الرياض الحياة - 09/07/08//
ذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن عاملات المنازل الوافدات يعاملن في بعض الحالات «على أنهن عبدات نظرياً». وقالت المنظمة، التي تُعنى بحقوق الإنسان وتتخذ من نيويورك مقراً لها، في تقرير أصدرته أمس «الثلاثاء» في اندونيسيا - وهو بلد تنحدر منه آلاف النساء العاملات في السعودية - أن عائلات سعودية تقوم باستغلال عاملات وافدات إلى حد الاستعباد.
وأشار التقرير إلى أنه «في أحسن الحالات، تحظى العاملات الوافدات بظروف عمل جيدة وبأرباب عمل طيبين... وفي أسوأ الحالات يعاملن معاملة مهينة جداً، وفي معظم الحالات يكو الوضع ما بين هاتين الحالتين».
وصدر التقرير، الذي يقع في 133 صفحة ويحمل عنوان «كما لو لم أكن إنسانا... التجاوزات بحق عاملات المنازل الآسيويات في السعودية»، بعد سنتين من الأبحاث أجريت خلالها مقابلات مع 142 عاملة ومسؤول وشركة لتوظيف العمال في السعودية وفي البلدان التي تنحدر منها العاملات المنزليات، وخلص التقرير إلى أن مرتكبي التجاوزات تتم ملاحقتهم قضائياً، لكن عدداً كبيراً من العاملات اللواتي يتقدمن بشكوى يواجهن إمكان اتهامهن بالشعوذة أو الانحلال الأخلاقي.
ومن بين 86 عاملة منزلية قابلتهن المنظمة، أكدت 36 أنهن واجهن ظروفاً يمكن وصفها بالعمل القسري.
وقالت كبيرة الباحثين في المنظمة لشؤون حقوق المرأة نيشا فاريا: «لا توجد هناك إحصاءات موثوقة حول حجم الانتهاكات، وتتمتع العديدات من عاملات المنازل في السعودية بظروف عمل محترمة».
واستناداً للبحث الذي قامت به «هيومن رايتس ووتش» فإن «مظاهر الاستغلال تعد شائعة بشكل كبير، ويبدو أنها تتم في ظل إفلات شبه كامل من العقاب، والنقطة الجوهرية في موضوع الإساءات أن أصحاب العمل هم في الوقت ذاته يمثلون كفلاء عاملات المنازل الأجانب ويملكون الحق في ممارسة سلطة شبه مطلقة تقريباً عليهن»، وتوصي «هيومن رايتس ووتش» بتغيير سياسات الهجرة والعمل والمحاكمات الجنائية، وآليات تطبيقها بشكل ينهي مسألة كفالة أصحاب العمل على عاملات المنازل، وتوسيع هامش الحماية المتساوية تحت مظلة نظام العمل لتشمل عاملات المنازل وتحسين قدرتهن في الاستعانة بمساعدة النظام القضائي.
وقالت الخادمة السريلانكية بوناما اس في التقرير: «لم أنل أي راتب طوال سنة وخمسة أشهر، كان رب البيت يضربني إذا طالبت بالمال».
وتلجأ آلاف العاملات سنوياً ـ بحسب التقرير ـ إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والى سفارات بلادهن، خصوصاً اندونيسيا وسريلانكا والفيليبين والنيبال.
وقالت المنظمة في بيان «سابق» أن «المستخدمين غالباً ما يصادرون جوازات سفر «عاملات المنازل» والسائقين، وتمنع العاملات من الخروج من المنزل من دون رفقة العائلة، ما يزيد من عزلتهن ومن مخاطر الاستغلال النفسي».
واستناداً للبحث الذي قامت به «هيومن رايتس ووتش» فان «مظاهر الاستغلال تعد شائعة بشكل كبير، ويبدو أنها تتم في ظل إفلات شبه كامل من العقاب، والنقطة الجوهرية في موضوع الإساءات أن أصحاب العمل هم في الوقت ذاته يمثلون كفلاء عاملات المنازل الأجانب ويملكون الحق في ممارسة سلطة شبه مطلقة تقريباً عليهن»، وتوصي «بتغيير سياسات الهجرة والعمل والمحاكمات الجنائية، وآليات تطبيقها بشكل ينهي مسألة كفالة أصحاب العمل على عاملات المنازل وتوسيع هامش الحماية المتساوية تحت مظلة نظام العمل لتشمل عاملات المنازل وتحسين قدرتهن في الاستعانة بمساعدة النظام القضائي».
وأضافت كبيرة الباحثين فاريا: «آن الأوان لإحداث تغيير يشمل خدم المنازل بقانون العمل الذي صدر في 2005 وعبر تغيير نظام الكفالة، بحيث لا تبقى تأشيرات إقامة العمال مرتبطة بمستخدميهم».
