل أن يلقي هذا البحث أضواء جديدة على العملية التعليمية - التعلمية ويفتح أمام الطلبة والباحثين الذين سيقع بين أيديهم هذا العمل، مجالات جديدة للبحث والاستقصاء عن العوامل والأسباب التي تقف وراء صعوبات تعلم الرياضيات.
وهكذا، فبالإضافة إلى مدخل عام وخاتمة عامة فإن هذا البحث يتكون من سبعة فصول خصصت ثلاثة منها لتأطير الموضوع نظريا على النحو الآتي :

 

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-29-2010, 07:40 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي

 

الإطار النظري للبحث:
انصب الفصل الأول على مقاربة مفهوم التعلم وصعوباته، حيث تم استعراض طبيعة عملية التعلم وخصائصه والعوامل والشروط اللازمة في التعلم. كما قمنا باستعراض مفهوم صعوبات التعلم وأهمية دراسته وتصنيفاته، بالإضافة إلى عوامل وأسباب صعوبات التعلم. وأخيرا تطرقنا إلى النظريات السيكولوجية المفسرة لصعوبات التعلم، وقد تناولنا نموذجين أساسيين هما النظرية السلوكية والنظرية المعرفية.
فكما هو معروف تمثل النظرية السلوكية منحى معيناً في المجال الأكبر الذي تشمله النظرية العامة للتعلم. ويقوم المنحى الذي تتبناه النظرية السلوكية على رصد وضبط السلوك الظاهر القابل للقياس والملاحظة والتجريب والحكم الموضوعي قبل وبعد المعالجة وصولاً إلى التغير المستهدف أو المرغوب في السلوك.
وفي مجال صعوبات التعلم كان للنظرية السلوكية تطبيق محدد للغاية خلال الفترة (1800-1960)، ثم تنامى الفكر السلوكي تدريجياً وكان على رأس الذين أسهموا نظرياً وتجريبياً عبر هذه النظرية "ثورنديك وسكنر" اللذان كان لهما تأثير ملموس على الباحثين في هذا المجال خلال تلك الفترة.
وخلال الفترة (1961-1980) راجع السلوكيون نتائج التطبيقات العملية لما توصل إليه واقترحه الباحثون في هذا المجال – مجال صعوبات التعلم. ولاشك أن معظم السلوكيين افترضوا أن السلوك قابل للتعديل، وأن تطويره وتعديله وصيانته، يعتمد على نمط الظروف والأحداث البيئية التي ينمو ويحدث خلالها. بل وأكثر من هذا فإن هناك علاقة أو شبه قانون يحكم العلاقات القائمة بين السلوك والأحداث البيئية. ولذلك يمكن القول إن " تعديل السلوك – محور النظرية السلوكية- يساعد التلاميذ ذوي صعوبات التعلم، كما يستجيب لمتطلبات مبدأ التفسيرية أو القابلية للتفسير والتحليل. وهو مايفتقره مجال صعوبات التعلم خلال هذا الزخم الهائل من التفسيرات والتأويلات والإرهاصات".([3])
عموماً يمكن القول إن النظرية السلوكية قدمت خلال هذه الفترة فكراً نظرياً، وأساليب تطبيقية، وأدوات قياس مفيدة، للتعامل مع مشكلات مجال صعوبات التعلم. لكن الصراع تولد بين التقنيات السلوكية المقترحة ومتطلبات طبيعة عملية التعلم التي يشكل السلوك الظاهر جزءاً محدوداً منها.
وقد تزايد الاهتمام بالمداخل القائمة على نظريات التعزيز والمبادئ السلوكية، وبدأت في الثمانينات استراتيجيات التدريس القائمة على أبرز قوانين المدرسة السلوكية في الاستخدام مع شيوع استخدام برامج التعزيز وجداوله والتعليم المبرمج، واستخدمت هذه التوجهات بصورة متواترة إلى أن ظهرت تساؤلات حول جدوى هذه المداخل والمناداة باعتماد التوجهات المعرفية نظراً لملاءمتها لصعوبات التعلم.
ونظراً للاهتمام المتعاظم والمطرد الذي شهدته العقود الأخيرة من القرن العشرين بالتوجه المعرفي ودوره في تفسير الكثير من الظواهر التربوية والنفسية. "وإزاء قصور المداخل الأخرى، التي حاولت تفسير صعوبات التعلم، عن تقديم تفسيرات مقنعة لبعض الاضطرابات المعرفية عموماً وصعوبات التعلم بصورة خاصة. كان التحول في مجال صعوبات التعلم مع بداية الثمانينات دالاً وملموسا لصالح التوجهات المعرفية التي حظيت باهتمام وترحيب مختلف المستويات العاملة في مجال صعوبات التعلم. وفي العقد الأخير من القرن العشرين بات التوجه المعرفي مسيطراً على أساليب التشخيص والمعالجة، وأصبحت المداخل المعرفية هي المداخل الأساسية التي يعتمد عليها في مجال صعوبات التعلم".([4])
أما الفصل الثاني فقد تناولنا فيه طبيعة الرياضيات ومكوناتها الأساسية، فالرياضيات كمادة دراسية لها طبيعتها الخاصة التي تميزها عن باقي المواد الدراسية الأخرى، فهي ليست مجرد أعداد وأرقام وحسابات أو رموز وعلاقات أو أشكال هندسية ورسومات وقياس لها. فالرياضيات في حقيقتها تحتوي كل ذلك وأكثر؛ فهي طريقة للتفكير المنطقي الاستدلالي، ومنها ما يدخل في التجارب العلمية من حيث التخطيط وتفسير النتائج وتحليلها. وتعتبر مادة الرياضيات من أكثر المواد الدراسية تجريدا، وبالتالي فإن دراسة الرياضيات هي دراسة التجريد في ذاته، ولا شك أن تعلم الرياضيات كعلم تجريدي وحل المسائل التي يطرحها وتحديد المشاكل التي يثيرها يحتاج لاتباع طرق واستراتيجيات مختلفة ودقيقة تقلص من المجهود وتختصر المسافات وتعطي نتائج إيجابية.
"إن مادة الرياضيات ذات طبيعة تركيبية وتراكمية إذ تبدأ من البسيط إلى المركب، فمن مجموعة من المسلمات تشتق النتائج والنظريات عن طريق السير بخطوات استدلالية تحكمها قوانين المنطق". ([5])
ولذا فإن تعلم الرياضيات يقوم أساسا على خطوات متتابعة منتظمة، فمثلا يتعلم التلميذ مفهوم معين إذا كان قد تعلم المفاهيم السابقة الأبسط، وتعلم هذا الأخير يعتمد على تعلم مفاهيم سابقة ابسط منها، وهكذا بالنسبة للمهارات الرياضية وغيرها ، وبناء عليه فإن تدريس الرياضيات "يجب أن يبدأ من أبسط المستويات ثم يتدرج إلى المستوى المركب الأكثر تركيبا فالمعقد"،([6]) وهذا ما يتفق مع التنظيم الهرمي الذي افترضه "جانييه"Gagne لاكتساب المعرفة؛ حيث يعتبر "جانييه" أول من اهتم بطبيعة الرياضيات كبناء هرمي يتكون من مستويات تبدأ بالبسيط وتنتهي بالمركب.
وعموما فإن المعرفة بطبيعة الرياضيات تعد أحد المدخلات التي تلقي الضوء على كافة مكونات المنهج من أهداف ومحتوى وطرق وأساليب التدريس وعملية التقويم.
أما فيما يتعلق بالمكونات الأساسية للرياضيات فقد قمنا باستعراض أهم هذه المكونات (المفاهيم، المبادئ، المهارات، المسائل الرياضية). فإذا كان التعلم السابق للمتعلم يؤثر، سلباً أو إيجاباً، على تعلمه اللاحق، فلاشك في أن تمكن التلميذ ونجاحه في تعلم هذه الأساسيات الأربعة سيكون له تأثير موجب في تعلمه اللاحق للرياضيات، وإذا ما واجه التلميذ صعوبة في تعلم هذه الأساسيات، فإن ذلك سينعكس على تعلمه ويؤثر سلباً ليس على تعلمه الحالي فحسب، بل وعلى جميع مراحل التعلم اللاحق، ويؤدي إلى الفشل في إحراز ما يجب إحرازه من مهارات ومعارف.
