سوف نتحدث في هذا المقال عن اهمية التدخل المبكر للمصابون بالتوحد:
التوحد ليس مرضاً اذ لا يوجد له دواء واحد او برنامج علاجي واحد يمكن ان ينجح مع كل حالات التوحد. لذلك نجد ان كل الخطط العلاجية لحالات التوحد تأتي على شكل خطط علاجية فردية بحيث يتم علاج كل طفل حسب حاجته وحالته.
تأتي مرحلة العلاج بعد التعرف على نتيجة التشخيص التي يقوم بها الطبيب المتخصص والذي يقوم بدوره بوضع الخطة العلاجية المناسبة لحالة الطفل ودرجة اصابته.
فعلاج التوحد يتوقف على شدة الاضطراب ودرجة الاصابة، معظم الدراسات تؤكد على ان الاطفال المصابين بالتوحد يستجيبون بشكل جيد مع برامج التربية الخاصة التي توضع لكل طفل حسب حالته، فقد يشتمل هذا البرنامج على بعض العناصر مثل: علاج النطق، تطوير المهارات الاجتماعية سواء باستخدام برنامج تعديل السلوك او عن طريق استخدام الدواء، او استخدام كلا الطريقتين معا.
وقد يشتمل برنامج لطفل آخر استخدام طرق اخرى مثل: العلاج بالموسيقى او العلاج الحركي او استخدام الحمية الغذائية.
اذ لا يوجد برنامج او طريقة واحدة تلاقي حاجات جميع الاطفال المصابين بالتوحد.
فالاطفال المصابون بالتوحد بدرجة معتدلة يمكن ان يتغلبوا على انعزالهم الاجتماعي عندما يبلغون مرحلة الطفولة المتوسطة وقد يتجاوزون بعض مشاكلهم الكلامية وضروب سلوكهم الغريب. منذ السبعينيات وعلماء النفس يبذلون الجهد للتخفيف من شدة اعراض هذا الاضطراب وكل الدلائل تشير الى النجاح في هذه الجهود وخاصة في مساعدة الاطفال الذين يعانون من اضطراب خفيف.
واهم النماذج العلاجية التي استخدمت مع الاطفال المصابين بالتوحد هي: العلاج الطبي العلاج النفسي العلاج السلوكي
المعالجة الطبية ان قرار البدء بالمعالجة الطبية «الدوائية» لابد ان يأتي بعد التقييم الشامل لحالة الطفل العصبية والنفسية، حيث من الممكن ان يتحسن الطفل المصاب بالتوحد دون اللجوء الى استخدام الادوية في بعض الفترات، وان كان من الضروري استخدام الادوية فلابد من استشارة الطبيب المختص الذي يقوم باختيار الدواء المناسب.
على خلفية الدراسات التي تناولت دور العوامل البيولوجية في التوحد بدأ استخدام العلاج الدوائي الذي يقوم على استخدام العديد من العقاقير وفيما يلي عرض مختصر للمؤشرات الدالة على فعاليتها مثل: عقار الفنفلورامين الذي يساعد على خفض مستوى السيروتونين وهو عنصر كيميائي طبيعي لوحظ ارتفاع مستواه في الدم عند ثلث الاطفال المصابين بالتوحد تقريبا، مما قد يؤثر نشاط هذا العنصر «السيروتونين» في الجهاز المركزي على الشهية والنوم والتعلم والذاكرة.
فقد ثبت ان استخدام هذا العقار المضار للسيروتونين يؤدي الى تخفيف وتحسين اعراض المصابين بحالة التوحد، وخصوصاً مع الاطفال الذين يزيد معدل ذكائهم على 40% والمصحوب باضطرابات حركية وقلق زائد وتقلب في المزاج، ان استخدام هذا العقار مع هذه الفئة من الاطفال المصابين بالتوحد يمكن ان يؤدي الى تحسن في نسبة الذكاء وزيادة في مدى الانتباه والى نقص في الاضطراب الحركي عند هؤلاء الاطفال. عقاقير تساعد على خفض زيادة النشاط الحركي عند الاطفال المصابين بالتوحد كالامفيتامين والدوبا.
ميغافايتمين حيث ان الجرعات الكبيرة من فيتامين ب 6 مع المغنسيوم تفيد في علاج التوحد، ويستند هذا الرأي على بعض التقارير التي تدل على التحسن وتخفيف نوبات الغضب التي تصيب هؤلاء الاطفال وزيادة اهتمامهم بالبيئة المحيطة بهم وتحسين تواصلهم العاطفي واللغوي.
فقد اجريت دراسات في ست دول ما بين عامي 1965 و1996 وعلى ضوئها صدر 18 تقريراً علمي يؤكد على اهمية اعطاء هذا العقار وتبين ان اعطاء كميات كبيرة من فيتامين ب 6 ساعد على تحسين نصف حالات الاطفال التي اجريت عليهم هذه الدراسة.
