#1  
قديم 04-17-2011, 08:52 PM
الصورة الرمزية عبقرينو
عبقرينو عبقرينو غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 456
افتراضي نوبات الغضب عند الأطفال - الأسباب والمظاهر والعلاج

 

نوبات الغضب عند الأطفال - الأسباب والمظاهر والعلاج


حسين محيي الدين سباهي

نوبة الغضب هي انفجار عنيف للغضب، ويتجلى الغضب الشديد في فقدان السيطرة التام الذي يلاحظ في الصراخ، والشتم وتكسير الأشياء والتدحرج على الأرض.
والأطفال الأصغر قد يتقيؤون أو يتبولون في ملابسهم أو يحبسون أنفاسهم وفي حالات نادرة قد يهاجم الطفل الراشد جسديًا بالضرب أو الركل.
وتعتبر نوبات الغضب بين صغار الأطفال أمرًا طبيعيًا ولكنها نادرًا ما تكون علامة على وجود اضطراب انفعالي خطير.

وتنتشر نوبات الغضب في عمر «2- 4» سنوات عندما يُظهر الأطفال لأول مرّة نزعة سلبية أو استقلالية، ومع عمر «5 - 12» سنة يصبح بإمكانهم التعبير عن أفكارهم لفظيًا، وتميل نوبات الغضب إلى التناقص.
وتحدث بشكل متقطع في بداية سن المراهقة. وهناك قلة من الأفراد لا يتركون هذا السلوك مع تقدمهم بالعمر وتستمر نوبات الغضب عندهم وتظهر في سلوك الصراخ، والضرب، وقذف الأشياء وذلك في مرحلة الرشد.
وقد تكون تنشئة الطفل أقل عسرًا لو أنها كانت مهمة لا تتعدى تهذيب الخصائص التي تجد على الفرد حين يحاول أن يكيف حياته، وأن يستأصل شأفة الميول المرذولة التي تقف عثرة في سبيل نموه. غير أن الشخصية المتكاملة لا تقوم بأكملها على ما يمكن أن يسمى بالميول الاجتماعية مثل الحب والتعاطف والأمانة والإيثار، إذ إن الفرد يستشعر من الأمور ما هو أكثر سذاجة من تلك كانفعالات الغضب والكراهية والغيرة.

فالشخصية المتزنة التي تفيض كفاية وسعادة هي مزيج متناسق؛ من هذه الانفعالات ومن تلك الخصائص الخلقية، ويصدر عنه ضبط النفس وعادات التوافق. فإذا كان المرء من هذا الطراز كان من المألوف أن يقدر في تصرفاته ما يمس منها غيره سواء أكان ذلك في المنزل أم في المجتمع أم في العمل، حتى يصبح موقفه ووجوده بين أصدقائه وجيرانه وزملائه في عمله أصلًا لازمًا من الأصول التي يقوم عليها المجتمع. كما تشيع في علاقاته الهناءة ويصدر عنها الرضا والخير.

ومن ثم لم نكن بصدد مشكلة نرجو من حلها استئصال ميل غـريزي كالغضب، بل أن نصطنع التربية والتدريب وأن نساعد الطفل بذلك على ضبط ذلك الميل حتى يتمكن الصغير من السيطرة عليه، بدلًا من أن يسيطر الميل على الصغير. وإذا أردنا أن تكون لهذه السيطرة قيمتها وجدواها وجب أن تكون صادرة عن نفس الطفل لا مفروضة عليه من الخارج. وما الغضب الذي يكبت يومًا بعد يوم خوفًا من العقاب إلاّ انفعال حبيس يتراكم ويشتد حتى يصل إلى حد الانفجار، وإذا به كالآلة الفتاكة تنفجر دون توقع أو انتظار.

ولا ينبغي أن يفوت الآباء أن الإغراق في الاهتمام بتنشئة الطفل فيه من الخطر الداهم قدر ما في إهمال ذلك، وأن هناك من الميول التي تتنافى وأصول الحياة الاجتماعية ما يظهر من الطفل أثناء نموه مع أنها في الواقع دليل على سوائه وسلامة ميوله، فما أشد تفاهة الصبي الذي لا يغضب لشيء، وما أكثر غباء الطفل وبلادته إذا لم تظهر إرادته بعصيانه الأوامر أحيانًا، بل ما أعجب طفلًا لم يدفعه حبه للاستطلاع في بعض الأحايين إلى الإتلاف والتحطيم. وما أتفه عقلية الفتى الذي لا يُعْمِل خياله ويقيم العوالي والقصور، بل أحيانًا لنجد أن الطفل الذي تخلو نفسه من نوازع الخطيئة والشر إن هو إلاّ امرؤ تبلدّ، لا يستجيب لما يحيط به، وقد خلت نفسه مما يقوم بنفوس الناس ويدفعها إلى العمل والنشاط.

