صعوبات الحساب (الديسكولكوليا Dyscalculia)
فهد حماد التميمي
قبل تناولنا لمفهوم صعوبات الحساب نجد أنه من اللازم الإشارة إلى مفهوم آخر يتشابه مع مفهوم صعوبات الحساب (Dyscalculia) ألا وهو مفهوم اللاحسابية أو قصور أو العجز التام أو الصعوبة التامة في الحساب Acalculia, وهو مفهوم يستخدم على منحيين, فهو إما يستخدم لوصف من لا يستطيعون إجراء أية عملية حسابية أولية, وهذا المنحى الأول في الاستخدام. أما المنحى الثاني فهو استخدام هذا المفهوم ليعبر عن الأفراد الذين يعانون صعوبة أو عجزًا شديدًا في أداء العمليات الحسابية.
ويتفق أصحاب الاتجاهين في الاستخدام على أنه في كلتا الحالتين يسـتخدم أي من هذين المفهومين لوصف أفراد يحملون الخصائص العامة لمجتمع صعوبات التعلم, كما يتفقون على أن السبب المطروح بقوة لهذه الحالة وجود تلف في خلايا المخ, ومعنى ذلك أن الفرق بين الأفراد الذين يندرجون تحت مفهوم صعوبات الحساب والأفراد الذين يندرجون تحت مفهوم اللاحسابية أو العجز الشديد في الحساب أو الصعوبة الشديدة في الحساب إنما هو فرق في الدرجة وشدة الإصابة المخية وموضعها.
وتشير التقديرات الدولية إلى أن نسبة انتشار صعوبات الحساب بين أطفال المدارس الابتدائية تحوم حول 7% تقريبًا.
كما تعد صعوبات الحساب النمائية من الصعوبات الخاصة أو النوعية في التعلم التي تؤثر في الاكتساب الطبيعي لمهارات الحساب. وتشير الأدلة المستقاة من المجال الجيني والعصبي إلى أن هذه الصعوبة شأنها شأن صعوبات التعلم الأخرى تعد نتيجة لاضطراب خاص بالمخ, ولكنها لا ترجع إلى القصور في التدريس أو الحرمان البيئي.
وتعد صعوبات الحساب أو «الديسكلكوليا» إحدى الصعوبات النوعية التي يتضمنها مفهوم صعوبات التعلم, لذا فإنه من البديهي أن تكون هذه الصعوبة النوعية والمتضمنة في تعريف الهيئة الاستشارية والوطنية (NACHC) للأطفال المعاقين التابع لمكتب التربية الأمريكي والصادر بالقانون 94-142 لسنة (1977) على المستوى الفيدرالي, وكذلك تعريف الرابطة الوطنية لصعوبات التعلم (NJCLD) الصادرة سنة (1981) فيما يخص خصائص ذوي صعوبات التعلم حاملة لخصائص الأصل, إذ الفرع تصور الأصل، على ذلك فإن الذين يعانون صعوبات في الحساب يتسمون بذكاء متوسط على الأقل، كما أنهم لا يعانون المشكلات البيئية، والاقتصادية، والاجتماعية، أو العيوب الحسية أو البدنية أو حتى لظروف الاضطرابات الانفعالية الشديدة، أو حتى لظروف التدريس أو التدخلات التعليمية التي لا تتسم بالكفاءة أو الفرع حامل خصائص الأصل.
ويتسم هؤلاء الأفراد بأنهم يعانون قصورًا في فهم مفهوم العدد والنظام العددي، وتعلم المفاهيم التجريدية كمفاهيم الزمن، والتسلسل والتعاقب الزمني، والفصل المفاهيمي بين الآن والماضي والمستقبل، كما أنهم يعانون نقص الثقة بالنفس حتى عندما يوردون إجابة صحيحة، كما يفشلون أيضًا في تطبيق القواعد والحقائق والقوانين الرياضية، فهم مثلًا قد يعرفون أن 3+5=8، ولكن قد لا يعرفون مثلاً أن 5+3=8، وقد لا يعرفون أن هاتين العمليتين هما عملية واحدة؛ أي أنهم يعانون صعوبات حتى في الاستنتاجات البسيطة، وكذلك الاتجاهات، وهي صعوبة يعانيها العديد من الأفراد، ولكن لا يعرف الكثير عن هذه الصعوبة مقارنة بما هو معروف عن صعوبات القراءة. ولا تختلف أسباب صعوبات الحساب بكل درجاتها وأنواعها الفرعية عن الأسباب العامة لصعوبات التعلم أو حتى أسباب صعوبات القراءة.