«أطفال التوحد» ينتظرون إنشاء مراكز متخصصة تعيدهم إلى الحياة!
الرياض، مكة المكرمة، جولة- علي الحضان
نظمت جمعية أسر التوحد الخيرية بالتعاون مع مكتب "الصرح للسياحة والسفر" رحلة عمرة مجانية لأسر التوحد التابعة للجمعية، حيث تولى المكتب عمل حجوزات الذهاب والعودة على حسابه الخاص لمجموعة كبيرة من الأسر، فيما تكفل فاعلو خير بتأمين السكن لهم قريباً من الحرم، وشاركت "الرياض" إعلامياً في تغطية المناسبة، ونقل التجربة؛ طمعاً في تنمية وعي أفراد المجتمع تجاه التوحد، وحث المسؤولين على تلبية مطالب الأهالي، وتحفيز أهل الخير والمحسنين في دعم مثل هذه المبادرات الإنسانية لجميع الفئات المحتاجة في المجتمع.
وكانت "الرياض" قد صاحبت تلك الأسر في هذه الرحلة, ورصدت مشاعرهم وفرحتهم التي لا توصف بمشاهدة الحرم والكعبة المشرفة، حيث إن بعضهم يؤدي العمرة للمرة الأولى، والبعض الآخر له فترة طويلة عن زيارة الحرم وسط أجواء حميمية وتآلف بين الأسر، ومما زاد فرحتهم تزامن زيارتهم مع هطول أمطار غزيرة على مكة المكرمة, كما أدوا الصلوات في الحرم الشريف وألسنتهم تلهج بالدعاء أثناء نزول المطر بالشكر لله، أولاً ثم لمنظمي تلك الرحلة.
"الرياض" خلال جولتها التي استمرت ثلاثة أيام بلياليها بدءاً من سفرهم من مطار الملك خالد الدولي بالرياض حتى وصولهم مطار الملك عبد العزيز بجدة، ونزولهم وهم محرمون واصطحابهم أحد الباصات الذي أقلهم إلى مقر سكنهم بمكة المكرمة وتبرع به فاعلو خير طلباً لثواب الله, وذهابهم إلى الحرم على أقدامهم بين جموع المعتمرين، حيث أدوا مناسك العمرة سوياً وسط أجواء ممطرة يوم الأربعاء والخميس الماضيين؛ برفقة "الرياض"، وبعد انتهائهم من مناسك العمرة، توجه الجميع إلى أحد المطاعم لتناول وجبة العشاء سوياً فرحين مستبشرين بهذه الرحلة.
مشاعر صادقة
والتقت "الرياض" مع "بشير الشمري" -والد طفل توحدي عمره تسع سنوات- والذي أعرب عن شكره للجمعية التي مكنته من زيارة الحرم المكي الشريف، مبدياً سعادته بلقاء بقية أسر التوحد التي رافقتهم؛ مما أوجد شعور الارتياح والتعارف بينهم، وتبادل الخبرات التربوية والسلوكية في التعامل مع أبنائهم التوحديين.
وقال "عبدالحميد الرشيد" -والد لطفلين توحديين- إن معاناتنا كبيرة ولا يتصور تلك المعاناة إلاّ الذي يحس فيها؛ فأطفالي اثنان "عمر ونهى", وأصرف عليهما شهرياً مبلغاً وقدره 2000 ريال منذ خمس سنوات، إضافة إلى 36 ألف ريال رسوم الدراسة السنوية في المدارس الأهلية، وذلك بسبب عدم توفر مراكز حكومية خاصة لهم، وهذا فيه ارهاق ومعاناة علينا.
وتحدث "عبد الرحمن الحوطي"، قائلاً: أحمد الله سبحانه وتعالى على هذه الرحلة، وأشكر الجمعية وفاعلي الخير على تسهيلها, حيث إنني لم أزر الحرم منذ أربعين عاماً، وحققت لي الجمعية أمنيتي في تلك الزيارة، وتأدية مناسك العمرة، ولا يسعني في هذا المقام إلاّ أن أتقدم بالشكر لسمو الأميرة سميرة بنت عبد الله الفيصل الفرحان رئيسة جمعية أسر التوحد الخيرية أصالةً عني ونيابة عن أسر التوحد الذين رافقونا في هذه الرحلة المباركة.
وعبّر الشاب "فهد النخيلان" عن جزيل شكره وامتنانه للجمعية ول"الرياض" التي كانت خير صاحب لأسر التوحد في هذه الرحلة، ولجهود المشرفين على الرحلة صالح الفهد ومرضي العنزي، حيث تم خلالها زيادة التعارف بين الأسر، ومناقشة أوضاع فئة التوحد، وتبادل الخبرات في فن التعامل مع هذه الفئة الغالية من أخوة وأبناء توحديين.