ومع هذا فإن الغضب قد يصير قوة تطغى وتعصف بحياة الفرد، لأنه انفعال شديد وهو العلّة لكثير من أنواع التشرد التي قد يرتكبها الأطفال، وهو الدافع إلى ارتكاب نسبة غير صغيرة من الجرائم الخطيرة في حياتهم بعد ذلك، وهو أحد خصائص الشخصية التي ينالها الصقل والتهذيب دومًا من أولئك الذين يحنون على الطفل ويعنون بأمره. ونحن في هذا البحث نعرض لظروف البيئة ومواقف الآباء التي تؤدي إلى إثارة نوبات الغضب عند أطفالهم حتى يصل الأمر بهم إلى الإدمان والشذوذ، مع طرق الوقاية وسبل العلاج.

كثيرًا ما يثور الغضب إذا عطل أي ميل من الميول الغريزية أو سدت أمامه السبل. فما أكثر ما نرى طفلًا صغيرًا يثور غاضبًا على الكتل الخشبية التي لا تريد البقاء واحدة فوق أخرى، أو على قطاره الصغير إذا رفض المسير والحركة، وإذا بالصغير يشرع في كسرها وتحطمها لأنه عجز عن تركيبها أو دفعها إلى الحركة وفقًا لرغبته، والكبير حذو الصغير يبدو من كليهما الغضب إذا وقفت أمام رغباته عقبة أو جرحت كبرياؤه واعتزازه بنفسه. بل إن الخوف إذا لم يجد له متنفسًا في الهرب قد يؤدي إلى إثارة الغضب، ومثل ذلك في الحيوان إذا سدت أمامه السبل. فالغضب إذن ينتج عن عدة أسباب في البيئة التي يعيش فيها الفرد وقد يظهر على أشكال كثيرة متباينة.

وقد يكون غضب الطفل في بعض الأحايين رد فعل طبيعي على المواقف الواضحة وضوحًا لا خفاء فيها، كحالة الغضب التي تأتي ويكون جل عوج الطفل فيها استجابة على إحناق أخته الصغيرة إياه، وفيما يتصل بسلوك الأطفال لا ينبغي أن نكتفي من أن فعلًا معينًا كان مظهرًا من مظاهر الغضب، بل يجب إلى ذلك أن نحدد السبب الذي أثار الغضب إذا استطعنا ذلك. فلو أنه قد عرضت علينا مشكلة طفل قد دأب منذ أسبوعين على تحطيم زجاج النوافذ، ووجدنا أنه لم يكن يحطم الزجاج إلاّ عند غضبه وهياجه، كان علينا بعد ذلك أن نكشف الظروف والأحوال التي تحيط به فتؤدي إلى إثارة انفعال الغضب. فقد نجد في هذه الحالة بالذات أن الغضب كان نتيجة من نتائج الغيرة. على أنه قد يستثار كذلك إذا شعر الصغير بعدّة أمور أخرى مثل: السخط على عقاب يعتقد الطفل أنه لا يستحقه، أو مثل الخيبة في دروسه أو ألعابه. ولهذه النقطة أهمية أساسية في دراسة مشكلات الأطفال التي يشيع فيها الغضب، لأن لب الأمر ليس الغضب في ذاته إذ إنه ليس سوى علامة تنذرنا بالخطر وتدفعنا إلى البحث عن الأسباب العميقة التي تبعث إليه.

ويعتمد ضبط الغضب على تكوين بعض أشكال الكف والمنع، فإذا أردنا أن ينشأ الطفل إنسانًا نافعًا يحكم قياد نفسه كان من اللازم أن نغرس فيه منذ مطلع أيامه تلك القوى التي تكفه وتمسك زمامه. وأهم ما ينبغي أن يتعلمه الطفل هو أن الميل الطبيعي إلى الانتقام والأخذ بالثأر لا يجديه نفعًا. ومن مظاهر الغضب الشائعة في الأطفال ما يسمى بنوبات الطبع، وهو انفجار لايمكن ضبطه يدفع إلى الرفس والصياح، بل هو مظاهرة تمثيلية بدنية تدل على حنق الطفل. وعلى خلاف هذا نجد بعض الأطفال إذا غضبوا لازمتهم الكآبة والعبوس.

والموقف الثاني هو أكثر الموقفين إيذاء للطفل، لأنه كثيرًا ما ينتهي به إلى الهم وإلى ضروب من الهواجس المريضة التي يشيع فيها الضغن، حتى لقد تدفع تلك الميول بالطفل شيئًا فشيئًا إلى الانطواء حول ذاته، وتؤدي إلى ضياع طاقته في أفكار مخبوءة عمَّا يقع به من مظالم وهمية، وما يحل به من اضطهادات هي نسيج خياله.