"إن تعلم أساسيات المادة أو تعلم هيكل الموضوع يسهل كثيراً عملية الاستيعاب والتذكر وانتقال التعلم ، أي القدرة على تكييف ما تعلم سابقا ليصبح ملائماً لتطبيقه في موقف جديد ومختلف عن الموقف الذي نتج عنه التعلم".([7]) ويشير "عبيد" إلى أن "معرفة أساسيات المادة الدراسية وفهمها يساعد التلميذ على الفهم العميق بجوهر المادة والاستمرار في دراستها سواءً أثناء مراحل التعليم النظامية أو بعد تخرجه منها، كما أن فهمه لأساسيات المادة يساعده على فهم بنيتها أو تركيبها، ويكسبه القدرة على تطبيق قواعدها ونظرياتها سواءً داخل المادة نفسها أو داخل المجالات المعرفية الأخرى، أو في مواقف الحياة. وفهم أساسيات المادة يحول دون اكتساب المهارات بطريقة آلية ، بل يكون اكتسابها على أسس من الفهم العميق".([8]) ويلاحظ أن تلك الأساسيات تستخدم كمادة أو وسيط لعمليات التفكير والتدريب عليها، وبالتالي فإن هذه الأساسيات تساعد على أساليب التفكير السليمة والتي تعتبر كأحد الأهداف العامة لتدريس الرياضيات، فالعملية التعليمية في الرياضيات تهدف إلى اكساب المتعلم أساسيات المادة ، وأساليب التفكير الرياضي.
ويمكن الإشارة هنا إلى أن تركيزنا في هذا المحور كان منصبا بشكل أساسي على موضوعي المفاهيم والمسائل الرياضية. فالمفهوم الرياضي ، يعتبر الأساس لكل مكونات المعرفة الرياضية، حيث تقوم المفاهيم الرياضية بدور هام في تكوين المعرفة الرياضية وبنائها. فالأطفال يتعلمون الحقائق، لكن الحقائق لا تكون قابلة للاستخدام ، ولا تكون سهلة التذكر إلا إذا شكلت معنى (مفهوم). ومن هنا تبرز الأهمية الكبرى للمفاهيم الرياضية في العملية التربوية، وأهمية المفاهيم هذه في البناء المعرفي والادراكي للطفل ونمو تعلمه أثارت انتباه كثير من المربين والباحثين فوجهوا جهودهم للبحث والتنقيب عن انجح السبل لتمكين الطفل من بناء المفاهيم الضرورية في مراحل عمره الزمني والعقلي المختلفة، الأمر الذي حدا بكثير من هؤلاء المربين والباحثين أن يتناولوا بالبحث والتحليل المفاهيم الرياضية، من حيث معناها وتصنيفاتها أنواعها وكيفية تدريسها.
وتلعب المسائل الرياضية دورًا هاماً في دراسة الرياضيات، فبواسطتها تصبح الرياضيات منطقية ومطبقة. وباعتبارها منطلقًا لبناء المعرفة الرياضية ومجالاً لاستثمارها وإغنائها، فإنها بذلك تعتبر حافزاً ومثيراً للتعلم، ومعالجتها وحلها بكفاءة يشعر المتعلمين بالوظيفة الحقيقية في تعلم الرياضيات.
"والمسألة تستخدم في أي درس من دروس الرياضيات باعتبارها وسيلة بيداغوجية تخدم مختلف مراحل الدرس في الرياضيات، فتقدم كوضعية انطلاق لبناء مفهوم أو مهارة رياضية في مرحلة البناء، ومجالا للاستثمار، وتوظف المعارف والتقنيات المكتسبة في مرحلة الترييض، ووسيلة لإجراء تقويم تكويني في مرحلة التقويم، وكسند للدعم في مرحلة الدعم".([9])
يمكن القول إذن أن المسائل أو المشكلات تجعل المادة الرياضية مجالاَ خصباً ليس فقط للتلاميذ ذوي الإمكانيات الخاصة في الرياضيات ولكن لكل التلاميذ، الأمر الذي يدفعنا إلى الاهتمام بالمسائل الرياضية وتوضيح بعض الاعتبارات المتعلقة بتعلمها وتعليمها وأسباب الصعوبات التي تواجه التلاميذ في حلها.
وبالنسبة للفصل الأخير من الشق النظري للبحث فقد شمل الحديث عن الرياضيات في الدراسات السيكولوجية والصعوبات المرتبطة بتعلمها. فقد تم استعراض بعض النظريات الخاصة في تعلم الرياضيات من خلال ذكر بعض النماذج التي تفسر عملية الاستعداد للتعلم في هذه المادة، وكذا نماذج في أساليب تعلمها. فقد ذهب "بياجيه" إلى أن "التطور المعرفي للفرد هو نتيجة طبيعية لتفاعل الفرد مع بيئته، ويتعلم الفرد من خلال هذا التفاعل، بالإضافة إلى الخبرات المباشرة، كيف يتعامل مع هذه البيئة، كما ويكتسب أنماطاً جديدة من التفكير يدمجها في تنظيمه المعرفي". ([10]) ويفسر "بياجيه" النمو المعرفي على أساس عمليتين متكاملتين هما: الاستيعاب والتلاؤم. ويتم بهاتين العمليتين التوازن بين الفرد وبيئته، إذ أنه نتيجة لعمليات الاستيعاب والتلاؤم والتنظيم التي يقوم بها الطفل لإحداث التوازن بينه وبين بيئته ينشأ النمأ المعرفي. إن الاستعداد للتعلم عند "بياجيه" إذن له طابع كيفي في الدرجة الأولى، ويشير إلى خصائص تفكير المتعلم من حيث كفايتها لتعلم موضوع جديد.
وفي دراسة ل " جراهام هالفورد" للتطور تعلم الرياضيات، أشار إلى أن نظرية "بياجيه" للتطور المعرفي لم تكن في الواقع مرتبطة كثيراً بالمفاهيم، بل كانت عامة ولم تخص تعلم الرياضيات بصفة خاصة. وحاول (هالفورد) أن يطور ويعدل في خصائص كل مرحلة من مراحل النمو المعرفي وخاصة المرحلتين الأخيرتين (الملموسة والمجردة) لكي تلائم الرياضيات المدرسية بوجه خاص. ولقد حاول أن يربط بين خواص مرحلتي العمليات الملموسة والمجردة ويضعها تحت موضوع وعامل واحد وهو درجة الصعوبة والتعقيد في العمليات الرياضية التي يمكن أن يتعلمها الطفل في كل مرحلة.
أما "كوليس" فقد قام بقياس قدرة الطفل على التفكير في حل العمليات الرياضية وذلك في محاولة تفسير نمو التفكير وتعلم المفاهيم الرياضية في المرحلتين الملموسة والمجردة وإيجاد خصائص لهذا النمو في هاتين المرحلتين من عمر الطفل. وفي هذه الدراسة ركز على العلاقة بين مراحل النمو وتطور التفكير لدى الطفل وقدرته على تقبل التخلي والافتقار إلى عملية الانغلاق وقدرته على التعامل مع الأنظمة الرياضية المركبة والمتداخلة والمتفاعلة. ومستوى الانغلاق الذي يتمكن الطفل من خلاله التفاعل مع العمليات الحسابية يعتمد اعتمادا كبيرا على قدرته، على اعتبار أن نواتج تلك العمليات مقادير حقيقية وفريدة، وعملية إدراك هذه الخاصية تتدرج في مستويات وذلك حسب عمر الطفل العقلي والزمني.
وينظر "جانييه" لعملية الاستعداد للتعلم نظرة كمية، فهو "يربط عملية استعداد الفرد لتعلم شيء ما أو القيام بمهمة ما بمقدار "كمية" ما تراكم لديه من معلومات، وخبرات وقدرات سابقة يظهرها عند مجابهة موقف جديد".([11]) أي أن هذه النظرة تشير إلى أن الخبرات والتعلم السابق يحدد قدرة الفرد واستعداده لتعلم لاحق.
يؤكد " جانييه" على عملية تنظيم وترتيب المادة التعليمية المقدمة للمتعلم بطريقة يراعى فيها التسلسل والتدرج المنطقي بحيث تبنى المعلومات الجديدة على قواعد قديمة وألا تقدم أي مهمة تعليمية لم تكن لديه الحصيلة والخلفية العلمية الكافية لتعلم ما تتضمنه هذه المهمة من معلومات جديدة، وفي هذا الخصوص قدم "جانييه" فكرة تسلسل "تدرج" الخبرات والمعلومات والمهارات في نسق هرمي يمثل الطريق الذي يسلكه المتعلم لكي يصل إلى هدف نهائي الغرض منه حل مشكلة تعليمية معينة، ويشير "جانييه" إلى "أن تخطيط وتصميم هـذا النسـق الهرمـي يختلف باختلاف المهمة المطلوب القيام بها وكذلك باختلاف المتعلم نفسه حيث الذخيرة والحصيلة العملية تختلف من فرد لأخر. ([12])
