عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-06-2012, 08:09 PM
الصورة الرمزية الصحفي الطائر
الصحفي الطائر الصحفي الطائر غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 3,060
افتراضي

 

هل المفاهيم دقيقة؟
يبدأ مشروع القانون بوضع تعريفات محددة للمصطلحات الواردة به " الباب الأول " ويعد تعريف " الشخص ذي الإعاقة - والإعاقة " أهم كلمتين تحتاج لتعريف واضح، ومن الناحيتين اللغوية والقانونية، فالتعريفات الواردة بالمشروع دقيقة بالفعل، فهي مستمدة من مصدر محدد هو الإتفاقية الدولية، وحتى وقت قريب كنت من المدافعين عن تلك التعريفات بل ومشاركا بصياغة بعضها، لكني الأن أري أننا بحاجة لإعادة الصياغة على أساس مختلف، فتعريف، الشخص ذي الإعاقة، والإعاقة، تحدد رؤية إجتماعية تختلف كثيرا جدا عن الرؤية السائدة، وليس المطلوب التعريف الدقيق بقدر التعريف الشارح، فالرؤية السائد تري الإعاقة في الشخص، والحقيقة أن الإعاقة بالمجتمع، وتري الشخص ذو الإعاقة هو الشخص العاجز نتيجة عيوب جسدية، هذا التناقض الكبير يحتاج لبعض التوضيح، وعلى سبيل المثال، تعريف الشخص ذو الإعاقة بالمشروع " مادة 1 " ( كل شخص لديه خلل كلي أو جزئي، بدني، أو ذهني، أو حسي، متي كان طويل الأجل، يمكن أن يمنعه لدي التعامل مع مختلف العوائق، من المشاركة بصورة كاملة وفعالة مع المجتمع على قدم المساواة مع الأخرين، وتبين الائحة التنفيذية لهذا القانون الحالات التي يعد فيها الشخص معاقا وذلك من ناحية النوع والدرجة ومدي الإستقرار )
إذا أتفقنا أن الشخص ذو الإعاقة، إنسان لديه إصابة جسدية طويلة الأجل " خلل " تجعله مختلف عن غيره جسديا، ويجد صعوبة في التعامل مع العوائق التي وضعها المجتمع أمامه، وكان هدفنا هو إبراز هذه العوائق، فكان علينا البدء بالحواجز وليس البدء بالخلل، فطبقا لمبدء الأولوية والحداثة، ستظل الصورة التقليدية للشخص العاجز هي الأقرب، وتلك الصورة هي التي نريد أن نغيرها، فمثلا لو بدأنا ب " هو الشخص الذي يواجه العوائق والحواجز البيئية والثقافية التي قد تعيقة عن المشاركة الكاملة عند تلاقي تلك العوائق مع الإصابة الجسدية.......... )
بالتأكيد هذا التعريف لن يكون دقيق، لكنه مجرد فكرة مختلفة، فحتى الإتفاقية الدولية تقر بأن مفاهيم الإعاقة مرنة بقدر كبير، فهي تخضع للتطور المستمر طبقا للتطور العلمي المتسارع بمجال الإعاقة، والهدف الجوهري لتعريفات هذا المشروع هو تغير المفاهيم السائدة، وتقديم الحواجز على الإصابة سيكون أكثر إيضاحا، وهذا ينقلنا إلي تعريف الإعاقة الوارد بالمشروع " مادة 2/4 " ( صعوبة المشاركة بصورة كاملة وفعالة مع المجتمع على قدم المساواة مع الأقران من غير ذوي الإعاقة لدي التعامل مع مختلف العوائق ناتجة عن أي خلل )
لقد قدم التعريف العوائق تلك المرة، لكنه جعل الإعاقة نتيجة للخلل، ومن المنطقي أن يربط المتلقي بين السبب والنتيجة، وهو ربط يؤدي للصورة التقليدية للعجز، فإذا أتفقنا أن الإعاقة حالة ظرفية تحدث عند تلاقي الإصابة مع العائق، فكل منهما سبب، بل أن العائق هو السبب الأكبر الذي ينتج الإعاقة، وسأعود لمثال تقليدي يحدث يوميا، عند دخول شخص من ذوي الإعاقة الحركية على كرسي متحرك لمبني ما، فسيكون أمام إحتمالين، أن يجد سلم لن يتمكن من صعوده، أو يجد مصعد متسع سهل الإستخدام حيث يمكنه الصعود بسهولة، في الحالة الأولي حدثت الإعاقة نتيجة غياب المصعد ووجود الإصابة التي يصعب معها صعود السلم، وبالحالة الثانية لن تحدث الإعاقة برغم وجود الإصابة، فالسبب الجوهري للإعاقة هو الحاجز وليس الإصابة.
