السؤال الثالث: فإذا كانت وسائل الإعلام لا تستثمر وسائلها إجتماعياً، ماذا عن استثمار الدولة لوسائلها ووزاراتها في توظيف الاعلام الاجتماعي في المجتمع، وكيف تتعامل مع ميثاق الامم المتحدة وحقوق الإنسان المعوق، وعن الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؟
إن ظهور التشريعات والقوانين الدولية والإقليمية والمحلية والتي أكدت على أهمية النظر إلي الإنسان المعوق ضمن معيار الإنسان العادي من حيث الحقوق والواجبات، ومن حيث ضرورة إتاحة كافة الفرص له للاستفادة من البرامج والخدمات التربوية والتعليمية شأنه شأن أي إنسان عادي. وكانت بداية القوانين الدولية مع ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان المعوق في العام 1945، وما زالت القوانين والتشريعات تتوالى منذ ذاك الحين، وكلها من التوعية وتحويل النظرة إلى الإنسان المعوق من منظار القدرة وعدم النظر إليه من منظار العجز، واكتشاف قدراته الخاصة وإظهارها واتاحة الفرصة لهم في المجتمع وتطوير وتثبيت هذه القدرات.
وفي العام 2007 وافقت الأمم المتحدة على اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ووقعت على الإتفاقية 13 دولة عربية، والغرض منها هو تعزيز وحماية وكفالة تتمتع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعاً كاملاً على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان. ولكن لبنان لم ينضم حتى الآن إلى هذه الاتفاقية، وبالتالي لم يلتزم بنودها وموادها التي تميزت (من المادة 5-31) محاور الاتفاقية، نذكر منها ما يخص قطاع تكنولوجيات الاتصالات والمعلومات منها:
- لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من العيش في استقلالية، والمشاركة بشكل كامل في جميع جوانب الحياة، تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة التي تكفل إمكانية وصول المعوقين، على قدم المساواة مع غيرهم، إلى البيئة المادية المحيطة ووسائل النقل والمعلومات والاتصالات، بما في ذلك تكنولوجيات ونظم المعلومات والاتصال.
- تشجيع إمكانية وصول المعوقين إلى تكنولوجيات ونظم المعلومات والاتصال الجديدة، بما فيها شبكة الإنترنت.
- تشجيع تصميم وتطوير وإنتاج وتوزيع تكنولوجيات ونظم معلومات واتصالات يمكن للمعوقين الوصول إليها، في مرحلة مبكرة، كي تكون هذه التكنولوجيات والنظم في المتناول بأقل تكلفة.
الاستفادة من المحتوى كما وردت في الاتفاقية
يمكن الاستفادة واستخدام وسائل النشر الالكتروني التفاعلي، وإتاحة المعلومات العلمية والثقافية وصنوف المعلومات الأخرى عبر شبكات مراكز الأرشفة والمتاحف والمكتبات الرقمية والنصية.
كما يمكن استثمار طاقات الأشخاص ذوي الإعاقة بتشغيلهم في صناعة المحتوى التي لا تتطلب مجهودا عضلي تقريبا. وذلك من خلال التحرك في إطار إستراتيجية واضحة وواقعية للاستفادة من التفوق المعلوماتي لدى معظم الأشخاص ذوي الإعاقة، ومن أهم المقومات اللازمة لوضع هذه الإستراتيجية هو الرصد العميق والمستمر لقدراتهم وتأهيلهم، أو إعادة تأهيلهم بما يتناسب مع صناعة المحتوى .
مما يسمح بالتعامل مع المعلومات كل حسب حاجته، ويسمح مجتمع المعلومات باندماج الفئات الاجتماعية المهمشة فيه، وعلى نحو خاص الأشخاص ذوي الإعاقة، إذ سيمكنهم من العمل والتواصل والتعليم بسهولة ويسر.
ان صناعة المحتوى وصناعة التطبيقات عنصران هامان في الدخل القومي، ويجب مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في تلك الصناعة.
ضرورة توفير حاسوب لكل معاق يتم تطويره مرة كل خمس سنوات على الأقل.