فبالنسبة لجانييه إذن، فإن "الطفل يستطيع أن يتعلم موضوع ما، أو مفهوما معينا، أو يتعامل مع المجردات إذا تهيأت له الفرصة المناسبة التي يتسلسل فيها التعلم وفقا للاستعدادات المعرفية المتوافرة لديه والسير به قدما في العملية التعلمية".([13]) والواقع أن "جانييه" لم يقدم نموذجا تدريسيا خاصا، ولكنه قام بتحليل دقيق لعملية التعلم، تناول فيها جميع المتغيرات التي تؤثر فيها، والتي يمكن للمدرس الواعي أن يستنتج منها أفضل الطرق لتنظيم عناصر الموقف التعليمي التعلمي بشكل يحقق تعلما فاعلاً للاحتفاظ والاستدعاء والانتقال.([14])
وفيما يتعلق بأساليب تعلم الرياضيات يرى "سكمب" أن تكوين المفاهيم و ترابطها في منظومات هي الطريقة التي يتعلم بها الفرد ويرى أن الرياضيات هي في أساسها عبارة عن تجمع من المفاهيم الأولية والمفاهيم الثانوية, وأن الأخيرة تترابط لتكون منظومة جديدة ذات رتبة أعلى, ولا يمكن أيضا تعلم منظومة معينة إلا إذا تعلم المنظومة الأدنى في الرتبة من المنظومة المراد تعلمها, وعلى ذلك يمكن القول بأن تعلم الرياضيات يحدث في "مستويات متتابعة وفي كل مستوى يجب أن يتم تعلم المتطلبات القبلية الضرورية لتعلم المستوى الأعلى, وهو ما يتفق مع التنظيم الهرمي الذي أفترضه "جانييه" لاكتساب المعرفة, و مثل هذا التنظيم يساعد التلميذ على تعلم الرياضيات".([15])
ولقد قدم "دينيز" نموذجا لتعلم الرياضيات يعتبر ذو أهمية كبيرة في إعداد وتخطيط استراتيجيات التعلم في الرياضيات، وهذا النموذج يقوم على أربعة مبادئ أساسية للتعلم وبناء المفاهيم الرياضية وهي [16]) مبدأ الديناميكية ، مبدأ البناء، مبدأ التغير الرياضي، مبدأ التغير الادراكي. ويشير إلى أن اقتراحه لهذه المبادئ الأربعة إنما هو لكي تُعجل وتُسرع وتُطور في عملية نمو وبناء المفاهيم الرياضية، وكذلك لكي تخلق موقف تعليمي خلاق ليس فقط يعلم ويكسب المتعلم المهارات والطرق الضرورية، ولكن لكي يكون له تأثير فعال ومتكامل كجزء من حياته.
ويلاحظ أن نموذج "دينيز" لتعلم الرياضيات المنبثق من نظريته بمبادئه الأربعة يهتم بتعليم الرياضيات من خلال التفاعل المباشر مع البيئة، كما أن المتعلم يجب أن يكون له دور فعال في هذه العملية؛ لذلك يؤكد "دينيز" على استخدام الوسائل التعليمية والنماذج الحسية التي تجسد الأفكار الرياضية وتجعل التلميذ يشارك فعلا في صنع الرياضيات بدلا من تلقينها له.
ويرى "برونر" أن "الطفل يتعلم من خلال تعامله مع الأشياء مباشرة (النشاط والعمل)، أو بطريقة غير مباشرة (عن طريق الصور والرسومات) أو بطريقة مجردة (ترجمة الخبرة إلى لغة ورموز). ومن خلال هذه الخبرات والنشاطات ينمي التفكير الرياضي (الحدسي والتحليلي)".([17])
ومن ذلك نرى أن "برونر" قد ركز على الخبرة الملموسة للمتعلم وممارسته ولعبه بالمواد التعليمية، كما أبدى اهتماماً كبيراً بالقدرات المعرفية لدى الطفل ونادى بضرورة بناء المنهج الدراسي محتوى وطريقة بما يتلاءم مع خصائص النمو، مثله في ذلك مثل "بياجيه"، حيث يرى "برونر" أن كلا من النضج والبيئة ذات تأثيرات جوهرية على النمو العقلي والمعرفي للطفل، بالإضافة إلى تأكيده على بيئة التدريس. والنمو المعرفي في نظره هو "بمثابة سلسلة من التغيرات النمائية المعرفية المتداخلة التي تكون مصحوبة بنوع من الاندماج غير المحسوس. وبمعنى آخر هو عبارة عن سلسلة من النشاط العقلي المعرفي المتنامي والمنسق تسبقه فترات من التركيز".([18])
وبينما يرى "بياجيه" أن هناك أربع مراحل للنمو المعرفي، فإن "برونر" يرى أن هناك ثلاث مراحل أو أنماط أو صيغ للتعلم يسميها البعض استراتيجيات الفهم أو بالأحرى التعلم بالاكتشاف يمر بها المتعلم وهذه المراحل هي[19]) مرحلة العمل الحسي، المرحلة الأيقونية، المرحلة الرمزية.
ويرى "برونر" أن "أفضل تنظيم للمعرفة يجب أن يخضع لهذه المراحل الثلاث، ويعتقد أن عملية الاكتشاف تلعب دورا رئيسيا في التعلم كلما سار المتعلم في هذه المراحل".([20])
وهكذا نرى بأن التعلم بالاكتشاف كما وصفه "برونر" يتضمن قيادة المتعلم خلال مسار (طريق) متسلسل ومنظم ومبرمج والذي يهدف إلى حل مشكلة معينة مما يزيد من قدرة المتعلم على الفهم ونقل أثر التعلم إلى مواقف جديدة مشابهة وغير مشابهة.
أما "براون" فقد ميزت بين أربعة أساليب أو أنواع من تعلم الرياضيات "هي: التذكر البسيط، التعلم الروتيني، التعلم المفهومي، استراتيجيات حل المسائل". ([21]) وتشير إلى أن العمليات والمواقف الرياضية لا يمكن أن تصنف على أساس نوع التعلم الذي تحتاجه بدون معرفة للمعلومات والخبرات السابقة والحالية للمتعلم، حيث أن بعض المواقف يمكن أن تحل بأي من تلك الأنواع الأربعة من التعلم، وذلك حسب مستوى وقدرة وحصيلة المتعلم وخلفيته عن الموضوع.
أما "أوزوبل" فيعتبر من أهم مناصري التعلم القائم على المعنى (Meaningful Learning). وهو ذلك التعلم الذي يحدث نتيجة دخول معلومات جديدة إلى العقل (الذهن) لها علاقة بمعلومات سابقة مختزنة في البنية المعرفية للمتعلم، ولكي يحدث التعلم ذو المعنى" لابد وأن ترتبط المعلومات الموجودة بالفعل في البناء المعرفي للمتعلم، وما يقدم له من معلومات جديدة ".([22]) ويرى "أوزوبل" أن العامل الأكثر أهمية في عملية التعلم هو: "مقدار وضوح وتنظيم ما يعرفه المتعلم من قبل في البنية المعرفية "؛([23]) وذلك لأن "أوزوبل" يركز على التتابع الدقيق للخبرات التعليمية، بحيث ترتبط الخبرات التعليمية الجديدة التي يتم تعلمها ارتباطاً واضحاً بما يسبقها من خبرات، وهذا الارتباط – بين البنية المعرفية الراهنة لدى المتعلم من ناحية والمادة الجديدة التي سوف يتعلمها من ناحية أخرى- هو ما يجعل هذه المادة الجديدة ذات معنى وينأى بها عن التعلم بالحفظ.
وعليه يمكن القول أن التعلم من أجل المعنى والفهم يقود إلى بقاء المعلومات لدى التلميذ لمدة أطول كما يساعده كثيرا على عملية التعميم وحل المشكلات، فالتلميذ يستطيع أن يعمم ما فهمه لا ما حفظه.
وفيما يتعلق بصعوبات تعلم الرياضيات فقد استعرضنا الأنماط المختلفة لصعوبات تعلم الرياضيات، وخصائص التلاميذ الذين يعانون من صعوبات تعلم الرياضيات بالإضافة إلى عوامل وأسباب صعوبات تعلمها. مع العلم أننا قد تطرقنا في الفصل السابق لبعض الصعوبات الخاصة بتعلم المفاهيم والمبادئ والمفاهيم الرياضية، كما أشرنا إلى بعض الصعوبات التي قد تعترض المتعلم أثناء دراسته لمقرري الجبر والهندسة في المستوى الثامن من التعليم الأساسي.

