ايهم ابو مجاهد
09-21-2008, 04:20 PM
إعداد: أيهم الفاعوري
مقدمة :
اتفق كثير من الباحثين في وصفهم لهذا العصر بأنه عصر القلق ، حيث أضحى القلق عنواناً للعديد من الدراسات النفسية سواء تلك التي تهتم منها بالسلوك المضطرب لدى الإنسان أو تلك التي تتصل لديه بالحاجة إلى الابتكار والإبداع وتطوير القيم .
هذا التطور الكبير دفع الكثير من العلماء إلى التركيز على القلق كأساس للاضطرابات النفسية,ولم يغفل ذلك من يتحدثون الآن عن علم النفس. ولعل مما يثير الانتباه أن نعلم " أن مفهوم القلق لم يكن مألوفاً في الدراسات النفسية حتى الثلاثينيات من القرن الماضي,ثم بدأ ينتشر بظهروه في كتابات فرويد".
ولقد تركزت أبحاث القلق ودراساته العديدة حول القلق العام ، إلا انه بالرغم من الاهتمام الكبير الذي أبداه الباحثون بالقلق العام ، ظهر أيضاً الاهتمام النسبي بدراسة أنواع أخرى من القلق مثل : القلق الاجتماعي وقلق الموت و قلق الامتحان كشكل محدود من القلق المرتبط بمواقف التقويم و التقدير.
وفي لغتنا العربية نجد أن كلمة القلق حديثة نسبياً,ونجد عدد من التعبيرات التي تصف هذا الشعور بشكل تقريبي.. مثل الخوف والوجل وعدم الاطمئنان والترقب والحذر,وغير ذلك من التعبيرات الشائعة مثل : العصبية(والنرفزة)وقلة الصبر والتوتر وانشغال البال..
ويمكننا أن نقول أن درجة من القلق هي صحية وإيجابية لأنها تدفع الإنسان نحو العمل لدرء الأخطار الممكنة أو المحتملة والتي يتعرض لها الإنسان في صراعه مع الحياة,فالقلق باعث ايجابي يساعد في الحفاظ على الذات والنجاح في مسيرة الحياة, ويمثل القلق النفسي المرتبة الأولى في الانتشار بين الاضطرابات النفسية,وتشير الإحصائيات أن هناك شخصاً بين أربعة أشخاص قد يعاني من القلق النفسي خلال فترة من حياته,وأن ما نسبته (10-17%)من الأشخاص يعانون من القلق في أي وقت في السنة. (البطانية وآخرون,2007:ص477)
ويعتبر القلق العام من أهم هذه الأصناف بالنسبة للإنسان، إذ أنه سلاح ذو حدين. فإذا نظرنا إلى الجانب السلبي منه وجدناه يمثل لب العُصاب النفسي واساس جميع الأمراض النفسية، في حين إذا نظرنا إلى الجانب الإيجابي منه وجدناه يمثل جميع إنجازاتنا بصورة كبيرة. ولكنْ بسبب مصاحبة أعراض القلق لجميع الأمراض النفسية تقريباً صُنّفَ على الأغلب كأحد أهم معوقات التوافق النفسي للفرد،وأحد المحددات التي تعيق تعلم الفرد وتواصله مع الآخرين, وعلى ضوء ذلك أصبح انخفاض القلق العام لدى الفرد دلالة على ارتفاع درجة توافقه النفسي، في حين أن ارتفاع درجته مؤشر على عدم التوافق النفسي للفرد بصورة عامة ودليل على إحساس الفرد وشعوره بعدم إشباع مجموعةٍ من حاجاته.والقلق لا يقتصر على مرحلة عمرية دون سواها بل يشمل مختلف الأعمار وبدرجات متفاوتة ومن هذه المراحل مرحلة
التعليم الأساسي حيث أفرادها يمرون بمرحلة نمو هامة ويقبلون على مرحلة نمو أخرى لا تقل أهمية. وتظهر بين هؤلاء التلاميذ المستويات العقلية المختلفة والتي لا تقتصر فقط على مستويين هما فئة التلاميذ العاديين وفئة التلاميذ الموهوبين بل هناك أيضاً فئة التلاميذ الذين يعانون من صعوبات التعلم ، حيث إن هذه الفئة في حاجة ماسة لإشباع حاجاتها والوصول إلى درجة جيدة من التوافق النفسي وان الكشف المبكر عن تلك الصعوبات التي يعاني منها هؤلاء الأفراد من شأنه أن يساعدهم على التخلص من معظم المشكلات النفسية التي تعترض طريق نموهم السليم ولعل القلق يعتبر من بين أهم تلك المشكلات . ( الليل,2004: 4)
تعريف القلق Anxiety:
هناك عدداً من الباحثين تناول تعريف القلق وكل حسب اتجاهاته وحسب النظرية التي يؤمن بها ونشير فيما يلي الى أهمها:
القلقاصطلاحاً" حالة نفسية تحدث حين يشعر الفرد بوجود خطر يهدده, وهو ينطوي علىتوتر انفعالي تصاحبه اضطرا بات فيزيولوجية، فالخطر فيالقلقشيء لم يقع ولكن ينتظروقوعه, وهولا يمس الشخص من بعيد بل يتهدد كيانه". ( تونسي,2002: 22)
فرويد : يعرفه : بأنه رد فعل لحالة خطر. أما هورني فتشير إلى أن : القلق : هو استجابة انفعالية لخطر يكون موجها إلى المكونات الأساسية للشخصية. كذلك نعيم الرفاعي يقول أن : القلق : هواستجابة انفعالية لخطر يخشى من وقوعه يكون موجها للمكونات الأساسية للشخصية 0( الرفاعي, 2005: 199) أما حامد زهران فيذكر أن القلق: هو حالة توتر شامل ومستمر نتيجة توقع تهديد خطر فعلي أورمزي ، قد يحدث ، ويصحبها خوف غامض وأعراض نفسية وعضوية 0وخلص أحمدعبد الخالق على أن : القلق : هو شعور عام بالخشية ، أو أن هناك مصيبة وشيكة الوقوع وتهديدمصدره غير معلوم ، مع شعور بالتوتر ، وخوف لا مسوغ له من الناحية الموضوعية ،وغالبا ما يتعلق بالمستقبل والمجهول 0
طبيعة القلق:الكثير من علماء النفس يركز على أن القلق شعور عامبالخيبة ، أو بخطر وشيك الوقوع ، ومصدره غير معلوم 0 إنه استجابة مبالغ فيها ،لمواقف لا تمثل خطراً حقيقياً ، وقد لا تخرج عن إطار الحياة العادية ، ولكن الفردالذي يعاني القلق يستجيب لها غالباً كما لو كانت تمثل خطراً ملحاً أو موقفاً يصعبمعالجته. وقد حدد لويس Lewis 1988 ، الخصائص الست للقلق وهي:
1- إنه حالة انفعالية يرتبط به : ذعر ، فزع ، خشية ، توقع خطر ، توجس.2ـ هذا الانفعال يتميز بأنه غير سار.3ـ إنه انفعال موجه نحوالمستقبل.4ـ لا يوجد تهديد حقيقي أو معروف أو محدد ،أو أن التهديد إن وجد فعلاً فهو لا يستدعي مثل هذا الانفعال 0 ولا يتناسب معه بهذهالدرجة من التهويل 05ـ هناك أعراض جسمية ذاتية تحدث في القلق وخاصة شعور بضيقالصدر. 6ـ يرافقه أيضا اضطرابات وتغيراتعضوية وجسمية واضحةوقد وضع نايتزلوبرنستاين ( Nietzel , Bernstin 1981 ) ، أربعة مبادئ سلوكية تميز القلق ، وأضافإليها بيلاك ورفاقه ( 1988 ) ثلاثة أخرى اعتمد عليها الكثير من العلماء في تقديرهمللقلق وطبيعته وهي :1ـ أن القلق ليس سمة أو خاصية للشخصية موجودة داخلالفرد 02ـ يمكن اكتساب القلق بطرق التعلم المختلفة ( التي شرحها السلوكيون ،مثل : الإشراط ، التعلم بالقدوة ) 03ـ يضم القلق مكونات سلوكية متعددة ومعقدة، تحدث مرتبطة بمثيرات استجابات القلق 0 من هنا يتحدث علماء النفس السلوكيون عنثلاثة جوانب لاستجابة القلق ، وهي :
- تقرير الشخص نفسه وما يتحدث عنه منضيق وتوتر وخشية 0- تغيرات عضوية جسمية ، وخاصة التغيرات المتعلقة بإثارةالجهاز العصبي. - الاستجابة الحركية الظاهرة التي قسمها بوالإلى قسمين ( مباشرة , غير مباشرة) 04ـ إن مكونات استجابة القلق هذه ليست مترابطة بدرجةعالية ( ليس من الضروري أن تكون متزامنة الحدوث ) 0 لقد دعيت هذه الخاصية للقلق ،بأنها تجزئ الاستجابة.5ـ إن مكونات استجابة القلق هذه، تشرح لنا العمليات المعرفية والعقلية عند الفرد : الإدراك ، والإدخال ، والترميزللمعلومات ، وكذلك تفسيرها وتحريفها.