واعتبرت فاريا في مقال نشر أمس «الثلاثاء» في صحيفة «الحياة» «الطبعات السعودية» أنه على المملكة العربية السعودية والدول الراسلة للعمالة أن تعملا معاً على تحسين عملية الاستقدام للعمل بحيث تكون هؤلاء العاملات المستخدمات على اطلاع كامل بظروف عملهن، وأنهن مؤهلات للعمل وان يتم اطلاعهن على معلومات تفصيلية عن حقوقهن وكيفية طلب المساعدة عند الحاجة، وفي المقابل، ينبغي ان يدرك أصحاب العمل واجباتهم في احترام حقوق العمال، «وهذه التغييرات تحتاج إلى رقابة صارمة على وكالات التوظيف الخاصة بهذه العمالة والقيام بتدريب أصحاب العمل والعمال على حد سواء».
وشددت على أن «تغيير نظام الكفالة الفردية يعتبر أمراً ضرورياً، فحين يتحكم صاحب العمل بصلاحية خروج العامل من المملكة، أو تغيير صاحب عمله، فان عاملات المنازل عادة يصبحن عالقات في بيئة تتسم بالتعسف، يفتقدن فيها إلى مصادر عون».
وأضافت: «يجب أن تستحق عاملات المنازل حقوق العمال نفسها من حيث بدل العمل الإضافي، وتحديد ساعات العمل، وضمان حصولهن على يوم إجازة أسبوعية».
وفي استجابة منها لعيوب هذا النظام الواضحة، تقترح وزارة العمل السعودية نقل كفالة العمال المهاجرين من أصحاب العمل الأفراد إلى ثلاث وكالات توظيف تخضع لرقابة الحكومة، إلا أن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان من جهتها دعت إلى نقل كفالة عاملات المنازل من أصحاب العمل إلى الدولة، ويعد كلا الاقتراحين وفقاً لفاريا «تطوراً مهماً مقارنة بالوضع القائم، ولكن إذا وضعت صناعة التوظيف والاستقدام للعمل المربحة تحت سيطرة عدد قليل من الوكالات الكبيرة، فان هناك ضرورة لوجود رقابة صارمة تضمن عدم تفشي الفساد وبالتالي ارتكاب إساءات بحق العمالة المهاجرة».
وفي خطوة واعدة قامت وزارة العمل بتقديم مسودة ملحق على نظام العمل يحدد حقوق وواجبات عاملات المنازل اللاتي لا تشملهن حالياً حماية القانون، وتطالب فاريا «بتبني الملحق المقترح بسرعة وأن يتم دمجه في نظام العمل وأن يتم تطبيقه وبشكل خاص في المحاكم العمالية المتخصصة».
وشددت في المقالة نفسها على أن «تعمل المحاكم النظامية بكفاءة أكبر وأن تتغلب على التحامل وحواجز اللغة لحماية العمال المهاجرين وحقوق العمل والقيام بالفصل في ادعاءات العنف والجرائم الجنسية، كما يجب على المحاكم وسلطات العمل أن تطبق عقوبات صارمة بحق صاحب العمل الذي يتقاعس عن دفع أجر عاملته المنزلية أو لا يضمن لها الحصول على إجازة، ولا بد أن يتم التحقيق بشكل جدي ومحاكمة مرتكبي السلوك الإجرامي مثل حجز عاملة في المنزل، أو عدم دفع أجرها لمدة عام، أو ضربها أو التحرش بها جنسياً. كما يجب أن تتمكن عاملات المنازل من الحصول على خدمات الترجمة والتمثيل القانوني وكل المعلومات المتعلقة بقضاياهن، ولحين ظهور نتائج التحقيق في ادعاءاتهن فإن على الحكومة أن توفر لهن بيئة آمنة، إما في سفاراتهن أو في ملاجئ حكومية تتوافق مع المعايير الدولية في توفير خدمات الدعم والرعاية»، مشيرة إلى «أن الحكومة السعودية بدأت في إجراء إصلاحات في بعض هذه القضايا من اجل منع فعال لحدوث الانتهاكات ومعاقبة مرتكبيها»، لافتة إلى أن النقاش الدائر حالياً والتعاون الذي تبديه وزارة العمل السعودية مع خبراء المنظمات غير الحكومية يمثل مؤشرات إيجابية، على أن مثل هذه الحلول قد تكون في متناول اليد.
ويعمل أكثر من ثمانية ملايين وافد في السعودية، بينهم 1.5 مليون يعملون كعمال منازل، ومعظم هؤلاء يرسلون المال الذي يجنونه إلى عائلاتهم في بلدانهم.