ثالثاً: المصانع الخاصة (الورش المحمية) Sheltered Work Shops
المصنع الخاص أو الورشة المحمية هي بيئة عمل معدة خصيصاً لتلاءم حالات المعوقين، وهي تعتبر استمراراً وامتداداً لعملية التأهيل. ويوفر المصنع الخاص فرص الالتحاق بعمل لمن تقوم في سبيلهم عقبات في الالتحاق بعمل على أساس تنافسي في سوق العمل بصورة مؤقتة أو مستديمة. قد تكون هذه العقبات خاصة بالفرد من حيث شدة العجز أو حاجته لخدمات تأهيلية وإشراف طبي قريباً منه، أو لحاجته للعمل تحت ظروف خاصة من حيث عدد الساعات وتوفر ظروف معينة. أو قد يكون نتيجة لظروف المجتمع واتجاهاته مثلاً كما يحدث مع الحالات السلبية للجزام.
وقد تنشأ المصانع الخاصة أو الورش المحمية ملحقة بمراكز التأهيل، كما هو الحال في جمهورية مصر العربية، حيث تلحق هذه المصانع مباشرة بمراكز التأهيل أو قد تكون في صورة ورش محمية تلحق بالمصانع الكبرى (وهذا النظام متبع في ألمانيا) حيث يخصص ورشة في المصنع تقوم ببعض الخطوات في الصناعة، ويعمل فيها عدد كبير من المعوقين. أو قد تكون هذه المصانع منشأة خصيصاً لهذا الغرض وغير مرتبطة بمراكز تأهيل، وإنما هي تقدم الخدمة التأهيلية بنفسها، كما في الولايات المتحدة الأمريكية، أو تكون تحت مظلة تنظيمية أخرى مثل الجمعيات التعاونية للتأهيل (تعاونيات المعوقين) كما في بولندا.
ولايعني وجود مصنع خاص أو ورشة محمية للمعوقين أن تكون جميع الخطوات أو العمليات داخل المصنع معتمدة على المعوقين، وإنما يوضع في الاعتبار أن يكون هناك نسبة من غير المعوقين في هذه الأعمال (من 10 – 25%).
وقد يكون الالتحاق بالمصنع الخاص كمرحلة انتقالية وعابرة بين التأهيل والالتحاق بسوق العمل، أو قد يكون في صورة مرحلة نهائية، أي الالتحاق الدائم بالمصنع باعتباره بيئة العمل الدائمة للمعوق.
ومن الضروري أن يتوفر في المصنع جانب من الخدمات التأهيلية وأن يكون بين العاملين فيه جهاز متخصص مثل الطبيب ومرشد التأهيل والأخصائي الاجتماعي وغيرهم. كما قد يحتاج الأمر في بعض الأحيان إلى اعتماد المصنع في جانب من تمويله على ماتقدمه الحكومة أو الهيئات الأهلية للمساعدة في تغطية نفقاته.
رابعاً: وحدات التقويم المهني:
يهدف التقويم المهني Work Eualvation إلى تقدير جوانب القوة والضعف لدى الفرد من خلال تعويضه لبيئة عمل حقيقية أو بيئة شبيهة بها معدة خصيصاً لذلك.
والتقويم المهني يمثل جانباً من جوانب مرحلة التقويم في عملية التأهيل المهني، ويمكن أن تتم باستخدام عدد كبير من الوسائل.
وعلى الرغم من أن التعرف على جوانب القوة وجوانب الضعف لدى الفرد المعوق في القيام بعمل معين فكرة ترجع إلى مدرسة السمات والعوامل، والتي بدأت مع جهود بارسونز (1909) التي وضع بها أسس التوجيه المهني. غير أن استخدام بيئة عمل فعلية لتقدير جوانب القوة وجوانب الضعف يعتبر اتجاهاً حديثاً نسبياً في برامج التأهيل.
وفي مصر لم تكن عملية التقويم المهني تتم من خلال بيئة عمل فعلية وإنما كانت تعتمد على القياس النفسي واجتهادات المرشدين في توجيه المعوقين إلى أعمال تناسبهم، وقد بدأ المؤلف تجربة الاعتماد على تقدير الإمكانيات المهنية للمعوقين في بيئة عمل فعلية ولفترة تمتد إلى شهرين، وذلك في مركز تأهيل المعوقين سمعياً بالقاهرة عام 1967م، وتلا ذلك إنشاء مركز تجريبي للتقويم المهني عام 1978م وذلك بالاشتراك مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية حيث أمكن من خلال هذا المركز القيام بدراسات عن التقويم المهني وإعداد مجموعة من الكتيبات والدورات التدريبية، وقد تحول هذا المركز التجريبي إلى مركز للتقويم المهني لخدمة برامج التأهيل في محافظة القاهرة وماحولها.
ويتكون مركز التقويم المهني عادة من صالة كبيرة تقسم إلى أقسام يحتوي كل قسم على عمل من الأعمال الشائعة في المجتمع في صورة مصغرة وقريبة من الواقع، وتعرف بعينة العمل Work Jop Sample أو من مجموعة من المهام التي تدخل في عدة أعمال.
ويقوم بعملية التقويم متخصصون لديهم القدرة على القياس في المجال المهني وعلى المقابلة والملاحظة.
كما تستخدم وسائل أخرى مثل المقاييس النفسية والتقويم في بيئة عمل فعلية وعينات العمل المقننة مثل نظام توور ونظام فالبر وغيرها من الأنظمة.
ومن وجهة نظر المؤلف فإن وحدات التقويم المهني يجب أن تحل محل ورش التدريب المهني القائمة حالياً في مراكز التأهيل، وأن يكون الجانب المهني في هذه المراكز قاصراً على التقويم المهني والتدريب الإعدادي على بعض المهارات المتصلة بالمهن، والتدريب على المهارات الشخصية وعادات العمل التي تساعد على تحقيق التوافق المهني للمعوقين. وأما باقي جوانب التدريب المهني فتكون في بيئة العمل الفعلية.