6ـ إن التصنيف التشخيصي الذي وضعته الجمعية الأمريكية للقلق وأمراضه شجعتالكثير من البحوث ، من أجل دراسة الفروق و ( التشابه ) في أسبابه ، ومظاهره ،وجوانبه النفسية والعضوية وسيره وتطوره باعتباره اضطراب نفسي ( عصاب ). 7ـ يجبالتشديد في الاعتماد على المعيار التشخيصي الدقيق الذي وضعه الدليل التشخيصيوالإحصائي للأمراض النفسيةمن أجل تشخيص أمراض القلق 0 خصوصا أن الدليليشدد على أن هناك عوامل عديدة تؤثر في تقديرنا السلوكي للقلق وتشخيصه 0 (العرعري,2006:ص1)
ويُعد القلق واحداً من خصائص المتعلم المهمة جداً لاهتمامات التدريس. فهو حالة عاطفية تتميزبالمشاعرغير الطبيعية التي تشبه الخوف أو الخشية, وتتشابه الأنواع المختلفة للقلق, مثل قلق الاختبار , وقلق الرياضيات , وقلق الكلام , في أنها تصف حالة عاطفية غير مرغوب فيها تشبه الخوف و على الرغم من أنها تختلف في المواقف المعينة التي تثير هذه الحالة. ويوجد العديد من المقاييس لقياس الحالات العاطفية المختلفة. ويُعد قلق الاختبار مهماً جدا ًللتدريس, ويسمى بعض الأحيان بقلق الأداء. ويرجع قلق الاختبار إلى خوف الطلاب من مواقف تقييمية كالاختبارات, وقد أظهرت الأبحاث أن الطلاب الذين يسجلون نسباً أعلى في اختبارالقلق يكون أداؤهم غير جيد في المواقف التقييمية , بعكس الطلاب الأقل قلقاً, حتى ولو تساوت قدراتهم المدرسية.
وقد فُسّر الأداء المنخفض للطلاب القلقين بأن القلق يتدخل في عملية استرجاع التعليم المسبق عند اختبار الطلاب. ويرى واين و ساراسون (1972) أن هذا التدخل قد يرجع إلى أن الطلاب القلقين يقسمون انتابهم بين مطالب المهمة وعدد من الأمور التي تتعلق بالمهمة تتألف أساساً من الاستغراق السلبي في النفس ومشاعر العجز وما شابه ذلك. أما الطلاب الأقل قلقا ًفقد وجد أنهم يخصصون جزءاً كبيراً من اهتمامهم لمطالب المهمة وهذا يفسر أداءهم الجيد. (جانييه,2000 :320 - 321)
نظرية القلق :
يعتبر القلق لب الصراع النفسي وأساس الاضطرابات النفسية من جهة، ومن جهة أخرى يمكن اعتباره محفزاً هاماً لإنجازات الإنسان وركيزة لابتكاراته. لذلك فقد أعطته النظريات النفسية كامل اهتمامها.
وسوف نلقي بإيجاز بعض الضوء على تناول بعض النظريات لموضوع القلق بشكل عام.
