أنظمة تقديم الخدمات للمعوقين
تتعدد أنظمة تقديم الخدمات التأهيلية للمعوقين تعدداً كبيراً من بلد إلى آخر. وقد يكون بعض هذه الأنظمة أكثر ملائمة لبعض حالات العجز من البعض الآخر، كما قد يكون جانب منها أكثر مرونة عن غيره، بينما يناسب البعض منها مرحلة من مراحل التأهيل تؤدي إلى مرحلة أخرى تتم في مكان آخر.
سوف نستعرض فيما يلي مجموعة من أنظمة التأهيل الأساسية المنتشرة حول العالم، ثم نتناول مجموعة أخرى من الأنظمة الأقل انتشاراً والتي تلائم ظروفاً معينة أو فئة معينة من المعوقين.
أولاً: مراكز التأهيل: Rehabilitation Centers
ربما يكون نموذج مركز التأهيل هو أوسع النماذج التي تقدم من خلالها خدمات التأهيل من حيث مايقدمه من خدمات للمعوقين، وكذلك من حيث اعتباره النموذج الأساسي لتقديم خدمات التأهيل في صورة متكاملة في معظم دول العالم.
ومركز التأهيل هو منشأة غرضها الأساسي تأهيل المعوقين. وقد تكون هذه المنشأة حكومية في إدارتها وتمويلها أو قد تكون أهلية، وفي بعض الأحيان تجمع بين النظامين، كأن تكون إدارتها أهلية وتمويلها حكومي.
وفي المعتاد أن تنشأ مراكز التأهيل الشاملة بغرض تقديم خدمات التأهيل لحالات الإعاقة الشديدة، التي تحتاج لتجمع مجموعة من خدمات التأهيل كالإعداد البدني ( قسم للتأهيل الطبي) والتدريب المهني والتعليم والتدريب على مهارات التوافق الشخصي والإقامة الداخلية في بعض الأحيان، بما يناسب حاجات هؤلاء المعوقين. وتقوم رسالة مراكز التأهيل على تقديم بيئة تأهيلية مكثفة ومتأنية ومتكاملة تساعد الشخص المعوق على تحقيق حياة أفضل. ويشتمل مركز التأهيل على الخدمات الآتية:
1- الاستقبال:
حيث تحال إليه الحالات التي تحتاج إلى تأهيل من المصادر الرئيسية مثل المستشفيات وبصفة خاصة أقسام الجراحة فيها، والمعاهد التعليمية، والهيئات الاجتماعية، وعيادات الأطباء وغيرها. ومن الضروري أن يكون هناك عمل من جانب مركز التأهيل للوصول إلى الحالات في وقت مبكر، إذ كثيراً مايخرج المريض من المستشفى ولا يحال إلى التأهيل رغم حاجته إليه كذلك فإن الأطباء نادراً مايحيلون الأفراد الذين يحتاجون إلى تأهيل من بين مرضاهم إلى مراكز التأهيل.
2- التقويم:
يتم تقويم قدرات العميل والتعرف على حاجاته في صورة منسقة من جانب المتخصصين في المركز، فيكون هناك تقويم للوظائف البدنية والعقلية والجوانب النفسية والمهنية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية. وقد يستمر القويم لفترة من خلال الملاحظة بما يعرف بالتقويم المستمر أو الممتد Extended evaluatin
3- الإرشاد:
تقدم خدمات الإرشاد للأفراد المعوقين من مرحلة الإحالة (الاستقبال) إلى نهاية برنامج التأهيل للفرد، ويقوم بهذا الجانب مرشدون متخصصون، ويقع على مرشد التأهيل مهمة إدارة الحالة في معظم المراكز بالإضافة إلى استيفاء ماتنص عليه التشريعات في مجال التأهيل هذا بالطبع بجانب دوره الرئيسي في عملية مستمرة للإرشاد.
4- الخدمات:
تنظم مراكز التأهيل على أساس أن تشتمل في داخلها على أكبر قدر من الخدمات التي يحتاجها العميل في تأهيله. ويدخل في هذه الخدمات مايلي:
أ) خدمات الإعداد البدني:
ومنها العلاج الطبي، والعلاج الطبيعي، والأجهزة التعويضية، والأطراف الصناعية، وتدريب السمع، وتدريب النطق، والتدريب على الرعاية الذاتية، والعلاج النفسي الخ.
