مشاهدة النسخة كاملة : التكفل النفسي و الاجتماعي للمتخلفين عقليا
معلم متقاعد
05-26-2012, 07:14 PM
التكفل النفسي و الاجتماعي للمتخلفين عقليا
مقدمة
يُعد التأخر العقلي ظاهرة اجتماعية خطيرة, تظهر في كل المجتمعات على حد سواء, خاصة المجتمعات المتخلفة, حيث 1تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن نسبة التأخر العقلي تتراوح بين1إلى 4 في المائة من أراد المجتمع, و يوجد حوالي 80 في المائة من هذه النسبة في المجتمعات النامية, مما يعد خسارة بشرية باهظة, و عبئا ثقيلا على كاهل هذه المجتمعات, ذلك أن هؤلاء المصابين بحاجة إلى رعاية خاصة من جميع النواحي, النفسية و الاجتماعية و التربوية..., ناهيك عن النفقات المالية التي تترب عن هذه الكفالة من تجهيزات خاصة و أدوية و متابعة طبية و نفسية مستمرة, و هو ما يشكل عبئا اقتصادية على الأسرة كما على الدولة.
بالرغم من ذلك تبقى العناية و التكفل بهذه الفئة من المجتمع واجبا إنسانيا و أخلاقيا و دينيا, و من أجل ذلك و بعد التطور الكبير الذي عرفه الطب إلى جانب العلوم الاجتماعية – علم النفس و علم الاجتماع – فإننا نجد اليوم كما هائلا من المعارف التراكمية, التي تسمح بتكفل أفضل بهذه الفئة, و من أجل ذلك فقد تم تسخير علوم النفس و الاجتماع و الإرشاد و التوجيه, من أجل غاية واحدة و هي التخفيف بقدر الإمكان من وطأة تلك العاهة العقلية على حياة صاحبها, و تمكينه من تحسين مستواه التوافقي مع نفسه و وسط مجتمعه, و لهذا سنحاول في هذا البحث المتواضع شرح بعض المفاهيم التي لها علاقة بالكفالة الخاصة, و رصد أهم الجوانب و الاحتياجات التي يشكو منها المتخلفون عقليا, و كيف يتم التكفل بها نفسيا و اجتماعيا.
1- بشير معمرية – بحوث و دراسات متخخصة في علم النفس- 2007. ص 107.
معلم متقاعد
05-26-2012, 07:20 PM
الفصل الأول
بعض المفاهيم العامة و علاقة علم النفس و الاجتماع بالتخلف العقلي
1.1 – مفهوم التربية الخاصة.
2.1 – مفهوم التأهيل و مُبرّراته.
3.1 – التصنيف السيكولوجي و علاقة علم النفس بالتخلف العقلي.*مفهوم التكفل
4.1 – التصنيف السوسيولوجي و علاقة علم الاجتماع بالتخلف العقلي.* *مفهوم الارشاد
عند التطرق لأي موضوع كان, لا بد من توضيح بعض المفاهيم الأساسية التي ترتبط به بشكل وثيق, و هو الأمر مع موضوع التخلف الذهني, الذي و عند التطرق إليه تظهر لنا بداية بعض المفاهيم التي عادة ما نصطدم بها عند دراسة جوانب التكفل بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة, إضافة إلى تحديد العلاقة الوثيقة التي تربط بين ظاهرة التخلف العقلي و العلوم الاجتماعية.*
1.1 – مفهوم التربية الخاصة:
1يعتقد البعض أن التربية الخاصة هي تربية المعوقين سمعيا أو بصريا أو فكريا, و هذا الاعتقاد قاصر, لأن معنى التربية الخاصة أعم و أشمل فهو يتضمن تربية الأطفال غير العاديين, و يشمل هذا المفهوم كذلك تربية ضعاف القلب و المرضى بأمراض مزمنة, و كذا المتفوقين عقليا, و المصابين بأمراض كلامية و المشلولين و المعقدين نفسيا و العاجزين حركيا.
و يمكننا أن نستشف مما سبق أن التربية الخاصة من الناحية الاصطلاحية لا تختلف عن التربية بمفهومها العام و الشامل, كونها تلك " العملية الإنسانية الهادفة و المستمرة في الزمن, التي تهدف إلى إثراء خبرة الفرد و إكسابه سلوكات و قيم و خبرات توصله إلى تكوين الشخصية المثالية التي تحقق له الاندماج و الفعالية في مجتمعه ", سوى أن التربية الخاصة " موجهة إلى كل الأفراد المختلفين, سواء من الناحية العقلية أو الجسدية, و الذين يطرح لهم اختلافهم ذاك نوعا من الصعوبات التي تعيقهم عن مسايرة نمط الحياة أو التربية, الذي يعيشه الأفراد العاديون."
و بخصوص الأفراد غير العاديين الذين يحتاجون إلى هذه التربية الخاصة, فهم ليسوا بالضرورة معوقين أو متخلفين ذهنيا, و إنما يشمل مصطل " الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة " الأفراد الموهوبين كذلك, أو العباقرة, الذين يحتاجون إلى تربية خاصة تكفل لهم تطوير ملكاتهم و تفجير إمكاناتهم وفق تلك البرامج, التي تساير مستواهم الذهني من جهة, و تسهل عليهم التوافق مع الذات و مع المجتمع من جهة ثانية.
1- 2 ص 205.
2.1 – مفهوم التأهيل:
1 يحمل مفهوم التأهيل الكثير من المعاني, و هو يشمل التأهيل الطبي و المهني و الاجتماعي و النفسي, و هناك تعريفات مختلفة لتأهيل المعاقين, و لعل أهم هذه التعريفات, ذاك الذي وضعه " المجلس الوطني للتأهيل في أمريكا " ( 1942 ), و الذي لا يزال لدى العاملين في المجال, و الذي يعرف التأهيل على أنه: " استعادة الشخص المعاق كامل قدرته على الاستفادة من قدراته الجسمية و العقلية و الاجتماعية و المهنية و الاقتصادية ".
التأهيل بأنه: " الاستفادة من مجموعة الخدمات المنظمة(WHO) و تعرف منظمة 2
في المجالات الطبية و الاجتماعية و التربوية و التقييم المهني من أجل تدريب و إعادة تدريب الفرد, و الوصول به أقصى مستوى من مستويات القدرة الوظيفية, و هو يهدف إلى أن يستفيد الشخص المعاق و ينمو جسميا و عقليا و حسيا, و يكون لديه قدر ممكن من القدرة على العمل, و قضاء حياة مفيدة ن النواحي الاجتماعية و الشخصية و الاقتصادية ".
