أهم الاستراتيجيات العامة التي يمكن أن يتخذهاالمعلم:
أولاً: بناء بيئة إيجابية داعمة:
(Establish a positive and supportive climate)
عملية ضبط الطلاب وإدارة سلوكهم، تتطلب توجهاتتربوية واضحة، تراعي احتياجات الأطفال الأساسية للتعبير عن أنفسهم ومشاكلهم. ومنإحدى هذه التوجهات الأساسية، التوجه الذي يؤكد على خلق بيئة تربوية إيجابية وداعمة. حيث يعتمد هذا التوجه على استعمال المحفزات الخاصة والدقيقة مع الطالب، كوسيلةللمعززات الإيجابية، سواء أكانت لفظية أم كتابية، أو أمام الطلاب الآخرين أو بشكلفردي، واحد لواحد (Smith & Rivera, 1995. سميث وريفيرا ( 1995 ) يقترحان أنيستخدم التعزيز الإيجابي الخاص في كل مرة يظهر فيها السلوك المقصود تقويته. ثملاحقا كلّما أظهر الطالب محاولة لتكرار السلوك المرغوب كمحاولة منه للتعلم، يمكنعندها تعزيزه لمرات إضافية على ثباته في القيام بذلك السلوك. ولكن في المراتالقادمة التي يتكرر فيها السلوك، يمكن التقليل تدريجيا من التعزيز الإيجابي، وذلكعن طريق إعطاء معززات أقل عدداً وفي أوقات أكثر تباعداً. هذا النوع من التعزيزيساعد الطالب على معرفة السلوكيات التي يمكن أن تحظى برضى الآخرين ويقوم بتكرارها. كما وأن قيام الطالب بأداء السلوكيات المرغوبة، يساعد الطلاب الآخرين على تقليده،كمحاولة للتعلم أو الحصول على ثناء المعلم.
حسب سميث وريفيرا (1995 ) أن ما يميز هذاالنوع من التعزيز الخاص، هو أهميته بالنسبة للطفل لأنه يعطى له على أداء سلوك خاصأو تنفيذ مهمة محددة يقوم بها، وليس بشكل عام. مثلاً، عبارة "سعيد، أشكرك علىانتظارك لبقية زملائك حتى ينهوا مهمتهم قبل أن تذهب لبري قلمك"؛ ليست بالضبطمثلاً، كعبارة "شكراً لك يا سعيد، لقد قمت بعمل جيد". فبالرغم من التوجه الإيجابيفي كلا العبارتين، الاّ أنّ هناك فرق واضح ما بين العبارة الأولى الواضحة والخاصةوالمحددة، مقارنة مع العبارة الثانية العامة وغير الدقيقة. لذلك تعتبر العبارةالأولى فعّالة وواضحة ومفهومة من قبل الطفل، وبالتالي ينصح باستخدامها أكثر.
إضافة إلى الدراسات التي ذكرت، بخصوص أهميةالتعزيز المحدد والخاص، هناك دراسات أخرى تؤكد نفس الاستنتاجات وتدعمها. حيث أنالنتائج التي توصل إليها الباحثون مارتيلا ومارشاند-مارتيلا وميلر ( Martella, Marchand-Martella and Miller, 1995 ) نتيجة التجربة التي أجروها على مجموعة منالطلاب، تفيد بأن الوسائل والاستراتيجيات التي يستخدمها المعلم، أثناء إجراء عمليةالتعليم، من خلال المحافظة على صوت مريح أو محايد؛ كردة فعل على تنفيذ الطالبللسلوك المطلوب، تساعد على تخفيف الطلاب للسلوكيات غير المقبولة اجتماعياً داخلالصف. مثلاً استخدام عبارة: "عمل حسن أن تعلق معطفك على العلاقة يا أحمد" عوضاً عنعبارة: "عمل حسن يا أحمد"، تعتبر بالتأكيد مباشرة وتساعد الطفل على فهم السلوكالمتوقع منه في المرات القادمة.