أولاً : نظرية التحليل النفسي :
تناول العديد من علماء التحليل النفسي موضوع القلق من حيث العوامل المسببة له والنتائج المترتبة على وجوده :
1ـ القلق عند فرويد :
اهتم فرويد بسؤالين رئيسيين يتصلان بالقلق وهما :
- السؤال الأول : عن طبيعة الموقف الأول الذي سبب القلق لأول مرة. - السؤال الثاني : عن العلاقة بين القلق وبين الفعاليات الأخرى للشخصية. وكانالغرض الذي يسعى إليه فرويد من هذين السؤالين هو تفسير القلق وتطوره ويقولفرويد " إن القلق ظهر في الأصل كرد فعل لحالة خطر ، وهو يعاود الظهور كلما حدثتحالة خطر من ذلك النوع " ويعني هذا أن القلق ظهر لأول مرة عند الطفل أمام حالةخطر 0 فما هي حالة الخطر هذه ؟هي صدمة الميلاد ، إن عملية الميلاد هذه صدمة يتعرض لها الطفل ،وهي خطر حقيقي يهدد حياته ، إن رد فعل الطفل هنا ليس الخوف ، لأن الخوف يقتضي إدراكالخطر ، والطفل غير قادر عليه ، لذلك نقول إن رد الفعل تجاه صدمة الميلاد هو القلقالأول الذي تعمل فيه العناصر الفسيولوجية عملاً رئيسياً0ثم يخرجفرويد من هذا التفسير إلى فكرة افتقاد الموضوع من جهة ، وتطور القلق لدى الطفل معتطور التفاعل بين فعاليات الشخصية من جهة أخرى 0 فيتحدث أولاً عن ظهور القلق فيالمرحلة القضيبية التي يمر بها الطفل في مراحل نموه 0 ثم يتحدث عن نمو الأنا الأعلىوظهور القلق الخلقي 0 وفي الحالة الأولى ، كما في الحالة الثانية ، هناك خطر يأتيمن افتقاد الموضوع الذي يتصل به الطفل ويكون ذلك داعياً لظهورالقلق. إذن ففرويد يرى أن أصل القلق هو : استجابة قديمة ظهرت لدى الطفل أمامخطر معين هو صدمة الميلاد , ثم يتكرر ظهور هذا الخطر على شكل افتقاد الموضوع فيحالات مختلفة فيتكرر ظهور القلق ، وبذلك يبدو القلق متطورا من حيث هو ظاهرة نفسية ،وهو يلحق بذلك تطور مضمون حالة الخطر ، وهو مضمون يتغير بتغير مراحل الحياة ، فكلحالة خطر تقابل فترة خاصة من الحياة أو مرحلة من مراحل نمو الجهاز العقلي ، وهيتبدو مناسبة في هذه المرحلة. (الرفاعي,2003,ص211)
2- القلق عند هورني :تعتمد كارن هورني Karen Horney ، عددا من حالاتالمخاوف المرضية ، وحالات القلق ، لتذهب في تحليلها إلى رأي في القلق يختلف تماماعن رأي فرويد 0 فهي ترى وجود ثلاثة عناصر أساسية وهي :
- الشعور بالعجز 0- الشعور بالعداوة 0- الشعور بالانفراد أو العزلة 0وترى هورنيأنه من الممكن وضع هذه العوامل في ثلاث فئات ، وأنه من الممكن اعتبارها المصادرالرئيسية للقلق 0أ ) ـ تضم الفئة الأولى أشكال المعاملة داخل الأسرة ، مماينطوي تحت لواء الرابطة العاطفية فانعدام الوفاء العاطفي ، وحرمان الطفل من الحبوالحنان ، ونبذه ، وتركه وحيدا أمام حاجاته والشروط المختلفة المحيطة به ، ووضعهفي موقف من هو عدو تتجه نحوه أشكال مختلفة من سلوك الكراهية والانتقام ، كل هذهتعتبر من أهم مصادر القلق 0ب ) ـ وتضم الفئة الثانية أشكال المعاملة داخل الأسرةمما ينطوي تحت لواء السيطرة والعدالة 0 فالسيطرة القاسية ، وفقدان العدالة فيالمعاملة نحو الأخوة ، والإخلال بالوعود ، وعدم التقدير ونكران الحقوق ، وتمتعقطبي الأسرة بخيرات يمنعان منها القطب الثالث ، وأشكال العقاب المختلفة ، كل هذهالأمور وما هو في بابها مصادر أساسية للقلق كذلك 0ج ) ـ وتضم الفئة الثالثةالمعاملة المنتشرة في البيئة الاجتماعية التي تمتد حول الأسرة ، فالخداع ، والكذب ،والغش ، والحسد ، والعدوان ، والتناقضات الاجتماعية ، وأشكال العنف المختلفة التيينطوي عليها المجتمع حول الأسرة ، كل هذه الحالات تعتبر مصدرا قويا من مصادر القلق0والاتجاه هذا الذي تذهب إليه هورني معناه أننا لا نحتاج إلى تفسيروقائع ميلاد الطفل لفهم ميلاد القلق ، وأن شروط الحياة الواقعية التي يعيشها الطفلفي مراحل نموه تكفي لأن تمدنا بالعناصر التي تعمل على تكوين القلق لديه بصورةتدريجية 0 فالقلق ينبع من شعور الفرد بعجزه وضعفه وحرمانه 0 وهو شعور ينمو تدريجيامع عناصر من تربية الأسرة ، وعناصر من تأثير المحيط الاجتماعي الكبير الذي يحيط بها، ويغذيه ذلك التناقض العظيم الذي تنطوي عليه الحياة في مظاهرها الاجتماعية ،ومظاهرها الطبيعية ، ويدخل في ذلك أيضا عدوان حيوان على آخر ، سواء أكان من نوعه أمكان مختلفا عنه. ( المرجع السابق :212)
3- القلق عند إيريك فروم:إيريكفروم Erich From يجعل من اعتماد الطفل على والديه من جهة ونزوعه إلى الاستقلال منجهة أخرى سبب لأصل القلق ، فالطفل يقضي فترة غير قصيرة من الزمن معتمدا على أمه ،فهو يعتمد عليها في غذائه وأمنه وتنقله ، وهذه الفترة من الاعتماد عليها تقوده إلىالارتباط بقيود أولية ، ولكن الطفل ينزع إلى الاستقلال مع نموه ، ويميل نحو مايسميه فروم بالانفراد ، وكان اعتماده على أمه وكذلك أبيه يوفر له الأمن والطمأنينة، أمّا مواجهة العالم مستقلا فتكشف له عن عجزه وبالتالي يولد لديه القلق ، فهو يشعربالمقاومة والمسؤوليات ويشعر كذلك بعدم كفاية قدراته ، وهكذا يكون القلق الأول وليدشعور الطفل بعجزه أمام ظروف العالم الخارجي حين ينزع إلى الاستقلال والانفراد 0 ولايقف فروم عند هذا الحد بل يضيف عاملا آخر وهو من بين العوامل التي ذكرتها ( هورني ) وهو النقد وعدم الاستحسان الذي يواجهه من أب قاس أو أم شديدة أو مجتمع غير واع إذاأراد القيام بعمل ما مستقلا عن والديه0 وهنا يكبت الطفل رغباته ويمتنع عن بعض مايريد عمله ، وهذا يكون مصدرا لقلقه. 4- أصل القلق عند مي: يرى مي May ، أن القلق إدراك لوجود خطر يهدد قيمة يعتبرها الفرد أساسيةلوجوده من حيث هو ( شخص ) 0 فكل مؤثر ينطوي على خطر من هذا النوع يمكن أن يولد قلقا، ولكن لما كان تقدير التهديد لقيمة أساسية مرتبطا بالخبرة الشخصية ، وكانت الخبرةالشخصية تنطوي على عدد من الظروف والمؤثرات فإن النتيجة التي تلحق بذلك هي أن هناكعددا كبيرا من المؤثرات تستطيع أن تولد القلق ، وهذه ليست كامنة فيها بل هي لاحقةبخبرة الشخص نفسه ، وأي مؤثر يولد القلق يكون في الأصل قد مرّ هو أو ما يشبهه فيخبرة الشخص السابقة أو ضمن ظروف كان فيها يهدد قيمة يعتبرها الشخص أساسية له 0وخلاصة القول نستطيع القول : أن القلق باعتباره استجابة انفعالية لحالة خطر، تلعب في تكوينه عوامل متنوعة نوجزها فيما يلي :
أ) ـ أشهر الطفولة الأولى ،وخاصة صدمة الميلاد ، وغياب الأم عن الطفل ، وعدم إشباع حاجاته. ب ) ـ ظروفالحياة الأسرية والاجتماعية ، وطريقة معاملة الوالدين للطفل وما يواجهه من حرمان وإخلال بالوعود ، وخلافات زوجية ، أو معاملة قاسية ، وكراهية ، وتسلط 0ج ) ـخبرات الفرد الخاصة عندما يصل إلى مرحلة النضج ، وطريقة تفكيره ، وأسلوبه في مواجهةالمواقف. ( الرفاعي,2005 : 214-215)
ثانياً : النظرية السلوكية :
يجمع أصحاب الاتجاه السلوكي على أن القلق سلوك متعلم فهو عبارة عن استجابة خوف مكتسبة، بحيث تقوم بعض العوامل المثيرة للخوف والقلق باستثارة تلك الاستجابة، وعلى الرغم من أن بعضاً من تلك العوامل لا تحدث الخوف أصلاً، إلا أن اقترانها بمواقف مخيفة وقلقة قد اكسبها قوة الإثارة والخوف والقلق .
