الصحفي الطائر
04-24-2012, 08:17 PM
المسنون .. رعاية أم تنمية طاقاتهم .. دراسة مكتبية
الباحث الاجتماعي / عباس سبتي
مقدمة :
انتقلت إفرازات الحضارة الغربية المعاصرة إلى العالم العربي والإسلامي منها قضية المسنين ، ذلك أن حياة الترف والغنى جعلت بعض الناس لا يقيم وزناً لثوابت الدين وأصبح المسلم كأي إنسان أوربي همه نفسه وشهواتها ، وبسبب تعقيدات الحياة المعاصرة جعلت بعض الأسر تهمل رعاية كبار السن ولهذا انتشرت دور رعاية المسنين في العالم العربي والإسلامي كما انتشرت وبشكل كبير في العالم الغربي من قبل ،و لعل تقدم الرعاية الصحية في الدول رفع من تزايد أعمار الناس وتزايد عدد المسنين في العالم ، وفي المقابل تزايدت الأمراض العصرية من السكر والضغط والشلل وغيرها جعلت بعض الأفراد يعجز بعد سن التقاعد من رعاية نفسه بنفسه ويحتاج إلى غيره
في عام 1978 طرحت الجمعية العمومية للأمم المتحدة خطة عمل لتلبية احتياجات كبار السن ورعايتهم ، واعتمدت كثير من الدول الخطة في فيينا سنة 1982 ، وركزت الخطة على الصحة والتغذية وحماية المستهلكين من المسنين ، وفي عام 1993 تبنت الدول العربية هذه الخطة ودراسة أوضاع المسنين فيها ، وفي عام 1997 عقدت جامعة الدول العربية دورة تدريبية حول المسنين ثم تبعتها تشكيل لجان للمسنين من القطاع العام والخاص لحماية المسنين ورعايتهم ودمجهم في المجتمع
توعية الناس بل والمؤسسات العامة والخاصة بالاستفادة من المتقاعدين أصحاب الكفاءات الذين يمكن الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم ، وهذا الأمر بحد ذاته يجعلنا نكن الاحترام لفئة المسنين ، ولعل هؤلاء مع كبر سنهم وما يمتلكون من إمكانات سوف تجعلهم يتغلبون على عجزهم أو على آلامهم النفسية من القلق والعزلة والإحباط بعد سن التقاعد وتزايد أمراض الشيخوخة ، بل بعض المتقاعدات من ترعى الأحفاد بعد غياب أمهاتهم في العمل ، فهم أعطوا عندما كانوا في مجال العمل ، وواصلوا العطاء بعد التقاعد في تربية ورعاية الأولاد والأحفاد ، ولعل الجدات في الشرق والغرب هن من يتولين تربية الأحفاد لانشغال الأمهات خارج المنزل ، والتربية والرعاية من أهم المهام وأصعبها وقد تكفلت بها هؤلاء النسوة
لذا لا بد من تقديم برامج صحية ونفسية واجتماعية وترفيهية لفئة المسنين كي يواصلوا العطاء ويتغلبوا على أعراض العجز وغيره ، وتأتي الرعاية المنزلية كبديل عن رعاية دور ومؤسسات رعاية المسنين للتغلب على سلبيات هذه المؤسسات وهذا ما نتناوله في مقال منفصل
تعريف بالمسن :
قال تعالى " رب وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا" ( مريم /4) صدق الله العظيم، عندما تبدأ العظام في الوهن والضعف ويشيب الشعر تبدأ مرحلة الشيخوخة
عرفت إحدى مواد الدستور الكويتي المسن بأنه هو " كل من بلغ سن ال 65 من العمر وكان غير قادر على أن يؤمن لنفسه كليا أو جزئيا ما يؤمنه الشخص العادي لنفسه من ضروريات الحياة الطبيعية نتيجة قصور في قدراته البدنية أو العقلية أو النفسية