لدا فقد استعمل هذا العقار في كثير من الحالات وبعضها لاقى استحساناً كبيرا مما يجعل هذا التوجه مفضلاً تبعاً لكثير من العلماء لان له اثاراً جانبية اقل من غيره من الادوية.
هذه بعض الادوية التي ساهمت في تخفيف اعراض اضطراب التوحد ولكن هناك الكثير غيرها من الادوية.
التدخل المبكر يساهم التدخل المبكر الى حد كبير في تأهيل وتطوير حياة الشخص المصاب بالتوحد حيث اثبتت الدراسات والتجارب العلمية ان تطور الحالة وتحسنها يكون افضل بكثير اذا كان الطفل يخضع لبرنامج تعليمي منظم بدرجة عالية ومكثفة عند سن 2 ـ 3 سنوات مما يدع الفرصة اكبر لتطور ونمو المخ عنده، واكتساب الخبرات والتفاعل مع المحيط الذي من حوله، مما يؤدي الى تنمية القدرة المعرفية والاجتماعية لديه.
هناك ادلة وبراهين كمية ونوعية بالاضافة الى تقارير اولياء الامور والمدرسين بأن التدخل المبكر يزيد من فرصة الطفل في تعليمه وتطوره ويحسن من وظيفة وتفاعل الاسرة مع الموقف بشكل عام.
كما يخفف من العبء الملقى على عاتق المجتمع تماماً كما يفعل في حالة التدخل المبكر للكشف عن القدرات الابداعية لدى الاطفال الموهوبين والمبدعين.
كما اظهرت الكثير من الدراسات في الوقت الحالي ان التدخل المبكر يزيد من فرصة تعليم وتأهيل الطفل للدخول الى المراحل الدراسية الاخيرة واحيانا تؤهله لايجاد مهنة ما مقارنة مع الاطفال الذين لم تتح لديهم فرصة التدخل المبكر.
وفي دراسات اخرى تبين ان الاطفال الذين حصلوا على خدمة التدخل المبكر قد اظهروا اداء اكاديمياً وغير اكاديمي افضل مقارنة مع الاطفال الذين لم يتلقوا خدمة التدخل المبكر، ان المصابين بالتوحد والاضطراب النمائي الشامل يحتاجون الى ساعات عديدة من التعلم المنظم حتى يبقى الذهن مشغولاً بالعالم المحيط ويحتاجون الى التفاعل بطريقة مجدية ومفيدة مع الكبار والصغار.
هناك اسباب عديدة تبرر اهمية التدخل المبكر لاضطراب التوحد وهي: ان في السنوات الاولى من عمر الطفل حيث تكون بعض المراكز العصبية والحسية في الجهاز العصبي مازالت في طور التشكل مما يجعل من السهل تعديلها وتطويرها.
كذلك فإن عدم الكشف عن المشكلة في مرحلة مبكرة يؤثر سلباً على مظاهر النمو الاخرى لدى الطفل فعدم معالجة انماط السلوك الحركي الشاذ لدى الطفل التوحدي يؤثر سلبا على مظاهر النمو الحركي والمعرفي لديه.
تلعب الخبرة المبكرة مع الاهل دوراً مهماً من خلال اتباعهم منذ السنوات الاولى من عمر الطفل الاساليب العملية التربوية السليمة للتعامل مع طفلهم وبالتالي التقليل من السلوكيات غير المرغوب بها وذلك لما يتصف به الطفل في هذا العمر من المرونة والقابلية للتغيير، بالاضافة الى تقليل الضغط والقلق الناتج عن عدم معرفتهم للطرق والاساليب المناسبة للتعامل مع طفلهم.
هناك دور كبير ومهم تلعبه الخبرة المبكرة على حياة الطفل تلك الخبرة التي يكتسبها الطفل من والديه ومن بيئته المحيطة به فتأخر الاهل في الكشف عن مشكلة ما يعاني منها الطفل يؤدي الى التأخر في تقديم الخدمات المناسبة له، فالطفل التوحدي مثلا الذي يعاني من ضعف شديد في اللغة اذا لم تتوفر له الخدمات العلاجية المناسبة في مراحل مبكرة من عمره ادى به ذلك الى التأخر في النمو اللغوي.
وكمحصلة نهائية فقد اثبتت الدراسات المتعددة ان التدخل المبكر يقوم على تسهيل تطوير نمو الطفل بالاضافة الى تقديم الدعم والمساعدة للاهل وايصال الاهل والطفل التوحدي الى اقصى حد ممكن من الافادة والمساعدة لمجتمعهم.