عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 05-26-2012, 07:22 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي

 

الفصل الثاني
التكفل النفسي بالمتخلفين عقليا
1.2 – التربية الحركية و الرياضية.
2.2 – الرعاية التربوية و التعليمية.
3.2 – التربية الفنية و الموسيقية.
4.2 – الرعاية الصحية.


بعد الحصول على تشخيص كامل و شامل عن الحالة العقلية و النفسية و الاجتماعية للمصاب بالعاهة الذهنية, بفضل الفحوص و الاختبارات المختلفة, فإن الجهود تتجه مباشرة نحو إعداد برامج الكفالة و التأهيل الملائمة لتلك الحالة, و التي تعمل على تلبية أهم الاحتياجات النفسية و الاجتماعية للمعوق, من الحاجة إلى التعلم و تطوير الخبرات و تحسين السلوك التوافقي, مرورا بالمشاركة الوجدانية و التعاطف و التقدير, وصولا إلى القدر الأكبر من الاستقلالية و التحكم و التسيير الأمثل للذات و قدراتها.
و بالرغم من الصعوبة الكبيرة التي صادفتنا في تحديد المجالات التي يطغى عليها التكفل النفسي و المجالات التي يطغى عليها التكفل الاجتماعي, بسبب التداخل الكبير بين الجانبين في الكفالة, إلا أننا حددنا العناصر التالية في هذا الفصل على أنها تخدم جانب الصحة النفسية و الشخصية للمعاق – و هذا لا يعني أنها لا تخدم الجانب الاجتماعي – و المتمثلة في مجالات الرعاية التالية:
1.2 – التربية الحركية و الرياضية:
1 تسهم التربية الحركية و الرياضية في تحسين اللياقة البدينة و الصحة العامة للمعاقين ذهنيا, و في تنمية التوافقيات العضلية – العصبية و الحس الحركي, مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة الحركية لديهم, و تسهم في رفع مستوى تركيزهم و انتباههم و مقدرتهم على الإحساس و التصور و التذكر و التمييز الحركي و البصري, مما يطور استعداداتهم الإدراكية و يُنمِّيها.
كما أن اللعب له جاذبيته الخاصة للمعاقين ذهنيا لما يمنحه لهم من شعور بالمشاركة و الفاعلية و المنافسة و التشجيع و الرضا و السعادة, و من ثم يمكن أن يكون وسيطا ممتازا لتعليم الكثير من المفاهيم و المعلومات و العادات و الأنماط السلوكية المرغوبة, في جو ممتع و محبب للنفس, مما يساهم في طرد أو الحد من حالات الاكتئاب و الضيق و الانطواء و الكبت و فقدان الشعور بالثقة, بما أن اللعب و النشاطات الرياضية تفتح أمام المعاق ذهنيا مجالات واسعة للتنفيس عن رغباته المكبوتة و طاقاته الكامنة, و كذا تطوير مختلف مهاراته