يعرف بعض المسن ذلك الإنسان ذكراً كان أو أنثى قد تقاعد عن العمل أو الأرمل والأرملة والمطلقة والعانسة ، ولم يستطع إنجاز العمل اليومي والروتيني وأصبح منسياً ولو أن الناس ينظرون إليه نظرة شفقة
أو المسن هو الذي تجاوز سنه عن الستين مع تراجع وظائف بعض أعضاء جسمه عن العمل ،
أو أن المسن يشعر أنه عنصر هامشي في الحياة ولا يتمتع بزخارف الحياة ويشعر بالإحباط وخيبة أمل وينتظر الموت في كل لحظة
ويصف بعض أن المسن يشعر أنه غير قادر وفقد كل شيء حتى القدرات التي كان يمتلكها قبل الهرم ، وأصبح عالة على الناس
أو ذلك الإنسان الذي يعيش من خلال أجهزة التنفس وضغط الدم وتحت رحمة الممرضين والممرضات وانتابته أمراض الشيخوخة التي لا يرجى منها الشفاء
وأقول أن المسن هو العاجز بسبب أمراض الشيخوخة من الحركة أو لا يستطيع خدمة نفسه بنفسه وينتظر الأمل فيمن يرعاه ويرفع معنوياته ليعيش مثل الآخرين ويتغلب على معاناته المرضية والنفسية والاجتماعية وليتأقلم مع الأجواء والظروف
تحديات تواجه المسن :
هذه التحديات قد لا تكون حقيقة وقد تكون ، فإذا كانت تصورات وأفكاراً تنتاب المسن بسبب تعرضه لموقف من المواقف فأنها لا تمثل حقيقة ، وبعض التحديات تواجه المسن مثل أمراض الشيخوخة ويحتاج إلى أن يصبر أو يغير الوضع كي يتغلب على هذا التحدي،كمرض الشلل الرعاشي أو خرف الشيخوخة والاكتئاب والعزلة والشك أن أفراد الأسرة لا يريدونه والتوتر وسلس البول وكثرة الطلبات والبكاء دون سبب واضطرابات النوم و تغير في وزن المسن زيادة ونقصاناً، والشعور بالذنب، وفقدان القدرة على التركيز والإحساس بالكسل وعدم الأهمية، والتفكير في الانتحار ،
وبعض التحديات تعكس الواقع المؤلم لجيل اليوم – بنين وبنات – في عدم مساعدة الأم في أعمال المنزل لسفر الخادمة أو انتظار خادمة أخرى ، هذا الواقع قرأته في إحدى المجلات التربوية لأم وهي تنظف الصالة بينما بناتها الثلاث جالسات وكل واحدة مشغولة بشيء إما بالحديث بالهاتف أو مشاهدة التلفاز أو الكمبيوتر ، أليس هذا تحدياً كبيراً ؟
لذا تتلخص التحديات في الصور :
شعور المسن أن الأسرة لم تعد تهتم به بعد أن أصبح في حاجة ماسة إلى الرعاية والاهتمام ، وتزداد آلام المسن نفسياً ذكراً وأنثى بعد عجز الأسرة في توفير الرعاية وتحويله إلى دار رعاية المسنين ، ومما يزيد إحساساً بآلام الوحدة والعزلة الاجتماعية بسبب ضعف علاقاته الاجتماعية بالآخرين خاصة أقاربه ، وشعور بعض المسنين أن بعض أفراد الأسرة يتصرف بأمواله ويبذرها ، ويشعر بعض العجزة بإهمال أهله له وجعل الخدم تتولى رعايته وقد تسيء الخادمة إليه دون أن يدافع عنه أحد أفراد أسرته لإنشغالهم أو بعدهم عنه ، وأشارت إحدى الدراسات على أن 62% من المسنين ترعاهم الخدم في المنازل ، يشعر بعض المسنين بالإحباط واليأس نتيجة أنه كان ينظر إلى الماضي أنه كان له قيمة وهدف خاصة بينما الآن لا تتحقق آماله بسبب الفقر وقلة المال والعجز التام ، أساءت بعض المشاهد المسرحية والتمثيلية إلى شخصية المسن على أنها شخصية عاجزة وعالة على المجتمع أو أن المسن أناني وحاقد على المجتمع مما انعكس سلباً على فكر الشباب ونظرتهم عن هذا المسن ، ضعف توعية أجهزة الأعلام للناس بقضية المسنين ومعاناتهم وينعكس ذلك بتقصير بعض الأسر برعاية فئة المسنين
