16- هذه القصص والدروس هي رفيق الدرب لكل الاباء والامهات لقلقين علي ابنائهم ولكل من يهتم بالتوحديين ويريد ان يساعدهم ، وليس هذا الكتاب يدعي انه الحل الوحيد ، ان اهم درس تعلمناه في رحلتنا هو ان نحذر من اولئك الذين يدعون ان لديهم اجابات لجميع الاسئلة
17- ان الكتابة عن الاحداث بعد وقوعها لايكون بنفس التأثر الذي حدث عند وقوعها ، فالزمن يغير اشياء كثيرة ، اننا نعيش المستقبل ولكننا نفهم الحياة من خلال الماضي
اعادة بناء حياتنا بعد التوحد
1- في سنة 1985 كان ابني ايريك عمره عامان وذات يوم تلقيت اتصالا من مشرفة الحضانة المقيد بها ايريك قالت لي :
سيدتي ، ربما يكون ايريك مصاب بمشكلة في السمع ، انه لايرد عندما انادي اسمه ، كما انه يتجاهل اقرانه في الصف
2- كانت هذه المكالمة مفاجئة تامة لي ، فلم اكن اتوقع ان يكون لدي ابني مشاكل وهو بعد في الحضانة انا اعرف ان ابني بخير ولكن يجب اخذ ملاحظة المشرفة بجدية ، لو لم تكن مهتمة بابني لما اخبرتني ، لذلك حدد موعد لايريك عند طبيب الاذن
3- حاولت ان اتذكر سلوك ايريك بدقة ، لقد كان طفلا رائعا ، لايصرخ ، وينام في هدوء ، دائما كنت اقرأ الكتب التي تتحدث عن تربية الاطفال ولاحظت ان مراحل نمو ايريك طبيعية جدا، انه يحفظ الابجدية منذ كان عمره عام ونصف ، جده صنع له دولاب للخطابات وكان ايريك دائما يهوي ان يحضر لنا الخطابات ، ماذا يعيب ذلك الطفل الرائع ؟
4- ذهبت في الموعد وبعد الفحص حدثتني المسئولة باشياء كثيرة لم اعد اذكر منها سوي شيئا واحدا ، فقد سألتني : هل سمعت من قبل عن التوحد ؟
5- لقد درست علم النفس في الجامعة واتذكر جيدا التوحد ، اليس هو ذلك الطفل المنطوي علي نفسه في زاوية مظلمة في المنزل ؟ ماعلاقة ذلك بابني ؟
6- صرخت في وجهها ولم ادري ماذا قلت ؟ ان الانكار هو شيء ممتع ، انه يحمينا من الالام النفسية التي لانستطيع تحملها
7- ذهبت الي المكتبة واخذت اقرأ عدد من الكتب عن التوحد ، لايوجد في الكتب حالة تشبه ابني ، لم يصدق حتي الاقارب والجيران ان طفلي الرائع توحدي
8- ذهبت به الي طبيب اطفال واخذ يفحصه ثم قال لي : ان ابنك يتكلم فكيف يمكن ان يكون توحدي ؟
لاشك ان اخصائية السمع اخطأت التشخيص
9- ذهبت بابني الي اخصائية في نمو الاطفال ، لازلت اذكر كم كانت عطوفة وحنونة ومتفهمة رغم انها بعد الفحص اخبرتني بالخبر السيء
10- ظللت عدة ايام اقدم لاطفالي وجباتهم واساعدهم في الحمام واساعدهم علي النوم وانظف المنزل ... ولكن كنت افعل ذلك بطريقة ميكانيكية ، احسست ان شعورا غريبا بداخلي وكنت اتحرك في المنزل مثل – الزومبي ( الشبح الذي لاحياة فيه ) – ظللت حبيسة منزلي اسبوعا كاملا وكلما خلوت لنفسي لم اكن افعل شيئا سوي الصراخ
11- لم ارغب في مقابلة احد وحاولت ان اقيم سورا حديديا حول نفسي ، كان زوجي ايضا يتألم بشدة ، رأيت الالام في وجهه وعينيه ولكنه لم يكن يظهرها لي لكي لايزيد الامي ، لم يكن لدي مايمكنني من تخفيف الامه تلك ، كل حياتي خرجت عن السيطرة
12- كل شيء في حياتي تغير ولم تكن لدي القدرة علي التفكير ، كنت اعتقد ان حياتي يتبقي هكذا للابد
13- ولكن فجأة ، لا اذكر متي ولاكيف ، توقفت عن الصراخ وعن الانكار والدهشة وبدأت استرد السيطرة علي حياتي من جديد