عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-10-2011, 11:10 AM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي

 

الفصل الأول
مدخل إلى الدراسة

مـقـدمــة :

تُعد القراءة مهارة من المهارات اللغوية ، لاعتمادها على الحصيلة اللفظية ، وعلى القدرات اللغوية التي يكتسبها الناشئة عند بدء تعلمهم. ويتوقف استعداد التلميذ عند تعلم مهارات القراءة على نضجة من الناحية العقلية والجسمية ومدى صعوبة أو سهولة تلك المهارة لديه ، وما تحققه المهارة من وظيفة اجتماعية ، وما تحققه له من أهداف خاصة أو عامة . وكما يختلف التلاميذ في قدراتهم العقلية ، والوجدانية والبدنية والقدرة على التعلم ، فأنهم يختلفون أيضاً في التحصيل القرائي ( فهيم مصطفى ,2:1994) .


وتكتسب القراءة أهمية خاصة لدى علماء النفس كما ذكر روبرت سولسو " Solso " لأن دراستها تساعد على تعرف مظاهر المعالجة اللغوية ، كما أنها تعد تفاعلاً بين المنبهات والذاكرة ، مما يشير إلى مختلف العمليات المعرفية لدى الفرد في إقامة نظم لتفاعل الأشياء في البيئة الخارجية ( روبرت سولسو،40:1996).
ونظراً لأهمية القراءة فقد نالت اهتمام الباحثين، ومنهم كسمال(Kussmal,1960) والذي عثر على نوعين مختلفين من اضطراب القراءة ففي النوع الأول ، لا يستطيع الفرد القراءة أو الكتابة ، وفي النوع الثاني يتمكن الفرد من الكتابة لكنه يظل عاجزاً عن القراءة . وعندما تم دراسة المخ لدى هؤلاء المرضى أظهروا وجود إصابات أو نزيف في منطقتي القذالية و الجدارية The Occipito – Parietal region.
(في : نصرة جلجل، 2003 : 16).

ويشيع اضطراب القراءة لدى بعض الأطفال، ونظراً لما للقراءة من أهمية شديدة في عمليات التعلم المدرسي فإنه يغلب أن يترتب على صعوباتها عدم تقدم الطفل في بقية المقررات الدراسية بمعدل طبيعي أو عادى، إضافة إلى الآثار السلبية الأخرى بالغة السوء على نمو الطفل الذي يعانى من تلك الاضطرابات.
( عبد المطلب القريطى، 1997 : 358) .

وأشار جيبسون وليفن (Gibson & Levin, 1985) إلى أن هذا الاضطراب يرجع إلى نقص ثقة الفرد بنفسه ، كما أشار إلى انه قد يرجع إلى نقص الاهتمام أو الدافعية واضطراب البيئة النفسية للطفل، وأهم هذه المكونات نقص التعاون بين البيت والمدرسة ، ونقص الشعور بالأمان العاطفي من الوالدين، والضغط الأسري على الطفل لإنجاز مستوى تحصيلي أعلى ، والحرمان الثقافي الناشئ من قصور البيئة حول الطفل أو زيادة عدد أفراد الأسرة . وكذلك إلى عدم الثبات الانفعالي لدى أفراد هذه الفئة إذ يظهر لديهم سوء توافق انفعالي،وعدم نضج عاطفي (Gibson&Levin,1985:241)


وتشتمل اضطرابات القراءة علي مظاهر متعددة من الاضطراب في مهارات أداء المهام الأساسية في القراءة كالقراءة والتهجئة الشفوية والفهم القرائي وعسر القراءة وصعوبة التعبير اللفظي. كما يرتبط بها أيضا صعوبة التعبير الكتابي Agraphia ويستخدم مصطلح اضطراب القراءة (الديسلكسيا Dyslexia) للإشارة إلى كل الاضطرابات التي تتعلق بها التعرف على الرموز المكتوبة، وبفهمها وباستيعابها وباسترجاعها وتعطل عيوب الكلام كما يشير البعض إلى أن الديسلكسيا لا تتضمن فحسب الفشل في مهارات الهجاء والتعرف على الحروف والكلمات والجمل وفهمها، وإنما عدم القدرة على الكتابة، ويضيف إليه آخرون عدم المقدرة على حل المسائل الحسابية ( عبد المطلب القريطي ، 2002 : 58) .

ويرتبط اضطرابات القراءة ببعض المتغيرات الأسرية والشخصية ، حيث أشار لفينسون (Levinson, 2003:239) إلى أن أهم أسباب اضطراب القراءة إنما يعود إلى اضطراب البيئة الأسرية ، حيث أنه عندما تتسم هذه البيئة بالمشكلات والخلافات فإن هذا ينعكس على شعور الطفل بالأمن فيشعر بنقص الأمن كما يقلل قدرته على التركيز والتحصيل بل ويؤثر على كل عملياته المعرفية والانفعالية .

وتستمد الأسرة أهميتها وخطورتها من أنها هي البيئة الاجتماعية الأولى التي تستقبل الإنسان منذ ولادته وتستمر معه مده طويلة من حياته ، وتعاصر انتقاله من مرحلة إلى أخرى وفيها يتم التشكيل الأساسي لشخصية الفرد فإن قدر للفرد أن ينشأ في أسرة صالحة فإن نموه يأخذ طريقة في يسر وسهولة وينتقل من مرحلة إلى أخرى مكتسباً ما يحتاجه من ثقة بنفسه ومن خبره ومهارة في شتى أنواع النشاط الإنساني. أما إذا قدر له أن تحتضنه أسرة غير صالحة فإن نموه يضطرب بل يتوقف إذ من المحتمل أن تحيط الأسرة غير الصالحة طفلها بجو اجتماعي يشعره بأنه منبوذ أو غير مرغوب فيه فلا يستطيع أن يدخل حياته واثقاً من نفسه ، وأما إذا أحاطته الأسرة بجو من الخوف والرهبة قد يدفعه ذلك إلى الانزواء أو الهروب من حياته ومن المواقف التي عليه أن يدخلها ويساهم فيها ، بل أحياناً يحدث أن يجد الطفل نفسه وقد اختلطت عليه الأمور نتيجة لاضطراب علاقاته مع من يحيط به من الكبار ومن تضارب أحكامهم على تصرفاته وسلوكه ، ويكون نتيجة ذلك كله أن ينشأ عاجزاً عن اتخاذ أي قرار في أي أمر من الأمور (علاء الدين كفافي 1989: 13- 15).

