الخطوة ترسم "خريطة طريق" جديدة للتعامل مع هذه الفئة
مراكز تجارية تمد يدها لتشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة
عبدالعزيز العامر
الاحساء - تقرير: صالح المحيسن:
تشعر بالاحترام الجم والتقدير الكبير يخالجك وأنت ترى فئة من الشباب تعتمد على نفسها، رغم ما تعاني "منذ أن ظهرت على هذا الوجود" من نقص يتفاوت من شخص إلى آخر في قدراتهم العقلية، وكان هذا الأمر حتى الأمس القريب سبباً في انطوائهم ورفض المجتمع لهم، إلا ان ما أقدمت عليه وزارة التربية والتعليم ممثلة في قسم التربية الخاصة في الوزارة وأفرع إدارات التربية والتعليم ولسنوات طويلة أثمر عن بروز مرحلة نوعية جديدة، حيث بات جميع أفراد هذه الفئة يزاحمون غيرهم من الأسوياء في العمل اليدوي حتى لا تكاد تفرق بينهم.
تلك النقلة التي أخرجت هذه الفئة من انزوائها في المنزل شجعت أرباب الأعمال على ضم عدد ليس بالقليل منهم للعمل لديهم، رغم أن أرباب المحلات التجارية يحرصون دائماً على بذل مبالغ كبيرة لاظهار محلاتهم في أحسن حلة طمعاً في جذب أعين الزبائن نحو داخل المحل ويبذلون في ذلك الأموال الطائلة في تصميم ديكورات مميزة!.
وبقدر الحرص ذاته تجد تلك المحلات تنتقي العمالة الذين يتمتعون بقدر لا بأس منه من الوسامة والشياكة سواء في الشكل أو الملبس أو حتى النطق واللباقة، كل ذلك من أجل إرضاء الزبون أو الزبونة ليكون هذا المحل أو هذا المتجر مقصداً لأولئك الزبائن الذين يهتمون ب "الاتيكيت" في كل شاردة وواردة.
إلا أن مركزاً تجارياً كبيراً في محافظة الاحساء خالف كل تلك الأعراف والمسلمات، وقام بتوظيف مجموعة من ذوي الاحتياجات الخاصة للعمل لديه!!.
يقف حسن حبيب " 24سنة" بجوار المحاسب بكل ثبات واحترام ليضع مشتريات الزبائن في الأكياس الخاصة، لينقلها إلى العربة مودعاً الزبائن بابتسامة مملوءة بالبراءة، ويشعر بالسعادة أمام أقرانه وكذا أمام والده الذي شجعه على العمل.
وليس ببعيد عن حسن يقوم سلمان المكلف " 20سنة" بصف البضائع على الأرفف بشكل يلفت نظر الزبائن، حيث يحرص على أن تكون مرصوصة بشكل دقيق وجميل، فيشعر بالأنس عندما يسمع كلمات الثناء على حسن أدائه من رئيسه في العمل.
وفي مكان آخر رأينا أحمد الجبران وحبيب البن صالح يعملان بكل جدية وفي صمت حرصاً منهما "وفقاً لما يقولان" على عدم ازعاج الزبائن.
وعن البوابة الخارجية يدفع يوسف الحسن عربات الزبائن موصلاً لهم مشترياتهم ليقوم بوضعها في السيارة مودعاً إياهم ببعض الكلمات المحببة لدى الزبائن اعتاد أن يقولها في كل مرة.
عبدالعزيز علي العامر قال ان انطلاقة توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة كانت قبل سنوات، حيث تقدم مجموعة من الشباب ذوي الاحتياجات الخاصة وعلى الفور قبلت بتوظيفهم، وبالفعل انخرط في العمل نحو خمسة عشر شخصاً ومنحناهم مرتبات جيدة كما نعطي الشخص السوي تماماً لا فرق، مؤكداً انه لمس في هذه الفئة أداء العمل بكل جدية وانهم يؤدون عملهم على أكمل وجه وهم يحترمون أنفسهم وعملهم كما انه يشعر انهم من النوعية التي تتمسك بعملها وتخلص له، لذا يجدون منهم كأصحاب محل كل حب وتقدير واحترام، مبيناً ان هذه الصفات اتضحت من خلال عدم تلقيهم أي شكاوى من الزبائن على أحد منهم.
وأكد الأستاذ سعيد بن عبدالله الخزامين مشرف التربية الخاصة سابقاً في إدارة التربية والتعليم في المنطقة الشرقية وتعليقاً على أهمية وعي المجتمع ما يحقق الأثر الإيجابي على مستويات هذه الفئة من الناحية التربوية والاجتماعية والنفسية، وذلك مشاركة من القطاع الخاص تحقيقاً لاستراتيجيات الدولة في دمج ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة في المجتمع، مشدداً على استمرارية هذا التوجه عند أفراد المجتمع نحو هذه الفئة سوف يحقق أعلى مستويات الوعي والاستثمار لهذه الطاقات.
http://www.alriyadh.com/2008/12/17/article395517.html