جهود دول الخليج في رعاية المسنين :
تهتم دول العالم بهذه الفئة العاجزة حسب طاقة كل دولة ولذا أنشئت الدول دور الرعاية لإيواء المسنين والعجزة الذين ليس لهم عائل ، ولم تستطع أسرهم رعايتهم بسبب المرض أو العجز التام ، وبعض الدول تمنح راتب شهري لمن ليس له راتب تقاعدي كمساعدة لهم ، هذا وقد زاد اهتمام هذه الدول بعد صدور اليوم العالمي للمسنين عام 1999
أنشأت الكويت مركز تخصصياً في مجمع دور الرعاية من أجل تقديم خدمات إيوائية ونهارية ومنزلية لكبار السن ، قال علي حسن مدير إدارة رعاية المسنين في وزارة الشئون سيتم افتتاح مركز فرح التخصصي لرعاية وتأهيل المسنين مطلع أبريل المقبل في مجمع دور الرعاية الاجتماعية في منطقة الصليبخات، ويعتبر من أحدث المراكز في الشرق الأوسط من حيث الخدمات التي يقدمها للمسنين لاسيما الخدمات الإيوائية والمنزلية والنهارية، وكذلك تخصيص موقع في منطقة أشبيلية عبارة عن أرض مساحتها 5000 متر سيتم بناؤها مركزا لرعاية المسنين يقدم الخدمات النهارية والمنزلية، وتخصيص موقع آخر في منطقة حولي سيتم بناؤه خلال العامين المقبلين
أقر المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بقطر حقوق المسنين من خلال التنبيه إلى هذه الفئة العاجزة والتي تشكل تحدياً للأسر الخليجية وعقد ندوات مثل " المسنون وتحديات المستقبل " على مستوى مسئولي دول الخليج ، لمعرفة أسباب ضعف دور الأسرة في توفير الرعاية المطلوبة لفئة المسنين
وتوجد رعاية منزلية تقدمها بعض المؤسسات الأهلية الخاصة بالمسنين كما في قطر وغيرها بدلاً من تحويلهم إلى دور الرعاية وذلك لتفادي السلبيات في هذه الدور ،ودراسة حالة المسن قبل تحويله إلى دار الرعاية ، وقد لا تستطيع بعض الأسر من إيواء مسنيهم في هذه المراكز للتكلفة العالية من المال
وقد أوصى المؤتمر العالمي الذي عقد في أبوظبي 2000 م تقديم مشورة للأسرة المعيلة عن المسن
وفي عجمان بالإمارات قدمت خدمة الوحدة المتنقلة لكبار السن وتتكون من طبيب واخصائي علاج طبيعي واخصائي اجتماعي بزيارة المسن في المنازل مع توعية أهله بكيفية المحافظة على صحته والتدريب على رعايته
المؤسسات الخاصة لرعاية كبار السن :
وبعد تنامي أعداد المسنين في دول العالم ومنها دول الخليج فأن المؤسسات التابعة للدول عاجزة من تغطية أعداد المسنين ، فظهرت مؤسسات خاصة تعنى بشئون كبار السن والعجزة لكنها لا تصل إلى درجة الطموح والأمل بسبب التفكير بالربح المادي على الجانب الإنساني ، ويتركز دورها في العلاج الطبيعي الذي هو عبارة عن علاج واعادة تأهيل عن طريق الوسائل الطبيعية بدون استخدام العقاقير والأدوية كالكمادات والأجهزة البسيطة للكبار في السن خاصة أنهم طوال الوقت على الأسرة والكراسي ولا يتحركون ، وقد يساعد هذا العلاج على تنشيط الدورة الدموية للمسن.
