لماذا تختلف مناهج المعاقين ذهنيا عن مناهج الأسوياء ؟
تختلف أهداف العملية التعليمية للأفراد المعاقين ذهنيا عن أهداف العملية التعليمية للأفراد الأسوياء و ذلك لاختلاف " طبيعة " الأفراد المعاقين ذهنيا عن " طبيعة " الأفراد الأسوياء .. مما يترتب عليه تغير محتويات المناهج التعليمية و مكوناتها .. و لقد عبر الكاتب " Ellis " (1975) عن طبيعة الأفراد المعاقين وواقع العملية التعليمية بالنسبة لهم بمنتهى الواقعية و كأفضل ما يكون حين قال :
" لم أري في كل حياتي حالة واحدة أصبح فيها الفرد المعاق ذهنيا فردا عاديا عن طريق التدريب و الوسائل التربوية و لكن شاهدت أفرادا كثيرين قد تحسنت قدراتهم . فالطفل الذي يعاني من إعاقة شديدة و الذي يتعلم كيف يأكل مستقلا ، و يلبس ، و ينظف نفسه و يتحكم في تنظيم عملية الإخراج ، يعتبر قد حصل علي ما يحصل عليه الآخرين من شهادات جامعية . يجب أن نكون واقعيين عي هذا المجال ، و نتجنب الشعارات العاطفية و نحدد أهداف يمكن تحقيقها . لذا يجب أن نحكم علي ما قد تم إنجازه ليس بمعيار ما ينجزه الناس ( العاديين ) و لكن بمعيار أهمية تلك الإنجازات في حياة هذا الفرد المعاق ، في كيانه كإنسان و في سعادته "
ومن هنا فقد أوضح " Ellis " في مقولته أن الهدف من تعليم وتدريب الأفراد المعاقين ذهنيا ليس أن يصبح الفرد المعاق ذهنيا على درجة ذكاء عالية مثل الأفراد العاديين ، فلم نري هذا يحدث ، كما أنه مستبعد الحدوث ، كما أن هذا ليس أمرا مهما إذا نظرنا للأمور من جانب آخر .. فقد حبا الله كل منا بكم معين من القدرات يختلف تماما عن الآخرين ، و علينا أن نتعايش مع هذا الواقع و أن نتعامل معه بمنتهى الحكمة .. لذلك فان إعداد الفرد المعاق ذهنيا ليكون علي درجة عالية من الذكاء لا يعد الهدف الأساسي من عمليه تدريب و تعليم الأفراد المعاقين ذهنيا ، و إنما ما يعد أمرا مهما و ما هو متعارف عليه في مفردات أي عملية تعليمية أن الهدف الأساسي لأي عمليه تعليمية هو خلق فرد صالح في المجتمع في المقام الأول و هذا هو المهم .. فأن يكون الفرد المعاق ذهنيا قادر على خدمة نفسه ، معتمدا علي ذاته قادرا علي الوفاء بمتطلباته الشخصية باستقلال كاملا أو جزئيا طبقا لقدراته و مهارات العقلية و البدنية و الجسمانية ، مندمج اجتماعيا لا يعاني من أي مشكلات سلوكية قدر بما يمنع اندماجه في المجتمع أو يؤدي إلي نفور المحيطين به منه ، تنمية القدرات العقلية و الجسمانية قدر الإمكان ، مزودا بمبادئ القراءة و الكتابة و مبادئ المهارات الأكاديمية البسيطة التي قد يحتاج أليها خلال معاملاته البسيطة داخل المجتمع ، يعمل في مهنة مناسبة تناسب قدراته إن أمكن تعد الأهداف الرئيسية لعملية تعليم المعاقين ذهنيا .. و من هنا يجب علي أن تكون المحتويات التعليمية التي تحتوي عليها مناهج الأفراد المعاقين ذهنيا تعبر عن الأهداف السابقة التي تحدثنا عنها ، و أعتقد أنها أهداف مناسبة ترضي أي فرد عادل في حكمه ينظر للأمور نظرة سليمة و يراعي تفاوت القدرات التي منحها لنا الله .
كما يتفاوت الكم و المضمون في المحتويات التعليمية لمنهج كل طفل من الأطفال المعاقين ذهنيا بما يتلاءم مع قدرات و إمكانيات الطفل العقلية ، الجسمانية ، السلوكية .. و بما يتلاءم مع بيئته بحيث يكون متوافقا معها و ليس على اعتبار انه قوالب تدريسية جامدة تصلح لكل البيئات بصرف النظر عن السمات و الخصائص المميزة لكل بيئة و بما يتوافق مع عادات و تقاليد كلا من هذه البيئات .
أحمد جابر أحمد
مسئول برامجمشروع دعم الجمعيات الأهلية
لتدريب و تأهيل المعاقين ذهنيا بأسيوط