التأهيل:وهي محاولة إكتساب الأطفال المتخلفين مهارات عملية مهنية وتدريبهم على تنمية قدراتهم الاٍجتماعية ،وتدريبهم على النطق والكلام اٍذ اقتضى الأمر ذلك.4
* مبررات تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة:
لا يمكننا الحديث عن التكفل النفسي – الاجتماعي بذوي الاحتياجات الخاصة, لا سيم المتخلفين عقليا, دون الإشارة إلى مبررات التأهيل الذي يعد في حد ذاته وجها من أوجه ذلك التكفل, فهناك مبررات عديدة و أساسية لتقديم الخدمات التأهيلية لهذه الفئة, و التي نوجزها في النقاط التالية 3:
1- يُعتبر الإنسان بغض النظر عن إعاقته صانعا للحضارة, و لذلك ينبغي أن يكون هدف مباشر لمجالات التنمية الشاملة, من خلال جهودها المتنوعة.
2- الشخص المعاق يعتبر قادرا على المشاركة في جهود التنمية, و من حقه الاستمتاع بثمارها إذا ما أتيحت له الفرص و الأساليب اللازمة لذلك.
3- إن المعاقين مهما بلغت إعاقتهم و اختلفت فئاتهم فإن لديهم قابلية و قدرات و دوافع للتعلم و النمو و الاندماج في الحياة العادية و في المجتمع, لذلك لا بد من التركيز على تنمية ما لديهم من إمكانيات و قدرات في مجال التعلم و المشاركة.
4- لجميع المعاقين الحق في الرعاية و التعليم و التأهيل و التشغيل دون تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو المركز الاجتماعي أو الانتماء السياسي.
5- تعتبر عملية التأهيل حق للمعاقين في مجال المساواة مع غيرهم من المواطنين, و ذلك لتوفير فرص العيش الكريم لهم.
1- علي حماد الحسيني. تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة. 2004. ص 5.
. المنظمة العالمية للصحة.World Health Organization2-
3- علي حماد الحسيني. نفس المرجع السابق. 2004 . ص 6.
4-زينب محمد شقير-ع ن ع م-2002- ص 330.
الآن و بعد أن وضحنا مفاهيم التربية الخاصة و تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة, من كونها مفاهيم أساسية في عملية التكفل النفسي و الاجتماعي بالمعوقين – المتخلفين ذهنيا في هذا البحث * فإنه يبقى أمامنا التعريج على أهم التصنيفات في مجال الإعاقة العقلية, و توضيح العلاقة بين فرعي علم النفس و علم الاجتماع بالمرض العقلي.
* فهناك عدة تصنيفات تمس المتأخرين ذهنيا, منها 1 التصنيف الطبي, الذي يُصنف المتأخرين عقليا بحسب العوامل البيولوجية و الوراثية و العضوية المؤثرة على كفاءة الجهاز العصبي, و المؤثرة بذلك على النواحي الذهنية و الفكرية للمصاب, و هناك التصنيف التربوي – و هو الأقرب إلى علم النفس – الذي يضع المتأخرين عقليا وفق فئات حسب درجة ذكائها و استعدادها للتعلم و التعاطي مع المناهج الدراسية...., لكن ما يهمنا في هذا البحث هو التصنيفين السيكولوجي و السوسيولوجي, و كيف يؤثران على عملية التكفل النفسي و الاجتماعي بالمعاق.*
3.1- التصنيف السيكولوجي و علاقة علم النفس بالتخلف العقلي:*
2 يعتمد هذا التصنيف على القياس النفسي و خاصة على نتائج اختبارات ستانفورد – بيني و اختبارات وكسلر – بلفيو, التي تعد من أشهر الاختبارات لقياس الذكاء. و باستخدام المتوسط الحسابي و الانحراف المعياري يتم تصنيف الأفراد المتأخرين عقليا.
و يُصنف علماء النفس فئات التأخر العقلي وفقا لنسب الذكاء على أساس أنها معيار مستوى الأداء الوظيفي للقدرة العقلية, و يتم ذلك بمقارنة أداء الفرد على اختبار ذكاء مقنن بمتوسط أداء أقرانه ممن هم في مثل سنه.
1- بشير معمرية. بحوث و دراسات متخصصة في علم النفس.. 2007. ص 113.
2- بشير معمرية. نفس المرجع - 2007. ص 113-114.
و من التصنيفات السيكولوجية المقبولة حاليا – و التي على أساس معطياتها تحدد كيفية التكفل بالمعوق – ما قدمه " جروسمان " عام 1977 وفق تعريفه للتأخر العقلي, و يتضمن التصنيف الفئات الأربعة المبينة في الجدول التالي:
الفئات الأربعة للتخلف العقلي وفق تصنيف "جروسمان " السيكولوجي1
نسب الذكاء
فئات التخلف العقلي
اختبار وكسلر – بلفيو
اختبار ستانفورد – بيني
69-55
68-52
1- تأخر عقلي بسيط
54-40
51-36
2- تأخر عقلي متوسط
39-25
35-20
3- تأخر عقلي شديد
أقل من 25
أقل من 20
4- تأخر عقلي حاد
من خلال ما تقدم تتضح لنا العلاقة الوثيقة بين علم النفس و عاهة التخلف العقلي, إذ يهتم علم النفس بدراسة التخلف الذهني من ناحية مستوى الذكاء, و تحديد أنماط الشخصية و السلوك التوافقي, و ردات الفعل الوجدانية و العلاقة مع الذات و المحيط, من خلال مجموعة الاختبارات و المقاييس التي تتيح ضبط و تحليل أفضل لحالة المعوق, و من ثم تحديد و وضع برامج التكفل المثلى بهذه الفئة, بمراعاة قدرات و كفاءة و مستوى كل صنف على حدا.
4.1- التصنيف السوسيولوجي و علاقة علم الاجتماع بالتخلف العقلي:*
2 يعتمد هذا التصنيف على محك " التكيف الاجتماعي للفرد ", و مدى اعتماده على نفسه و وفائه بالواجبات الذاتية و المطالب الاجتماعية, و يستخدم الأخصائيون في تحديد هذه
الجوانب اختبارات " النضج الاجتماعي " و " السلوك التكيفي ".
1- 2 – بشير معمرية. بحوث و دراسات متخصصة في علم النفس . 2007. ص 114-115.
و من بين الاختبارات التي استخدمت لفترة طويلة في تحديد مظاهر السلوك التكيفي, مقياس " فينلاند " للنضج الاجتماعي. إلا أن الانتقادات التي وجهت له جعلت الرابطة الأمريكية للتأخر العقلي تكلف " هانري ليلاند " و آخرين ( 1966 ) بإعداد اختبار جديد للسلوك التكيفي, و الذي كان قد صدر في شكله النهائي عام 1974 و هو اختبار يتناول ( ABS ) السلوك الاجتماعي للفرد من ثلاث سنوات حتى الشيخوخة, تحت اسم 1
, يتكون من 110 سؤال موزعين على قسمين ( قسم خاص بالمظاهر النمائية و آخر خاص باضطرابات الشخصية و السلوك ), بحيث سنشير إلى القسم الثاني من الاختبار لأنه يركز على ضبط و تحديد نوع السلوك الاستقلالي في مجال العناية بالذات, و الذي تشمل بنوده 10 مجالات أساسية هي 2:
-1 السلوك الاستقلالي ( تناول الطعام. استخدام المرحاض...).
-2 النمو الجسمي ( النمو الحسي – الحركي ).
