سأظل بالحياة أنبض
يكون الطفل سويا ويحيا حياة هانئة ما دام يحس أنه كائن مرغوب يفهمه الآخرون ويفهمهم وأنه مثله مثل الاطفال الذين حوله فلا يقل عنهم أو يحيا دونهم . وحين يصاب بضعف في جزء من جسمه أو عقله أو نفسه فان شعورهم يختلف عن غيرهم من الأطفال وكأغيرهم فانه من الممكن ان يشعروا بالسعادة اذا وجهت لهم عناية خاصة فقدمت لهم المساعدة المبنية على المحبة والتي تهدف الى جعلهم مماثلين لبقية الأطفال فلا تقلقهم مشاعر الدونية أو القصور .
أن المعاق انسان يشعر أنه ليس كغيره فهو ينتبه الى نفسه ويجمع اهتمامه حول ذاته ويبدأ القلق يساوره لأنه لا يملك مثل ما يملك غيره فتستيقظ حساسيته وتتفتح قدراته فيكتسب الكثير ويجمع الكثير من الخبرات فاذا توجهت هذه الخبرات صوب الايجابية والانجاز كان منه خيرا لا حد له .
لقد كان (بيرون) اعرج وقد آلمه ولا شك وعيه ذات يوم أنه اعرج ولعله قد خشي الناس او ابتعد عنهم وتشاء الصدف السعيدة ان يطالع الشعر او يصغي الى شعر غيره فيتجاوب مع القوافي والرصف الجميل ثم يبدأ في محاولة صياغة الشعر فيأتي بالعظيم الرائع منه الذي لفت انظار العالم اليه وكان كأنه يقول للناس : انني اعرج هذه الحقيقة ولكن الا ترون انكم مقعدون امام عظمة اشعاري؟
فلماذا لا يعوض كل الذين اصابهم عرج ولماذا لا يرتقي كل العمى الى منزلة ابي العلاء فالعرج ليس هو الذي صنع (بيرون) والعمى ليس هو الذي صنع لزوميات المعري.
وانما هو الاثارة والتنبيه واثارة الطاقة الكامنة في اعماقه والراقدة في عقله الباطن فتستيقظ قوى النضال في نفسه ويتفتح وعيه ويجد أن كل شيء من حوله يمكن ان يعينه ويدعمه ويضيء جوانب نفسه واذا به يكتشف ذاته في يوم من الايام فيرى نفسه جزءا عظيما من كل عظيم . .
ان مصيبة الكثيرين من المعاقين والأسوياء انهم يفتقدون الى الرؤية الواضحة السليمة لقد عميت بصائرهم واحاطت كالضباب الأسود بافاق شخصياتهم فلم يعودوا قادرين على رؤية الجمال في الاشياء الجميلة .