كشف المدير العام للشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة الدكتور علي الحناكي، عن وصول أعداد المصابين بمرض التوحد في السعودية إلى 120 ألف مريض، موضحاً وجود جمعيات مختصة لمرضى التوحد، تتولى رعايتهم والإشراف عليهم وعلاجهم، إذ افتُتح مركز لمرضى التوحد بدعم من ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز، بكلفة عشرة ملايين ريال، ووُضع فرعه الرئيس في مدينة الرياض وفرع آخر في مكة.
وقال الحناكي في حديث إلى «الحياة»: «إن عدد العاملين في خدمة أبناء الجمعيات المختلفة يبلغ نحو 12 ألف عامل، 85 في المئة منهم يتولون خدمة مرضى التوحد في نواح عدة تتعلق بالصيانة والنظافة والعناية الشخصية»، مؤكداً في الوقت نفسه أن وزارة التربية والتعليم تعتني بهذه الفئة بشكل كبير في الجوانب الفكرية والصحية والتعليمية». وأضاف: «صدر النظام الأساسي للمعوقين من الوزارة، وسيفعّل في القريب العاجل، وهو بدوره سيخدم هذه الفئة، وسيوفر للمعوقين مزيداً من الاهتمام والدعم، كما سيعمل على الدفاع عنهم، وتوفير أجهزتهم وعلاجهم ومختلف حاجاتهم».
من جانبه، قال اختصاصي التوحد مازن الغامدي لـ «الحياة»: «إن التوحد هو حالة من حالات الإعاقة التي لها تطوراتها، وتعوق بشكل كبير طريقة استيعاب المخ للمعلومات ومعالجتها، كما أنها تؤدي إلى حدوث مشكلات في اتصال الفرد بمن حوله، إضافة إلى اضطرابات في اكتساب مهارات التعلم والسلوك الاجتماعي».
وأوضح الغامدي أن إعاقة التوحد تظهر بشكل نمطي خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، وتفوق نسبة إصابة الأولاد أربع مرات نسبة إصابة البنات، لافتاً إلى أن المصابين بهذا النوع من الإعاقة يعيشون حياة طبيعية، وقال: «هذه الإعاقة منتشرة في جميع بلدان العالم، وبين كل العائلات بجميع طوائفها العرقية والاجتماعية».
وأكد أنه لا يوجد سبب معروف لهذا النوع من الإعاقة، لكن الأبحاث الحالية ربطته بالاختلافات البيولوجية والعصبية للمخ، مشيراً إلى أن بعض أعراضه تصل إلى حد العجز، وعدم القدرة على التحكم في السلوك والتصرفات، ويكون سببه في الغالبية خللاً في أحد أجزاء المخ، أو أنه يرجع إلى أسباب جينية، وقال: «لم يحدد بعد الجين الذي يرتبط بهذه الإعاقة بشكل مباشر، كما أن العوامل التي تتصل بالبيئة النفسية للطفل لم تثبت أنها تسبب هذا النوع من الإعاقة». وأشار الغامدي إلى وجود علامات تدل على الإصابة بإعاقة التوحد، مثل: الكلام بشكل مكرر ومتكلف، أو بصوت غير معبّر أو يعكس أياً من الحالات الوجدانية أو العاطفية، أو تمركز الحديث عن النفس.
وأكد عدم وجود اختبارات طبية لتشخيص حالات التوحد حتى الآن، إذ يعتمد التشخيص الدقيق الوحيد على الملاحظة المباشرة لسلوك الفرد وعلاقاته بالآخرين ومعدلات نموه، مضيفاً: «لا يكفي السلوك بمفرده، وإنما مراحل نمو الطفل الطبيعية مهمة للغاية في ناحية التشخيص»، مؤكداً أن التشخيص المبكر يبدأ بملاحظة الطفل من سن 24 شهراً حتى ستة أعوام.
... أدوات للتشخيص وتخفيف حدة المرض
قال اختصاصي التوحد مازن الغامدي: «إن أولى الأدوات المستخدمة في تشخيص الإصابة بالتوحد هي ستة أسئلة يوجهها الأطباء للآباء، تدور حول ما إذا كان الطفل لم يتفوه بأية أصوات كلامية، حتى وإن كانت غير مفهومة في سن 12 شهراً، أو لم تنْمُ عنده المهارات الحركية (الإشارة، التلويح باليد، إمساك الأشياء)، أو لم ينطق بكلمات فردية في سن 16 شهراً، أو لم ينطق جملة مكونة من كلمتين في سن 24 شهراً، أو عدم اكتمال المهارات اللغوية والاجتماعية في مراحلها الطبيعية».
ولفت الغامدي إلى أن هذه المعطيات السابقة لا تكفي في حال عدم توافرها في الطفل بأن يحكم عليه بالتوحد، «إذ لابد من وجود تقويمات من جانب اختصاصيين في مجال الأعصاب، والأطفال، والطب النفسي, والتخاطب، والتعليم، كما لا توجد طريقة أو دواء بعينه يساعد في علاج حالات التوحد، لكن توجد مجموعة من الحلول مجتمعة مع بعضها اكتشفتها عائلات الأطفال المرضى والاختصاصيون، وهى حلول فعالة في علاج الأعراض والسلوكيات التي تمنع المتوحد من ممارسة حياته بشكل طبيعي، وهو علاج ثلاثي الأبعاد نفسي واجتماعي ودوائي».
وأوضح أنه لا يوجد عقار محدد أو فيتامين أو نظام غذائي معين يستخدم في تصحيح مسار الخلل العصبي الذي ينتج منه التوحد، إذ توصل الآباء والاختصاصيون إلى أن بعض العقاقير المستخدمة في علاج اضطرابات أخرى تأتي بنتيجة إيجابية أحياناً في علاج بعض السلوكيات المتصلة بالتوحد. وأضاف: «كما أن التغيير في النظام الغذائي، والاستعانة ببعض الفيتامينات والمعادن يساعد كثيراً في العلاج، لكن لم يجمع كل الباحثين على إيجابية نتائجها، ويوجد عدد من الأدوية لها تأثير فعال في علاج سلوك الطفل التوحدي، ومنها: فرط النشاط والقلق، ونقص القدرة على التركيز, والاندفاع، والهدف من الأدوية هو تخفيف حدة هذا السلوك، حتى يتمكن الطفل من ممارسة حياته التعليمية والاجتماعية بشكل سوي إلى حد ما».
وشدد على أنه عند وصف أي دواء للآباء لابد من ضمان الأمان الكامل لأبنائهم، والأخذ في الاعتبار أن كل طفل له تكوينه الفيزيولوجي الذي يختلف عن الآخر، وبالتالي تختلف استجابته للدواء أو العقار.
http://ksa.daralhayat.com/local_news...019/story.html