وتوجد في هذه المؤسسات الأجهزة المساعدة على الحركة وتقوية العضلات والمشي ، والكبار في السن معروف عنهم أنهم يتعرضون للسقوط كثيرا لذلك نركز في هذا العمر على كيفية تقوية عضلات الأطراف السفلى وكيفية الاعتماد على أنفسهم وليس على الآخرين. خاصة من يعاني قلة الحركة وعدم التوازن والأمراض العصبية كالشلل النصفي وشلل الرعاش ومرض هشاشة العظام والروماتيزم والتهاب المفاصل
في الكويت تبنت وزارة الشئون الاجتماعية مشروع جائزة البغلي للابن البار من أهداف تشجيع الأبناء لبر والديهم وتقوية العلاقات الأسرية ،واقترح صاحب هذا المشروع " بطاقة المسن " وهي بطاقة تتيح لحاملها الأفضلية بالمعاملات أينما ذهب وهو النظام المعمول به في أوروبا ونفتقده في الكويت ، وهناك مشروع جليس المسن وهو عبارة عن مشروع يدعو أفراد المجتمع إلى مصادقة المسن وقضاء جزء من أوقاتهم بمرافقة المسن سواء في جولات خارجية أو دعوة لزيارة أسرته
وطرح بعض فكرة مجالس أو دواوين لكبار السن لقضاء المسن وقت الصباح بين المسنين من أمثاله ـ بهدف تغلب المسن على الوحدة والاكتئاب ، وأنشأت الكويت المقاهي الشعبية من أجل هؤلاء المسنين منذ عام 1977 ، وقد تحدث راعي جائزة البغلي لجريدة عالم اليوم عن المعوقات التي تواجه المهتمين برعاية المسنين وأنه يقترح تشغيل كبار السن بعد التقاعد لمن يستطيع العمل وإنشاء مركز تدريبي لفئة المسنين لإكسابهم مهارات تفعل دورهم في الحياة والمجتمع
وفي مصر تم إنشاء مركز بحلوان يرعى شئون المسن وإجراء الدراسات عليه لمحاولة التعرف على مشكلاته وإيجاد بيئة اجتماعية له خارج المنزل وتقديم خدمات طبية عامة وعلاج طبيعي وخدمات نفسية وتنشيط الذاكرة ، وتمضية فترة الصباح وحتى العصر ثم يعود إلى منزله لمن يعاني من الوحدة في المنزل في هذه الأوقات ، وتنظيم دورات تدريبية لرعاية المسنين في المنازل مع تعيين " مساعد " يساعد المسن لتسيير أموره في المنزل
التوصيات :
هذه المقترحات عبارة عن تنمية لخبرات وتجارب المسنين ليعودوا إلى المجتمع أعضاء فاعلين :
1- سن قوانين تمنع إساءة المسن وتمنحه حرية التعبير عن رأيه ومنع التصرف بممتلكاته الخاصة ( حقوق المسن )
2- الاستفادة من تجارب المسنين وخبراتهم في كافة المجالات من أجل تعزيز قيم الاهتمام ورعاية المسنين
3- إجراء الدراسات للتعرف على مشكلات المسنين وكيفية الاستفادة منهم مع توفير الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية لهم
4- تفعيل دور الرعاية المنزلية للمسنين وتشجيعها بتوفير الدولة هذه الرعاية ومصروفاتها
5- تفعيل دور أجهزة الأعلام في تسليط الأضواء على قضية المسنين لتوعية الناس بهذه الفئة والتغلب على سلبياتها
6- فتح قناة تلفزيونية تعنى بشئون كبار السن من أجل توعيتهم ورفع معنوياتهم وزرع الأمل في قلوبهم وأنهم جزء من المجتمع وتواصل المجتمع معهم
7- إنشاء رابطة أو جمعية لكبار السن لمزاولة الأنشطة المختلفة والمناسبة لهم وتكون لسان حالهم والتعبير عن آرائهم وحقوقهم
الكويت 24/4/2012
