السلوك التوافقى وصعوبات التعلم
إن مفهوم السلوك التوافقى لم يتم تضمينه فى تعريف صعوبات التعلم، وقياس السلوك التوافقى لم يكن شائع الاستخدام فى تحديد صعوبات التعلم. وأنه من السخف أن نقول أن الأطفال ذوى صعوبات التعلم ليس لديهم نواقص خلال مجالات محددة فى الوظائف التوافقية، فربما تبرز هذه المشكلات لدى الأطفال ذوى صعوبات التعلم وتحتاج إلى بحث. وعلى الرغم من قلة الدراسات حول السلوك التوافقى لدى الطلاب ذوى صعوبات التعلم، إلا أن هناك بعض دليل على أن تقييم السلوك التوافقى ربما يساعد فى تحديد صعوبات التعلم، وربما يساعد المختصين فى التشخيص الفارق، بعض الباحثين اقترحوا أن قياس السلوك التوافقى ربما يستخدم فى تحديد اختيارات التسكين المناسب للطلاب ذوى صعوبات التعلم. ومن هؤلاء Strawer&Weller,1985 والذين بحثوا الأنماط الفرعية وشدة صعوبات التعلم من خلال درجات الذكاء، الإنجاز، واللغة وعلاقتها بالسلوك التوافقي. تكونت عينة الدراسة من 112 طالب فى سن المدرسة تم تشخيصهم صعوبات تعلم وفقاً لمحك التباعدdiscrepancy criteria بين العينات. الباحثين تناولوا (1) عدد الاضطرابات الموجودة فى كل مادة ، وعدد الآراء أو المقترحات الموجودة فى درجات الإنجاز والتى كانت دالة بشكل منخفض عن درجات القدرة العقلية. (2) درجة الاضطراب الموجود لدى كل فرد (عبر مقارنة القدرة، والإنجاز) واستنادا على ذلك المحك تم تقسيم العينة إلى ثلاث مجموعات فى ثلاث مستويات تبعاً لشدة الإعاقة، ثم قورنت المجموعات على أساس درجات سلوكهم التوافقى لتحديد ما إذا كان ذلك المحك يمكن استخدامه للتشخيص الفارق بين الأنماط الفرعية لصعوبات التعلم. المجموعة الأولى: وصفت أن لديها قدرة عقلية متوسطة ومستويات خفيفة إلى متوسطة من السلوك التوافقى، واضطرابات فقط فى المهارات الأكاديمية، وهذه المجموعة ثابتة فيما يتعلق بوصف صعوبات التعلم الخفيفة، وعجز الآداء لا يتداخل مع قدراتهم التوافقية، ولم يلاحظ اضطراب العمليات، وهناك ارتباط ضعيف بين الآداء الأكاديمى ومهارات السلوك التوافقى. المجموعة الثانية: وصفت أن لديها قدرة عقلية متوسطة مع عجز يتراوح من المتوسط إلى الشديد فى السلوك التوافقى، واضطراب فى مهارات العمليات والمهارات الأكاديمية، هذه المجموعة الفرعية كانت ثابتة فيما يتعلق بوصف طلابها بذوى الاضطرابات الشديدة، وهناك ارتباط متوسط بين المهارات الأكاديمية ومهارات السلوك التوافقى لدى هذه المجموعة. أما المجموعة الثالثة: وُصفت بأنها بين بين Borderline لديهم قدرة عقلية دون المتوسط وليس لديهم اضطرابات بين القدرة والآداء فى مجالات العمليات والمهارات الأكاديمية، هذه المجموعة الفرعية وصفت بأنها بطيئة التعلم Slow learning ولديها ارتباطات ضعيفة بين درجات السلوك التوافقى والمهارات الأكاديمية، وتوصل الباحثون إلى أن تحديد المجموعات الفرعية لصعوبات التعلم يمكن تحديده بشكل مناسب من خلال تقييمات السلوك التوافقى، علاوة على الاعتماد على الاضطرابات الأكاديمية أو مهارات العمليات. وقد دعمت النتائج أن ذوى صعوبات التعلم مجموعة غير متجانسة.