ثالثاً : النظرية الإنسانية :
يرى أغلب أنصار الاتجاه الإنساني أَن القلق يحدث بسبب الخوف من المستقبل. فالإنسان بطبيعته المتميزة عن سائر المخلوقات يدرك معنى الموت والفناء ويدرك المستقبل المجهول وما قد يحمله من خبرات مؤلمة وفشل أو توقع الفشل في تحقيق طموحاته .. كل ذلك يتسبب في حدوث القلق له. كما يزداد إحساس الفرد بالقلق إذا شعر أن هناك عائقاً يحول بينه وبين تحقيق أهدافه في الحياة ونجاحه سواءٌ كان العائق مرضاً أو عجزاً جسمياً أو مالياً أو تقدماً في السن أو غير ذلك من معوقات. (الليل,2004:ص7)
تصنيف القلق :
يمكن تصنيف القلق النفسي إلى نموذجين:
الأول قلق الحالة : وهو الإحساس بالتوتر الذي ينتاب الفرد حين يكون مقدما على إنجاز ما كأداء اختبار أو التقدم إلى مفاضلة مثلا، أو حين يكون مترقبا لحدث أو خبر.. وهذا النوع طبيعي وينتهي بانتهاء المثير ويمكن أن يطلق عليه القلق الإيجابي على اعتبار أنه يمثل دافعا لتحقيق إنجاز أو طموح من خلال السعي والسعي الجاد وتقدير المسؤولية تجاه عديد من المهام الحياتية.
الثاني قلق السمة : أي أن القلق يعد سمة تميز شخصية الفرد وتحكم عليه بأنه صاحب شخصية قلقة ومتوترة، وتلازمه مشاعر القلق في عديد من المواقف التي يدركها ويتعامل معها على أنها عوامل خطرة وتهدد أمنه واستقراره. ( الشويعر,2005:ص11)
- والجدول التالي يوضح الفروق بين حالات قلق الحالة و قلق السمة :
قلق الحالة state anxiety
قلق السمة trait anxiety
- يحدث لبعض الوقت فقط.
- يحدث معظم الوقت.
- تولّده المواقف الصعبة والمهددة.
- تولده كل المواقف الصعبة و السهلة.
- يدوم لفترات قصيرة ثم يزول .
- يدوم لفترات طويلة ولا يكاد يزول.
- تأثيره على التعلم محدود و بسيط.
- تأثيره على التعلم خطير ومستمر.
- لا يحتاج إلى ترتيبات واحتياطات من المعلم .
- لا بد من إعداد ترتيبات و احتياطات معينة .
( العتوم وآخرون,2005: 190)
حالات القلق :
وضح بعض الباحثين في علم النفس التربوي تأثير حالات القلق في الأداء الصفي كما يلي :
تخيل أنّك لا تهتم إطلاقا ًبمادة العلوم ولا تشعر بأي درجة من القلق نحو هذه المادة.
ماذا ستكون تصرفاتك نحوها ونحو معلمها ؟
إنك بلا شك سوف لن تدرس إطلاقاً على امتحاناتها ولن تهتم بإنهاء واجباتها وتسليمها للمعلم. بل ربما لا تشتري كتاب العلوم أو لن تحضره معك إلى غرفة الصف أو قد لاتحضر أنت إلى حصة العلوم , وحتماً سوف لن تحصل على علامات عالية في هذه المادة .
لكن مقداراً بسيطاً من القلق قد يكون مفيداً للتعلم وزيادة الاهتمام بالمواد الدراسية. هذا المستوى من القلق يسمى عادة القلق الميّسر لأنه يسمح للطلاب بالتحرك نحو تحقيق أهدافهم و النجاح فيها: فيذهبون إلى الصف, ويقرأون الكتب المقررة, وينجزون الواجبات, ويحضرون للاختبارات , ويتأملون بإجاباتهم بدل أن يتسرعوا في الإجابة بدون تفكير فيها.
إلا أن المقادير الكبيرة من القلق تعيق الأداء الصفي الفعال,مكونة ما يسمى القلق المدّمر, مما يؤدي إلى تشتت انتباه الطلاب وصرفه عن المهمة التي يحاولون إنجازها. ويوضح الشكل التالي العلاقة بين مستوى القلق ومستوى الأداء الصفي, وهو ما يعرف بقانون " ييركس – دودسن "
الأداء الصفي
_ مرتفع
_ متوسط
_ منخفض
مستوى القلق
مرتفع متوسط منخفض
- متى يتوقف القلق أن يكون ميسراً و يبدأ بإعاقة الأداء الصفي وتدميره؟
الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة وبسيطة, لكن بشكل عام , فإن المهام السهلة جداً(أي التي يقوم بها الطلاب دون تفكير يذكر)تسهلها المقادير العالية من القلق. أما المهام الصعبة جداً(أي التي تحتاج إلى تفكير عميق) فإنها تحتاج إلى مقادير متوسطة فقط من القلق حتى يتم إنجازها بنجاح. ويتلخص الأثر الضار للمستويات العالية من القلق في عدد كبير من الأشياء اللازمة للنجاح في التعلم والأداء وهي :
أثر المستوى العالي من القلق : - صعوبة في الانتباه للتفاصيل المهمة.
- ضعف في معالجة المعلومات.
- عدم القدرة على التعبير عن التعلم والمهارات.
- تدني في الأداء والتحصيل الصفي.
- تدني في استيعاب المفاهيم الجديدة وحل المشكلات.
( المرجع السابق:190- 191)
مصادر القلق :
مصادر القلق كثيرة ومتنوعة , فقد يكون مصدره الارتباط بين المثير المقلق وبين موقف يثير القلق ( كما هو الحال في نظرية بافلوف في الإشراط الكلاسيكي ). فعندما ترتبط الرياضيات عند طالب معين بالفشل الدائم والإحباط. فإن الطالب يطور قلقاً عالياً من الرياضيات نتيجة لهذا الارتباط. وكذلك الحال في قلق الطالب من الامتحانات إذا كانت دائما ًترتبط بمشاعر الخزي والإذلال. ومن هنا يتوجب علينا كمعلمين أن نتأكد من عدم زج الطلاب في أنشطة صفية مهمة حال وجودهم في ظروف مثيرة للقلق المرتفع.
وهناك من يرى في هذا السياق ضرورة التفريق بين التهديد والتحدي ,فالموقف المثير للتهديد هو موقف يعتقد الطالب أن فرص النجاح فيه محدودة . أما الموقف المثير للتحدي فهو موقف يعتقد الطلاب أن النجاح فيه أمر ممكن إذا بذلوا مقدارا ًمن الجهد ,مع وجود احتمالية الفشل. فإذا شعر الطلاب أنهم في موقف مثير للتهديد وأن فرص نجاحهم محدودة أدى ذلك إلى ارتفاع وتيرة القلق المر (أو المعطل). أما إذا كان الموقف مثيراً للتحدي فإنهم يكونون ميّالين لبذل أفضل ما عندهم من جهد ويشعرون بالرضا والمتعة عندما ينجحون فيه. وعندما ننظم البيئة الصفية بشكل محدد تماما ًونقلل مستويات الغموض والتهديد, فإن ذلك كله يقود إلى أداء أفضل وتعلم أكاديمي أحسن. إن البيئات الصفية الواضحة الملموسة تيسر التعلم, وتخفف قدر الإمكان من القلق المعطل وبالتالي تزيد من مستويات الإنجاز والتحصيل.