ب) التدريب المهني:
حيث تشتمل مراكز التدريب على أقسام للإعداد المهني، وقد تشتمل أيضاً على ورش للتدريب المهني في عدد من المجالات.
ج) خدمات التوافق الشخصي:
وتشتمل هذه الخدمات على برامج تهدف إلى تدريب المعوق على مهارات التوافق الشخصي والتوافق الاجتماعي وكيفية تكوين علاقات اجتماعية والتعامل مع ظروف البيئة والاهتمام بشئونه الشخصية.
د) خدمات الإعاشة:
في بعض المراكز يعد قسم خاص للإقامة الداخلية لمن لاتساعدهم ظروفهم على المعيشة في أسرهم إما لبعد المكان أو لعدم وجود الأسرة المناسبة أو في مرحلة من مراحل التأهيل التي لايكون العميل فيها قادراً على العودة إلى أسرته يومياً. وتشتمل الخدمات الخاصة بالإعاشة على النوم والطعام والإشراف والخدمات المكلة لذلك، كالبريد والتليفونات والترويح وغيرها.
ه) خدمات النقل:
حيث تمكن هذه الخدمة المعوق من الانتقال من المنزل إلى مركز التأهيل والعكس، أو الانتقال من مركز التأهيل إلى أماكن التدريب أو التعليم أو العمل أو العلاج الطبي أو غيرها، وهذه الخدمات هامة للغاية في بعض المراكز التي تهتم بتأهيل حالات الإعاقة البدنية الشديدة، والذين تستخدم لهم سيارات خاصة لتلاءم الكراسي المتحركة التي يستخدمونها.
و) خدمات الترويح:
وهذه الخدمات لها جانب علاجي وجانب نفسي، وهي ذات أهمية بالنسبة للمعوقين خاصة من يقيمون في المركز بصفة دائمة.
ز) برامج التربية الخاصة:
وذلك لتعليم بعض حالات المعوقين لزيادة مهاراتهم في الاتصال بغيرهم.
الجهاز الوظيفي:
يحتاج مركز التأهيل الشامل إلى عدد كبير من الموظفين ومن تخصصات متنوعة مثل:
الأطباء وبصفة خاصة في مجال عمل المركز، والمعالجون (معالج طبيعي، ومعالج النطق، ومعالج مهني، الخ) ومتخصصون في مجال الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية، ومرشدون للتأهيل، وأخصائيون في القياس المهني (التقويم المهني)، ومدربون مهنيون، ومعلمون للتربية الخاصة، وأخصائيو الترويح، وأخصائيون اجتماعيون، وأخصائي للتوظيف، وإداريون، وموظفو خدمات وسائقون ومشرفون.
ويراعي إعداد أقسام مركز التأهيل بحيث تحقق الكفاءة الإدارية والاقتصادية للخدمة، وتحقق أقصى فاعلية لها، فعلى سبيل المثال إذا كان مركز التأهيل يخدم مرضى القلب ضمن من يقدم لهم الخدمة، فإنه قد يكون من الأفضل وجود جهاز رسم القلب داخل المركز بدلاً من نقل المرضى من وإلى المستشفيات.
كما يراعى عند تصميم مراكز التأهيل الشاملة التي تقدم خدماتها لأكثر من فئة من فئات
المعوقين أن يكون تصميم مباني هذه المراكز بما يناسب حاجات هذه الفئات، وبصفة خاصة بالنسبة للتنقل والحركة من حيث تصميم الأبواب والطرقات والمصاعد وخلافه.
وفي المعتاد أن تخدم بعض مراكز التأهيل لأغراض متنوعة، كأن تكون مركزاً للبحوث حول نوع من أنواع العجز، أو مركزاً لتدريب الطلاب الذين سيعملون فيما بعد في مثل هذه المراكز مثل طلاب الخدمة الاجتماعية وعلم النفس وطلاب الطب وطلاب العلاج الطبيعي وغيرهم، ومن هنا يتعين تقديم الخدمات في المستوى النموذجي، والذي يحقق الأهداف التعليمية لهؤلاء الطلاب أيضاً.