وقد أشارت الدراسة إلى أن نسبة انصياع التلاميذللتعليمات، التي يوجهها المعلمين، قد تحسنت من نسبة 39% كمتوسط لخط القاعدة ( Baseline ) قبل البدء في الدراسة، لمتوسط 73% في نهاية التجربة؛ وذلك نتيجةاستخدام المعلمات للتعزيزات الموجهة وبعد تلقي الطلاب للتدريبات اللازمة للقيامبالسلوكيات المرغوبة. إضافة إلى ذلك، فإن عدد المرات التي كرر فيها الطلابالسلوكيات الفوضوية والازعاجات، قد قلّت من نسبة متوسط .05 ازعاجات في الدقيقةالواحدة عند فحص متوسط خط القاعدة، لنسبة متوسط .03 ازعاجات في الدقيقة الواحدة،بعد أن حصلوا على التدريب والارشاد. وقد انخفض السلوك الفوضوي المشوش ( Disruptive Behavior ) من خمس مرات أسبوعياً بالمعدل عند خط القاعدة، لمعدل أقل من مرة واحدة (وللدقة أكثر نسبة .23 ) وذلك خلال فترة توفير التدريب والمساعدة للطلاب؛ ومتوسط ( صفر ) بعد انتهاء التدخل الذي استمر 55 أسبوعاً. لقد اتضح من تلك الدراسة أن هناكانخفاض كبير وملحوظ، على مستوى السلوكيات السلبية التي يقوم بها الطلاب ( Martella, Marchand-Martella and Miller, 1995 ).
يقترح الباحثون شورز، جانتر وجاك ( Shores, Gunter, and Jack, 1993 ) نوعا آخراً من التعزيز الإيجابي. حيث تطرقوا لنموذج يعتمدعلى نظرية التفاعل التبادلي- مقابل القهري(Reciprocal/Coercive Interaction)، حيثأن التفاعل التبادلي له تأثير إيجابي أقوى من التفاعل القهري. إذ ينص هذا النموذجعلى أن التفاعل القهري (Coercive Interaction ) يحدث عندما يقوم أحد الطرفين بسلوكمنفر، بهدف التهرب من التفاعل السلبي/العقاب، أو من أجل الحصول على التعزيزالإيجابي. ولتوضيح الفكرة أكثر، نفترض أن الطرف الأول هو الطالب والطرف الثاني هوالمعلم، فإذا نجح السلوك المزعج الذي يقوم به الطالب، على سبيل المثال، على التأثيرعلى الطرف الآخر أي المعلم، فإن هذا يعني أن التفاعل كان سلبياً من طرف الطالب ومنطرف المعلم أيضاً. من جهة أخرى، فإن التفاعل التبادلي ( Reciprocal Interaction ) يوصف بأنه محاولة إيجابية متبادلة للتفاعل الاجتماعي، بين طرفي التفاعل. في هذاالنمط من التفاعل، يعمل السلوك الإيجابي لأحد الطرفين على تعزيز السلوك الإيجابيللطرف الثاني؛ الأمر الذي يؤدي إلى زيادة احتمالية حدوث هذا التفاعل الإيجابي فيالمرات المقبلة.
يذكر الباحثون شورز وآخرون ( 1993) المثالينالتاليين، لتوضيح النمط السلوكي الذي يميز كل تفاعل:
التفاعل القهري (Coercive Interaction ):
المعلم: " جمي ( Jimmy )، أنت بحاجة لإكمال التمرينمن صفحة 5 حتى صفحة 10."
جمي: " أنا لا أستطيع القيام بكل ذلك. أنت دوماًتعطيني مهمات أكثر من الجميع! أنا لن أعمل ذلك التمرين!"
المعلم: " إذا لم تقم بعمل ذلك فسوف أضع إشارة ناقص ( - ) لجانب اسمك على اللوح، وسوف تخسر الاستراحة."