-3 النشاط الاقتصادي ( التعامل بالنقود و مهارات الشراء..).
-4 ارتقاء اللغة ( التعبير. الفهم. ارتقاء اللغة الاجتماعية ).
-5 الأعداد ز الوقت ( عمليات الحساب. إدراك مفاهيم الوقت...).
-6 الأنشطة المنزلية ( التنظيف و أعمال المطبخ ).
-7 النشاط المهني ( استخدام أدوات العمل ).
-8 التوجه الذاتي ( شغل وقت الفراغ ).
-9 تحمّل المسؤولية ( الاعتماد على النفس. الالتزام.. ).
-10 التنشئة الاجتماعية ( التعاون. التفاعل مع الآخرين... ).
من خلال هذا النموذج يتضح لنا أن علم الاجتماع يسعى و يركز على فهم السيرة الشخصية للفرد و تطورها, من خلال تاريخه مع أسرته و المحيطين به لتحديد مدى عمق تخلف السلوك الاجتماعي الناتج عن أي إصابة في الجانب العقلي, و ما يُلاحظ هو الصلة
- اختبار السلوك التكيفي.Adaptive Behavior Scale1-
2- بشير معمرية. بحوث و دراسات متخصصة في علم النفس. 2007. ص 115.
التي تربط علم النفس بعلم الاجتماع فيما يخص دراسة و تصنيف معضلات التأخر العقلي, إذ أنهما يعملان – إلى جانب علم التربية – على وضع التصور السليم و الصحيح لحالة المعوق الذهني النفسية و الاجتماعية, و من ثم ضبط طرق التكفل الصحيحة و الملائمة.*
إن التكفل النفسي و الاجتماعي الأمثل بالمعوقين ذهنيا يقتضي قبل كل شيء فهم معاني التربية الخاصة و التأهيل بمختلف أوجهه, إضافة إلى الحصول على أكبر قدر من المعطيات الكمية و النوعية عن الجوانب النفسية و الاجتماعية للمعوق, التي توفرها مختلف الاختبارات و المقاييس الكثيرة و المتوفرة اليوم, بشكل يسمح بوضع تصور شامل عن شكل التدخل الذي سيتبناه الأخصائي و المربي, الذي يقع على عاتقه تدليل مختلف الصعوبات التي تواجه المعاق ذهنيا في حياته النفسية و الاجتماعية.
معلم متقاعد
05-26-2012, 07:22 PM
الفصل الثاني
التكفل النفسي بالمتخلفين عقليا
1.2 – التربية الحركية و الرياضية.
2.2 – الرعاية التربوية و التعليمية.
3.2 – التربية الفنية و الموسيقية.
4.2 – الرعاية الصحية.
بعد الحصول على تشخيص كامل و شامل عن الحالة العقلية و النفسية و الاجتماعية للمصاب بالعاهة الذهنية, بفضل الفحوص و الاختبارات المختلفة, فإن الجهود تتجه مباشرة نحو إعداد برامج الكفالة و التأهيل الملائمة لتلك الحالة, و التي تعمل على تلبية أهم الاحتياجات النفسية و الاجتماعية للمعوق, من الحاجة إلى التعلم و تطوير الخبرات و تحسين السلوك التوافقي, مرورا بالمشاركة الوجدانية و التعاطف و التقدير, وصولا إلى القدر الأكبر من الاستقلالية و التحكم و التسيير الأمثل للذات و قدراتها.
و بالرغم من الصعوبة الكبيرة التي صادفتنا في تحديد المجالات التي يطغى عليها التكفل النفسي و المجالات التي يطغى عليها التكفل الاجتماعي, بسبب التداخل الكبير بين الجانبين في الكفالة, إلا أننا حددنا العناصر التالية في هذا الفصل على أنها تخدم جانب الصحة النفسية و الشخصية للمعاق – و هذا لا يعني أنها لا تخدم الجانب الاجتماعي – و المتمثلة في مجالات الرعاية التالية:
1.2 – التربية الحركية و الرياضية:
1 تسهم التربية الحركية و الرياضية في تحسين اللياقة البدينة و الصحة العامة للمعاقين ذهنيا, و في تنمية التوافقيات العضلية – العصبية و الحس الحركي, مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة الحركية لديهم, و تسهم في رفع مستوى تركيزهم و انتباههم و مقدرتهم على الإحساس و التصور و التذكر و التمييز الحركي و البصري, مما يطور استعداداتهم الإدراكية و يُنمِّيها.
كما أن اللعب له جاذبيته الخاصة للمعاقين ذهنيا لما يمنحه لهم من شعور بالمشاركة و الفاعلية و المنافسة و التشجيع و الرضا و السعادة, و من ثم يمكن أن يكون وسيطا ممتازا لتعليم الكثير من المفاهيم و المعلومات و العادات و الأنماط السلوكية المرغوبة, في جو ممتع و محبب للنفس, مما يساهم في طرد أو الحد من حالات الاكتئاب و الضيق و الانطواء و الكبت و فقدان الشعور بالثقة, بما أن اللعب و النشاطات الرياضية تفتح أمام المعاق ذهنيا مجالات واسعة للتنفيس عن رغباته المكبوتة و طاقاته الكامنة, و كذا تطوير مختلف مهاراته
1- صلاح الدين حسين الشريف – إمام مصطفى سيد . تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة. 2004. ص 18.
الحسية – الحركية, و ما ينجم عنها من زيادة في الشعور بالذات و الثقة في النفس و توكيد " الأنا ".
و في نفس السياق, 1 تؤكد " سيدرس " مثل " بينيه " و من سبقوه على أهمية عمليات تدريب الحواس و الانتباه للأطفال المتأخرين عقليا, و يقرر كثير من الباحثين أن مدى الاهتمام عند الأطفال المتخلفين عقليا قصير جدا, و على ذلك فإنه لكي يتم تعليمهم ينبغي توجيه الانتباه خاصة للأمور الحسية. و قد أكدت الباحثة " سيدرس " على أهمية حاسة اللمس و الحاسة العضلية لأنها تعتقد أن الأطفال الصغار يتعلمون عن طريق حاسة اللمس منه عن طريق حاسة البصر, و لذلك فإن التدريب الحسي يكون أساسا هاما في برنامج تربية الطفل المتخلف عقليا, الذي يعاني نقصا في إدراكه الحسي و في الانتباه.
و ما يمكن ملاحظته أيضا حول أفكار الباحثة في هذا الموضوع, هو تشديدها على التربية البدنية, لأنها ترى – أي الباحثة سيدرس – أن الطفل المتخلف عقليا هو طفل يواجه صعوبات من الناحية البدنية, و بالضرورة هو شخص يواجه صعوبات نفسية, و من هنا تتضح ضرورة مراعاة تنمية الجوانب البدنية المتصلة بالقدرات الإدراكية و الحسية – الحركية, من أجل تحسين الصحة النفسية للمصاب, عن طريق الألعاب الرياضية و ألعاب المهارات اليدوية بشكل خاص, التي تخدم مجموعة من الأهداف – وفق المنهج الذي وضعته الباحثة – و التي تلخصها في: التمرين على الانتباه, تنمية الميول, قوة الإرادة, الثقة بالنفس, القدرة على التصور البصري, القدرة على التعبير على الأفكار و تكملة عمل من الأعمال.