الباحث الاجتماعي / عباس سبتي
مقدمة :
انتقلت إفرازات الحضارة الغربية المعاصرة إلى العالم العربي والإسلامي منها قضية المسنين ، ذلك أن حياة الترف والغنى جعلت بعض الناس لا يقيم وزناً لثوابت الدين وأصبح المسلم كأي إنسان أوربي همه نفسه وشهواتها ، وبسبب تعقيدات الحياة المعاصرة جعلت بعض الأسر تهمل رعاية كبار السن ولهذا انتشرت دور رعاية المسنين في العالم العربي والإسلامي كما انتشرت وبشكل كبير في العالم الغربي من قبل ،و لعل تقدم الرعاية الصحية في الدول رفع من تزايد أعمار الناس وتزايد عدد المسنين في العالم ، وفي المقابل تزايدت الأمراض العصرية من السكر والضغط والشلل وغيرها جعلت بعض الأفراد يعجز بعد سن التقاعد من رعاية نفسه بنفسه ويحتاج إلى غيره
في عام 1978 طرحت الجمعية العمومية للأمم المتحدة خطة عمل لتلبية احتياجات كبار السن ورعايتهم ، واعتمدت كثير من الدول الخطة في فيينا سنة 1982 ، وركزت الخطة على الصحة والتغذية وحماية المستهلكين من المسنين ، وفي عام 1993 تبنت الدول العربية هذه الخطة ودراسة أوضاع المسنين فيها ، وفي عام 1997 عقدت جامعة الدول العربية دورة تدريبية حول المسنين ثم تبعتها تشكيل لجان للمسنين من القطاع العام والخاص لحماية المسنين ورعايتهم ودمجهم في المجتمع
توعية الناس بل والمؤسسات العامة والخاصة بالاستفادة من المتقاعدين أصحاب الكفاءات الذين يمكن الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم ، وهذا الأمر بحد ذاته يجعلنا نكن الاحترام لفئة المسنين ، ولعل هؤلاء مع كبر سنهم وما يمتلكون من إمكانات سوف تجعلهم يتغلبون على عجزهم أو على آلامهم النفسية من القلق والعزلة والإحباط بعد سن التقاعد وتزايد أمراض الشيخوخة ، بل بعض المتقاعدات من ترعى الأحفاد بعد غياب أمهاتهم في العمل ، فهم أعطوا عندما كانوا في مجال العمل ، وواصلوا العطاء بعد التقاعد في تربية ورعاية الأولاد والأحفاد ، ولعل الجدات في الشرق والغرب هن من يتولين تربية الأحفاد لانشغال الأمهات خارج المنزل ، والتربية والرعاية من أهم المهام وأصعبها وقد تكفلت بها هؤلاء النسوة
لذا لا بد من تقديم برامج صحية ونفسية واجتماعية وترفيهية لفئة المسنين كي يواصلوا العطاء ويتغلبوا على أعراض العجز وغيره ، وتأتي الرعاية المنزلية كبديل عن رعاية دور ومؤسسات رعاية المسنين للتغلب على سلبيات هذه المؤسسات وهذا ما نتناوله في مقال منفصل
تعريف بالمسن :
قال تعالى " رب وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا" ( مريم /4) صدق الله العظيم، عندما تبدأ العظام في الوهن والضعف ويشيب الشعر تبدأ مرحلة الشيخوخة
عرفت إحدى مواد الدستور الكويتي المسن بأنه هو " كل من بلغ سن ال 65 من العمر وكان غير قادر على أن يؤمن لنفسه كليا أو جزئيا ما يؤمنه الشخص العادي لنفسه من ضروريات الحياة الطبيعية نتيجة قصور في قدراته البدنية أو العقلية أو النفسية