بعض مصادر القلق عند الطلاب:
- المظهر الجسمي: الخشية من السمنة المفرطة أو النحافة الزائدة.
- تصورات الآخرين وأحكامهم: خوف الطالب من أن لا يكون مقبولاً أو أن يكون منبوذاً من زملائه في الصف.
- الاختبارات الصفية والمقننة: خشية الطلاب من التفكير في التقدم للامتحان.
- المواد الدراسية الصعبة: الرهبة من حل مسائل الرياضيات وتعلم المفاهيم الرياضية.
- المواقف الجديدة: الخوف من الانتقال إلى مدرسة جديدة أومن المرحلة الأساسية إلى الثانوية.
- المواقف المهددة لتقدير الذات: الرهبة من أداء المهام الصفية بشكل خطأ أو غير تام.
( المرجع السابق,192)
القلق والخوف : :
بالرغم من أنهناك صعوبة في التمييز بين الخوف والقلق بسبب التشابه بينهما ، إلا أن هناك أوجهاختلاف ، خاصة بين القلق الموضوعي والخوف ، ويمكن أن نوضح ذلك من خلال الجدول التالي: ( www.elazayem.com (http://www.elazayem.com/) )
أوجه الشبه بين القلق والخوف
أوجه الاختلاف بين القلق والخوف
(1)ـ كل من الخوف والقلق حالةانفعالية.
(2)ـ كل من القلق والخوف يستثار بالشعور بوجود خطر يتهدد الفرد.
(3)ـ كل منالقلق والخوف إشارة تدعو الشخص إلى العمل من أجل الدفاع والمحافظة على البقاء.
(4)ـ كل من القلق والخوف مرافق بعدد غير قليل من التغيرات الفسيولوجية المتماثلة مثل الاضطراب في التنفس والدورة الدموية ، والعصارات المعدية .
(5)ـ منالممكن في القلق أن يبدأ مع إشارة خطر توجد في المحيط الخارجي ، ويكون من النوعالذي يستطيع استثارة الخوف 0
(6)ـ يمكن في الخوف أن يكون أحيانا أشد مما يستدعيهموضوع الخطر ، وأن ينقل الشخص إلى حالة من القلق ضعيفة أو شديدة ، وبذلك يشبه القلق
(1)- يكون موضوع الخوف معروفا ومدركا من الشخص ، بينما في القلق لا يكون هذا الأمر علىهذا الشكل دائما.
(2)ـ في الخوف يكون موضوعه موجودا في العالم الخارجي ، بينمالا يصدق ذلك في كل أشكال القلق
(3)ـ إذا صادف وكان مثير القلق موجودافي العالمالخارجي ، فإن وضوح الخطر فيه لا يكون معادلا لوضوح الخطر الظاهر في حالة الخوف
(4)ـ في حالة القلق يكون الخطر موجه إلى كيان الشخصية ، والأكثر ألا يكون الشعوربالتهديد في حالة الخوف بمثل هذه الشدة والتعميم 0
(5)ـ في حالة القلق يشعر الشخصبالعجز تجاه المصدر المجهول ، بينما لا يكون هذا الشعور بالعجز في حالة الخوف 0
(6)ـ تصاحب القلق والخوف تغيرات فسيولوجية متعددة ، ولكن الآثار التي يتركهاالقلق في الجسد أقوى عمقا من الآثار التي يتركها الخوف 0 وكثيرا ما تكون هذه الآثارخطرة 0
(7)ـ الخوف من مؤثر ما عادة لا يتكرر إذا لم يظهر المؤثر ، بينما يتكررظهور القلق ، ويبدو أن في ذلك تدخل عدد من العوامل النفسية 0 إضافة إلى أن حالةالخوف تكون عابرة ومؤقتة ، بينما القلق أكثر طولا في بقائه 0
ظواهر القلق :
1- محاولة الإنسان التغلب على قلقه وتخوفه من خلال تصرفات وسلوكيات لم يكن يقوم بها من قبل مثل العصبية الزائدة أو الهدوء الزائد، الصراخ، العدوانية وغيرها من السلوكيات السلبية التي لم يكن يقوم بها من قبل.
2- الاتكاليه- عادة ما يحاول الشخص الذي يشعر بالقلق بان يهرب من قلقه من خلال الاتكاليه على الغير وعادة هذه الظاهرة تكون موجودة وبارزة عند الأطفال أكثر منها عند البالغين.
3- التعمد بالابتعاد عن المواقف التي تتطلب منا اتصالا اجتماعيا والبعد عن الفعاليات الاجتماعية.
4- الشرود، قلة التركيز والانتباه .
5- أعراض جسدية مثل الشعور بالألم في البطن، الرأس والنوم العميق.
6- الانطواء والابتعاد عن الأصدقاء.
مظاهر القلق :
للقلق مظهران أساسيان هما:1ـ المظهر الدافعي الإيجابيالذي يتضمن دفع الفرد إلى التقدم والإنتاج والعمل الجدي المفيد له ولمجتمعه.2ـ المظهر الإحباطي السلبي الذي يتضمن إعاقة الفرد عن العمل والإنتاجوالتقدم . ويعتبر هذا النوع من القلق مرضي وينبغي السيطرة عليه والتخلص منه .( www.arabnat.ws
أنواع القلق النفسي:
ذهب مجموعة من علماء النفس إلى محاولة حصر أنواع القلق النفسي حسب ضوابط نفسية معينة، وبحسب خطرها على الفرد، وجاء التصنيف كما يلي:
(1)- الرهاب الاجتماعي: وهو الخوف من شيء معين، ومنه عدة أنواع مثل: رهاب لمنظر الدم، رهاب الإبر، رهاب الأماكن العالية، ويعتبر أكثر الأمراض النفسية شيوعاً، وأشدها تأثيراً على حياة الإنسان.
ويُعرف الرهاب الاجتماعي بأنه: هو خوف الشخص من التجمعات والمجالس التي يتواجد بها أناس غرباء وذلك لإحساسه بخوف من حدوث شيء يسبب له الإحراج والفشل، فيبدأ بتجنب حضور تلك المناسبات الاجتماعية.