2.2 – الرعاية التربوية و التعليمية:
لا يمكن الحديث عن أي تكفل بالمعوقين ذهنيا دون الحديث عن الجانب التربوي, الذي يلعب دورا محوريا في تأهيل قدرات المصابين العقلية, و ذلك من خلال برامج التربية الخاصة, التي يضعها المختصون و التي تتماشى مع مدى الضعف أو الضرر الذهني للمصاب, و هي تهدف إلى تحقيق النمو النفسي و الاجتماعي للمعوق.
1- 2 ص 207-208.
و الحقيقة هي أن الجانب التربوي في التكفل يتداخل مع جوانب التربية البدنية و الحركية, لأن هذه الأخيرة تكمّل عمل المناهج التعليمية الخاصة بهذه الفئة, بل إنها تعد جزءا منها. و ما يُلاحظ على هذا الجانب هو أنه يتطلب إمكانات مادية هامة تتمثل أساسا في المدارس الخاصة بفئة المعوقين ذهنيا, بكل ما تستلزم من قاعات تدريس و تجهيزات خاصة و إطارات متخصصة و مناهج تربية خاصة أيضا.
إن أهم ما تهدف إليه مناهج التربية و التعليم الخاصة هو 1" مجال النمو و التوافق الشخصي ( الذاتي ) ", و يعني ذلك كل ما يعزز شعور الطفل بقيمته الذاتية, و استقلاله و وجوده الشخصي, مما يكفل له التوجيه الذاتي و الاعتماد على النفس بقدر المستطاع.
إلا أن وضع المناهج التربوية الخاصة ليس بالأمر الهين, و إنما يتطلب تحديد جانبين هامين, و هما: 2" متطلبات البرنامج التربوي للمتخلفين عقليا " و " الاحتياجات التربوية اللازمة لتصميم هذا البرنامج ".
أ – متطلبات البرنامج التربوي للمتخلفين عقليا:
و هناك إجراءات مسبقة لوضع هذا البرنامج التربوي الخاص هي:
1- الفحص الطبي و النفسي و الاجتماعي الشامل للطفل المتخلف, بحيث يكون لكل طفل سجل خاص يتضمن كل البيانات اللازمة لتشخيص حالته, و تشمل نتائج اختبارات الذكاء و النطق و الكلام و التوافق الاجتماعي و الشخصي للطفل دوريا.
2- تنظيم الفصل الدراسي مع مراعاة تجانسه على قدر المستطاع, كأن يحتوي الفصل على مجموعة صغيرة من الأطفال – أو البالغين – المتخلفين عقليا ( بين 8 إلى 10 تلميذ ), حتى يتمكن المختص من مراعاة الفروق الفردية وتوجيه الرعاية الفردية اللازمة لكل واحد منهم.
3- ضرورة إعداد المعلم المتخصص في التربية الخاصة إعدادا تربويا و مهنيا مناسبا, لكي يستطيع العطاء و المساعدة لهذه الفئة الخاصة من الأطفال, على أن تتوفر لديه الخبرة بخصائص نمو الطفل المتخلف, و مشكلاته الانفعالية و أساليب رعايته التربوية و النفسية.
4- ضرورة تعاون كل المتخصصين في وضع البرنامج: أطباء, أخصائي نفسي, أخصائي اجتماعي و تربوي, معلم, أخصائي أمراض عصبية ونفسية.
1- صلاح الدين حسين شريف – إمام مصطفى سعيد. تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة. 2004. ص 17.
2- 1 ص 328-329.
* بعد الانتهاء من ذلك يجب أن تتركز البرامج المُعدّة للمتخلفين عقليا حول:
- ملاحظة الأشياء المحسوسة.
- لمس الأشياء المحسوسة.
- التعرف على الصور و إدراكها.
- التعرف على بعض الرموز.
- استخدام الرموز في عمليات مركبة بسيطة.
بـ - الاحتياجات التربوية اللازمة لتصميم برامج المتخلفين عقليا:
1- توفير الملاعب بمدارس المتخلفين عقليا, و توفير اللعب الحر الفردي و الجماعي, من أجل رفع روحهم المعنوية و إحساسهم بأنهم أفراد لهم أهميتهم, و محاولة إصلاح الكثير من العيوب لجسمية و اتزان الحركة – كما ذكرنا في التربية الحركية سابقا –.
2- توفير المبنى المدرسي المناسب لنوع الإعاقة – الإعاقات الذهنية في هذا المستوى – مع الأدوات المناسبة للتكفل و التأهيل, كالأدوات اليدوية و الزراعية التي تنمي الأنشطة الحركية....
3- تهيئة الظروف الفيزيقية التي تتناسب و الإعاقة الذهنية خاصة من جانب التحصيل, كتوفير الإضاءة الكافية, من أجل ملاحظة وجه المدرسين و إيماءاتهم و إشارتهم.....
إن توفير كل هذه الإمكانات المادية المصاحبة للبرامج التربوية و البيداغوجية التي تتناسب و قدرات المتخلفين عقليا و إيقاعهم الذهني, يؤدي دورا محوريا في عملية التكفل بهم على جميع الأصعدة, خاصة التربوية و العقلية, و يمكن تلخيص انعكاسات ذلك في النقاط التالية:
- تعلم و ممارسة المهارات الاستقلالية الأساسية اللازمة للعناية بالذات.
- اكتساب مهارات التآزر الحس – حركي و الرفع من قدرة الانتباه و التركيز و من ثم التفكير.
- اكتساب و ممارسة بعض مهارات الكلام و النمو اللغوي و من ثم إدراك المفاهيم و توسيع القدرات المعرفية إلى أقصى حد ممكن.
- تطوير عمل الحواس الأساسية ( اللمس, البصر, السمع بشكل خاص ).
- تعلم الأنماط السلوكية المناسبة و العادات الصحية.
- اكتساب الثقة بالنفس من خلال تقبل الذات و تطوير مهاراتها الشخصية الممكنة.
3.2 – التربية الفنية و الموسيقية:
تكملة لكل ما تقدم, فإن التربية الفنية و الموسيقية تلعب دورا هاما في مجال الرعاية النفسية للمعوقين ذهنيا, لما توفره من متعة و تسلية و ترفيه إلى جانب أبعادها التربوية و التي تخدم مباشرة الصحة النفسية للمعاق, و غالبا ما تكون هذه الأنشطة ضمن أو في صلب برامج التربية الخاصة, إذ أنها تكمل الجانبين المعرفي و الحس – حركي الذي تحمله برامج التعليم و النشاط اليدوي, 1فإلا جانب تشجيع سعي المعاق نحو تحقيق ذاته و الحصول على الثقة اللازمة في النفس, و كذا زيادة كفاءته العصبية و الحركية, فإن النشاطات الفنية كالرسم مثلا تساهم في خدمة أبعاد أخرى يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- توفير الفرصة لممارسة نشاط يتناسب مع القدرات و الاستعدادات و من ثم الشعور بإشباع حاجة الإنجاز.