1- صلاح الدين حسين الشريف – إمام مصطفى سيد . تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة. 2004. ص 18.
الحسية – الحركية, و ما ينجم عنها من زيادة في الشعور بالذات و الثقة في النفس و توكيد " الأنا ".
و في نفس السياق, 1 تؤكد " سيدرس " مثل " بينيه " و من سبقوه على أهمية عمليات تدريب الحواس و الانتباه للأطفال المتأخرين عقليا, و يقرر كثير من الباحثين أن مدى الاهتمام عند الأطفال المتخلفين عقليا قصير جدا, و على ذلك فإنه لكي يتم تعليمهم ينبغي توجيه الانتباه خاصة للأمور الحسية. و قد أكدت الباحثة " سيدرس " على أهمية حاسة اللمس و الحاسة العضلية لأنها تعتقد أن الأطفال الصغار يتعلمون عن طريق حاسة اللمس منه عن طريق حاسة البصر, و لذلك فإن التدريب الحسي يكون أساسا هاما في برنامج تربية الطفل المتخلف عقليا, الذي يعاني نقصا في إدراكه الحسي و في الانتباه.
و ما يمكن ملاحظته أيضا حول أفكار الباحثة في هذا الموضوع, هو تشديدها على التربية البدنية, لأنها ترى – أي الباحثة سيدرس – أن الطفل المتخلف عقليا هو طفل يواجه صعوبات من الناحية البدنية, و بالضرورة هو شخص يواجه صعوبات نفسية, و من هنا تتضح ضرورة مراعاة تنمية الجوانب البدنية المتصلة بالقدرات الإدراكية و الحسية – الحركية, من أجل تحسين الصحة النفسية للمصاب, عن طريق الألعاب الرياضية و ألعاب المهارات اليدوية بشكل خاص, التي تخدم مجموعة من الأهداف – وفق المنهج الذي وضعته الباحثة – و التي تلخصها في: التمرين على الانتباه, تنمية الميول, قوة الإرادة, الثقة بالنفس, القدرة على التصور البصري, القدرة على التعبير على الأفكار و تكملة عمل من الأعمال.
2.2 – الرعاية التربوية و التعليمية:
لا يمكن الحديث عن أي تكفل بالمعوقين ذهنيا دون الحديث عن الجانب التربوي, الذي يلعب دورا محوريا في تأهيل قدرات المصابين العقلية, و ذلك من خلال برامج التربية الخاصة, التي يضعها المختصون و التي تتماشى مع مدى الضعف أو الضرر الذهني للمصاب, و هي تهدف إلى تحقيق النمو النفسي و الاجتماعي للمعوق.


1- 2 ص 207-208.
و الحقيقة هي أن الجانب التربوي في التكفل يتداخل مع جوانب التربية البدنية و الحركية, لأن هذه الأخيرة تكمّل عمل المناهج التعليمية الخاصة بهذه الفئة, بل إنها تعد جزءا منها. و ما يُلاحظ على هذا الجانب هو أنه يتطلب إمكانات مادية هامة تتمثل أساسا في المدارس الخاصة بفئة المعوقين ذهنيا, بكل ما تستلزم من قاعات تدريس و تجهيزات خاصة و إطارات متخصصة و مناهج تربية خاصة أيضا.
إن أهم ما تهدف إليه مناهج التربية و التعليم الخاصة هو 1" مجال النمو و التوافق الشخصي ( الذاتي ) ", و يعني ذلك كل ما يعزز شعور الطفل بقيمته الذاتية, و استقلاله و وجوده الشخصي, مما يكفل له التوجيه الذاتي و الاعتماد على النفس بقدر المستطاع.
إلا أن وضع المناهج التربوية الخاصة ليس بالأمر الهين, و إنما يتطلب تحديد جانبين هامين, و هما: 2" متطلبات البرنامج التربوي للمتخلفين عقليا " و " الاحتياجات التربوية اللازمة لتصميم هذا البرنامج ".
أ – متطلبات البرنامج التربوي للمتخلفين عقليا:
و هناك إجراءات مسبقة لوضع هذا البرنامج التربوي الخاص هي:
1- الفحص الطبي و النفسي و الاجتماعي الشامل للطفل المتخلف, بحيث يكون لكل طفل سجل خاص يتضمن كل البيانات اللازمة لتشخيص حالته, و تشمل نتائج اختبارات الذكاء و النطق و الكلام و التوافق الاجتماعي و الشخصي للطفل دوريا.
2- تنظيم الفصل الدراسي مع مراعاة تجانسه على قدر المستطاع, كأن يحتوي الفصل على مجموعة صغيرة من الأطفال – أو البالغين – المتخلفين عقليا ( بين 8 إلى 10 تلميذ ), حتى يتمكن المختص من مراعاة الفروق الفردية وتوجيه الرعاية الفردية اللازمة لكل واحد منهم.
3- ضرورة إعداد المعلم المتخصص في التربية الخاصة إعدادا تربويا و مهنيا مناسبا, لكي يستطيع العطاء و المساعدة لهذه الفئة الخاصة من الأطفال, على أن تتوفر لديه الخبرة بخصائص نمو الطفل المتخلف, و مشكلاته الانفعالية و أساليب رعايته التربوية و النفسية.
4- ضرورة تعاون كل المتخصصين في وضع البرنامج: أطباء, أخصائي نفسي, أخصائي اجتماعي و تربوي, معلم, أخصائي أمراض عصبية ونفسية.