يعرف بعض المسن ذلك الإنسان ذكراً كان أو أنثى قد تقاعد عن العمل أو الأرمل والأرملة والمطلقة والعانسة ، ولم يستطع إنجاز العمل اليومي والروتيني وأصبح منسياً ولو أن الناس ينظرون إليه نظرة شفقة
أو المسن هو الذي تجاوز سنه عن الستين مع تراجع وظائف بعض أعضاء جسمه عن العمل ،
أو أن المسن يشعر أنه عنصر هامشي في الحياة ولا يتمتع بزخارف الحياة ويشعر بالإحباط وخيبة أمل وينتظر الموت في كل لحظة
ويصف بعض أن المسن يشعر أنه غير قادر وفقد كل شيء حتى القدرات التي كان يمتلكها قبل الهرم ، وأصبح عالة على الناس
أو ذلك الإنسان الذي يعيش من خلال أجهزة التنفس وضغط الدم وتحت رحمة الممرضين والممرضات وانتابته أمراض الشيخوخة التي لا يرجى منها الشفاء
وأقول أن المسن هو العاجز بسبب أمراض الشيخوخة من الحركة أو لا يستطيع خدمة نفسه بنفسه وينتظر الأمل فيمن يرعاه ويرفع معنوياته ليعيش مثل الآخرين ويتغلب على معاناته المرضية والنفسية والاجتماعية وليتأقلم مع الأجواء والظروف
تحديات تواجه المسن :
هذه التحديات قد لا تكون حقيقة وقد تكون ، فإذا كانت تصورات وأفكاراً تنتاب المسن بسبب تعرضه لموقف من المواقف فأنها لا تمثل حقيقة ، وبعض التحديات تواجه المسن مثل أمراض الشيخوخة ويحتاج إلى أن يصبر أو يغير الوضع كي يتغلب على هذا التحدي،كمرض الشلل الرعاشي أو خرف الشيخوخة والاكتئاب والعزلة والشك أن أفراد الأسرة لا يريدونه والتوتر وسلس البول وكثرة الطلبات والبكاء دون سبب واضطرابات النوم و تغير في وزن المسن زيادة ونقصاناً، والشعور بالذنب، وفقدان القدرة على التركيز والإحساس بالكسل وعدم الأهمية، والتفكير في الانتحار ،
وبعض التحديات تعكس الواقع المؤلم لجيل اليوم – بنين وبنات – في عدم مساعدة الأم في أعمال المنزل لسفر الخادمة أو انتظار خادمة أخرى ، هذا الواقع قرأته في إحدى المجلات التربوية لأم وهي تنظف الصالة بينما بناتها الثلاث جالسات وكل واحدة مشغولة بشيء إما بالحديث بالهاتف أو مشاهدة التلفاز أو الكمبيوتر ، أليس هذا تحدياً كبيراً ؟
لذا تتلخص التحديات في الصور :
شعور المسن أن الأسرة لم تعد تهتم به بعد أن أصبح في حاجة ماسة إلى الرعاية والاهتمام ، وتزداد آلام المسن نفسياً ذكراً وأنثى بعد عجز الأسرة في توفير الرعاية وتحويله إلى دار رعاية المسنين ، ومما يزيد إحساساً بآلام الوحدة والعزلة الاجتماعية بسبب ضعف علاقاته الاجتماعية بالآخرين خاصة أقاربه ، وشعور بعض المسنين أن بعض أفراد الأسرة يتصرف بأمواله ويبذرها ، ويشعر بعض العجزة بإهمال أهله له وجعل الخدم تتولى رعايته وقد تسيء الخادمة إليه دون أن يدافع عنه أحد أفراد أسرته لإنشغالهم أو بعدهم عنه ، وأشارت إحدى الدراسات على أن 62% من المسنين ترعاهم الخدم في المنازل ، يشعر بعض المسنين بالإحباط واليأس نتيجة أنه كان ينظر إلى الماضي أنه كان له قيمة وهدف خاصة بينما الآن لا تتحقق آماله بسبب الفقر وقلة المال والعجز التام ، أساءت بعض المشاهد المسرحية والتمثيلية إلى شخصية المسن على أنها شخصية عاجزة وعالة على المجتمع أو أن المسن أناني وحاقد على المجتمع مما انعكس سلباً على فكر الشباب ونظرتهم عن هذا المسن ، ضعف توعية أجهزة الأعلام للناس بقضية المسنين ومعاناتهم وينعكس ذلك بتقصير بعض الأسر برعاية فئة المسنين