 

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-29-2010, 07:41 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي

 

منهجية البحث :
لقد خصصنا الفصل الرابع لوصف منهج البحث وأداته وخطواته التي رمنا تناسبها مع روح الإشكالية العامة المتمثلة في السؤال المركزي والذي صغناه كما يلي:
ما الصعوبات التي يطرحها تعلم الرياضيات بالنسبة لتلاميذ المستوى الثامن من التعليم الأساسي؟ سؤال انبثقت عنه جملة من التساؤلات الفرعية نجملها فيما يلي:
u هل يجد التلميذ صعوبات في حل المسائل الرياضية المصاغة في قالب لفظي تفوق الصعوبات التي تعترضه فيما إذا قدمت له في صورة معادلات أو علاقات رياضية رمزية ؟
v هل يجد التلميذ صعوبة في حل المسائل الرياضية ذات الصياغة غير الواضحة وغير الدقيقة و التي تحتمل أكثر من معنى ؟
w هل يجد التلميذ صعوبة في حل المسائل الرياضية متعددة الخطوات التي تتطلب تقديم تحليلات أو براهين طويلة ؟
x هل يمكننا أن نعزو صعوبة حل المسألة الرياضية إلى عدم وضوح الخطة والإستراتيجية المتبعة في حلها ؟
y هل يجد التلميذ صعوبة في حل المسائل الرياضية التي تستلزم التمكن من عدة مفاهيم ومبادئ رياضية يتطلب التوصل إليها قدرة عالية على التجريد ؟
وأخيرا خلصنا إلى طرح السؤال الأخير في الإشكالية والذي يتعلق بمعرفة العلاقة بين الصعوبات التي تواجه التلاميذ في هذا المستوى في كل من الجبر والهندسة، والسؤال هو:
- هل الصعوبات التي يواجهها التلميذ في حل المسائل الجبرية هي نفس الصعوبات التي يواجهها في حل المسائل الهندسية أم أن هناك تباين واختلاف؟
وانطلاقاً من إشكالية البحث وما انبثق عنها من تساؤلات، فقد عمدنا إلى تقسيم الفرضيات في هذا البحث إلى خمس فرضيات إجرائية، حيث خصصنا لكل صنف من المسائل المقترحة فرضية إجرائية واحدة . وهذه الفرضيات هي على النحو الآتي:
الفرضية الأولى: كلما كانت المسألة الرياضية المطروحة للحل مصاغة في قالب لفظي كلما وجد التلميذ صعوبة في حلها، وكلما كانت هذه المسألة مقدمة في صورة معادلة أو علاقة رياضية رمزية، كلما تضاءلت صعوبتها وكان أداء التلميذ عاليا في حلها.
الفرضية الثانية: كلما كانت الصياغة اللفظية للمسألة المطروحة للحل غير واضحة وتحتمل أكثر من معنى، كلما وجد التلميذ صعوبة في حلها، وكلما كانت الصياغة واضحة المعنى كلما تكمن التلميذ من حلها.
الفرضية الثالثة: كلما كانت المسألة المطروحة للحل تتطلب من التلميذ القيام بإجراء تحليلات أو براهين طويلة، كلما وجد صعوبة في متابعة الحل والوصول إلى النتيجة النهائية، وكلما كانت المسألة قصيرة وغير متعددة الخطوات كلما وجد التلميذ سهولة في حلها.
الفرضية الرابعة: كلما كانت الخطة أو الاستراتيجية المطلوب توظيفها في حل المسألة المطروحة سهلة وواضحة، كلما كان أداء التلميذ عاليا في حل هذه المسألة، وكلما كانت الاستراتيجية المطلوب توظيفها في حل المسألة مركبة وغير واضحة كلما فشل التلميذ في حل هذه المسألة والوصول إلى المطلوب فيها.
الفرضية الخامسة: كلما كان حل المسألة المطروحة يتطلب التمكن من عدة مفاهيم ومبادئ رياضية يتطلب الوصول إليها قدرة عالية على التجريد، كلما وجد التلميذ صعوبة في حلها وكلما كان حل المسألة يتطلب تطبيق مفاهيم ومبادئ محدودة وبسيطة كلما وجد التلميذ سهولة في حلها وكان أداؤه عاليا فيها.
ولخدمة هذه الفرضيات وضعت مجموعة من الإجراءات أهمها اعتماد الأسلوب العشوائي في اختيار العينة لدقته ولإتاحته فرصا متكافئة لتمثيل المجتمع الأصلي، وبذلك ضمت عناصر الدراسة (210) تلميذا وتلميذة تمتد أعمارهم (من 13 إلى 16 سنة) يتابعون دراستهم بالمستوى الثامن من التعليم الساسي، وكلهم يقيمون في مدينة صنعاء وينحدرون من أوساط سوسيوثقافية واقتصادية مختلفة ومتفاوتة نسبيا.
كما استقر اختيارنا لجمع البيانات على الاختبار كأداة قياسية بهدف قياس قدرة تلاميذ المستوى الثامن من التعليم الأساسي على حل المسائل الرياضية الجبرية والهندسية. وفي هذا السياق قمنا ببناء اختبارين أحدهما في الجبر والآخر في الهندسة، ويتكون كل منهما من 25 سؤالا موزعة على خمسة أنواع من المسائل.
وكخطوة إجرائية أولى عمدنا إلى تطبيق الاختبارين على عينة استطلاعية عشوائية شملت (40) تلميذا وتلميذة . وبذلك مكنتنا هذه الخطوة من تجميع بنود الاختبارين، ثم اخضاعها للتعديل والإضافة والحذف وإعادة الصياغة الأسلوبية ثم التصنيف والترتيب، وبالتالي التمهيد للانتقال إلى مرحلة التنفيذ الميداني.
وبغرض المعالجة الإحصائية للبيانات المجمعة وظفنا اختبارين : الأول هو اختبار "ت" لحساب دلالة الفروق بين متوسطات درجات الاختبار ، والذي يقوم على أسلوبين إحصائيين يتمثلان في استخراج المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارة. أما الثاني فهو اختبار "ولكوكسن" أو ما يسمى باختبار إشارة الرتب "د".