1- صلاح الدين حسين شريف – إمام مصطفى سعيد. تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة. 2004. ص 17.
2- 1 ص 328-329.
* بعد الانتهاء من ذلك يجب أن تتركز البرامج المُعدّة للمتخلفين عقليا حول:
- ملاحظة الأشياء المحسوسة.
- لمس الأشياء المحسوسة.
- التعرف على الصور و إدراكها.
- التعرف على بعض الرموز.
- استخدام الرموز في عمليات مركبة بسيطة.
بـ - الاحتياجات التربوية اللازمة لتصميم برامج المتخلفين عقليا:
1- توفير الملاعب بمدارس المتخلفين عقليا, و توفير اللعب الحر الفردي و الجماعي, من أجل رفع روحهم المعنوية و إحساسهم بأنهم أفراد لهم أهميتهم, و محاولة إصلاح الكثير من العيوب لجسمية و اتزان الحركة – كما ذكرنا في التربية الحركية سابقا –.
2- توفير المبنى المدرسي المناسب لنوع الإعاقة – الإعاقات الذهنية في هذا المستوى – مع الأدوات المناسبة للتكفل و التأهيل, كالأدوات اليدوية و الزراعية التي تنمي الأنشطة الحركية....
3- تهيئة الظروف الفيزيقية التي تتناسب و الإعاقة الذهنية خاصة من جانب التحصيل, كتوفير الإضاءة الكافية, من أجل ملاحظة وجه المدرسين و إيماءاتهم و إشارتهم.....
إن توفير كل هذه الإمكانات المادية المصاحبة للبرامج التربوية و البيداغوجية التي تتناسب و قدرات المتخلفين عقليا و إيقاعهم الذهني, يؤدي دورا محوريا في عملية التكفل بهم على جميع الأصعدة, خاصة التربوية و العقلية, و يمكن تلخيص انعكاسات ذلك في النقاط التالية:
- تعلم و ممارسة المهارات الاستقلالية الأساسية اللازمة للعناية بالذات.
- اكتساب مهارات التآزر الحس – حركي و الرفع من قدرة الانتباه و التركيز و من ثم التفكير.
- اكتساب و ممارسة بعض مهارات الكلام و النمو اللغوي و من ثم إدراك المفاهيم و توسيع القدرات المعرفية إلى أقصى حد ممكن.
- تطوير عمل الحواس الأساسية ( اللمس, البصر, السمع بشكل خاص ).
- تعلم الأنماط السلوكية المناسبة و العادات الصحية.
- اكتساب الثقة بالنفس من خلال تقبل الذات و تطوير مهاراتها الشخصية الممكنة.
3.2 – التربية الفنية و الموسيقية:
تكملة لكل ما تقدم, فإن التربية الفنية و الموسيقية تلعب دورا هاما في مجال الرعاية النفسية للمعوقين ذهنيا, لما توفره من متعة و تسلية و ترفيه إلى جانب أبعادها التربوية و التي تخدم مباشرة الصحة النفسية للمعاق, و غالبا ما تكون هذه الأنشطة ضمن أو في صلب برامج التربية الخاصة, إذ أنها تكمل الجانبين المعرفي و الحس – حركي الذي تحمله برامج التعليم و النشاط اليدوي, 1فإلا جانب تشجيع سعي المعاق نحو تحقيق ذاته و الحصول على الثقة اللازمة في النفس, و كذا زيادة كفاءته العصبية و الحركية, فإن النشاطات الفنية كالرسم مثلا تساهم في خدمة أبعاد أخرى يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- توفير الفرصة لممارسة نشاط يتناسب مع القدرات و الاستعدادات و من ثم الشعور بإشباع حاجة الإنجاز.
- عدم مُقارنة أعمال الطفل المعاق ذهنيا بغيره من أعمال زملائه أو بمستوى محدد مسبقا من الكفاءة.
- النشاطات الفنية – و هذه أهم نقطة – تيسر للمعاقين ذهنيا منافذ التعبير و الاتصال, و تساعدهم على ترجمة أفكارهم و مشاعرهم و مخاوفهم دون الحاجة للإفصاح عنها بالكلمات – خاصة و أنهم يفتقرون إلى الكفاءة اللغوية – , و هذا يسهم في إسقاط ما يعانونه من ضغوط و توترات, و من ثم تحقيق التوازن الانفعالي, و في الوقت ذاته فإن ما يُنتجونه من أعمال فنية تُعدّ مفاتيح تشخيصية للصعوبات الانفعالية و المشكلات التي تصاحب الإعاقة من جانب آخر.


