تعديل السلوك الانساني - التلقين والإخفاء
تعديل السلوك الإنساني
للدكتور جمال الخطيب
قرأت في هذا الكتاب العديد من مواضيع تعديل السلوك التي نستخدمها يوميا" في حياتنا العادية دون علما" ان هذه الأساليب التي يستخدمها الأهالي مع أبنائهم هي أسلوب من أساليب تعديل السلوك التي قام الباحثون بتجارب عدة حتى اثبتوا مدى صلاحيتها لنستخدمها مع أطفالنا على المدى البعيد ، ومن أهم ما يكون هو استخدام هذه الأساليب مع أطفالنا من ذوي الاحتياجات الخاصة التي تعمل على ضبط سلوكياتهم لتصبح مناسبة مع السلوكيات الطبيعية للأطفال،
وسأعرض عليكم اليوم أحد أساليب تعديل السلوك وهو التلقين والإخفاء:
كثيرا" ما يحتاج الإنسان الى مساعدة إضافية أو تلميحات من الآخرين ليستطيع تأدية السلوك على النحو المطلوب ، وهذه المساعدة قد تكون لفظية، أو جسدية ، أو إيمائية وهي تسمى بالتلقين. فمدير الشركة (أو الموظف ذو الخبرة) يقوم بتعريف الموظف الجديد بطبيعة عمله والمهمات المطلوب منه تأديتها. ففي اليوم الأول يشرح المدير المهمات والإجراءات المتبعة في الشركة بالتفصيل . فعندما يؤدي الموظف الجديد عمله على نحو مقبول يثني عليه المدير ، وفي اليوم الثاني يعود المدير فيبدي بعض التوجيهات باختصار، وهكذا ، الى أن يصبح الموظف قادرا" على تأدية عمله بشكل مستقل بعد فترة زمنية معينة.
ان الأمثلة على التلقين في الحياة اليومية كثيرة جدا"، انظر الى المثال التالي:
الأب: ما لون هذا الكتاب؟
الابن: لا أعرف.
الأب: أح..
الابن: أحمر!
وعلى الرغم من أن التلقين قد يكون عنصرا" حاسما" عند البدء بمحاولة تشكيل السلوك إلا أن استخدامه بتواصل قد يؤدي الى الاعتماد الكبير عليه . ولهذا ، فإننا نلجأ الى إخفاء التلقين تدريجيا" بهدف مساعدة الفرد على تأدية السلوكات المناسبة تلقائيا".
التلقين: Prompting)
التلقين هو إجراء يشتمل على الاستخدام المؤقت لمثيرات تمييزية إضافية بهدف زيادة احتمالية تأدية الفرد للسلوك المستهدف . ونقول مثيرات تمييزية إضافية من أجل تمييزها عن المثيرات التمييزية المتوفرة أصلا" في البيئة. فالمثيرات التمييزية المساندة لا تصاحب السلوك في العادة وإنما يزودها للشخص شخص آخر لغاية معينة . بمعنى آخر ، فالتلقين في الحقيقة هو حث الفرد على أن يسلك على نحو معين والتلميح له بأنه سيعزز على ذلك السلوك.
ويقسم التلقين الى ثلاثة أنواع وهي: التلقين اللفظي، والتلقين الإيمائي، والتلقين الجسدي .التلقين اللفظي (Verbal Prompts )
هو ببساطة تعليمات لفظية . فقول المعلم للتلاميذ " افتحوا الكتاب على الصفحة 84" وقول الأب لابنه "قل الحمد لله" أو "قل له شكرا" عمو" شكل من أشكال التلقين اللفظي.
