عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 09-04-2010, 05:18 AM
الصورة الرمزية الصحفي الطائر
الصحفي الطائر الصحفي الطائر غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 3,060
افتراضي 16 ألف «توحدي» في المملكة يعانون نقص المتخصصين في المرض وافتقاد التأهيل المهني!

 

16 ألف «توحدي» في المملكة يعانون نقص المتخصصين في المرض وافتقاد التأهيل المهني!



الدمام - عبير جابر الحياة - 07/04/06//

بدأت علاقة الدكتورة نعمات السبع بمرض «التوحد» قبل نحو عشر سنوات، ومع انها طبيبة، لكنها لم تتخصص في الأمراض العصبية، التي يندرج «التوحد» ضمنها، بيد أن اكتشافها إصابة ابنها الثاني «أمين» بالمرض، دفعها إلى البحث عن هذا المرض، وتتبع كل شؤونه.
حضرت السبع دورات عدة عن المرض، سافرت إلى أماكن متعددة، لتستمع إلى المحاضرات التي تتناول المرض، الذي يصيب طفلاً من بين ألف طفل. قد تكون هناك 16 ألف أم يعاني أطفالهن من مرض التوحد في السعودية، لكن السبع حرصت على أن تحيط في كل شيء يتعلق بالمرض، على رغم أن تخصصها هو «طب عام»، وتعمل حالياً في مستشفى صفوى العام، وهي أيضاً عضو في لجنة رعاية أطفال التوحد وعضو جمعية تحليل السلوك الأميركية.
ربما أرادت السبع دحض تهمة «الأم الثلاجة» عنها، فعلى رغم أن سبب مرض التوحد غير معروف حتى الآن، ويعد لغزاً. بيد أن نظريات قديمة عزت السبب إلى علاقة الطفل مع «الأم الباردة»، التي تسمى أيضاً «الأم الثلاجة»، فتواجه تهمة التسبب في المرض، نتيجة العلاقة السيئة مع طفلها. وتؤكد الدكتورة نعمات أن هذا الاعتقاد «خاطئ وظلم في حق الأم». وتقول: «إن النظريات الحديثة تربط أسباب التوحد بالعوامل الجينية، التي تؤدي إلى ظهور المرض»، معتبرة أن هذه أكثر النظريات «وضوحاً».
وتسوق السبع اعتقادات عدة، منها «أن تراكم السموم في جسم الطفل، مثل الزئبق والرصاص يسبب له اختلالاً في المعادن، وقد يظهر عليه بعض صفات التوحد، إلى جانب الحساسية من الأطعمة، مثل «الكازين» و»الفلوتين»، وإصابة الأم الحامل بارتفاع الحرارة أو نقص أوكسجين الطفل أثناء الولادة».
وأشارت السبع إلى أن «الأطفال المصابين بـالتوحد، كانوا يعانون في الماضي قلة المراكز المتخصصة، ومنذ سنتين، ارتفع عدد هذه المراكز، ما فتح المجال أمام الأهل لعدم ترك أبنائهم على لائحة الانتظار»، وتعتبر ذلك «جيداً للأطفال، الذين اكتشف إصابتهم بالمرض حديثاً»، لكن ما ينقص المملكة على هذا الصعيد هو «وجود المتخصصين في التوحد، والمدرسين المدربين على التعامل مع هذا المرض، كما ينقصنا أن نقدم للأطفال الكبار التأهيل المهني».
وتُعرّف السبع «التوحد»، الذي صادف الاثنين الماضي الاحتفال بيومه العالمي، بأنه «مرض نمائي، يظهر لدى الأطفال قبل سن الثالثة، فيعانون مشكلات في التفاعل الاجتماعي والتواصل اللفظي وغير اللفظي والأنماط السلوكية واللعب التخيلي». وتُبسّط التعريف بالقول: «الطفل يكون في طور نمو طبيعي، لكن هذا التطور لا يكتمل، وقد يظهر الطفل أعراضاً معينة حتى بلوغه 18 إلى 20 شهراً». وهنا تبدأ أعراض المرض في الظهور، ويتساءل الأهل وفقاً للسبع «لماذا يتصرف الطفل على هذا النحو؟ لماذا يصرخ في الحمام؟ لأن لديه حساسية سمع قوية، فيخاف سماع صوت الماء، كما قد يكون لديه حساسية لمسية، فتستثيره الأشياء المبللة. وقد يصرخ الطفل، لمجرد تغيير روتين معين في حياته، كموقع كتاب أو لعبة، فهو طفل يعيش الروتين الشديد، وذلك في تفسيرنا، لأن الطفل يعاني من غياب التواصل، وأي تغيير لا يشعره بالأمان، كما أن تغيير الشخص قد يسبب له مشكلة». أبرز أعراض مرض التوحد التي تختلف درجاتها من طفل لآخر «تأخر النمو اللغوي أو في مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي ومهارات اللعب». وتلفت السبع إلى أن «ما يميز إعاقة التوحد عن غيرها من الإعاقات هو القصور والضعف الشديد في مجال التواصل اللفظي وغير اللفظي، ويظهر ذلك جلياً في بطء نمو اللغة أو توقفه تماماً، فنجد الطفل الناطق يردد الكلام مجرد ترديد، من دون توظيف اللغة، فيقول جملاً في غير مكانها، وتكون لديه مشكلات في استخدام الضمائر والتأنيث وما شابه ذلك». ومن أعراض المرض «عدم مقدرة الطفل على التعبير عن حاجاته مثل الأكل والشرب، ما يجعله معتمداً كلياً على الآخرين، وتحديداً دور الأم».