- عدم مُقارنة أعمال الطفل المعاق ذهنيا بغيره من أعمال زملائه أو بمستوى محدد مسبقا من الكفاءة.
- النشاطات الفنية – و هذه أهم نقطة – تيسر للمعاقين ذهنيا منافذ التعبير و الاتصال, و تساعدهم على ترجمة أفكارهم و مشاعرهم و مخاوفهم دون الحاجة للإفصاح عنها بالكلمات – خاصة و أنهم يفتقرون إلى الكفاءة اللغوية – , و هذا يسهم في إسقاط ما يعانونه من ضغوط و توترات, و من ثم تحقيق التوازن الانفعالي, و في الوقت ذاته فإن ما يُنتجونه من أعمال فنية تُعدّ مفاتيح تشخيصية للصعوبات الانفعالية و المشكلات التي تصاحب الإعاقة من جانب آخر.
1- صلاح الدين حسين شريف – إمام مصطفى سيد- تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة . 2004. ص 19.
كما تندرج الموسيقى في نفس السياق السابق الذكر, فبرامج التربية الخاصة تركز على تدرس الموسيقى للمعاقين ذهنيا بنفس الطريقة التي تدرس بها للأسوياء, لكن الفرق يكمن في بطء المدة الزمنية التي يستغرقها المعاقين في التعلم, لكن عموما فإن الفنون الموسيقية لها تأثير إيجابي على الحالة النفسية للمعاق ذهنيا كما أثبتته الكثير من الدراسات.
4.2 – الرعاية الصحية:
كأي إنسان, فإن المتخلفين ذهنيا بحاجة إلى الرعاية الصحية المنتظمة و الدورية لعدة أسباب, لعل أهمها هو عجزهم النسبي أو الكلي عن إدراك حالتهم الصحية و التقييم الذاتي في مجال الصحة و المرض, كما أنهم و بحكم اختلافهم عن الأشخاص الأسوياء فهم يعتبرون من الناحية الصحية أكثر عرضة للأمراض أو المضاعفات.
هذا و توضح 1رابطة الطب النفسي أنه من خلال توفير الخدمات المناسبة على مدى زمني كاف يتحسن الأداء الشامل للمتخلف عقليا بصفة عامة. و هو محاولة علاج الحالات التي يمكن علاجها, خاصة تلك التي تكون فيها العوامل الوراثية هي المحددة للتخلف العقلي, و عندما يكون هذا التخلف مصحوبا بأمراض جسمية.
لذلك فإن الرعاية الصحية و الطبية بالمعاقين ذهنيا, لا تفيد فقط في وقايتهم من الأمراض أو الاضطرابات العضوية المحيطة بهم, بل تفيد كذلك في التخفيف من إصاباتهم العقلية و من ثم تحسين مستوى كفاءتهم الذهنية, خاصة في حالة الإعاقات ذات المصدر الوراثي التي قد تنفع معها بعض التدخلات الطبية, للتخفيف من وطأتها على حياة المصاب, و ذلك لا يأتي من عدم, بل يتقرر من خلال المتابعة الصحية الدائمة للمعوق و الفحوص الطبية المنتظمة التي تجرى له.
لذلك يتوجب دوما توفر ملف طبي للمعوق على مستوى مدارس أو مراكز التربية الخاصة, لاستحالة الفصل بين الصحة النفسية و الصحة العضوية للمُصاب, و إذا كانت الصحة النفسية للمعوق تُراقب دوما عن طريق اختبارات الذكاء و التوافق المنتظمة, لمراقبة سير حالته العقلية و الانفعالية, فإن حالته العضوية تتطلب هي الأخرى مراقبة طبية دورية
1- 1 ص 330.
تضمن جانب الوقاية من الأمراض, أو المضاعفات العضوية التي قد تتخذ من إصابته العقلية منطلقا لها.
في نهاية هذا الفصل نرى الأهمية التي تلعبها التربية و الرعاية البدنية – الرياضية, و التعليمية– الفنية و الصحية, في مجال التكفل النفسي بالمعوقين عقليا, و الانعكاسات التي يمكن أن تتركها هذه الرعاية على صحتهم و حياتهم النفسية و الاجتماعية, من خلال تطوير كفاءتهم البدنية و العقلية و الانفعالية و المعرفية, بشكل يسمح يفتح لهم آفاق أوسع لتحقيق ذواتهم على المستوى الشخصي و الاجتماعي.
معلم متقاعد
05-26-2012, 07:24 PM
الفصل الثالث
التكفل الاجتماعي بالمتخلفين عقليا
1.3 – الاتجاهات الأسرية العامة نحو المتخلف عقليا.
2.3 – الإرشاد و التوجيه.... تصحيح للاتجاهات و المفاهيم.
3.3 – الإعداد و التأهيل المهني للمتخلفين عقليا.
لا يمكن الحديث عن التكفل النفسي بالمعاقين ذهنيا, دون الحديث عن الجانب الاجتماعي لهذا التكفل, ذلك أنه لا يُمكن الفصل بين الجانبين – كما قلنا في فقرات سابقة – و لا يُمكن أخذ العناية و الكفالة بهذه الفئة من باب واحد, سوى أن الفرق الذي يُمكن تسجيله هنا, هو أنه و من جانب التكفل الاجتماعي بفئة المتخلفين عقليا, يظهر دور الإرشاد و التوجيه واضحا من خلال علاقته الواضحة مع قطاعات المجتمع المختلفة, و مع فئة المعوقين ذهنيا من جهة ثانية, فإن كان الأخصائي النفسي و التربوي يلعب دوره في التكفل النفسي بالمعوق بحيث يكون لذلك انعكاس على الحياة الاجتماعية للمُصاب, فإن المرشد يلعب دورا موازيا في التكفل به من خلال سعيه لإحداث تغييرات تمس حياته الاجتماعية و تكون لها انعكاسات على حياته النفسية, لكن قبل ذلك لا بد من عرض للتصور العام للمجتمع – بخاصة المدرسة – و الأسرة تجاه المتخلفين عقليا, كيف يتعاط هؤلاء مع هذا التصور.
1.3 – الاتجاهات الأسرية العامة نحو المتخلف عقليا:
كثيرا ما يُضايق المتخلف عقليا موقف الأهل منه و موقف المجتمع و موقف المدرسة, ففي كل الأطراف غلبة لموقف من يعطف عليه لضعفه, أو من يريده, أو من ينكره, أو يستغله, و يؤدي ذلك لدى المتخلف عقليا نوع من تعلقه بالآخرين, و يغلب فيه أنه يميل إلى أحد الطرفين: التبعية أو الكره و العدوانية.
إن تصنيف المتخلفين عقليا في فئة خاصة من الناس يعني بشكل منطقي وجود وضع مختلف في حياة هؤلاء عن وضع الناس العاديين, و هذا ما يدفع بالضرورة إلى وجود اتجاهات و تصورات مختلفة لوضع هذه الفئة وسط المجتمع بدءا بالأسرة.