1- صلاح الدين حسين شريف – إمام مصطفى سيد- تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة . 2004. ص 19.
كما تندرج الموسيقى في نفس السياق السابق الذكر, فبرامج التربية الخاصة تركز على تدرس الموسيقى للمعاقين ذهنيا بنفس الطريقة التي تدرس بها للأسوياء, لكن الفرق يكمن في بطء المدة الزمنية التي يستغرقها المعاقين في التعلم, لكن عموما فإن الفنون الموسيقية لها تأثير إيجابي على الحالة النفسية للمعاق ذهنيا كما أثبتته الكثير من الدراسات.
4.2 – الرعاية الصحية:
كأي إنسان, فإن المتخلفين ذهنيا بحاجة إلى الرعاية الصحية المنتظمة و الدورية لعدة أسباب, لعل أهمها هو عجزهم النسبي أو الكلي عن إدراك حالتهم الصحية و التقييم الذاتي في مجال الصحة و المرض, كما أنهم و بحكم اختلافهم عن الأشخاص الأسوياء فهم يعتبرون من الناحية الصحية أكثر عرضة للأمراض أو المضاعفات.
هذا و توضح 1رابطة الطب النفسي أنه من خلال توفير الخدمات المناسبة على مدى زمني كاف يتحسن الأداء الشامل للمتخلف عقليا بصفة عامة. و هو محاولة علاج الحالات التي يمكن علاجها, خاصة تلك التي تكون فيها العوامل الوراثية هي المحددة للتخلف العقلي, و عندما يكون هذا التخلف مصحوبا بأمراض جسمية.
لذلك فإن الرعاية الصحية و الطبية بالمعاقين ذهنيا, لا تفيد فقط في وقايتهم من الأمراض أو الاضطرابات العضوية المحيطة بهم, بل تفيد كذلك في التخفيف من إصاباتهم العقلية و من ثم تحسين مستوى كفاءتهم الذهنية, خاصة في حالة الإعاقات ذات المصدر الوراثي التي قد تنفع معها بعض التدخلات الطبية, للتخفيف من وطأتها على حياة المصاب, و ذلك لا يأتي من عدم, بل يتقرر من خلال المتابعة الصحية الدائمة للمعوق و الفحوص الطبية المنتظمة التي تجرى له.
لذلك يتوجب دوما توفر ملف طبي للمعوق على مستوى مدارس أو مراكز التربية الخاصة, لاستحالة الفصل بين الصحة النفسية و الصحة العضوية للمُصاب, و إذا كانت الصحة النفسية للمعوق تُراقب دوما عن طريق اختبارات الذكاء و التوافق المنتظمة, لمراقبة سير حالته العقلية و الانفعالية, فإن حالته العضوية تتطلب هي الأخرى مراقبة طبية دورية


1- 1 ص 330.
تضمن جانب الوقاية من الأمراض, أو المضاعفات العضوية التي قد تتخذ من إصابته العقلية منطلقا لها.
في نهاية هذا الفصل نرى الأهمية التي تلعبها التربية و الرعاية البدنية – الرياضية, و التعليمية– الفنية و الصحية, في مجال التكفل النفسي بالمعوقين عقليا, و الانعكاسات التي يمكن أن تتركها هذه الرعاية على صحتهم و حياتهم النفسية و الاجتماعية, من خلال تطوير كفاءتهم البدنية و العقلية و الانفعالية و المعرفية, بشكل يسمح يفتح لهم آفاق أوسع لتحقيق ذواتهم على المستوى الشخصي و الاجتماعي.

 

رد مع اقتباس