عندما يقف أستاذ الجامعة في مواقف ذوي الاحتياجات الخاصة
عبدالرحمن بن عبدالعزيز الهزاع
هناك فئة غالية على قلوبنا شاءت إرادة الله أن تصاب بعض حواسهم، أو أعضائهم بعجز كلي أو جزئي مما جعلهم يعيشون حياتهم على نحو مختلف من حيث الاحتياجات ووسائل الرعاية والاهتمام. ذوو الاحتياجات الخاصة لا يكاد يخلو منهم مجتمع صغير أو كبير، وتختلف هذه الاحتياجات باختلاف نوع العجز الذي يعاني منه المرء.
الجميع يتفق أن هذه الفئة يجب أن توفر لها كل المستلزمات لمساعدتها على العيش بكرامة وارتياح وبما يخفف عنها، ولو جزئياً، المعاناة مما أصابها من عجز. أعلم أن لدينا جهات أسندت إليها بشكل كبير مهمة الرعاية بذوي الاحتياجات الخاصة وتلمس احتياجاتهم، ولكن واقع الحال لدينا لا يزال يقول إن هناك نقصاً كبيراً في ثقافة التعامل مع هذه الفئة وأهمية تضافر جهود كل القطاعات التي لها صلة، ولو لم تكن مباشرة، بتحركات ذوي الاحتياجات الخاصة لتمكينهم من التغلب على مشاكل الحركة والتواصل.
الوضع الذي يعيشه أفراد هذه الفئة لا يسر الخاطر، وخاصة من يضطر لاستخدام الكراسي المتحركة في التنقل والوصول إلي الأماكن، ودعونا ننظر إلى القضية بموضوعية وتجرد. الفكرة ليست في أن نخصص مكافأة شهرية لكل فرد يعاني من نوع من العجز الجسدي، والفكرة أيضا ليست في أن نوفر له سيارة مجهزة تعينه على الحركة في الخارج. الموضوع أكبر من ذلك بكثير. ما فائدة أن يستقل هذا المحتاج سيارته المجهزة مع كرسيه المتحرك وعندما ينزل منها في أي شارع أو أمام أي مصلحة حكومية لا يستطيع أن يتحرك لوحده لعدم توفر المسالك المخصصة للكراسي المتحركة. غالبية منشآتنا الحكومية والأهلية والترفيهية، وحتى مساجدنا تفتقر إلى الحد الأدنى من احتياجات هذه الفئة ومن أبسطها مواقف السيارات ودورات المياه ومسارات الكراسي المتحركة.
في المدن خارج المملكة لا تجد حافة رصيف عند التقاطعات إلا وتم خفض مستواها إلى مستوى الطريق العام كي يتمكن صاحب الكرسي المتحرك من السير والانتقال من مكان إلى آخر دون الحاجة إلى أن يكون معه من يحمله أو يرفع له مقدمة الكرسي. نحن مع الأسف نفتقر إلى هذه الخاصية في كل مدننا، وأرصفة شوارعنا لو نزل منها صاحب كرسي متحرك لأصيب بشلل رباعي ولو كان سليماً معافى.
في خارج المملكة أيضاً، نجد أن أفضل مواقف السيارات وأقربها من الأبواب الرئيسية مخصصة لمركبات ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا يمكن لأحد من عامة الناس أن يجرؤ ويقف في أحدها لأن هناك ثقافة التعامل، وهناك عقوبة النظام لمن يخالف، وعندنا نتسابق للظفر بهذه المواقف إلى درجة أنني رأيت في مواقف إحدى جامعاتنا أستاذاً يوقف سيارته بلا مبالاة في موقف مخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، فما بالك بمن هم أقل منه ثقافة وإدراكاً لأهمية إعطاء هذه الفئة حقها وتوفير احتياجاتها.
دعونا نستفيد من تجارب الآخرين ونعيد النظر والتفكير في آليات التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة ؛ فهم أقارب أو معارف لنا، أو مواطنون ومقيمون لهم حق علينا. المسؤولية مشتركة بين المواطن والمسؤول فلا يكفي أن توضع تشريعات وعلامات إرشادية لا يتم الالتزام بها حتى من المثقفين، ولا يكفي أن ندفع إعانة لهؤلاء المحتاجين ونوفر لهم مركبات خاصة كي يبقوا داخل منازلهم لعدم توفر تسهيلات لهم في الطرق والممرات تسهل لهم التنقل والتواصل مع الآخرين والانخراط في الوظائف مثلهم مثل بقية الأشخاص العاديين.
http://www.alriyadh.com/2012/09/02/article764723.html