ومع تقديري للصعوبة الخاصة في شرح وتوضيح المدلول الاجتماعي للمفاهيم الأساسية لمجال الإعاقة، نتيجة التنازع بين النظريتين الطبية، والاجتماعية، إلا أن الأمر لا يجب أن يصل لمستوي الإرتباك، ففي المادة الأولي ورد " تبين الائحة التنفيذية لهذا القانون الحالات التي يعد الشخص فيها معاقا " فأستخدام مفردة " معاق " بعد تعريف الشخص ذي الإعاقة، تكشف عن عدم الوضوح الكافي لمدلول المفردات المستخدمة، وهو نفس الخطأ الذي تكرر بالمادة " 4 " من الباب الأول حيث أستخدم النص " الطفل المعاق " وليس الطفل ذو الإعاقة، وسيتكرر هذا الإرتباك بكثير من المواد، فكما سنري سيظل مفهوم الإعاقة ملتبسا بكل أبواب القانون، حيث ترد الإعاقة غالبا مرادفة للخلل.
أما باقي مواد الباب الأول " حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة " فقد عددت بشكل جيد الحقوق الواردة بالإتفاقية الدولية، وهي مواد جيدة الصياغة إلي حد كبير، لكنها تبدأ جميعها بكلمة " تكفل " وهي كلمة ترفع الإلزام القانوني بالمعني الدقيق، فهي أشبه بالمواد الدستورية التي تعدد الحقوق دون أن تحدد كيفية التمتع بها، ويمكن أن يكون ذلك مقبولا بالباب الأول من المشروع، فهو باب تمهيدي، لكننا سنكتشف لاحقا عند أستعراض باقي الأبواب، أن الدولة لن تكون ملزمة فعليا بحقوق ذوي الإعاقة، ويبقي ملاحظتين فقط على هذا الباب.
الأولي، أستبعاد الحق في الأهلية، وكأن المشروع يبعد عن نقاط الخلاف الجوهرية، فالحق في الأهلية هو الحق الوحيد الذي تحفظت عليه مصر في الإتفاقية الدولية، كما أنه ينتج مشكلات كبيرة جدا بواقع ذوي الإعاقة، ويكفي أن نعرف أن بعض القضاه المشرفين على الإستفتاء الأخير لم يعترفوا بأهلية ذوي الإعاقة السمعية، وتشككوا كثيرا بأهلية ذوي الإعاقة البصرية، وبالطبع تزداد المشكلة تعقيدا عند الحديث عن أهلية ذوي الإعاقة الذهنية التي لا يعترف بها أحد، واقترح هنا:
- يتمتع الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية، والبصرية، والحركية، بالأهلية الكاملة طبقا للقانون المدني المصري.
- تتحدد أهلية الشخص ذوي الإعاقة الذهنية عند وصوله للسن 21 سنة، بناء على تقرير لجنة خاصة تتكون من، طبيب لا تقل خبرته بمجال الإعاقة عن 10 سنوات، طبيب نفسي متخصص بمجال الإعاقة، أخصائي إجتماعي، قاضي.
والملحوظة الثانية، خاصة بالتمييز بسبب الإعاقة، فقد درجت المواثيق الدولية على النص على صور التمييز خاصة، الجنس، اللون، العقيدة، ثم إضافة " أو أي سبب أخر، فقد كان التمييز بسبب الإعاقة غير مرصود بشكل كافي، أما بالوضع القانوني بمصر، فالتمييز بسبب الإعاقة ليس من الصور المجرمة أو حتى المرفوضة، فالإعلان الدستوري المؤقت لم يضع الإعاقة كأحد صور التمييز، كذلك مرسوم بقانون تجريم التمييز فقد وقع بنفس الخطأ، ويعكس ذلك بلا شك، القبول الضمني للتمييز ضد ذوي الإعاقة، لغياب الرؤية الحقوقية عن المسئولين بمصر، وضعف المعرفة بعالم الإعاقة، وأعتقد أن تلك النقطة المحورية تحتاج لإعادة تفكير، فيجب أن يجرم التمييز بسبب الإعاقة، وإذا خلا قانون مناهضة التمييز من ذلك فعلينا خوض معركة لا تقل أهمية عن معركة قانون حقوق ذوي الإعاقة، وبداية مناهضة التمييز تبدأ من هذا المشروع الذي أقر بالحق بالجنسية للشخص ذو الإعاقة، ولكن طبقا للقوانين المعمول بها، وهي القوانين التي تشترط الخلو من الخلل الجسدي كأحد شروط الحصول على الجنسية، وأعتقد قانون الجنسية في الشرط الأول بالنبد رابعاً من نص الماده رقم 4 منه، يحوي أحد الصور الفجة للتمييز بسبب الإعاقة.

 

__________________
رد مع اقتباس