1 و تعتبر الأسرة المؤسسة الاجتماعية الأولى التي تلعب الدور الأساسي في تربية النشء, و تلقينهم الأخلاقيات و المعلومات المتنوعة التي تساعد على تكوينهم و تحديد معاملاتهم مع الآخرين.
1- 1 ص 317-318.
و من المعروف أن الطفل المتخلف عقليا لديه قصور جسمي و ثقافي و عقلي, لا يمكنه من تحديد علاقاته و قيمه دون الاعتماد الأكيد على أسرته, التي توجهه بصورة مباشرة و غير مباشرة, حتى يكتسب خلال فترة زمنية معينة الخبرة و القدرة العقلية التي تؤهله للاعتماد على نفسه و التعامل مع الآخرين بإيجابية.
و تتنوع اتجاهات الوالدين و الأسرة نحو الطفل المعاق, إما بالإيجاب أو بالسلب, و التي ظهرت في العديد من الدراسات المختلفة, و قد أوضح " كيرك " و " جلانجر " إلى أن أي شخص من وضع نفسه كأب أو كأم لطفل معاق, فإنه سوف يُقدّر مدى الألم و الضيق و اليأس الذي يمثل جزءا لا يتجزأ من وجود طفل معاق في الأسرة, كما أنه سوف يتحقق من درجة الحاجة للسند الخارجي الواجب تقديمه لوالدي المعاق للاحتفاظ بتوازنهما في هذه الظروف المعيقة لحياة الأسرة, و أضاف أن معظم الآباء الذين لديهم طفل معاق يواجهون أزمتين أساسيتين1:
* الأزمة الأولى: و التي يسميها " كيرك ": نمطا من الموت الرمزي. حيث يُبدي الوالدين أو أحدهما شعورا بأن الطفل المعاق قد يكون عدمه أفضل من وجوده, و أن وجود طفل معاق ذهنيا مخيب لآمال الوالدين و محبط لهما في تحقيق هدفهما في العملية الوالدية, و ما يترتب عن ذلك من ظروف محبطة.
* الأزمة الثانية: و تتعلق بمشكلة توفير الرعاية اليومية, حيث يندر أن تكون للأبوين خبرة في تنشئة الأطفال المعاقين ذهنيا, حيث أشار " عادل الأشول "( 1993 ) أن أهم الاستجابات الوالدية و ردود أفعال الأمهات و الآباء الشائعة عندما يظهر عندهم طفل متخلف عقليا:
- القلق،الشعور بالذنب والاٍحباط واليأس والعجز عن مواجهة المواقف.
- التشكك في التشخيص .
- الاٍعتراف بتخلف الطفل دون تبصر باٍعادة الشكلة.
- التبصر بمشكلة الطفل وقبول تخلفه والسعي اٍلى تعليمه وتأهيله.
وأوصى بأنه يجب على المرشد النفسي التعامل مع الميكانيزمات الدفاعية للوالدين،في عملية الاٍرشاد الأسري للأطفال المتخلفين والتي من أهمها:
* مواقف الحيرة والتذبذب.
* اليأس.
* الاٍفراط في الحماية.
* الرفض والتبرير.
* الاٍهمال.
هذا و قد أوضح " كانر"2 وجود ثلاث أنماط من الاستجابة الوالدية نحو التخلف العقلي و هي:
1- الاعتراف بالواقع الفعلي, بتقبل الأسرة لطفلها المتخلف عقليا, و تؤقلم أسلوب حياتها
1- 2- 1 ص 320.
وفق ذلك الظرف الخاص.
2- إنكار الواقع, بحيث تستمر الأسرة في التهرب من حقيقة أن لديها طفلا متخلف, و ذلك باختلاق مبررات ضعيفة تفسر بها حالة طفلها.
3- عجز كامل عن مواجهة الواقع الفعلي, عن طريق الرفض و الإنكار التام عن وجود أية إعاقة ذهنية للطفل, عن طريق الكذب على الذات و على الآخرين.
مبادئ أساسية في اٍرشاد أسرة الطفل المعاق عقليا:
1- ان مشكلة الطفل المعاق عقليا هي مشكلة الأسرة كلها ،وعلى المرشد النفسي أن يتبنى اٍتجاهات واقعية نحو الأسرة ،وأن يتفهم مشكلاتها وهمومها ومشاغلها الأخرى.
2- التعرف على هموم أسرة الطفل المعاق من وجهة نظرها ،لأن كثير من العلاقات المهنية بين الأخصائيين والأسرة تفشل مبكرا ،لأن المرشد عجز عن التعرف الصحيح على مطالب الأسرة الحقيقية.
3-
2.3 – الإرشاد و التوجيه....تصحيح للاتجاهات و المفاهيم:
بما أن الطفل المعاق يُواجه مشاكل في الاندماج داخل بيئته الأسرية و الاجتماعية منذ سن مبكرة, فهذا يؤشر لعدة مشكلات مستقبلية على المستوى التوافقي, سواء مع الذات أو مع المحيط, لذلك جاء الإرشاد و التوجيه ليُعاضد علم النفس في حل تلك المشكلات, و هو يتخذ من مختلف قطاعات المجتمع مجالا لتكفله بالمعاق ذهنيا, و محاولة حل أو التخفيف من مشكلاته التوافقية الاجتماعية و النفسية.
و إذا كان المختص النفسي ينطلق عادتا من تشخيص المستوى العقلي و حالة المتخلف النفسية من أجل وضع برنامج الكفالة و التربية الخاصة المناسب, فإن المرشد ينطلق عادتا من واقع أسرة المصاب, و يضع خطته للبدء في تغيير الأفكار و الاتجاهات الوالدية و الأسرية نحو حالة الابن المعاق, ثم مدرسته – سواء كانت عامة أم خاصة – و كذا المتخلف ذهنيا بنفسه في مراحل متقدمة.
أ – تكوين الاتجاهات الأسرية الإيجابية نحو المتخلف عقليا:
و لهذا بات الإرشاد و التوجيه يركز في السنوات الأخيرة على ما يُعرف 1" بالنموذج البيئي ", الذي يرتكز على التكفل بالمعاق ذهنيا في وسطه البيئي ( الأسرة و المدرسة بشكل أساسي ), و كما أسلفنا الذكر, فإن الكثير من الآباء يواجهون صعوبة كبيرة في تقبل حالة ابنهم و عاهته العقلية, خاصة في السنوات الأولى بعد ولادته, فإما أن تتميز هذه الاتجاهات
1- صلاح الدين حسين شريف – إمام مصطفى سيد- تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة - 2004. ص 14.
بالرفض و من ثم ينتج عنها الإهمال, و إما أن تتسم بقبول حالة الابن لكنها تكون استجابات سلبية لأنها قد تسفر عن الرعاية المفرطة, التي يكون لها أضرارها على سير حياة المعاق, لذلك فإن التكفل الاجتماعي بالمعاق يبدأ من الأبوين...