(2)- الهلع: وهو قلق نفسي حاد يتميز عن غيره من الأنواعبشده الأعراض وحدوثها فجأة دون سابق إنذار، مع الشعور بأن المريض سوف يموت في هذهاللحظة وقد تتطور الحالة إلي تجنب المواقف التي حدثت فيها أعراض الهلع، فمثلاًً إنحدثت في الشارع يتجنب المريض الخروج إلي الشارع، حيث تسيطر عليه فكرة أن الموتسيدركه ولن يكون هناك منفذ له (بارلو,2005 :ص5) (3)- الخوف الشديد:جميعنا نشعر بالخوف في بعض الأحيان، ولكن الخوف الشديدالمرضي يكون المريض نفسه مدرك بعدم جدواه، أنه لا يستحق هذا الكم من الخوف ولكنه لايستطيع التحكم في هذا الخوف، وعادة ما يكون الخوف مرتبط بأشياء معينه أو أنشطةمحددة أو أحياناًً مواقف بعينها قد يكون هذا الخوف بدرجة عالية بحيث يجعل الإنسانيتجنب هذه المواقف أو الأماكن مما يؤثر بصورة سلبية علي حياته العملية. فمثلاًإذا كان الخوف من التحدث أمام الأغراب أو أشخاص لا يعرفهم الإنسان ويؤثر بصورةسلبية علي حياته الاجتماعية مما يؤدي به إلي الانطواء.
(4)- الوسواس القهري:هو عبارة عن فكرة أو خيال أو رغبة تأتي بصورة متكررة على التفكير رغم إرادة الشخص , يحاول طردها ولا يستطيع وعادة تكون مزعجة وتسبب القلق للشخص وتؤدي إلى حدوث مقاومة لديه مثال على ذلك: يدخل فجأة إلى تفكير الشخص أنه يديه متسختين يحاول مقاومة الفكرة , لا يستطيع, يغسل يديه يرتاح, قليلاً لتعاوده الفكرة من جديد وهكذا. من الممكن أن تكون هذه الوساوس معطلة لحياة المصاب في الحالات الشديدة. (الريماوي وآخرون,2006: 646)
(5)- القلق النفسيالعام:وهو حالة من القلق المستمر الزائد عن الطبيعي يشعر به المريض بصورةمزعجة، لا يستطيع معها التكيف أو القيام بأعماله اليومية أو المشاركة في الحياةالاجتماعية. يكون هنا المريض في حالة قلق – عصبية – كثير الاهتمام بالأمورالصحية والعائلية – دائم التوقع السيئ ويستثار من أقل مؤثر خارجي أو داخلي – لهردود أفعال عصبية وعنيفة غير متناسبة مع حجم الفعل الأساسي. (المرجع السابق:647)
أنواع القلق عند فرويد:يرى فرويد أن القلق نوع من الخوف ، ولكنهغامض وغير محدد ، ويرى أن الإشارة فيه يمكن أن تأتي من العالم الخارجي ، وقد تلتصقبالعالم الخارجي ، وقد تكون تعبيرا عن غضب الأنا الأعلى أو عقابه 0 ومن هنا يقسمفرويد القلق إلى ثلاثة أنواع وهي:
1ـ القلق الموضوعي: Objective Anxiety وهو عبارة عن رد فعل يحدث الفرد عند إدراكه خطرا خارجيا واقعا أوسيقع بعد وجود إشارة تدل عليه 0 وظروف هذا النوع من القلق تأخذ دلالتها الأساسية منمعرفة الشخص وخبراته السابقة 0 ومثال ذلك : قلق البحار الخبير حين يرى سحابة صغيرةتظهر في الأفق ، ويقدر حينئذ استنادا إلى خبرته الشخصية أنها نذير إعصار شديد ( ياسين وآخرون,1997: 161) 2ـ القلق العصابي Neurotic Anxiety :والقلق العصابي هو قلقشديد لا تتضح معالم المثير فيه ، وهو يبدو على شكل خوف من مجهول ، وصاحبه يلقياللوم على أكثر من مؤثر واحد من دون أن تكون الصلة واضحة أو واقعية بين حالة القلقوالمثير 0 والقلق العصابي كما يراه فرويد يمكن أن يكون حالة عامة تتكرر ويسميهاحالة القلق الطافي، ويمكن أن يأخذ شكل ردود خوف مرضي، ويمكن أن يكون حالة من الشعور بالتهديد ترافق اضطرابا نفسيا مثلالهستيريا 03ـ القلق الخلقي Moral Anxiety :
يكون مصدر الخطر في هذاالنوع هو احتمال غضب الأنا الأعلى ، ويغلب فيه أن يأتي نتيجة حكم الأنا الأعلىبارتكاب الشخص ذنبا ، ويُحتمل فيه كذلك أن يكون نتيجة إحباط لأمر موجود بين مكوناتالأنا الأعلى 0( ياسين وآخرون,1997: 163- 164)
- وهناك من يصف نوعان للقلق :
النوع الأول ( القلق خارجي المنشأ ) : أو القلق المستثار فهو الذي يخبره الناس في الأحوال كرد فعل على الضغط النفسي أو الخطر, عندما يستطيع الإنسان أن يميز بوضوح شيئاً يتهدد أمنه أو سلامته: كأن يصوب لص مسدساً أو كأن تفشل كوابح ( فرامل ) السيارة. فهو عندئذ يشعر بالاضطراب والارتجاف. فيجف ريقه , وتعرق يداه وجبهته ,وتزيد نبضات قلبه. ويعاني الخوف العقلي والقلق. وأغلب الناس أحسوا بهذه المشاعر في أوقات الخطر أو الضغط. وكذلك إذا تعرض أحد الناس مرات متكررة للهجوم عليه أو الخوف في موقف معين , فإنه يتعلم الإحساس بالخوف كلما واجه هذا الموقف , وتلك استجابة دفاعية عادية . فإذا عقر كلب شرس أي إنسان مرات عديدة فسرعان ما يصير حذراً من الكلاب خائفاً عند رؤيتها.
فالقلق خارجي المنشأ تعني الشيء الذي ينشأ أو ينتج من الخارج . أي أن المصطلح يتضمن فكرة معينة هي أن الفرد يستطيع أن يميز دائماً مصدراً مقبولاً يبرز هذا النوع من القلق عند حدوثه.
النوع الثاني ( قلق داخلي المنشأ ) : فهو الذي لم يخبره الناس من قبل , وتتكاثر الآن دلائل توحي بأن حالات القلق من هذا النوع الثاني إنما هي مرض. ويبدو أن ضحاياه قد ولدوا باستعداد وراثي له وهو يبدأ عادة بنوبات من القلق تدهم المصابين فجأة أو بغتة , دون إنذار أو سبب ظاهر. فأحياناً يبدو أن أعضاء مختلفة من الجسم قد أفلت زمامها, فقد يحدث أن تزيد دقات القلب أو يحس المصاب بالدوار أو الاختناق و تقاصر النفس حتى عند غياب أي ضغط أو خطر ظاهر. وهذا ما يجعل هذا المرض مختلفاً عن القلق السوي الآخر.
فالمشكلة المركزية هنا تنبع من مصدر ما داخل جسم الفرد, بدلاً من صدورها كاستجابة لموقف من خارج الإنسان , كما أن مرض القلق هذا له حياته الخاصة به مثل سائر الأمراض وهو يجرّ على أصحابه الشقوة و المعاناة .(شيهان,1988: 17- 18)
أعراض القلق :
أولاً : إحساس شديد بالقلق والانزعاج (الكدر) مَعَ توقُّعِ الشرِّ.
يحدث ذلك للفرد أغلب الأوقات وخلال فترة لا تقل عن ستة أشهر ويكون سببه واحداً , أو مجموعة من الأحداث والأنشطة المتعلقة بالجانب المهني أو المدرسي مثل التحصيل الدراسي.
ثانياً : يجد الفرد صعوبة في السيطرة على القلق.
ثالثاً : يرتبط كل من القلق والانزعاج بثلاثة , على الأقل أو أكثر من الأعراض التالية مع ملاحظة أن واحداً من هذه الأعراض يعتبر كافياً في حدوث ذلك بالنسبة للأطفال، مع الإشارة أيضاً إلى أهمية الأعراض خلال الشهور الستة الأخيرة من ملاحظتها على الشخص. وهذه الأعراض هي :
1- الإحساس بالتململ والتعب وشعور الشخص أنه على حافة الهاوية والسقوط.
2- الإحساس السريع بالإجهاد والإرهاق.
3- الصعوبة في التركيز والشعور بالفراغ الذهني.
4- الهيجان الشديد.
5- توتر العضلات وشدها.
6- اضطراب النوم سواءٌ في ذلك صعوبة الدخول فيه أو الاستمرار فيه أو الاستمرار
بارتياح فيه.
رابعاً : عدم حصر القلق والانزعاج في ملامح الاضطراب المذكورة في المحور الأول، ذلك أَنهما عَرَضانِ في الوقت نفسه من أعراض بعض الاضطرابات الأخرى مثل: الهلع والخوف الاجتماعي والوسواس القهري وفقدان الشهية العصبي والتوهم المرضي.
خامساً : إن القلق والانزعاج أو الأعراض الجسمية كل ذلك قد يتسبب في حدوث التوتر والضيق بالنسبة للفرد وذلك في أثناء نشاطه المهني والاجتماعي وغير ذلك من الأنشطة التي يمارسها.
سادساً : حدوث هذا الاضطراب لا يرجع إلى تَأَثُّرِ الشخص بالأدوية أو بالمواد المخدرة أو من اضطرابات النمو والاضطرابات المزاجية والعقلية أو بِسَبَبِ الظروف الطبية العامة مثل فرط إفراز الغدة الدرقية.
الأعراض القلق الفيزيولوجية الأساسية هي:
- ضربات قلب سريعة وعنيفة.
- تصبب العرق.
- ارتعاشالأطراف.
- عدم القدرة علي التنفس بشكل طبيعي.
- إحساس بالاختناق.
- غثيانوآلام بالبطن.
- دواروشعور بعدم توازن.
- الشعور بعدم القدرة علي التحكم وأنالمريض سيفقد عقله أو يموت.
- تنميل في الأطراف.
- رعشة فجائية وحدوث نوباتسخونة بالجسم. بما أن هذه الأعراض تحدث فجأة وبدون سبب محدد فإن أغلب المرضىيشعرون كأنها ذبحة صدرية.www.jedgifted.org
الأسباب العامة للقلق :
يمكن إيجازها على النحو التالي :
1- أسباب وراثية : ويقصد بها استعداد الفرد للإصابة بالقلق. فقد وجد Notes et al (نقلاً عن عبد الرحمن، 2000م) أن هناك نسبة عالية لاضطراب القلق العام (المعمم) بين الأشخاص الذين تربطهم صلات القربى وذلك مقارنة بالاضطرابات الأخرى. كما أشار المصدر نفسه إلى أن نسبة إسهام العوامل الوراثية يتراوح بين 19 و 30% من بين العوامل الأخرى.
2- أسباب بيئية : وتشمل جميع العوامل التربوية والنفسية والاجتماعية والمهنية وغيرها، وما يحدث فيها من خبرات مؤلمة وَمُحْبِطَة وحرمان ومعاملة سيئة.
الليل ,2005:ص50)
- وإذا تحدثنا عن أسباب القلق العام لا بد من التأكيد على نظرية العوامل العضوية النفسية والاجتماعية في فهم الاضطرابات النفسية. وتبين الدراسات الحديثة تأثير العوامل العضوية في نشوء حالات القلق العام وبشكل أوضح نوبات الهلع, فمن الناحية الوراثية تبين أن 25% من أقارب الدرجة الأولى للمريض لديهم نفس الاضطراب. كما تصل نسبة إصابة التوائم وحيدة البيضة إلى خمسة أضعاف إصابة التوائم ثنائية البضة.
وتشير إحدى النظريات العضوية إلى وجود حساسية خاصة في جذع الدماغ لغاز ثاني أوكسيد الكربون (co2) وهي حساسية مزمنة تؤدي إلى فرط التنفس المزمن ( سرعة التنفس وسطحيته )
وقد تبين بالتجربة أنه إذا كان هواء الغرفة مشبعاً بنسبة 5% من غاز(co2) فإن ذلك يؤدي إلى حدوث نوبة هلع في الأشخاص المهيئين لهذه الاضطرابات.
وتتفاوت الفرضيات العضوية في تأكيدها على أهمية منطقة معينة من الدماغ من حيث زيادة نشاطها أو وجود نقص في أحد الخمائر الدماغية وغير ذلك في علاقتها بنشوء القلق, وربما تكون منطقة اللطخة الزرقاء (locus coerrolous ) هي المسؤولة عن إفرازات دفعة من مادة الأدرينالين المولدة للقلق.
وبشكل عام لا يوجد إلى الآن تفسير قاطع وواضح حول آلية حدوث نوبة الهلع وسبب الخلل العضوي الكامن وراءها. ولكن الدراسات الحديثة والتطورات التقنية تبشر بفهم أعمق وواضح لماهية القلق وأسبابه العضوية.
- وإذا تحدثنا عن الأسباب النفسية نجد أن هناك عدة أمور أساسية مثل ما يسمى
(بقلق الخصاء,castration anxiety) والذي يحسه الشخص في أعماقه على شكل خطر وتهديد من رموز السلطة الأبوية. وهو ينتج عن أسباب تربوية تؤدي بتلإنسان إلى الشعور بالتهديد والقلق عندما يحاول أن يثبت ذاته أثناء حله لمشكلة أو موقف صعب يعوضه لقلق الفشل والشعور بالضعف والقصور.
وهناك قلق الانفصال ( separation anxiety ) والذي يبدأبشكل خوف من الذهاب إلى المدرسة في سن الطفولة وفيما بعد يظهربشكل نوبات هلع يغادر الإنسان منزله ويسافر بعيداًعن أهله وعلاقاته المهمة. ويرتبط بذلك التعقيدات النفسية والحرمانات والآلام التي يتعرض لها الإنسان خلال مرحلة الاستقلال والانفصال في نموه النفسي ,مما يترك في التفس جروحاً وحساسية خاصة لكل ما يذكر بالاستقلال و الانفصال حيث تنمو لديه صفات الاعتمادية على الآخرين وأعراض الهلع المتكررة .
- وتفيد نظريات التعلم السلوكي في فهمنا أيضاً لأسباب القلق ,وهي تتلخص في أن الإنسان قد تعلم أن ازدياد دقات القلب مثلاً مرتبط بحدوث الخطر الشديد مهما كان سبب هذا الازدياد ,ويؤدي ذلك إلى ارتباط الخوف والقلق بالظرف المؤلم وبالتالي بتوقع الخطر.