وهكذا يصير الطفل مرير النفس محنقًا من الحياة. ومع هذا فإن نوبات الطبع تنتهي في العادة إلى مظهر من مظاهر السلوك الممقوتة تبقى حينًا ثم يصفو الجو ويعتدل الطفل حتى تحين ظروف أخرى تدعو إلى إثارة الغضب.

ويقول الاختصاصي النفسي ألبرت تريشمان (AlBERT TRIESHMAN) إن نوبة الغضب ليست حادثة هدامة فردية، وإنما هي سلسلة أحداث، متطورة خلال مراحل مختلفة تبدأ بالمرحلة الأولى المألوفة لكل أب وتعرف بمرحلة التذمر والدمدمة: (RUMBlING GRUMBLING) حيث يبدأ الطفل بالدمدمة والتذمر، ويظهر عليه النكد ويدور في البيت مقطبًا، ولا شيء يرضيه، بغض النظر عن النشاط الذي تقترحه.

فالطفل يتوتر وينزعج وتنفجر نوبة الغضب لديه لدى تعرضه لأي استفزاز أو نقد من قبل الأبوين، وعند ذلك يصرخ الطفل، ويحطم الأشياء وإذا قاوم الطفل جهود أبويه للسيطرة على انفعاله، فقد يزيد من معارضته لأقوال والديه أو أفعالهم.

فإذا قلت للطفل اهدأ فإنه يصرخ، لأن هذه المرحلة هي مرحلة (لا.. لا) ومن الأفضل أن تقول للطفل في هذه الحالة «ستصبح مسؤولًا عن نفسك - رجلًا مثلًا - عندما يصبح بإمكانك وقف كل هذا الصراخ» عندها تبدأ نوبة الغضب بالهدوء والزوال تدريجيًا ويحل الاكتئاب محل العدوان أما المرحلة الثانية فهي المرحلة التي يقول فيها الطفل «اتركني وحدي» حيث يصبح الطفل فيها حزينًا وهادئًا، ومع أنه لا يريد التفاعل مع والديه إلا أنه قد يقبل كأسًا من الشاي أو الماء. وفي الأخيرة مرحلة بقايا نوبة الغضب أو ما بعد نوبة الغضب يكون فيها الطفل متعبًا محمر الوجه، ومستعدًا لمتابعة نشاطه العادي. وقد يتصرف وكأن شيئًا لم يحدث. هذا ومن الجدير ذكره أن الطفل يلغي نوبة الغضب إذا شعر بأن والديه يعتبرانها حالة هيجان حول قضية تافهة، وهكذا يبدأ الطفل بالقيام بمحاكمة عقلية بدلًا من الاندفاع في ثورة غضب أعمى كما تميل فترة غضبه التي تعقب ثورة الغضب إلى القصر، هذا ما يميز سلوك الطفل في مراحل نموه ونضجه المتكاملة انفعاليًا وعقليًا وجسديًا... ومن علامات النضج أيضًا ردود الفعل الهادئة عند الطفل بعد نوبة غضب والتعبير عن الندم والمحبة للوالدين. وعندما تصبح نوبات الغضب طريقة مفضلة عند الطفل لحل مشكلاته وبشكل دوري فإنها تعكس مشكلة سلوكية خطيرة، تحتاج إلى الإرشاد النفسي اللازم حرصًا على عدم تطورها إلى اضطراب يتبدى بأنماط سلوك غير سوية تحتاج للعلاج النفسي. إن التكيف مع غضب الأطفال يمكن أن يكون محيرًا ومزعجًا ومثيرًا للقلق عند الأبوين، ومصدرًا لإثارة الغضب عندهما.

 

رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 المكتبة العلمية | المنتدى | دليل المواقع المقالات | ندوات ومؤتمرات | المجلات | دليل الخدمات | الصلب المشقوق وعيوب العمود الفقري | التوحد وطيف التوحد  | متلازمة داون | العوق الفكري | الشلل الدماغي | الصرع والتشنج | السمع والتخاطب | الاستشارات | صحة الوليد | صحة الطفل | أمراض الأطفال | سلوكيات الطفل | مشاكل النوم | الـربـو | الحساسية | أمراض الدم | التدخل المبكر | الشفة الارنبية وشق الحنك | السكري لدى الأطفال | فرط الحركة وقلة النشاط | التبول الليلي اللاإرادي | صعوبات التعلم | العوق الحركي | العوق البصري | الدمج التربوي | المتلازمات | الإرشاد الأسري | امراض الروماتيزم | الصلب المشقوق | القدم السكرية



الساعة الآن 06:04 AM.