من خلال الاحتكاك الدائم بالوالدين وأفراد الأسرة يتعرف الطفل ماهو متوقع منه كطفل وماهو متوقع منه كذكر أو أنثي ويبدأ في تكوين مفهومه عن ذاته .ومن خلال العلاقات الأسرية يتعلم الطفل مسايرة معايير الجماعة وقيمها وتقاليدها كما يتعلم التعاون مع الآخرين والأخذ والعطاء معهم ، ولا يقتصر تأثير هذه العلاقات على النجاح المدرسي للطفل فحسب ولكن أيضاً على نجاحه في مواقف الحياة المختلفه ومنها حياته المهنية فيما بعد ، وتتأثر بوضوح درجة توافق الطفل ونضج علاقاته الاجتماعية خارج المنزل بنمط العلاقات السائده في الأسرة ( كافيه رمضان ،93:1987).


ويشير أنور الشرقاوي (1990) أن الوالدين يلعبان دوراً جوهرياً في عملية التنشئة الاجتماعية بالنسبة للفرد خاصة في سنوات حياته الأولى فمن خلالهما تتحقق رغبات الطفل ويساعدانه في التخلص من التوترات والقلق والصراعات وذلك بدوره يساعد على تكوين علاقة حميمة (أنور الشرقاوي ،34:1990).
وطريقة الأب في توجيه دفة الأمور في الأسرة وأسلوبه في تنشئة الأبناء، وسلوكه معهم وإظهار حبه لهم وتلطفه معهم ومصادقتهم ومشاركتهم اهتماماتهم كل ذلك يؤثر في حياة الأبناء وتكوين شخصيتهم . فمهمة الأب كرمز للسلطة لايتنافى مع مهمته كمصدر للحنان، ومن هنا لايقل دور الأبوة أهمية عن دور الأمومة في تنشئة الطفل، والأبوة الناجحة لاتقاس بعدد الساعات التي يقضيها الأب مع طفلة أو بتوفير الحاجات الضرورية له، بل على مقدار مايمنحه الأب لطفله من حب ومدى عنايته وطبيعة علاقته بهذا الابن والتي تتسم بالمودة والمحبة دون التركيز على إشباع الحاجات البيولوجية للطفل، فالاتصال النفسي الدائم بين الطفل والأب أمر ضروري وهام إذ عن طريق هذا الاتصال يحس الطفل بمدى اهتمام الأب به ورعايته.
(احمد عبدالرحمن ، 1986 : 23-25 )

ولا يرتبط فقط اضطراب القراءة بالمتغيرات الأسرية فحسب ، ولكن أيضاً بخصائص الشخصية وتوكيد الذات ، حيث أشار رونر (Rohner, 1986) إلى أن الرفض الوالدى بما فيه من إهمال وعدوان ورفض غير محدد يرتبط بخصائص الشخصية السلبية (العداء / العدوان / الاعتمادية / التقدير السلبي للذات / نقص الكفاية الشخصية / النظرة السلبية للحياة) بالإضافة إلى ضعف الإنجاز الأكاديمي واضطرابات القراءة (Rohner, 1986 : 119 - 120) .

كما أشار محمد عبد الرحمن (1989) إلي أن السيطرة والإهمال والحماية الزائدة ترتبط بسوء التوافق النفسي، كما ترتبط أنماط الرعاية الوالدية كما يدركها الأبناء مثل (قسوة المعاملة وعدم الاهتمام) بالانطواء والانبساط والعصابية، حيث توجد علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين التحكم النفسي للوالدين وبين العصابية عند الأبناء وخاصة الإناث منهم، كما توجد علاقة سلبية بين الاتجاهات الوالدية اللاسوية وبين تقبل الذات والآخرين لدى الجنسين ، وأن اتجاه السواء يرتبط إيجابياً بتقبل الذات والآخرين والصحة النفسية للأبناء وكذلك توافقهم الدراسي .

كما يشير ريبل (Ruble, 1978) إلى أن أساليب المعاملة الوالدية كالإيذاء الجسدي والإهمال والحرمان والقسوة والتدخل الزائد والإذلال والرفض والتفرقة في المعاملة ، هي أساليب خاطئة من شأنها أن تؤدي إلى اضطراب الشخصية تجعل الأبناء يشعرون بعدم القيمة وعدم الكفاية وعندما يواجهون الضغوط سيتوقعون الفشل وعدم القدرة على المواجهة، والعجز بينما الأساليب الوالديه التي تتسم بحب الأبناء وتقديرهم والإنصات إليهم والاهتمام بهم وتشجيعهم على اكتشاف البيئة والاستقلالية واتخاذ القرارات تجعل الأبناء يشعرون بالقيمة وتكون لديهم كفاءة مواجهة المشكلات والضغوط
Ruble, 1978:45))

من أجل ذلك نشأت فكرة هذه الدراسة لمعرفة مدى الارتباط بين أساليب المعاملة الوالدية بتقدير الشخصية ونقص توكيد الذات لدى مضطربي القراءة والعاديين.

 

رد مع اقتباس