 

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-29-2010, 07:42 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي

 

نتائج البحث:
بالنسبة لنتائج البحث فقد خصصنا لها ثلاثة فصول (الفصل الخامس، الفصل السادس، الفصل السابع) ولا يسعنا سوى الإشارة إلى أن معرفة الكيفية التي تم بها التوصل إلى هذه النتائج تفترض الرجوع إلى البحث في شموليته. كما أنه من اللازم القول إن النتائج أبرزت بشكل عام صدق فرضيات البحث ويمكن إجمال ما توصلنا إليه فيما يلي:
?أشارت النتائج التي حصلنا عليها من خلال تطبيقنا لاختباري المسائل ذات الصياغات الرمزية واللفظية في كل من الجبر والهندسة إلى أن معظم أفراد العينة لم يتمكنوا من حل المسائل الجبرية والهندسية المصاغة في قالب لفظي، في حين نجد أن الغالبية العظمى منهم تمكنوا من حل المسائل ذات الصياغات الرمزية في كلا الاختبارين (الجبر والهندسة). فقد تم حساب المتوسط الحسابي للدرجات في اختباري المسائل الرمزية في كل من الجبر والهندسة، فكانت هذه المتوسطات هي (13.71) في اختبار الجبر، (11.77) في اختبار الهندسة وذلك من مجموع الدرجات البالغ 20 درجة. بينما المتوسط الحسابي للدرجات في اختباري المسائل المصاغة في قالب لفظي (8.24) في اختبار الجبر، (6.16) في اختبار الهندسة، مما يدل على ارتفاع مستوى أداء التلاميذ في اختبار المسائل الرمزية والتدني الكبير في مستوى أدائهم في اختبار المسائل اللفظية في كل من الجبر والهندسة.
وقد تم التأكد من صحة هذه الفروق من خلال إيجاد قيمة "ت" المحسوبة في الاختبارين فكانت هذه القيمة مساوية ل (16.22) في الجبر، (14.75) في الهندسة. مما يدل على أن الفروق في درجات المبحوثين في اختباري المسائل الرمزية واللفظية في كلا من الجبر والهندسة هي فروق ذات دلالة إحصائية يعتد بها من الناحية العملية. وهذا الفرق الواضح بين المتوسطات وما أظهرته قيمة "ت" المحسوبة من دلالة إحصائية في هذين الاختبارين يظهر ولا شك تفوق أفراد العينة في حل المسائل الرمزية، وتدني مستوى أدائهم في حل المسائل اللفظية، وهذه النتيجة تعني أن الفرضية الأولى قد تحققت في كل من الجبر والهندسة.
ويفسر الباحث هذه النتيجة بأن المسائل الرمزية لا يجد التلميذ صعوبة في قراءتها وتمثلها ومعرفة المطلوب فيها وبالتالي يكون بإمكانه القيام بعملية التخطيط واختيار الاستراتيجية الملائمة للحل ومن ثم القيام بعملية التنفيذ ولا يواجه صعوبات كبيرة في ذلك فتكون الأخطاء المرتكبة قليلة. أما في المسألة اللفظية فإن الصعوبات التي يواجهها التلميذ أثناء قيامه بعملية الحل ترجع بالأساس إلى القراءة الخاطئة للمسألة مما ينتج عنه ترجمة خاطئة لمضمونها وبالتالي تمثلا خاطئا للحل ووضع المسألة في صورة رمزية خاطئة وهذا يؤدي إلى التخطيط الخاطئ وبناء استراتيجية غير ملائمة للحل، وعندئذ يواجه التلميذ صعوبة في عملية التنفيذ فيقع نتيجة لذلك في أخطاء حسابية وإجرائية كثيرة.
واستناداً إلى ما سبق نرى أن بعض التلاميذ، بل الغالبية العظمى منهم يواجهون صعوبات في حل المسائل الرياضية ( الجبرية والهندسية) التي تقدم في قالب لفظي، بينما يمكنهم حل بعض هذه المسائل بسهولة عندما تقدم لهم في صورة علاقات رياضية رمزية أو عمليات حسابية مجردة.
ومن خلال مقارنتنا للنتائج التي توصلنا إليها في اختباري الجبر والهندسة، أشارت هذه النتائج إلى أن الصعوبات التي واجهها التلاميذ في اختباري المسائل الرمزية واللفظية في الجبر أقل من الصعوبات التي واجهتهم في اختباري المسائل الهندسية.
? أظهرت النتائج التي حصلنا عليها في إختبارات المسائل ذات الصياغات الواضحة والمسائل ذات الصياغات غير الواضحة في اختباري الجبر والهندسةأن مستوى أداء التلاميذ في المسائل ذات الصياغات الواضحة يفوق مستوى أدائهم في المسائل ذات الصياغات غير الواضحة في كلا من الجبر والهندسة؛ حيث نجد أن الغالبية العظمى من أفراد العينة تمكنوا من حل المسائل الجبرية والهندسية ذات الصياغات الواضحة، في حين لم يتمكن إلا القليل منهم من حل المسائل ذات الصياغات غير الواضحة.
ومن خلال مقارنتنا للمتوسطات الحسابية لدرجات المبحوثين في هذا النوع من المسائل لاحظنا أن المتوسط الحسابي لدرجاتهم في اختبار المسائل ذات الصياغة غير الواضحة (6.23) في الجبر، (6.24) في الهندسة، ومن الواضح أن هاتان القيمتان متقاربتان جدا وهما بمجموعهما تشيران إلى أن هناك تدنيا كبيرا في مستوى أداء التلاميذ في هذا النوع من المسائل. بينما في اختبار المسائل ذات الصياغات الواضحة فقد كانت المتوسطات الحسابية لدرجات المبحوثين (10.36) في الجبر، (12.44) في الهندسة، مما يدل على ارتفاع مستوى أداء التلاميذ في هذا النوع الأخير من المسائل.
وللتأكد من أن هذه الفروق في المتوسطات هي فروق حقيقية وليست ناتجة للصدفة، فقد قمنا بحساب قيمة "د" وذلك بتطبيق اختبار إشارت الرتب أو ما يسمى باختبار "ولكوكسن". وقد كانت قيمة "د" المحسوبة في إختباري المسائل ذات الصياغات الواضحة والمسائل ذات الصياغات غير الواضحة هي (-12.18) في الجبر، (-8.59) في الهندسة، مما يعني أن الفروق في درجات التلاميذ في هذين الإختبارين هي فروق ذات دلالة إحصائية. لذلك فإننا نرفض الفرضية الصفرية التي تنفي وجود الفروق وبالمقابل نقبل بالفرضية البديلة التي تؤيد هذه الفروق. وهذه النتيجة تعني أن الفرضية الثانية في هذه الدراسة قد تحققت في كلا الاختبارين (اختبار الجبر، واختبار الهندسة).
إن ما سبق يؤكد على أن معظم التلاميذ يواجهون صعوبات كبيرة في حل المسائل الرياضية ذات الصياغات غير الواضحة (جبرية كانت أو هندسية)، ولذلك نجدهم يرتكبون أخطاء كثيرة عند حلهم لهذا النوع من المسائل نتيجة لعدم وعيهم وإدراكهم لمعاني الألفاظ والمصطلحات الواردة فيها، وبالعكس فيما إذا كانت هذه المسائل مقدمة بصياغات واضحة فنجد أن التلاميذ لا يواجهون صعوبات كبيرة في حلها ويتضح ذلك من خلال الأخطاء القليلة التي يرتكبونها أثناء الحل، فالصياغات الواضحة للمسائل المطروحة ترتبط بأكبر قدر من الإجابات الصحيحة. بمعنى أنه كلما كان تمثل التلميذ للمسألة جيدا كلما أدى ذلك إلى سهولة التخطيط واختيار الإستراتيجية الملائمة للحل، وبالتالي سهولة التنفيذ وقلة الأخطاء الإجرائية والحسابية.
ويفسر الباحث النتيجة السابقة إلى عدم فهم التلميذ للغة التي كتبت بها المسألة المعروضة وعدم قدرته على تحديد المعطيات والمطلوب فيها. فاللغة المستعملة في معطيات المسألة تلعب دوراً كبيراً، وإذا لم يفهم المتعلم مصطلحاً أو عدداً من مصطلحات النص فلا يمكنه حل المسألة. وبالإضافة إلى ذلك فإن لغتنا تتضمن مصطلحات قد تحتمل أكثر من معنى، ويتغير معناها حسب السياق الذي استعملت فيه.
وفيما يتعلق بمقارنة نتائج المبحوثين في كل من الجبر والهندسة فقد دلت النتائج على أن مستوى أداء المبحوثين في اختبار المسائل الهندسية كان أفضل من مستوى أدائهم في اختبار المسائل الجبرية .
? أبانت النتائج التي توصلنا إليها في إختبارات المسائل ذات الإجراءات المحدودة والمتعددة الخطوات في كلاً من الجبر والهندسة إلى ارتفاع مستوى أداء المبحوثين في إختبار المسائل ذات الإجراءات المحدودة في كلا من الجبر والهندسة، وتدني مستوى أدائهم في اختبار المسائل المتعددة الخطوات. فقد تم إيجاد قيم المتوسطات الحسابية لدرجات المبحوثين في إختباري المسائل المتعددة الخطوات فكانت (7.70) في اختبار الجبر، (7.19) في اختبار الهندسة، مما يدل إلى أن هناك تدنياً في مستوى أداء المبحوثين في هذا النوع من المسائل وهذا بدوره يؤكد النتيجة السابقة. أما في اختبار المسائل ذات الإجراءات المحدودة فقد كانت قيم المتوسطات (12.41) في اختبار الجبر، (13.57) في اختبار الهندسة، مما يشير إلى ارتفاع مستوى أداء التلاميذ في هذا النوع من المسائل.
وللتأكد من أن الفروق في الدرجات التي تميز بين مستوى أداء التلاميذ في المسائل ذات الإجراءات المحدودة ومستوى أدائهم في المسائل المتعددة الخطوات هي فروق حقيقية، قام الباحث بإيجاد قيمة "ت" المحسوبة في كلا الاختبارين وقد كانت قيمة "ت" المحسوبة هي (13.27) في اختبار الجبر، (16.11) في اختبار الهندسة، مما يعني أن كلاً من هاتين القيمتين ، ذات دلالة إحصائية.
ومن هذه النتائج نستنتج أن هناك فروقاً ذات دلالة إحصائية بين درجات المبحوثين في إختباري المسائل ذات الإجراءات المحدودة والمتعددة الخطوات في كلا من الجبر والهندسة. أي أن قيمة "ت" المحسوبة تعبر عن فروق حقيقية وصلت إلى حدود 99% ثقة و 1% شك في كلتا الحالتين.
وبناءً عليه فإننا نرفض الفرضية الصفرية التي تنفي وجود الفروق، وبالمقابل نقبل بالفرضية البديلة التي تؤيد هذه الفروق، وبالتالي فإن هذه النتيجة تعني أن الفرضية الثالثة في هذه الدراسة قد تحققت في كلا الاختبارين (اختبار الجبر واختبار الهندسة).
ومن خلال المعطيات الإحصائية السابقة يمكننا القول إن الفرق الجوهري الواضح بين المتوسطات وما أظهرته قيمة "ت" المحسوبة من دلالة إحصائية في إختباري المسائل ذات الإجراءات المحدودة والمسائل المتعددة الخطوات في الجبر والهندسة يُظهر ولا شك تفوق مستوى آداء المبحوثين في إختبار المسائل ذات الإجراءات المحدودة على مستوى آدائهم في إختبار المسائل المتعددة الخطوات. وهذا بدوره يعني أن معظم أفراد العينة قد واجهوا صعوبات كبيرة في حل المسائل الجبرية والهندسية المتعددة الخطوات.
