حنان النحراوي
بقلم : سهير عبد الحفيظ عمر
لازال نبع الصمت رغم هدوئه يروي الحرف حين يجف ، ولازال فيض الصامتين يحرك القلم كي ينفض ما علاه وكاد يطمر وجوده ...بداية القلم معها كانت من خلال المعرض المصاحب لندوة المنال في مدينتي عن التعليم الجامعي لفاقدي السمع في الوطن العربي ؛ حرص القلم حينها على دعوة كل مبدع -يصل إليه علمه - من فاقدي السمع كرد عملي على بعض من ينكرون قدرتهم وجاءت ( حنان النحراوي ) بأعمالها الفنية برفقة مجموعة من الجمعية الأهلية للصم بالمعادي الذين أقاموا معرضهم بتلقائية وإبداع حقق الهدف .
رغم زحام الوجوه في ذلك اليوم بُهر القلم بألوان حنان الناطقة رغم الصمت وتمنى الغوص لكن بعض صخور لم يدركها أصابته ..نزف حتى غاب النبض ...وعادت أخبار حنان لتنعشه من غيبوبته ؛ فهاهي السفارة الأمريكية بالقاهرة ترفض منحها تأشيرة دخول الولايات المتحدة للمشاركة في معرض الفن الخاص رغم دعوتها المسبقة للمشاركة به .ويتساءل القلم ترى من الخاسر : حنان أم تمثال الحرية ؟؟!!
ومن هنا انطلق القلم إلى حنان الفنانة والزوجة وأم باسم ومروه وسارة ويمنى ..ألِف القلم ُ القصة ؛ ارتفاع في درجة الحرارة يتبعه فقدان سمعي .. ..كانت من أسرة عادية وحين فقدت قدرتها على الكلام التحقت بمعهد الأمل بشبين الكوم، ورغم الإقامة الداخلية والابتعاد عن الأسرة ، تذكر حنان تلك الأيام بود ويشرق وجهها بالسعادة ..تصف ذاتها حينها بالصفاء وساعاتها بالجميلة ...تنبه أستاذها في المعهد لمقدرتها الفنية المتميزة ..أعلن إعجابه ..كانت حنان ترسم وتقلد وتكبر حتى تمكنت من الرسم من خيالها وبدون مساعدة فشاركت في عام 1978في معرض الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة ..تمضي أيام حنان ..فتاة في عمر الزواج ، تخطب خطبة تقليدية ليشاركها الرحلة من شاركها الصمم من قبل ..تنتقل للحياة مع زوجها في القاهرة ، وفي زحام القاهرة تبحث عن عمل ، بمساعدة زوجها تعمل في قسم المشروعات بإحدى الشركات وتعترف بأنها لا تستشعر وجودها إلا في عالم الألوان ..تبحث عن المعارض ..يدفعها اعتزازها بنفسها ويقينها بقدرتها لتقدم نفسها في عالم لا يعترف إلا بالعطاء وتسافر حنان بلوحاتها إلى هونج كونج وتركيا وشارقة الإمارات العربية المتحدة لتعبر ألوانها عما يعجز عنه بعض الناطقين ..تتفاعل مع الأحداث من حولها ..ففي إحدى لوحاتها يد أمريكا تقبض على جسد فتاة جميلة بقوة( تخبرني أنها رمز للعراق ) ..كبلوا الفتاة ..رجليها ..يديها ..شعرها ..عصبوا عينيها ..حين مزقوا ملابسها صرخت ..ولا منجد فالجميع يغلبه الصمت ..في خلفية اللوحة دمعة ألم ..حين أسأل حنان عن سببها تخبرني هي دمعة حزن بسبب الصمت ..ترى أي صمت تعنين يا حنان ؟؟
وهنا ..يسجل القلم فرحة حنان ويرجو لو استطاع رسم مشاعرها حين وصلتها رسالة سعادة الشيخة جميلة القاسمي تدعمها وتسجل فخرها العربي بلوحاتها وخطوطها ، وتدعوها لزيارة الشارقة ، وأظل معكم أترقب لغة حنان في لوحةِ خالية من دمعة حزن يمحوها صوت عربي .