وهناك محاولة قام ليجة Leigh,1987 بمقارنة السلوك التوافقى لدى مجموعة من الأطفال فى سن المدرسة، تم تشخيصهم ذوى صعوبات تعلم وتخلف عقلى ومجموعة من عاديي الذكاء للمقارنة، وقد ركز الباحثون على كيف أن درجات السلوك التوافقى فى درجات بعد محدد، تختلف بين ذوى المستوى الأول والمستوى الثانى من الطلاب ذوى صعوبات التعلم. الدرجات تم استخدامها كأسس للمقارنة من مقياس السلوك التوافقى، وهو يشتمل على خمسة أبعاد فرعية هى: العناية بالذات، التواصل، المهارات الاجتماعية، المهارات الأكاديمية، والمهارات المهنية. متوسط درجات مقياس السلوك التوافقى لدى مجموعة صعوبات التعلم كانت دالة بأقل من متوسط مجموعة الذكاء العادى، لكن كانت دالة بشكل مرتفع عن متوسط مجموعة الإعاقة العقلية. وعند تقسيم مجموعات صعوبات التعلم إلى مجموعات فرعية وفقا للسن، مجموعة المستوى الأول كانت درجاتهم أقل دلالة على المهارات الأكاديمية، مقارنة بالمقاييس الفرعية الأخرى. أما متوسط الدرجات الأعلى لمجموعة السن الأولى فقد كانت فى بعدى العناية بالذات والمهارات الاجتماعية. أما فى المستوى الثانى فكان متوسط الدرجات الأقل كان فى درجات بعد مهارات التواصل، إلى جانب أن الآداء العام على مهارات السلوك التوافقى تفاوتت من المستوى الأول إلى المستوى الثانى. وأن نقص الآداء بين المستويين العمريين كان قد حدث فى درجات مهارات التواصل. هذه النتائج تشير إلى زيادة العجز فى مهارات التواصل كما هو الحال لدى الأطفال ذوى صعوبات التعلم الأكبر سناً.
واقترح Bender&Golden,1988 تعريفاً السلوك التوافقى بأنه القدرة على استخدام اللغة فى الفصل الدراسى فى المواقف الاجتماعية، القدرة على إنتاج المعلومات داخل الفصل، القدرة على مواجهة متطلبات البيئة. هذا التعريف يتعارض بعض الشىء مع تعريف الاتحاد الأمريكى للتخلف العقلى، ومازال التأكيد على المهارات الاجتماعية ومهارات التواصل كمظاهر هامة للسلوك التوافقى. وقد قارن الباحثون أبعاد السلوك التوافقى لدى ذوى صعوبات التعلم والطلاب من غير ذوى صعوبات التعلم من خلال عينة من 54 من الطلاب ذوى صعوبات التعلم فى الصفوف من الثالث إلى السادس والذين تمت مجانستهم مع العاديين فى المتغيرات الديموجرافية. وأشارت النتائج إلى أن معدلات المعلمين حول خصائص السلوك التوافقى لدى الطلاب ذوى صعوبات التعلم أقل بكثير من أقرانهم من العاديين. وعند إعطاء تقارير ذاتية فإن الطلاب ذوى صعوبات التعلم لا يتلقون بدقة السلوك التوافقى فى المجالات التى تتضمن العلاقات الاجتماعية. ولقد توافق ذلك مع الدراسات السابقة التى تناولت الأطفال ذوى صعوبات التعلم حيث أنهم غير قادرين على تحديد الإشارات الاجتماعية والتفاعل فى المواقف الاجتماعية عن الأطفال العاديين. وقد اقترح الباحثون وفقاً لذلك أن قياس السلوك التوافقى كجزء من عملية التقييم ربما تعطى تحديداً مفيداً للطلاب ذوى صعوبات التعلم. وهكذا يتضح أن معظم البحوث وجدت علاقة بين القدرات العقلية والسلوك التوافقى لدى الأطفال المعوقين.
والخلاصة: أن بعض الدراسات والبحوث السابقة تناولت العلاقة بين الأطفال التوحديين، المعوقين عقلياً، وذوى صعوبات التعلم، فى إطار بنية وتنظيم أبعاد السلوك التوافقى للتمييز بين التواصل، التطبيع الاجتماعي، مهارات الحياة اليومية. ودراسات راجعت نقاط القوة والضعف فى هذه الأبعاد بين ثلاث مجموعات مختلفة من الأطفال غير العاديين، والقليل من الدراسات حاولت النظر إلى الوظيفة التوافقية الموجودة بشكل مستقل عن الوظائف العقلية، والنتائج فى هذا الشأن مازالت متضاربة. لكن الدراسات بينت عموماً الخصائص التوافقية للتشخيص الفارق بين مجموعات المعوقين وغير المعوقين.