جمي: ينهي المهمة المطلوبة. من الواضح هنا أن هذاالنوع من التفاعل القهري ليس إيجابيا، حتى وان أدى إلى النتيجة التي أرادها المعلمفي تلك اللحظة. المشكلة في هذا النوع من التفاعل، أن سلوك الطالب السلبي تم تعزيزهمن قبل المعلم، وبالتالي فإنه سيظهر لاحقاً وبأشكال أخرى؛ لأن الطالب ما زال يتلقىالتهديد والوعيد، ولم يحظ بعد بالتعزيز الإيجابي أو المكافأة. وعلى العكس من ذلكيعمل التفاعل التبادلي، فهو تجربة إيجابي لكلا الطرفين، كما يوضحه المثالالتالي:
التفاعل التبادلي ( Reciprocal Interaction )
المعلم: " جمي ( Jimmy )، أنت بحاجة لإكمال التمرينمن صفحة 5 حتى صفحة 10." جمي: يبدأ بالعمل.
المعلم: "هذا رائع. سوف تنه مهمتك في الوقت وستحصلأيضاً على 5 دقائق إضافية للاستراحة." ( شورز وآخرون، 1993 ، ص9 ).
هذا النوع من التفاعل التبادلي، يؤدي إلى نتائجإيجابية محتمة. فهو عبارة عن ربح لكلا الطرفين، إذ يربح الطالب من خلال إنهائهلمهمته وبالتالي تعلمه، وأيضاً حصوله على خمس دقائق إضافية للإستراحة. من جهة أخرى،يربح المعلم بفضل توفير فرصة التعلم للطالب الذي ينهي مهمته بالوقت، وكذلك يضمنالمحافظة على الهدوء، وعدم إقحام الطالب للقيام بالسلوكيات المزعجة. في تلك الحالة،يحصل المعلم على نتيجة مرضية، تضمن استمرارية التعلم من جهة، وكذلك تقلل من نسبةحدوث ازعاجات متوقعة في المستقبل.
تشير روفي وأوريردان ( Roffey, and O’Reirdan, 1997 ) في دراستهما، إلى أهمية أخذ احتياجات الأطفال وظروفهم الخاصة بهم، بعينالاعتبار عند التخطيط للمهمات التعليمية، على مختلف أشكالها ومستويات صعوبتها. حيثتؤكدان أن الطلاب الذين يستصعبون الاندماج بالفعاليات التربوية اليومية، بسببقدراتهم الضعيفة على التركيز، أو الفهم، أو كثرة الاحباطات التي يمرون بها نتيجةالفشل المتواصل؛ فانهم لا يولون المعلمة أي لنتباه حقيقي، وقد يتورطون بالقيامبسلوكيات غير مقبولة، الأمر الذي قد يؤدي إلى مراقبتهم من قبل المعلم. إذ عل المعلمالذي ينوي فعلا، أن يحافظ على أكبر قدر ممكن من التعاون من قبل طلاب، وأقل نسبةممكنة من السلوكيات الفوضوية أو السلبية؛ أن يأخذ بعض النقاط الهامة، كما يوردهاروفي وأوريردان ( 1997 ) بعين الاعتبار. حيث يذكران المؤلفان أنّ احتمالات تعاونالأطفال تكون أكبر عندما:
· لا يكون الطفل مرهقا، أو مريضا، أو متلهفا لشيء معين.
· يفهم تماما ما هو المطلوب منه.
· تتوفر لديه المهارة المناسبة، للقيام بما هو مطلوب منه.
· يشعر بالمتعة لتنفيذ ما هو مطلوب منه.
· يحصل على رضا الذات بسبب الانصياع للأوامر.
· يشعر أنّ النظام التربوي في المدرسة عادلا، ويعمل على توفير فرص متساويةللجميع.
· يشعر بدعم أصدقائه وأسرته له.
· تكون هناك متابعة ومثابرة، في طريقة معاملته من قبل المسؤولين ( روفيوأوريردان، 1997 ).