اندماج المكفوفين في المدارس العامة بين الدوافع والعقبات
تمهيد:
منذ أن وجد الكفيف الأول، عندما شاء الله ذلك، وهو يعيش إلى جوار نظيره المبصر جنبا إلى جنب في بيئة واحدة دون تفرقة أو تمييز،فكلاهما بشر خلقه الله تعالى لعبادته وتوحيده والاستعانة به في تسخير ما منحهم فيعبادته وحده وإعمار الأرض واستمرارالحياة ، لا يكلف اللهنفسا إلا وسعها ، ولقد اصطفى الله من البشر رسلا جعلهم مصابيح الهدى وخيار الخلقوجعل خطيبهم تشعيبا نبيا أعمىدعيإلى الله وبلغ رسالته ونصح لقومه ، ولقد كرم الله الأعمىعندما عاتب فيه نبيه فخلده في كتابه مثلا لمن أبصر بقلبه ماعمي عنهكثير من المبصرين في زمانه ، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي فيالصدور،وعندما لم يأذن النبي الكريم لصاحبهالأعمى بان يصلي في بيته ،رغم وعورة الطريق وافتقاد الدليل ، كان ذلك مكرمة له يرفععنه كل شبهة قد تمس إيمانه فإنما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الآخر، وفيالمساجد يتشاور المؤمنون فيشاركهم المشورة وتدرس العلوم فينهل منها ، فالمسلمونسواسية عند الله وفيما بينهم كأسنان المشط لا فرف في ذلك بين بصير ومبصر.
هكذا قرر ديننا سنة متبعة وشريعة محكمة قبل أن يعترف الغرببإدراكهالمتأخرأربعةعشر قرنا من الزمان في قانونه الشهيرالتربية للجميعوالذي إتخذه شعارا انطلق منه إلى دعوة قوية مصحوبة بدعاية واسعة نحودمج الأطفال المعاقين مع الأطفال غير المعاقين في أكثر الظروف ملائمة واقل البيئاتتقييداChigier ,163 ) )
والاندماج بمعناه الحديث واحد من من أكثر موضوعات التربيةالخاصةإثارة للجدل وتعددا في وجهات النظروقد لعب التميز العلمي دورا بارزا في التمييز بين الدول المتقدمة والنامية في هذاالموضوع ، ففي الدول المتقدمة ، وفي مقدمتها إيطاليا والولايات المتحدة وبريطانيا ،اعتمد الدمج على التخطيط العلمي السليم والدعم القوي من قبل العديد من أجهزة هذهالدول كالمؤسسات العلمية ووسائل الإعلام ومراكز البحوث ،أمافي الدول النامية فقد تبنته بعضالمؤسسات من منظور التبعية والتقليد والانجذاب إلى بريق الحداثة دون تخطيط سليم أودراسات مسبقة أو توعية مجتمعية وأحيانا دون إعداد الفريق المهني المتخصص اللازملتنفيذه .، وخاصة مع وجود مناخ اجتماعي تسوده العديد من الاتجاهات السلبية والأفكارالخاطئة عن قدرات المكفوفين وإمكانياتهم، وبين قصور الإعدادوقسوة الاتجاهات فضل العديد منالمكفوفين البقاء فيمجتمعهم المعزول الذي وفر لهم من الأمن والحماية ما عجز المجتمع الكبير أن يوفرهلهم .
إحتياجات خاصة أم مهارات خاصة ؟
اعتدنا وكذلك تعود غيرنا من وسائل الإعلام والمهتمين ، بل والعديدمن المكفوفين أنفسهم ، أن نستخدم في حديثنا وكتاباتنا مفهوم زوي الحاجات أوالاحتياجات الخاصة للتعبير به عن تصنيف يضم في داخله المكفوفين إلى جانب فئات أخرى، وليس هذا هو المجال المناسب لطرح هذا الموضوع ، وربما نتعرض له في موضوع مستقلخاص به ،ولكنيأجد نفسي مضطرا هنا لإثارة عدد منالتساؤلات :
1- إذا كنا نرفضالإعاقة ونتحرج منها فكيف نؤكد الاحتياج ونعرف بين الناس به ؟
2- ألم يشبعالمكفوفون احتياجاتهم من خلالمهارات خاصة فتحت أمامهمأبوابا من المعرفةومكنتهم من العمل في مجالات لم يكن التفكير فيها قبلذلك أمر مباح ؟
3- وهل يعد محتاجا منيرى بيديه ويقرا بأنامله ويتواصل مع العالم من فوق سريره بحاسوبه الصغير والى جواره من المبصرين من لا يعرفكيف يفرق بين الباء والتاء ؟
4- وأخيرا ألا تتفقون معي أن تنمية المهارات أعظم غاية من تلبيةالاحتياجات ؟