زراعة النخاع العظمي لمرضى أنيميا البحر الأبيض المتوسط (الثلاسيميا)
مقدمة :
تعتبر أنيميا البحر الأبيض المتوسط (الثلاسيميا) من أهم وأخطر أمراض الدم الوراثية المنتشرة في بلادنا .
ويحتاج المريض لأخذ الدم بشكل شهري وبصفة منتظمة منذ السنة الأولى في العمر مما ينتج عن ذلك ترسبات الحديد التي تؤثر على وظائف الجسم الحيوية إذا لم يؤخذ العلاج المناسب لتراكم الحديد والذي يعتبر بحد ذاته معاناة أخرى .
وبالرغم من ظهور أدوية تعطى عن طريق الفم بدل المضخة تحت الجلد ولكن لا تعتبر العلاج الناجع الذي يعوض عن أخذ الدم المنتظم والمضاعفات الأخرى .
زراعة النخاع العظمي :
تعتبر زراعة النخاع العظمي من متبرع سليم هي العلاج الشافي الوحيد بإذن الله وقد بدأت عمليات النخاع العظمي في عام 1981م في الولايات المتحدة وإيطاليا ومع الوقت تطورت التقنيات والرعاية الطبية وأصبحت نتائجها مشجعة وحققت نجاحات مضطردة .
وهناك شروط تساعد على نجاح العملية وتقلل من نسب الفشل مثل وجود المتبرع القريب المطابق وإجراء العملية في سن مبكرة لتفادي التأثيرات السلبية من تكرر إعطاء الدم وأهمها تراكم الحديد المخزون في الدم وحدوث إضطرابات في أعضاء حيوية في الجسم مثل القلب والكبد .
ومواكبة للتقدم الطبي في هذا المجال فقد أصبحت زراعة النخاع العظمي لمرضى الثلاسيميا من ضمن الأمراض التي يتم الزراعة لها مثل السرطانات المستعصية وأمراض نقص المناعة وأمراض إضطراب الاستقلاب وكذلك أمراض فشل النخاع العظمي .
تجربة مستشفى الملك فيصل التخصصي في زراعة النخاع العظمي لمرضى الثلاسيميا :
تم إجراء (62) عملية زراعة منذ عام 1998م إلى عام 2006م ، وقد شملت الأطفال المصابين بمرض الثلاسيميا بمختلف درجات المرض من بسيطة ومراحل متقدمة في المرض . وقد تم نقل النخاع من متبرعين أشقاء مطابقين وبصحة جيدة .
إجراءات الزراعة :
بعد الدراسات الدقيقة للمريض والمتبرع ، أدخل المرضى إلى وحدة العزل وأجريت العلاجات الطبية ومن ضمنها الكيماوية للتخلص من النخاع العظمي المريض ثم نقل النخاع الطبيعي بعد أخذه من المتبرع تحت التخدير العام . هذا ويبقى المريض فترة (3) ـ (4) أسابيع ثم يخرج من المستشفى ليتابع بشكل منتظم في عيادة زراعة النخاع .
نتائج الزراعة :
بعد الزراعة جرت متابعة المرضى منذ 1998م بصفة مستمرة ولا يزال 92% منهم يتابعون في المستشفى .
من الذين أجريت لهم الزراعة :
77% نجحت العملية تماماً وكللت بالشفاء من مرض الثلاسيميا وأصبحوا طبيعيون دون الحاجة لأخذ الدم أو أي أدوية أخرى ، ولم تحصل لهم أي مضاعفات مثل رفض النخاع أو عودة المرض من جديد أو حدوث مهاجمة للجسم من النخاع الجديد .
وبذلك تعتبر تجربة مستشفى الملك فيصل التخصصي في مصاف أكبر مراكز زراعة النخاع العالمية في أوروبا وأمريكا ، خاصة إذا علمنا أن أكبر مراكز إيطاليا نشرت عن (824) مريض أجريت لهم العملية وكانت نسبة النجاح 75% .
ونتيجة للنتائج الجيدة التي حققها مستشفى الملك فيصل التخصصي فقد شارك المستشفى في مؤتمرات عالمية وأختيرت التجربة السعودية لزراعة النخاع العظمي للطرح في مؤتمر الفدرالية العالمية لمرض الثلاسيميا عام 2006م . وقدمت دراسة مستشفى الملك فيصل التخصصي في زراعة النخاع العظمي في أهم المؤتمرات العالمية في الولايات المتحدة وأوروبا ورشحت لجائزة المؤتمر الأوروبي لزراعة النخاع عام 2007م .
د. عبد الله بن حسين الجفري
استشاري ورئيس قسم أمراض الدم أطفال
بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض