بسم الله الرحمن الرحيم
سوف نتحدث اليوم عن موضوع هام من انواع التدخل لذوي الاحتياجات الخاصه وهو التدخل المبكر لصعوبات التعليميه .
التدخل المبكر " الصعوبات التعليمية "
يعتبر موضوع صعوبات التعلم أحد الموضوعات الساخنة والمثيرة للجدل في ميدان التربية الخاصة . ولعل أبرز الموضوعات المثيرة للجدل في هذا الميدان هو نسبة الانتشار الواسعة لهذه الفئة ، والزيادة المطردة في أعداد الطلبة المعرفين ،فحسب إحصائيات الولايات المتحدة الأمريكية ، فإن أكثر من نصف الطلبة المخدومين تحت مظلة التربية الخاصة هم من فئة صعوبات التعلم ، إذ تبلغ هذه النسبة ما يقارب 51% من مجموع الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة .
تعزى الزيادة المطردة في أعداد الطلبة المعرفين ضمن فئة صعوبات التعلم إلى أسباب عدة منها: وعي المختصين المتزايد بجدية وخطورة المشكلات الأكاديمية والاجتماعية التي يظهرها هؤلاء الطلبة وإلى القبول الاجتماعي لفئة صعوبات التعلم مقارنة بفئات التربية الخاصة الأخرى حيث تشير الدراسات إلى ارتفاع نسبة الطلبة المعرفين بصعوبات التعلم وانخفاض أعداد الطلبة المعرفين بالإعاقة العقلية والسبب الأخير لهذه الزيادة يعزى إلى الحاجة المتزايدة للتعليم سواء على نطاق البيت أو العمل وتأتي أهمية برامج الكشف والتدخل المبكرين وبخاصة في مجال صعوبات التعلم, لكونها أحد أكبر فئات التربية الخاصة, ذلك أن الهدف الأساسي لمثل هذه البرامج هو تقليص أعداد الطلبة المخدومين عبر تقديم الخدمات في وقت مبكر وقبل أن تتفاقم مشكلات الأطفال .
الافتراضات التي نقيم عليها اهتمامنا بضرورة الكشف المبكر عن ذوى صعوبات التعلم :
o أن صعوبات التعلم التي يعانى منها الطفل تستنفذ جزءاً عظيماً من طاقاته العقلية والانفعالية، وتسبب له اضطرابات انفعالية أو توافقية تترك بصماتها على مجمل شخصيته، فتبدو عليه مظاهر سوء التوافق الشخصي والانفعالي والاجتماعي، ويكون أميل إلى الانطواء أو الاكتئاب أو الانسحاب وتكوين صورة سالبة عن الذات.
o أن الطفل الذي يعانى من صعوبات التعلم هو من ذوى الذكاء العادي أو فوق المتوسط، وربما العالي--- ومن ثم فإنه يكون أكثر وعياً بنواحي فشله الدراسي في المدرسة، كما يكون أكثر استشعاراً بانعكاسات ذلك على البيت---- وهذا الوعي يولد لديه أنواعاً من التوترات النفسية الإحباطات التي تتزايد تأثيراتها الانفعالية بسبب عدم قدرته على تغيير وضعه الدراسي. وانعكاسات هذا الوضع في كل من المدرسة والبيت.
o أننا حين لا نعمل على الاهتمام بالكشف المبكر عن ذوى صعوبات التعلم، إنما نهيئ الأسباب لنمو هؤلاء الأطفال تحت ضغط الإحباطات المستمرة، والتوترات النفسية-- وما تتركه هذه وتلك من آثار مدمرة للشخصية-- فضلاً عن إبعادهم عن اللحاق بأقرانهم، وجعلهم يعيشون على هامش المجتمع--- فيصبحون انطوائيين أو انسحابيين أو عدوانيين أو بصورة عامة أطفال مشكلين-- بما يترتب على ذلك من تداعيات تنسحب آثارها على كل من الطفل والأقران والبيت والمدرسة والمجتمع.
o أن الخصائص السلوكية لذوى صعوبات التعلم والمشكلات المرتبطة بها قابلة للتحديد والتمييز- على الرغم من تباين أنماط هذه المشكلات لدى أفراد هذه الفئة، إلا أن هناك خصائص سلوكية مشتركة يشيع تكرارها وتواترها لديهم وترتبط بنمط الصعوبة النوعية، التي تمثل فئات فرعية أو نوعية داخل مجتمع ذوى صعوبات التعلم- ومن ثم فهي تمثل نقطة البداية في أي برنامج للكشف عن ذوى صعوبات التعلم وتصنيفهم.
o أن المدرس هو أكثر الأشخاص وعياً بالمظاهر أو الخصائص السلوكية التي ترتبط بذوي صعوبات التعلم من حيث التكرار Frequency ، والأمد Duration ، و الدرجة Degree ، والمصدر Source. ولذا فإن المدرسين هم أكثر العناصر إسهاماً في الكشف المبكر عن ذوى الصعوبات- والمشاركة في وضع وتنفيذ البرامج العلاجية لهم خلال الأنشطة والممارسات التربوية داخل الفصل.
o أن المدرس هو أكثر الفئات المهنية قدرة على تقويم مدى فاعلية البرامج والأنشطة والممارسات التربوية، والتغير أو التقدم الذي يمكن إحرازه من خلال هذه البرامج أو تلك الأنشطة، بسبب طبيعة الدور التربوي والمهني الذي يؤديه من ناحية، وبسبب درايته واستغراقه، وخبراته بالأنشطة والمقررات الأكاديمية، التي قد يفشل فيها ذوى صعوبات التعلم في الوصول إلى مستويات الأداء المطلوبة من ناحية أخرى، مما يمكنه تقويم مدى التباعد بين الأداء الفعلي والأداء المتوقع.
o أننا حين نكشف عن السبب والنتيجة في العلاقة بين صعوبات التعلم العامة أو النوعية، والاضطرابات المعرفية والأكاديمية والانفعالية المصاحبة لها، نكون قد أسهمنا إسهاماً فعالاً في تهيئة الأسباب العلمية لإعداد البرامج العلاجية لذوى الصعوبات. حيث تختلف البرامج والأنشطة التربوية والعلاجية باختلاف كون صعوبات التعلم والاضطرابات المصاحبة لها سبباً أو نتيجة.
o أن الطبيعة المتباينة أو غير المتجانسة لذوى صعوبات التعلم تدعم اتجاه التشخيص الفردي لهم- وعلى ذلك يكون المدرس أقدر العناصر على تحليل السلوك الفردي للتلاميذ، من حيث أمده وتواتره وتزامنه- الأمر الذي يجعل تقدير المدرسين للخصائص السلوكية لذوى صعوبات التعلم أكثر فاعلية من استخدام الاختبارات الجماعية.
o أن المشكلة الرئيسية لدى التلاميذ ذوى صعوبات التعلم تكمن في شعورهم بالافتقار إلى النجاح، فمحاولات الطفل غير الناجحة تجعله يبدو أقل قبولاً لدى مدرسيه وأقرانه- وربما لدى أبويه حيث يدعم فشله المتكرر اتجاهاتهم السالبة نحوه- ومن ثم يزداد لديه الشعور بالإحباط- مما يؤدى إلى مزيد من سوء التوافق وتكوين صورة سالبة عن الذات- ويصبح هؤلاء الأطفال غير قادرين على الحصول على تعاون الآخرين، كالأقران والمدرسين والأسرة، مما يعمق لديهم الشعور بالعجز.