يمكن للأشخاص ذوي الإعاقة (خاصة الحركية والسمعية والبصرية) ان يكون لهم دورا كبيرا في تطوير تلك الصناعة لما لديهم من ذكاء فطري ومقدرة على التحدي، والتعلم إذا ما توفرت لهم البيئة التي تمكنهم من ذلك
أن قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة قضايا متعددة الإبعاد، لابد من مراعاتها واستثمار الإمكانيات التي تتيحها تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات عند دراسة قضاياهم، (الصحة، والتعليم، الإعلام، السياحة، والرياضة.....الخ).
العمل على تخفيض كلفة اقتناء منتجات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، سواء على كافة الأجهزة او التطبيقات او غيرها. ذلك بكافة طرق التخفيض مثل الإعفاءات الجمركية والرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل، أو تقديم الدعم لتخفيض السعر.
ضرورة وضع خطة عمل طويلة الأجل للنهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة تأخذ بعين الاعتبار الإبعاد السابقة وما جاء في الاتفاقيات والاستراتيجيات الدولية المختلفة ذات العلاقة بتلك الإبعاد (البعد الصحي والاجتماعي والثقافي والتأهيلي ....الح).
ومما سبق يمكن القول أن تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ستلعب دورا كبيرا في عملية دمج الأشخاص ذوي الإعاقة، إذا ما أحسن استخدامها واستثمارها أفضل استثمار ممكن في هذا المجال، حيث أنها تخلق مجتمعا بلا إعاقات وبلا تمييز وبلا حدود، مجتمع متكافئ الفرص بين أفراده. فالجميع لديه الفرصة لرسم السياسات وإبداء الرأي والتعلم والتأهيل، والعمل والاعتماد على النفس.
وأخيراً لا يمكنني إلا أن أتبنى التوصيات المذكوره أعلاه والبنود التي وردت في الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، خاصة لجهة الإعلام الاجتماعي والتواصل والتكنولوجيا، وأدعو دولتي الكريمة بأن تلتحق بباقي الدول وتوقع على هذه الاتفاقية وتعمل على تنفيذ بنودها، وقبلاً أن تعمل على تنفيذ القرار رقم 220 الذي صدر عنها.
وأضيف توصية واحدة الا وهي، أن يخصص في الاعلام عامة ما يسمى بالإعلام الخاص الذي يعني بالأشخاص ذوي الإعاقة، ويرصد مشاكلهم ويحللها وينشرها ضمن تقارير أسبوعية على الأقل، تماماً كما نشاهد ما يخصص في الاعلام الاقتصادي.
كما ويؤسفني القول هنا وفي هذا الملتقى بأن واقع الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان مأساوياً من عدة جهات، لأن الدولة والمؤسسات والإعلام بجميع وسائله غير معنيين ولا مهتمين بكل هذه الهموم والمشاكل التي يعاني منها المعوق، وجميع المواقع الحكومية المعنية بالتخطيط والرعاية والاهتمام ضعيفة جداً في المضمون والإعلام والتكنولوجيا، فهم لا يشعرون بحجم المآساة ولا يرونها. فكيف بالنظر إلى المواثيق الدولية والعالمية التي تقدمت وتطورت بأشواط كبيرة، وكأننا هنا في لبنان نعيش في كوكب آخر ليس على هذه الكرة الأرضية.
مصادر ومراجع:
1- Antony Mayfield, What is Social Media? an e-book from ICrossing, 2008, p:5, available on: http:/ www.icrossing.co.uk/fieldadmin/uploads/eBoiks.
2- الزبيدي، قيس، صحيفة الإمارات اليوم، دور وسائل الاتصال، آذار 2011.
http://www.emaratalyoum.com
*** قانون 220 يتعلق بحقوق الأشخاص المعوقين في لبنان، مرسوم رقم 1834 تاريخ كانون الأول 1999، والذي صدق عليه بتاريخ 29 أيار 2000
http://socialaffairs.gov.lb
http://www.ministryinfo.gov.lb
Http://www.arabic.euronews.com
تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة- معهد البحث الايرلندي smartlab:
http://arabic.euronews.com
مواثيق الامم المتحدة في العام 1945- والاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الاعاقة(2007)
مركز دراسات وأبحاث ورعاية المعوقين:
http://www.caihand.org