ويفسر الباحث هذه النتيجة إلى أن صعوبة المسائل المتعددة الخطوات ترتبط ارتباطاً طردياً مع عدد الخطوات أو الإجراءات المتبعة في الحل، بمعنى أنه كلما زاد عدد الخطوات والإجراءات المتبعة في الحل، كلما زادت صعوبة المسألة. وبالتالي نجد التلاميذ يقعون في أخطاء عشوائية وحسابية كثيرة أثناء قيامهم بحل هذا النوع من المسائل، مما يؤدي إلى الفشل في إكمال الخطوات اللازمة للحل. والذي قد يعود أيضاً لإفتقار التلاميذ للتفكير المنطقي التتابعي، فهذا النوع من المسائل المتعددة الخطوات يتطلب إمتلاك المتعلم للمعارف والمعلومات السابقة، كما يتطلب السير في خطوات متسلسلة ومنظمة في الحل، أي لابد من الوصول إلى الحل من خلال خطوات وإجراءات مقننة.
ويمكن الإشارة هنا إلى أن مستوى أداء المبحوثين في اختبار الهندسة في هذا النوع من المسائل كان أفضل إلى حد ما من مستوى أدائهم في اختبار الجبر.
? دلت النتائج على أن هناك ارتفاع ملحوظ في مستوى أداء المبحوثين في إختبار المسائل (الجبرية، الهندسية) التي يتطلب حلها توظيف استراتيجيات سهلة وواضحة، فقد تم إيجاد المتوسطات الحسابية لدرجات المبحوثين في هذا الاختبار فكان متوسط درجاتهم في اختبار الجبر هو (13.11)، وفي اختبار الهندسة (12.91). كما أشارت النتائج إلى أن هناك انخفاض واضح في مستوى أداء المبحوثين في إختبار المسائل التي يتطلب حلها توظيف استراتيجيات مركبة غير واضحة في كلا من الجبر والهندسة، حيث كان متوسط أدائهم في اختبار الجبر (7.93) وفي اختبار الهندسة (6.00).
وقد تم التأكد من صحة هذه الفروق من خلال تطبيق اختبار "ولكوكسن" أو ما يسمى باختبار إشارت الرتب "د" حيث وجدنا أن قيمة "د" في اختبار الجبر (-12.12) وفي اختبار الهندسة (12.40)، مما يدل على أن لهاتان القيمتان دلالة إحصائية عند مستوى الدلالة 0.01، أي أن هناك فروق ذات دلالة إحصائية بين درجات المبحوثين في هذين النوعين من المسائل في كل من الجبر والهندسة، بمعنى أن قيمة "د" المحسوبة تعبر عن فروق حقيقية تصل إلى حدود 99% ثقة و1% شك، وهذا يعني أن الاستراتيجية المطلوب توظيفها في حل المسألة لها علاقة طردية بصعوبة هذه المسألة. وعليه فإنه بهذه النتيجة نكون قد تحققنا من صحة الفضية الرابعة في هذه الدراسة في كل من الجبر والهندسة.
إن النتائج التي تحصلنا عليها سابقاً تشير بوضوح إلى أن التلاميذ يواجهون صعوبات كثيرة ومتعددة في المسائل الرياضية (الجبرية والهندسية) التي يتطلب حلها توظيف استراتيجيات مركبة وغير واضحة.
وفي الحقيقة إن مرحلة إنشاء خطة أو استراتيجية لبدء حل المسألة المطروحة قد تكون أصعب مرحلة يواجهها التلميذ في حل المسألة الرياضية. ولا شك إن إختيار استراتيجية الحل يتوقف على نوعية المسألة وعلى خبرة المتعلم الذي يقوم بحلها. وحيث أن استراتيجيات الحل تتعلق بالعمليات أو الخطوات التي يقوم بها الفرد مستخدماً معارفه الذهنية للوصول إلى الحل المطلوب للمسألة، فإن الجواب الأخير بحد ذاته ليس مهماً، فقد يكون مجرد رقم؛ إنما المهم الخطط والإستراتيجيات وأساليب التفكير التي استعملها المتعلم أثناء عملية الحل. فهذه الإستراتيجيات والأساليب هي التي ستفيد المتعلم في حل مسائل أو مشكلات أخرى سواءُ في الرياضيات أو غيرها من المشكلات العامة. ولذلك فقد كان "برونر" يقول: "ليس المهم حل المشكلة بل الأهم هو طريقة الحل".([24])
وبشكل عام يمكننا استنتاج من خلال النتائج التي توصلنا إليها في اختبار هذا النوع من المسائل إلى أن مستوى أداء المبحوثين في اختبار الجبر كان أفضل من مستوى أدائهم في اختبار الهندسة
? من خلال قراءتنا للنتائج التي أسفرت عنها إختبارات المسائل المتضمنة لمفاهيم محدودة، والمسائل المتضمنة لمفاهيم ذات قدرة عالية على التجريد في كلا من الجبر والهندسة لاحظنا أن الغالبية العظمى من المبحوثين لم يتمكنوا من حل المسائل المتضمنة لمفاهيم ذات قدرة عالية على التجريد في كل من الجبر والهندسة، حيث أشارت قيم المتوسطات الحسابية للدرجات في هذا النوع من المسائل إلى التدني الكبير في مستوى أداء المبحوثين، فقد كان المتوسط الحسابي لدرجاتهم في إختبار الجبر (6.51) وفي إختبار الهندسة (5.89)، في حين نلاحظ أن قيمة المتوسط الحسابي للدرجات في إختباري المسائل المتضمنة لمفاهيم محدودة كانت عالية في كلا الاختبارين، ففي الجبر كان المتوسط الحسابي للدرجات هو (12.74)، وفي الهندسة (11.09)، وهذا يدل دلالة واضحة على أن المبحوثين قد واجهوا صعوبات كبيرة في إختبار المسائل المتضمنة لمفاهيم ذات قدرة عالية على التجريد في كلا من الجبر والهندسة، بينما العكس في اختبار المسائل المتضمنة لمفاهيم محدودة.
ويتضح من خلال المقارنة الإحصائية بين هذين النوعين من المسائل أن قيمة "د" المحسوبة هي (-12.32) في اختبار الجبر،(-12.13) في اختبار الهندسة، وعند مقارنة كلاً من هاتين القيمتين بالقيمتين النظريتين المطلوبتين لرفض الفرضية الصفرية عند مستويي الدلالة (0.05)، (0.01) ومقداريهما (-1.96)، (-2.59) على الترتيب، نجد أن قيمة "د" المحسوبة في كلتا الحالتين أصغر من هاتين القيمتين. وهذا يعني أن الفروق في درجات المبحوثين في إختباري المسائل المتضمنة لمفاهيم محددة والمسائل المتضمنة لمفاهيم ذات قدرة عالية على التجريد في كل من الجبر والهندسة هي فروق ذات دلالة إحصائية.
واستناداً إلى ما سبق فإننا نرفض الفرضية الصفرية التي تنفي وجود الفروق، وبالمقابل فإننا نقبل بالفرضية البديلة التي تؤيد هذه الفروق. وهذا الفرق الجوهري الواضح بين المتوسطات وما أظهرته قيمة "د" المحسوبة من دلالة إحصائية في إختباري المسائل المتضمنة لمفاهيم محدودة والمسائل المتضمنة لمفاهيم ذات قدرة عالية على التجريد في كل من الجبر والهندسة، يظهر ولا شك تفوق في مستوى آداء المبحوثين في حل المسائل المتضمنة لمفاهيم محدودة على مستوى آدائهم في حل المسائل المتضمنة لمفاهيم ذات قدرة عالية على التجريد، وهذه النتيجة تعني أن الفرضية الخامسة في الإشكالية قد تحققت في كلا من الجبر والهندسة.
ومن خلال مقارنتنا للنتائج التي توصلنا إليها في اختباري الجبر والهندسة لاحظنا أن مستوى إنجاز المبحوثين في اختبار الجبر في هذا النوع من المسائل فاق مستوى إنجازهم في اختبار الهندسة.
وبناءً عليه فإننا نؤكد هنا بالإستناد إلى النتائج السابقة أن الغالبية العظمى من التلاميذ يواجهون صعوبات كبيرة في حل المسائل المتضمنة لمفاهيم ذات قدرة عالية على التجريد في كل من الجبر والهندسة، في حين أنهم لا يواجهون صعوبات في حل هذه المسائل فيما إذا كانت متضمنة لمفاهيم محدودة. وفي الحقيقة يمكن إرجاع مثل هذه الصعوبات التي يواجهها التلاميذ في هذا المستوى إلى أن بعض التلاميذ قد لا يكون مستوى نموهم العقلي (الذهني) متناسباً مع نموهم العمري، بمعنى أن بعض التلاميذ قد يصل إلى المرحلة الإعدادية ولكن مازال في مرحلة العمليات الملموسة. ومن أجل ذلك ينبغي أن يستخدم مدرسي الرياضيات في هذه المرحلة استراتيجيات تدريس مناسبة لقدرات التلاميذ العقلية تساعدهم على التقدم إلى مراحل النمو الأعلى. فلا شك في أن تعلم الطفل للمفاهيم الرياضية يزداد عندما تقدم من خلال مواقف متعددة. وبصفة عامة فإنه يفضل أن يكون تعلم المفاهيم في متتابعة تبدأ من المحسوسات إلى شبه المحسوسات وتنتهي بالمجردات.
وكخلاصة عامة يمكننا القول إن تعلم الرياضيات ليست مسألة اكتساب مجموعة من الحقائق المنفصلة وحفظها، بل هو عملية تشجيع الاستبصار وتعزيزه في بنية هذا الحقل لاكتساب نظرة شاملة حول العلاقات المتبادلة التي ينطوي عليها، ولذلك يجب على المتعلم أن يقوم باكتشاف العلاقات المتبادلة بين الظواهر بنفسه وليس نقلها له، فالغاية من التعلم لا تكمن في اكتساب الحقائق ذاتها، بل في القدرة على استخدامها، ولهذا يجب على التعليم أن ينقل المتعلم من الاكتساب إلى التفكير، والاكتشاف هو السبيل الأمثل لتحقيق هذا الانتقال، لأنه يزيد من إمكانية التفكير ويعزز الاحتفاظ به، ويستثير الدافعية ويزود المتعلم بالقدرة على البحث والاستقصاء. لذلك ليس المهم التركيز فقط على ما تعلمه التلميذ ولكن المهم كيف يتم التعلم، ويمكن للمدرس أن يوجه التعلم بتحديد نوعية الخبرات التي يمر بها التلاميذ. وإذا كان التعلم يتضمن عمليتين متلازمتين هما الاستيعاب والانتاج فإنه ينبغي على المعلمين أن يركزوا على عملية الاستيعاب لأن المهم في تعلم الرياضيات هو الفهم الفعلي في كل بنية رياضية والعلاقات بين البنيات المختلفة، ثم القدرة على التعامل بهذه العلاقة أي القدرة على تجريدها وتطبيقها في المواقف الحقيقية، إلا أن مانلاحظه في مدارسنا اليوم هو أن العديد من المدرسين يهتمون بعملية الإنتاج ولا يعيرون لعملية الاستيعاب ذات القدر من الأهمية. من جهة ثانية فإننا نوجه الدعوة للقائمين على العملية التعليمية بإعادة النظر في بناء مناهج الرياضيات في مختلف المستويات الدراسية، بحيث تتناسب مع قدرات التلاميذ وتفكيرهم في كل مستوى.