رحلة «الدعم النفسي» انتهت إلى تخفيف المعاناة..«لا تشتكي لي أبكي لك»!
مطالب ملحة
وتواصلت "الرياض" مع أمهات فئات التوحد، حيث كان لقاؤها مع "أسماء الطلحة" -والدة خالد من فئة التوحد وتعمل أخصائية اجتماعية في إحدى مدارس البنات بالرياض- وتحدثت عن معاناة ابنها، وقالت: ولد ابني خالد ولادة طبيعية وبحمل طبيعي، وتحدث وبدأ المشي وتحكم في مخارجه في السن الطبيعي، إلاّ أنها في السنة الرابعة بدأ عليه النشاط الحركي الزائد وتشتت الانتباه؛ فلم يعد قادراً على النطق السليم، وبدأ بكثرة الكلام والثرثرة، وفعل الحركات الغريبة، ولم يقم باللعب مع أقرانه والاندماج معهم, وفي سن الخامسة بدأ التدخل العلاجي ولكن للأسف لم أجد إلى الآن -وهو في سن السادسة عشرة- التشخيص السليم، والعلاج الطبي الناجح، ولا الإيواء أو المركز المختص لاستقباله؛ مع أنه يملك القدرات من الذكاء والفطنة التي تجعله من الشبان النافعين في المجتمع.
وناشدت أم خالد المسؤولين باسم أمهات أطفال التوحد بتخصيص مراكز حكومية لهذه الفئة الغالية لتخفيف الأعباء المالية التي تثقل كاهل أسرة التوحد؛ أسوة بمراكز المعاقين والمكفوفين التي وفرتها الدولة -حفظها الله-, ونأمل بلفتة أبوية من خادم الحرمين الشريفين لأطفال التوحد الذين تجاوز عددهم في المملكة أكثر من 250 ألف طفل توحدي حسب الدراسات التي تشير إلى ذلك.
وقالت "أم أحمد" الحمد لله الذي امتن علينا بهذه الرحلة وأداء العمرة، وجعل ذلك في موازين القائمين عليها, وشكرت الله على ما قدّر عليه وأنعم عليها بنعمة الصبر والتحمل للمسؤولية تجاه ابنها؛ بالتعاون مع والده، ولعل الله قد اختصهما بدرجة في الجنة لقاء الاحتساب والاحسان في هذه المسؤولية، وشكرت جمعية أسر التوحد على الدور الكبير الذي تبذله في إسعاد هذه الفئة ومحاولة التخفيف من معاناتهم وتنظيم اللقاءات بينهم.
وأضافت:"إنني لا أنام الليل في أغلب أوقاتي لمراعات حالة ابني أحمد، وأرهقتني المصاريف الخاصة التي يحتاجها الطفل؛ فعمره سبع سنوات وأقوم بشراء فيتامين وعلاج تركيز شهرياً بمبلغ 700 ريال، إضافة إلى الجلسات التي يأخذها الطفل بمعدل عشر مرات في الشهر بمبلغ 1500 ريال، مطالبة بتوفير مركز خاص لأطفال التوحد.
الدعم النفسي
وأكدت سمو الأميرة "سميرة بنت عبدالله الفيصل" -رئيس جمعية أسر التوحد الخيرية- على أن الجمعية مستمرة بدعم من الموسرين في مثل هذه الزيارات لأسر التوحد.
وقالت إن الدعم النفسي من أهم أهداف الجمعية، كما أن تواجد الأسر مع بعضهم يساعدهم على تحمل المعاناة التي يمرون بها, مشيرة إلى المطالبات المستمرة لإيجاد مقر حكومي دائم لأسر التوحد..وكفانا مؤتمرات وندوات ومحاضرات، نريد أن ننفذ على الواقع ويؤمن مركز لهؤلاء التوحديين.
وقدمت شكرها ل"الرياض" على مرافقتها أسر التوحد، وقالت:"هذا ليس بغريب على جريدة الإنسانية التي من خلالها يصل صوت الجميع للمسؤول، وتقضى حاجاته بإذن الله, والشكر موصول لكل من تكفل وساهم في مصاريف هذه الزيارة الكريمة لبيت الله الحرام".
« آخــر المشـاركــات »
03-30-2011, 09:44 AM
«أطفال التوحد» ينتظرون إنشاء مراكز متخصصة تعيدهم إلى الحياة!
العرض الشجري