ومن الناحية الاقتصادية والإدارية فإن تكلفة الخدمة في هذه المراكز للفرد الواحد مرتفعة إذا حسبت كتكلفة تأهيل مقارنة بنماذج أخرى، ولكن من الناحية الفاعلية فإنها قد تكون أعلى حيث تقدم الخدمة في شكل تكاملي بمعرفة فريق من المتخصصين تجمعهم ببيئة عمل واحدة تساعد على التقائهم ومناقشتهم لتطور البرنامج ومدى نجاحه، ومن أمثلة مراكز التأهيل في مصر:
1- مركز تأهيل المعوقين بدنيا بمؤسسة يوم المستشفيات (بالسيدة زينب)
2- مركز تأهيل المكفوفين بالمركز النموذجي لرعاية وتأهيل المكفوفين (حليمة الزيتون)
3- مركز تأهيل الصم بالجمعية المصرية لرعاية وتأهيل المعوقين سمعياً (مصر الجديدة)
4- مركز تأهيل الكفيفات بجمعية النور والأمل بالقاهرة ( مصر الجديدة)
5- مركز تأهيل المتخلفين عقلياً بجمعية التنمية الفكرية (بالمطرية)
6- مركز تأهيل حالات الدرن (السيدة زينب)
ثانياً: مكاتب التأهيل:
مكتب التأهيل عبارة عن وحدة إدارية مسئولة عن تطبيق نظام التأهيل. وتقوم فكرة المكتب على وجود أقل عدد من المتخصصين الذين يشتركون في الدراسة والتقويم والإرشاد والتوظيف. أما الخدمات الأخرى مثل الإعداد البدني والأجهزة التعويضية والتدريب المهني وغيرها فيتم الاعتماد فيها على إمكانيات المجتمع ومؤسساته.
يمكن القول: إن المكتب يقوم بدور رئيسي في الوصول إلى الحالات، وتقدير الحاجات التأهيلية، وإعداد خطة التأهيل الفردية، ثم يستفيد من إمكانيات المجتمع في توفير الخدمات المختلفة، مثل العلاجات بأنواعها والأجهزة التعويضية والتدريب المهني وغيرها. وقد يقوم المكتب بشراء هذه الخدمات من مصادرها أي يكون دوره هو تمويل الخدمة التأهيلية والإنفاق عليها دون الحاجة إلى توفيرها داخل المكتب أو يستفيد من الخدمات التي توفرها أجهزة الدولة.
وفي المعتاد فإن الجهاز الوظيفي للمكتب يشمل:
1- مدير للمكتب: للإشراف على الجوانب الإدارية وتنفيذ نصوص قانون التأهيل.
2- أخصائي اجتماعي: ويقوم هذا الأخصائي بمهام البحث الاجتماعي والمقابلة الأولى.
3- أخصائي تأهيل (مرشد تأهيل): يقوم بالخدمات الإرشادية، وبصفة خاصة الإرشاد المهني.
4- أخصائي نفسي: وعادة يكون على أساس من عمل لبعض الوقت حيث يتولى عملية التقويم النفسي.
5- طبيب: وقد يكون هذا الطبيب ممارساً عاماً أو طبيب أخصائي عظام.
ويجتمع هؤلاء المتخصصون في هيئة فريق عمل يعرف باللجنة الفنية للتأهيل، حيث يناقشون التقرير الخاص بالعميل، والذي يعده عادة مرشد التأهيل مع خطة تأهيل فردية، ويتخذون القرارات الخاصة بقبول العميل للتأهيل في البداية وإتمامه للتأهيل وأحقيته في الحصول على شهادة التأهيل عند إتمام تأهيله، وكذلك لمتابعة وتعديل الخطة أثناء التأهيل وعند اللزوم.
أما الخدمات فهي تتم من خلال المستشفيات ومراكز التدريب المهني والورش الخاصة والمصانع وغيرها، وقد يدفع المكتب مقابل تكلفة هذه الخدمات أو تقدم مجاناً تبعاً لمصدر تقديمها.
ويتميز نموذج مكتب التأهيل بالكفاءة الاقتصادية وبأن العميل يكون أكثر ملامسة لواقع المجتمع.
وفي المعتاد أن يقدم المكتب خدمات لكافة أنواع الإعاقات، غير أنه توجد مكاتب نوعية مرتبطة بمراكز التأهيل.