[1] - خيرية رمضان وآخرون (1996) : الصعوبات التي تواجه تلاميذ المرحلة الإبتدائية عند حل المسائل اللفظية بدولة الكويت، مجلة مستقبل التربية العربية، المجلد الثاني، العددان السادس والسابع، أبريل / يوليو 1996، ص : 173.
[2] - أحمد أحمد عواد (1997): علم النفس التربوي وصعوبات التعلم، ط1، المكتب العلمي للكمبيوتر والنشر والتوزيع، الإسكندرية، ص:104.
[3] - فنحي الزيات (4.1998) : صعوبات التعلم (الأسس النظرية والتشخيصية والعلاجية) ،ط 1 ، دار النشر للجامعات، القاهرة، ص ص : 42-51.
[4] - نفس المرجع ، ص ص : 52-53 ,95 ,183.
[5] - محمد أمين المفتي (1982) : المتطلبات الأساسية لتعليم الرياضيات، مجلة الرياضيات، العدد 1 ، مارس 1982، ص ص: 18- 25.
[6] - مجدي عزيز إبراهيم (1988): تصور مقترح لأصول البحث العلمي في مناهج الرياضيات في المرحلة الثانوية، ط 1، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ص :32.
[7] - عبد الله بن المغيرة (1989) : طرق تدريس الرياضيات، ط1، عمادة شؤون المكتبان، جامعة الملك سعود، الرياض ، ص : 54.
[8] - وليم عبيد وآخرون (2000) : تربويات الرياضيات، مكتبة الأنجلو المصرية ، القاهرة، ص : 36.
[9] - وزارة التربية الوطنية المغربية (1995) : أهداف وتوجيهات تربوية للسلك الأول من التعليم الأساسي، ط 1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ص : 40.
[10] - فريد أبو زينة (1997): الرياضيات – مناهجها وأصول تدريسها – ط 4، دار الفرقان للنشر والتوزيع، عمان – الأردن، ص ص: 60-61
[11] - أحمد العريفي الشارف(1997) : المدخل لتدريس الرياضيات، الجامعة المفتوحة، طرابلس- ليبيا، ص: 255.
[12] - نفس المرجع ، ص: 256.
[13] - محي الدين شوق، عبد الرحمن عدس (1984) : أساسيات علم النفس التربوي، جون وايلي وأولاده، لندن، ص: 113.
[14] - إسحق فرحان وآخرون (1984) : تعليم المنهاج التربوي – أنماط تعليمية معاصرة ، ط 1، دار الفرقان للنشر والتوزيع، عمان –الأردن، ص: 209.
[15] - محمد أمين المفتي (1980) : استخدام تحليل المهمة كمدخل لتعليم الرياضيات ( دراسة منشورة في أعمال و توصيات مؤثر تعليم الرياضيات لمرحلة ما قبل الجامعة) ، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا ، القاهرة، ديسمبر 1980، ص ص: 234-235.