جهود دول الخليج في رعاية المسنين :
تهتم دول العالم بهذه الفئة العاجزة حسب طاقة كل دولة ولذا أنشئت الدول دور الرعاية لإيواء المسنين والعجزة الذين ليس لهم عائل ، ولم تستطع أسرهم رعايتهم بسبب المرض أو العجز التام ، وبعض الدول تمنح راتب شهري لمن ليس له راتب تقاعدي كمساعدة لهم ، هذا وقد زاد اهتمام هذه الدول بعد صدور اليوم العالمي للمسنين عام 1999
أنشأت الكويت مركز تخصصياً في مجمع دور الرعاية من أجل تقديم خدمات إيوائية ونهارية ومنزلية لكبار السن ، قال علي حسن مدير إدارة رعاية المسنين في وزارة الشئون سيتم افتتاح مركز فرح التخصصي لرعاية وتأهيل المسنين مطلع أبريل المقبل في مجمع دور الرعاية الاجتماعية في منطقة الصليبخات، ويعتبر من أحدث المراكز في الشرق الأوسط من حيث الخدمات التي يقدمها للمسنين لاسيما الخدمات الإيوائية والمنزلية والنهارية، وكذلك تخصيص موقع في منطقة أشبيلية عبارة عن أرض مساحتها 5000 متر سيتم بناؤها مركزا لرعاية المسنين يقدم الخدمات النهارية والمنزلية، وتخصيص موقع آخر في منطقة حولي سيتم بناؤه خلال العامين المقبلين
أقر المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بقطر حقوق المسنين من خلال التنبيه إلى هذه الفئة العاجزة والتي تشكل تحدياً للأسر الخليجية وعقد ندوات مثل " المسنون وتحديات المستقبل " على مستوى مسئولي دول الخليج ، لمعرفة أسباب ضعف دور الأسرة في توفير الرعاية المطلوبة لفئة المسنين
وتوجد رعاية منزلية تقدمها بعض المؤسسات الأهلية الخاصة بالمسنين كما في قطر وغيرها بدلاً من تحويلهم إلى دور الرعاية وذلك لتفادي السلبيات في هذه الدور ،ودراسة حالة المسن قبل تحويله إلى دار الرعاية ، وقد لا تستطيع بعض الأسر من إيواء مسنيهم في هذه المراكز للتكلفة العالية من المال
وقد أوصى المؤتمر العالمي الذي عقد في أبوظبي 2000 م تقديم مشورة للأسرة المعيلة عن المسن
وفي عجمان بالإمارات قدمت خدمة الوحدة المتنقلة لكبار السن وتتكون من طبيب واخصائي علاج طبيعي واخصائي اجتماعي بزيارة المسن في المنازل مع توعية أهله بكيفية المحافظة على صحته والتدريب على رعايته
المؤسسات الخاصة لرعاية كبار السن :
وبعد تنامي أعداد المسنين في دول العالم ومنها دول الخليج فأن المؤسسات التابعة للدول عاجزة من تغطية أعداد المسنين ، فظهرت مؤسسات خاصة تعنى بشئون كبار السن والعجزة لكنها لا تصل إلى درجة الطموح والأمل بسبب التفكير بالربح المادي على الجانب الإنساني ، ويتركز دورها في العلاج الطبيعي الذي هو عبارة عن علاج واعادة تأهيل عن طريق الوسائل الطبيعية بدون استخدام العقاقير والأدوية كالكمادات والأجهزة البسيطة للكبار في السن خاصة أنهم طوال الوقت على الأسرة والكراسي ولا يتحركون ، وقد يساعد هذا العلاج على تنشيط الدورة الدموية للمسن.