و يرتكز دور المرشدين في هذه المرحلة على مُحاولة تصحيح نظرة الآباء للإعاقة الذهنية في حد ذاتها, و بأنها ليست بذلك الشبح المرعب الذي يهدد مستقبل الأسرة أو مستقبل العلاقة الزوجية, و بأنها موضوع شائع و يُمكن التعامل و التعايش معه بتعلم أساليب التربية الخاصة.
1 فالآباء الذين يكونون اتجاهات إيجابية نحو أبنائهم المتأخرين عقليا, متقبلين لهم, و مقبلين عليهم بصدر رحب و تعاطف في جو ملؤه الدفء و المحبة و الرعاية. فإن هذا من شأنه أن يساهم في تنمية شعور المتأخر عقليا بتقديره لذاته و رضاه عن نفسه, و يجعل كذلك أفراد الأسرة الآخرين يكوّنون نفس الاتجاه الإيجابي نحو الطفل المتأخر عقليا, فيندمج معهم و يحاول تقليدهم و الإتيان بالسلوك السوي.
لذلك تظهر المهمة الأساسية للإرشاد في تحسين الظروف البيئية التي يعيش فيها المتخلف ذهنيا, عن طريق تصحيح نظرة الوالدين و أفراد الأسرة بشكل عام نحو التخلف العقلي, و نحو الفرد المصاب, ثم إرشادهم و تبصيرهم بخصائصه و مطالب نموه و تدريبهم على كيفية التعالم معه, بكل مسؤولية و وعي و تقبل, مما يساهم في إيجاد بيئة اجتماعية مستقرة من الأساس لهذا الفرد المتخلف, و هذا يعني بالضرورة تجنيبه الكثير من المشكلات الانفعالية المبكرة, التي قد تعقد من حالته خاصة عند وصوله إلى سن التمدرس.
بـ - الإرشاد و التوجيه للمعلمين و المربين في المدرسة:
نظرا لأن الطفل المتخلف ذهنيا في حاجة لتعلم كيفية استخدام حواسه الجسمية, لما يتصف به من ضآلة خبراته الحسية و الإدراكية, إذن فهو بحاجة إلى غرس المبادئ و العادات الضرورية لتنشئته تنشئة اجتماعية سليمة, و بعد أن تتكفل الأسرة بتجهيزه بالأساسيات من تلك السلوكيات, يأتي دور المدرسة التي تكمّل دور المحيط الأسري, سواء
1- بشير معمرية – بحوث و دراسات متخصصة في علم النفس – 2007. ص 120.
كانت مدارس عامة يقصدها ذوي الإعاقة الذهنية الخفيفة, أو خاصة لذوي الإعاقات الذهنية المعقدة.
و يرتكز عمل المرشدين في هذا الجانب على تشكيل اتجاهات المعلمين تجاه التلاميذ أو الطلاب المتخلفين عقليا – في المدارس العامة – و تلقينهم التقنيات و الأساليب التربوية المناسبة التي يتعاملون بها مع هذه الفئة, أما في المدارس الخاصة أين تضم عددا من المختصين المدربين أساسا على التعامل مع هذه الفئة, فإن دور المرشدين في هذا الجانب يرتكز على تقييم و تصنيف قدرات المتخلفين العقلية, و التي على أساسها يقوم المختصون التربويون ببناء برامج التعليم و التأهيل بما يتوافق و تلك المعطيات التي يقدمها المرشدون.
و قد ظهرت الكثير من الدراسات التي اهتمت باتجاهات المدرسة نحو المتخلفين عقليا, و قد جاءت بالكثير من النتائج و الاستنتاجات, 1منها ما قام به " رينتون " ( 1978 ) و " ماير " و " كار " ( 1975 ), و " صالح هارون " ( 1981 ) و " صبيحة فرج " و " جيلان قباني " ( 1991 )...., و قد أجريت هذه الدراسات حول اتجاهات المعلمين نحو المتخلفين عقليا, و عن فاعلية تدريبهم و تأثير برامج الإرشاد التي استفادوا منها في تشكيل تلك الاتجاهات, و قد كانت بعض النتائج كالتالي:
- كانت هناك اتجاهات إيجابية أكثر نحو الأطفال المتخلفين عقليا بدرجة شديدة.
- كانت هناك اتجاهات إيجابية أكثر نحو إدماج تلاميذ مستويات التخلف العقلي الشديد في فصول عادية.
- هناك ضرورة لإعداد و تدريب و إرشاد مدرسي و مدرسات التلاميذ المتخلفين عقليا, و تعديل أو صقل اتجاهاتهم قبل و أثناء ممارستهم لمهنة التدريس مع أطفال هذه الفئة.
- أوضحت النتائج أن الإعداد التربوي يؤدي إلى زيادة إيجابية اتجاهات معلمي المتخلفين عقليا, و إلى زيادة معلوماتهم التربوية حول أفراد تلك الفئة.
- فاعلية نظام الورش التعليمية في تعديل اتجاهات معلمي المدارس العادية نحو المتخلفين, و زيادة تقبل هؤلاء المعلمين لأطفال تلك الفئة.
1- 1 ص 322-323.
جـ - الإرشاد و التوجيه للمتخلف عقليا:
إذا كان المعالج أو المختص يعالجان الاضطراب الذي يعاني منه المتخلف, فإن دور المرشد هنا هو 1 علاج حالات سوء التوافق التي يعيشها هذا المتخلف, لأن أول خطوة يقوم بها المرشد في علاقته الإرشادية مع المصاب, هو تصحيح أفكاره و اتجاهاته – كما فعل من قبل مع الوسط الأسري و المدرسي – نحو إعاقته الذهنية, و تهيئته لتعلم و تلقي السلوكيات المختلفة, التي تمكنه من العثور على التوازن و التوافق الذاتي و البيئي اللذين يبحث عنهما لاحقا, من خلال ما سيكتسبه في المدرسة, و على هذا الأساس فإن التدخل الإرشادي المباشر مع المتخلف يأتي في مرحلتين أساسيتين:
المرحلة الأولى هي في سن التمدرس, حيث يخضع الطفل المتخلف ذهنيا للقاءات مع المرشد, إذ يقوم هذا الأخير بتوجيه الطفل إلى الصف التعليمي المناسب له, على ضوء ما يسفر عنه تقييم قدراته الذهنية, إضافة إلى المساهمة في ضبط برامج الرعاية الخاصة رفقة فرق العمل المكلف بالعناية بالطفل المتخلف.
أما المرحلة الثانية التي تستوجب تدخل المرشد, فهي مرحلة العمل, أين يتوجب دمج المتخلف ذهنيا في الحياة العملية, و ذلك ليس بالأمر الهين, إذ يستوجب دراسة متأنية لحالة الفرد المُصاب, و دراسة سير تطوره في التعليم أو التربية الخاصة, و ما هي أهم الخطوات الإيجابية التي حققها في طريق التغلب على الصعوبات التوافقية التي يعاني منها, و إلى أي نسبة وصل ذلك التحسن, و كل ذلك يندرج ضمن دراسة الاستعدادات و القدرات و الميول, التي يوجَّه على أساسها المتخلف إلى العمل الذي يُناسب وضعه.