[16] - Dienes, Z (1971) : Building up Mathematics, 4 th Ed, Landon, Hutchinson Educational Ltd.

[17] - محمد عبد الكريم أبوسل (1999) : مناهج الرياضيات وأساليب تدريسها ، ط 1 ، دار الفرقان للنشر ، إربد- الأردن، ص :75.
[18] - فتحي الزيات (1996) : سيكلوجية التعلم بين المنظور الارتباطي والمنظور المعرفي، ط 1 ، دار النشر للجامعات، القاهرة، ص: 318.
[19] - إسحاق أحمد فرحان آخرون (1984) : مرجع سابق ، ص : 33-35.
[20] - نظلة حسن خضر (1984) : دراسات تربوية رائدة في الرياضيات، عالم الكتب، القاهرة، ص: 12.
[21] - براون .م (1978) : النمو المعرفي وتعلم الرياضيات ، عن : أحمد العريفي (1997) : مرجع سابق، ص ص: 328-331.
[22] - أنور الشرقاوي (1991): التعلم- نظريات وتطبيقات- ط 4، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة ، ص ص:253-254.
[23] - إسماعيل الأمين (2001) : طرق تدريس الرياضيات ( نظريات وتطبيقات ) ، ط1 ، دار الفكر العربي ، القاهرة،ص: 23.
[24] - حسن علي سلامة (1995) : طرق تدريس الرياضيات بين النظرية والتطبيق، دار الفكر العربي القاهرة، ص: 290.

 

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 المكتبة العلمية | المنتدى | دليل المواقع المقالات | ندوات ومؤتمرات | المجلات | دليل الخدمات | الصلب المشقوق وعيوب العمود الفقري | التوحد وطيف التوحد  | متلازمة داون | العوق الفكري | الشلل الدماغي | الصرع والتشنج | السمع والتخاطب | الاستشارات | صحة الوليد | صحة الطفل | أمراض الأطفال | سلوكيات الطفل | مشاكل النوم | الـربـو | الحساسية | أمراض الدم | التدخل المبكر | الشفة الارنبية وشق الحنك | السكري لدى الأطفال | فرط الحركة وقلة النشاط | التبول الليلي اللاإرادي | صعوبات التعلم | العوق الحركي | العوق البصري | الدمج التربوي | المتلازمات | الإرشاد الأسري | امراض الروماتيزم | الصلب المشقوق | القدم السكرية



الساعة الآن 11:54 PM.