أما التلقين الايمائي (Gestural Prompts ) فهو تلقين من خلال الاشارة أو النظر باتجاه معين أو بطريقة معينة ، أو رفع اليد ، الخ. فحركات يد شرطي المرور للسائقين هي مثال على التلقين الايمائي، وكذلك وضع الشخص لإصبعه على فمه إيماء بالسكوت . والنوع الثالث هو التلقين الجسدي أو التوجيه الجسدي ( Physical Prompts ) وهو يشتمل على لمس الآخرين جسديا" بهدف مساعدتهم على تأدية سلوك معين. أحد الأمثلة على هذا النوع من التلقين هو الأب الذي يمسك بيد ابنه ويقول " امسك القلم هكذا .. ضع إصبعك هنا.."
والتلقين إجراء ضروري ومفيد في محاولات التدريب الأولى عندما يكون الهدف مساعدة الأشخاص العاديين على اكتساب سلوكات جديدة ليس بمقدورهم تأديتها حاليا" . أما إذا كان الشخص ضعيفا" فغالبا" ما تكون هناك حاجة للتلقين لمدة أطول وبشكل متكرر أكثر خاصة إذا كان السلوك المستهدف من التدريب سلوكا" معقدا" وكما أشرنا من قبل، فالتلقين المتكرر سيؤدي الى اعتماد الفرد عليه ، فهو قد لا يقوم بتأدية السلوك إلا إذا تم تلقينه . ولهذا فإن علينا العمل على إخفاءه بكل سرعة ممكنة، فكيف نفعل ذلك بفاعلية؟
الإخفاء: (Fading )
الإخفاء هو الإزالة التدريجية للتلقين بهدف مساعدة الفرد على تأدية السلوك المستهدف باستقلالية. والإخفاء إجراء ضروري في أي حالة تعمل فيها المثيرات غير التقليدية على ضبط السلوك.
كيفية استخدام الإخفاء:
1- يجب تحديد المثيرات التمييزية الطبيعية التي ستعمل على ضبط الاستجابة بعد التوقف عن استخدام المثيرات التمييزية المساندة . ويجب أن يستند اختيار المثيرات التمييزية الطبيعية الى حقيقة أن هذه المثيرات توجد بشكل متواصل في البيئة الطبيعية.
2- يجب تحديد خطوات الإخفاء . فبعد أن يتضح لنا أن الاستجابة المستهدفة قد أصبحت تحدث بشكل متواصل نتيجة للتلقين فباستطاعتنا حينذاك البدء بإخفاء التلقين تدريجيا". والمبدأ العام المتبع في الإخفاء هو الاعتماد على تقييم الأداء لتحديد سرعته . فإذا كان الإخفاء سريعا" جدا" فالاستجابة قد تتوقف عن الحدوث تماما"، وإذا كان الإخفاء بطيئا" جدا" فقد يصبح اعتماد الفرد على التلقين كبيرا" جدا" مما يؤثر سلبا" على أدائه المستقل.
3- إن طريقة الإخفاء المناسبة تعتمد على نوع التلقين المستخدم، فيمكننا إخفاء التلقين اللفظي من خلال تقليل عدد الكلمات المستخدمة كأن تقول " تعال" بدلا" من أن نقول " أحمد ،تعال الى هنا" أو من خلال تخفيض حدة الصوت تدريجيا" بحيث يصبح الشخص بحاجة الى الانتباه جيدا" الى الملقن ليسمع ما يقوله ويفهمه، الى أن يصبح في النهاية قادرا" على قراءة شفاه الملقن. ويمكن إخفاء التلقين الإيمائي بتقليل حجم الإيماء كاستخدام الإصبع بدلا" من اليد كلها، أو بالانتقال من تلقين واضح الى تلقين أقل وضوحا" ، كالنظرة بدلا" من الإشارة . أما التلقين الجسدي فيمكن إخفاؤه بتقليل الضغط الناتج عن اللمس فبدلا" من لمس الفرد باليد ، يمكن بجزء منها، ثم بالأصابع ، وأخيرا" بإصبع واحد فقط ، الخ.
أتمنى أن أكون نقلت لكم ما هو مفيد بالنسبة لتعديل السلوك وهذا الأسلوب مفيد لكثير من الإعاقات ،
وتحياتي لكم ..