وتوجد في هذه المؤسسات الأجهزة المساعدة على الحركة وتقوية العضلات والمشي ، والكبار في السن معروف عنهم أنهم يتعرضون للسقوط كثيرا لذلك نركز في هذا العمر على كيفية تقوية عضلات الأطراف السفلى وكيفية الاعتماد على أنفسهم وليس على الآخرين. خاصة من يعاني قلة الحركة وعدم التوازن والأمراض العصبية كالشلل النصفي وشلل الرعاش ومرض هشاشة العظام والروماتيزم والتهاب المفاصل
في الكويت تبنت وزارة الشئون الاجتماعية مشروع جائزة البغلي للابن البار من أهداف تشجيع الأبناء لبر والديهم وتقوية العلاقات الأسرية ،واقترح صاحب هذا المشروع " بطاقة المسن " وهي بطاقة تتيح لحاملها الأفضلية بالمعاملات أينما ذهب وهو النظام المعمول به في أوروبا ونفتقده في الكويت ، وهناك مشروع جليس المسن وهو عبارة عن مشروع يدعو أفراد المجتمع إلى مصادقة المسن وقضاء جزء من أوقاتهم بمرافقة المسن سواء في جولات خارجية أو دعوة لزيارة أسرته
وطرح بعض فكرة مجالس أو دواوين لكبار السن لقضاء المسن وقت الصباح بين المسنين من أمثاله ـ بهدف تغلب المسن على الوحدة والاكتئاب ، وأنشأت الكويت المقاهي الشعبية من أجل هؤلاء المسنين منذ عام 1977 ، وقد تحدث راعي جائزة البغلي لجريدة عالم اليوم عن المعوقات التي تواجه المهتمين برعاية المسنين وأنه يقترح تشغيل كبار السن بعد التقاعد لمن يستطيع العمل وإنشاء مركز تدريبي لفئة المسنين لإكسابهم مهارات تفعل دورهم في الحياة والمجتمع
وفي مصر تم إنشاء مركز بحلوان يرعى شئون المسن وإجراء الدراسات عليه لمحاولة التعرف على مشكلاته وإيجاد بيئة اجتماعية له خارج المنزل وتقديم خدمات طبية عامة وعلاج طبيعي وخدمات نفسية وتنشيط الذاكرة ، وتمضية فترة الصباح وحتى العصر ثم يعود إلى منزله لمن يعاني من الوحدة في المنزل في هذه الأوقات ، وتنظيم دورات تدريبية لرعاية المسنين في المنازل مع تعيين " مساعد " يساعد المسن لتسيير أموره في المنزل
التوصيات :
هذه المقترحات عبارة عن تنمية لخبرات وتجارب المسنين ليعودوا إلى المجتمع أعضاء فاعلين :
1- سن قوانين تمنع إساءة المسن وتمنحه حرية التعبير عن رأيه ومنع التصرف بممتلكاته الخاصة ( حقوق المسن )
2- الاستفادة من تجارب المسنين وخبراتهم في كافة المجالات من أجل تعزيز قيم الاهتمام ورعاية المسنين
3- إجراء الدراسات للتعرف على مشكلات المسنين وكيفية الاستفادة منهم مع توفير الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية لهم
4- تفعيل دور الرعاية المنزلية للمسنين وتشجيعها بتوفير الدولة هذه الرعاية ومصروفاتها
5- تفعيل دور أجهزة الأعلام في تسليط الأضواء على قضية المسنين لتوعية الناس بهذه الفئة والتغلب على سلبياتها
6- فتح قناة تلفزيونية تعنى بشئون كبار السن من أجل توعيتهم ورفع معنوياتهم وزرع الأمل في قلوبهم وأنهم جزء من المجتمع وتواصل المجتمع معهم
7- إنشاء رابطة أو جمعية لكبار السن لمزاولة الأنشطة المختلفة والمناسبة لهم وتكون لسان حالهم والتعبير عن آرائهم وحقوقهم
الكويت 24/4/2012