ويواجه الطفل المصاب بـ»التوحد» صعوبة في العلاقات الاجتماعية، فيقضي وقته وحيداً في عالمه الخاص، ولا يهتم بمن حوله، كما لا يتمكن من التعرف إلى أقرب الناس له، مثل اخوانه وحتى أمه أحياناً. وتقول: «الطفل قد لا يعرف الفرق بين أمه وغيرها، ويفتقد التفاعل العاطفي، وفي حال العلاج، قد يتحسن في اللجوء إلى أمه كأداة وليس كعلاقة، غير أن الأم مع التدريب والإصرار تجعل علاقتها بالطفل والعائلة أكثر حناناً، فيحبها ويشعر أن هذه أمه، وهنا تبدأ العلاقات الاجتماعية في محيط ضيق». تروي الدكتورة نعمات ذلك من خلال تجربتها مع ابنها، الذي تمكن من تخطي كثير من الصعوبات، وبات من أكثر الأطفال الذين يدرسون في أحد المراكز المتخصصة في مرض التوحد، نشاطاً وحيوية وإدراكاً. ومن الأمور التي يعانيها الطفل «الاستجابة غير الطبيعية للأحاسيس الجسدية، كاللمس والسمع والشم، بدرجات متفاوتة، فالبعض لا يمكن لمسه أو احتضانه، والبعض الآخر تستثيره الأصوات والأضواء الساطعة، وآخرون لديهم نشاط حركي مفرط، أو خمول مفرط، ووجود حركات متكررة وغير طبيعية، مثل هز الرأس ورفرفة اليدين في شكل مستمر». وتلفت السبع إلى أنه «يصعب على الأهل في البداية تشخيص إصابة طفلهم بمرض التوحد، فقد يشعرون بأن طفلهم غير طبيعي، لكنهم يجهلون السبب». وهنا يأتي «التشخيص الذي يعتبر من أكثر العمليات صعوبة وتعقيداً، ويتطلب تعاون فريق متكامل من الأطباء والأخصائيين، يضم أخصائي مخ وأعصاب وأخصائي أطفال عام، وأخصائي علاج طبيعي وعلاج مهني، وأخصائي تعليم خاص، وأخصائي أمراض نفسية للأطفال، وأخصائي تخاطب وتواصل، وأخصائي خدمة اجتماعية وأخصائي علم نفس»، وتشدد على أن «البداية العملية صعبة، ولكن إذا كان هناك وعي يتحسن الوضع تدريجياً». ويركز باحثون في مجال التوحد على أن «الاكتشاف المبكر للمرض ضروري جداً، ومهم ليكون هناك تدخل علاجي تربوي تعليمي»، وتشير السبع إلى أن «اكتشاف المرض لدى طفل في عمر ثلاث سنوات مختلف عن طفل في عمر الست، فالأطفال يمكن أن يتحسنوا، ونسبة التحسن ترتفع كلما اكتشفنا المرض باكراً، فيكون أمام الطفل فرصة للاندماج مع الأطفال العاديين». وتشدد على أن «المعرفة في المرض هي جزء مهم من العلاج، وهذا الدور تؤديه المحاضرات والندوات التوعوية، لتصبح المعلومات في متناول الجميع. فمعرفة الأعراض وأساليب العلاج هي جزء من العلاج، سواء للطفل أو الأهل».
ولفتت إلى أهمية «التأهيل ليس فقط للطفل، بل أيضاً للأهل بالقدر نفسه، لأن المحيط العائلي يحتاج إلى التأهيل للتعامل مع الطفل، وكيفية التصرف معه في نوبات الهيجان والخوف والهلع، والسيطرة على السلوكيات غير الطبيعية، ومعرفة كيفية تحديد المشكلة والتعامل معها، وليس رفض الاعتراف في مرض الطفل».
لكن ما يواجهه الأهل في العلاج هو «عدم وجود علاج محدد للمرض، لأن الأسباب مختلفة»، ويعانون من نظرات الناس إلى تصرفات أبنائهم «يجب تفهم الناس لهؤلاء الأطفال، فالطفل المصاب في النشاط الزائد لديه اضطراب ولا يميز الخطأ من الصواب، وهو في نظر الناس عديم التربية». وهنا يأتي دور التوعية «اليوم تحسنت نسبة الوعي أكثر من الماضي، فأنا طبيبة لم يكن لدي معلومات عن المرض، لأنه لم تكن هناك كتب عربية تتحدث عن المرض، لكن إصابة ابني دفعتني إلى البحث، والآن هناك التلفزيون والمحاضرات والمؤتمرات، وهي تبشر بوجود الوعي، وحتى لو أتى متأخراً».

 

__________________
رد مع اقتباس