3.3 – الإعداد و التأهيل المهني للمتخلفين عقليا:
سيرا مع التكفل الاجتماعي بالمتخلفين عقليا, و بعد كل الذي سبق, لا يمكننا الحديث عن إيجاد مكانة اجتماعية لأفراد هذه الفئة, تحفظ لهم كرامتهم الإنسانية و تجنبهم التبعية المستمرة للآخرين, دون الحديث عن ميدان العمل و الشغل الذي يعد تعبيرا هاما عن مفهوم " الاستقلالية و الاعتماد على النفس " الذي يبحث عنه كل إنسان.
1- صلاح الدين شريف – إمام مصطفى سيد. تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة. 2004. ص15.
إلا أنه في بعض الحالات أو المناهج الخاصة, فإن تجهيز المتخلفين عقليا للحياة المهنية يبدأ منذ سن مبكرة, أي من فترة المدرسة الخاصة, لكن عموما يحتل الإعداد و التأهيل المهني حيزا هاما من برامج التربية الخاصة, و يمكن تلخيص بعض أهدافه في النقاط التالية:
- الشخص الذي لديه إعاقة – مهما كان نوعها – هو إنسان يجب دمجه في المجتمع عن طريق الحياة المهنية, التي تكفل له احترام الآخرين و احترام نفسه و توفر له دخلا يمكنه من إعالة نفسه.
- يهدف التأهيل إلى إعداد المعوق للعمل في مهنة أو حرفة, تناسب قدراته دون أن يعتمد على الآخرين في تأديتها بأكبر قدر ممكن.
- إكسابه العادات السلوكية الممكنة التي تمكن له بأن يكون عنصرا فعالا و منتجا و متوافقا مع محيطه المهني و الاجتماعي.
هذا و تشير بعض الأبحاث و الدراسات إلى أن 1 الدافعية للتحصيل و الإنجاز لدى المراهقين من المعوقين ذهنيا ليست مرتبطة بالذكاء, و التنافس الذي يدل على الدافعية قد يوجد عند بعض الأشخاص ذوي الذكاء المنخفض, و تشير تلك الدراسات إلى أن الدافعية عند المراهقين المعاقين ذهنيا لا تتأثر بسبب نسب الذكاء المنخفضة لديهم, بل تتأثر بسبب الظروف الاجتماعية التي يعيشونها وسط عدم تقدير الآخرين لهم..., لهذا السبب تركز برامج التربية الخاصة على الإعداد المهني للمتخلفين عقليا, و هو ما سنبينه في الفقرة التالية:
* إعداد الأطفال المعوقين ذهنيا إعدادا مهنيا:
2 في السنوات القليلة الماضية ظهر الاهتمام واضحا نحو العمل على إعداد ضعاف العقول للمهن التي تتفق و إمكاناتهم و قدراتهم, و يتضمن هذا الاتجاه العمل على إعداد برنامج أو برامج مختلفة, يمكن عن طريقها مواءمة هؤلاء الأطفال مع نوع العمل الذي يوافقهم, و مادام هؤلاء الأطفال غير متفوقين من النواحي الأكاديمية كالقراءة و الكتابة
1- السيد جمعة السيد. تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة. 2004. ص 24.
2- 2 ص 208-209.
و الحساب, فإن أحسن برنامج لهم هو فصول تعدهم للنواحي العملية و المهنية, و لقد وضع المسح الذي قامت به إحدى الدراسات, أن الأطفال ضعاف العقول من سن البلوغ لم يكونوا مهرة بدرجة كافية في الأعمال التي التحقوا بها, و ذلك لافتقادهم إلى التدريب, و نصحت بأن يتعلموا عادات و اتجاهات العمل الذي سوف يمارسونه في المستقبل.
بل إن بعض المدارس الخاصة بهذه الفئة قد اهتمت بإعداد هذه الفئة من الأطفال بالطرق الملائمة لهم, لذلك أعدت قائمة بالأعمال التي تناسبهم ثم بنوا نشاطهم و مشروعاتهم على هذا الأساس, أي إتاحة الفرصة للمتخلف عقليا بدرجة تسمح له بإنماء قدراته حتى يستطيع الاعتماد على نفسه بدرجة كبيرة, فضلا عن أن التعليم يزوده بالمهارات المهنية و الاجتماعية و يُسيَّر البرنامج الذي قام لاعداد الأطفال ضعاف العقول للمهن المختلفة في خمس خطوات:
1- التعريف بالعمل فيزود الأطفال بمعلومات عن المهن و التحليل المهني و مدى أهمية الفرد.
2- التوجيه و الإرشاد – كما سبق و ذكرنا – و هو أن يوجه الطفل إلى بعض الأعمال التي تتفق مع استعداداته و قدراته.
3- التدريب المهني, فيدرب الطفل على المهارات اليدوية الخاصة بالعمل الذي يوجه له. ( و تلك المهارات تلعب دورا آخر في تحسين المستوى العقلي و الكفاءة العصبية و الإدراكية للطفل المتخلف أيضا ).
4- مساعدة الطفل على إيجاد عمل له.
5- مساعدة الطفل على المواءمة بينه و بين العمل الذي يحصل عليه, و أن يصل إلى درجة طيبة من تكيفه الشخصي و الاجتماعي.
عندما يصبح الفرد المعاق ذهنيا جاهزا للعمل, فإننا نكون على مشارف آخر خطوات التكفل الاجتماعي به, و هي عملية " تشغيله " في العمل الذي تم إعداده له, أي أننا نكون بصدد جعله يصنع مكانته الاجتماعية بنفسه, إلا أن ذلك يستوجب مراعاة بعض المبادئ و القواعد, التي يلتقي فيها الجانب الموضوعي مع الجانب الأخلاقي في تشغيل المعاق, و التي يمكن اختصارها كالتالي1:
- أن يكون التشغيل مرتبطا بالتدريب الذي تلقاه المعاق.
- تجنب تخصيص وظائف لمجموعات محددة من المعاقين.
- أن لا يؤدي العمل الذي يقوم به المعاق إلى تعريض نفسه أو الآخرين للخطر.
- دراسة بيئة العمل و ظروف الاستخدام.
- عدم التمييز و التفريق بين المعاقين و الأسوياء في أماكن العمل و عدم معاملتهم معاملة خاصة.
نصل إلى نتيجة أن التكفل الاجتماعي بالمتخلفين عقليا, يستمد جوهره من الدور الذي يلعبه جميع أفراد المجتمع, بدءا من أفراد الأسرة, و المعلمين و المدربين في المدرسة, و كل المختصين و المرشدين, و انتهاء بأرباب الشغل و العمل و باقي الأفراد, في مساعدة هذه الفئة من أجل إثبات ذاتها و قدراتها و كذا تحقيق أكبر قدر من التحسن و التغلب على مشكلاتها التوافقية.
vBulletin 3.8.2