( المالح,2001,ص30-31)
- وتلعب العوامل الاجتماعية والتربوية دورها في ازدياد الشعور بالخطر وعدم الأمان من خلال الحروب و الكوارث الاضطرابات الاجتماعية وأحوال الحياة وتناقضاتها وتغيراتها الحادة ,إضافة للتنافس الشديد والتربية القاسية والحرمانات ,مما يزيد في حساسية الجهاز العصبي والنفسي ,وأيضاً الحساسية لإشارات الخطر وهذا يزيد في حدوث القلق العام ,وكما هو معروف فالعصر الحديث هو عصر القلق ,ونمط الحياة الحديثة يغذي القلق ويشجعه مقارنة مع نمط الحياة البسيطة . (المرجع السابق,ص32)
بعض أشكال القلق :
1- قلق الموت.
2- القلق الاجتماعي.
3- القلق الامتحاني.
ومن خلال هذا البحث سنتناول أحد هذه الأشكال ( القلق الاجتماعي ).
القلق الاجتماعي :
ويقصد بالقلق الاجتماعي بالخوف غير المقبول وتجنب المواقف التي يفترض فيها للمعني أن يتعامل أو يتفاعل فيها مع الآخرين ويكون معرضاً بنتيجة ذلك إلى نوع من أنواع التقييم. فالسمة الأساسية المميزة للقلق الاجتماعي تتمثل في الخوف غير الواقعي من التقييم السلبي للسلوك من قبل الآخرين والتشوه لإدراكي للمواقف الاجتماعية لدى القلق اجتماعياً. والمعنيون غالباً ما يشعرون بأنهم محط أنظار محيطهم بمقدار أكبر بكثير مما يعنونه أنفسهم لهذا المحيط، ويتصورون أن محيطهم ليس له من اهتمام آخر غير تقييمهم المستمر و بطبيعة الحال فإنهم يتصورون دائماً أن التقييم لابد وأن يكون سلبياً. أما النتيجة فهي التضخيم الكارثي للعواقب الذي يتمثل مثلاً من خلال التطرف في طرح المتطلبات من الذات بحيث يتحول أدنى خطأ يرتكبه المعني إلى كارثة بالنسبة له تغرقه في الخجل وتعزز ميله للانسحاب.
مكونات القلق الاجتماعي:
ويفرق المتخصصين بين المكونات التالية للقلق الاجتماعي:
- قصور في مجال المهارات الاجتماعية،
- اتجاهات سلبية أو غير سوية للشخص تجاه نفسه،
- مركب من الخوف الاجتماعي والكف مصبوغ بدرجة عالية من المظاهر الانفعالية والفيزيولوجية.
وهناك اختلاف في تقدير نسبة انتشار المخاوف الاجتماعية في المجتمعات الغربية، إذ تقدر النسبة بين 1,2% و 2,2% (انتشار ستة أشهر) في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويشير الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع DSM-IV إلى نسبة تقع بين 3% و 13% (انتشار مدى الحياة)، ويقدرها أغراس (Agras,1990) بنسبة 1.5% و وبولارد وهندرسون (Pollard & Henderson, 1988) بنسبة 2.0%، في حين تبلغ نسبة القلق الاجتماعي بين 10% -20% من اضطرابات القلق ككل، وتزيد نسبة الانتشار بين النساء عن الرجال، غير أنه في غالبية العينات الإكلينيكية تشير النتائج إلى تساوي التوزع الجنسي أو غلبة نسبة الذكور عن الإناث. وغالبية المرضى من العزاب أو من الأشخاص الذين لا يمتلكون شريكاً ثابتاً ويقدر سن بدء الاضطراب بين سن 15- 20 عاماً، وهي المرحلة النمائية التي تواجه الفرد بمطالب جديدة، وتفرض عليه أدواراً حياتية مختلفة، وتتطلب من الفرد مزيداً من الاستقلالية والثقة. ويتحدث "راينكر" عن هذه المرحلة بصفتها "الطور الحساس" في نشوء المخاوف الاجتماعية.
ومن ناحية التصنيف المرضي يتم التمييز بين شكلين من المخاوف الاجتماعية، يسمى الشكل الأول بالخوف الاجتماعي الأوليPrimary الذي يتصف بحدوث ردود فعل الخوف في مجال واسع من المواقف الاجتماعية، ويسمى الشكل الثاني الخوف الاجتماعي الثانوي Secondary حيث لا يتصف هذا الشكل من المخاوف بالخوف من المواقف الاجتماعية في حد ذاتها، وإنما يتميز بنقص في المهارات الاجتماعية للشخص مما يؤدي إلى الخوف. والأشخاص من النمط الثاني لا يعرفون مثلاً كيف يبدؤون محادثة أو ينهونها أو كيف يتصرف الإنسان في موقف معين. ويعانون من مشكلات في التعامل مع الآخرين ويظهر لديهم سلوك تجنب واضح للمواقف الاجتماعية. الأمر الذي يقود إلى أن يعيشوا منعزلين وغير سعداء ومكتئبين. والأشخاص من هذا النوع غالباً ما يكونوا خجولين جداً. أما الأشخاص الذين يعانون من الخوف الاجتماعي الأولي فيظهر القلق لديهم في مواقف اجتماعية خاصة على الرغم من امتلاكهم للمهارات الاجتماعية اللازمة و ليس بالضرورة أن يكون الخجل موجوداً لديهم. ويغلب أن تظهر لدى هؤلاء ردود فعل فيزيولوجية واضحة عند مواجهتهم بالموقف المخيف بالنسبة لهم.
وبهذا المعنى يتحدث الدليل الأمريكي التشخيصي الرابع عن نوع خاص وآخر معمم من القلق الاجتماعي، مع الإشارة إلى أن النوع المعمم من القلق يشبه القلق الثانوي الموصوف أعلاه.
مستويات ظهور القلق الاجتماعي :
ولو حاولنا التفريق بين المستويات التي يظهر فيها القلق الاجتماعي لوجدنا -كما هو الحال بالنسبة للقلق واضطراباته بشكل عام- أن القلق الاجتماعي يظهر وفق ثلاثة مستويات:
- المستوى السلوكي: ويتجلى في سلوك الهرب من مواقف اجتماعية مختلفة وتجنبها كعدم تلبية الدعوات الاجتماعية والتقليل من الاتصالات الاجتماعية…الخ.
- المستوى المعرفي: ويتمثل في أفكار تقييمية للذات، وتوقع الفضيحة أو عدم لباقة السلوك، والمصائب والانشغال المتكرر بالمواقف الاجتماعية الصعبة أو المثيرة للقلق، وعما يعتقده الآخرون حول الشخص نفسه، والقلق الدائم من ارتكاب الأخطاء…الخ.
- المستوى الفيزيولوجي: و يتضح من معاناة الشخص من مجموعة مختلفة من الأعراض الجسدية المرتبطة بالمواقف الاجتماعية المرهقة بالنسبة له، كالشعور بالغثيان والأرق والإحساس بالغصة في الحلق والارتجاف والتعرق…الخ.( البطانية وآخرون,2007: 480- 481)
القلق وراثة وصناعة :
أ- الاستعداد الطبيعي والتهيؤ الوراثي .
ب- التعلم الاجتماعي .
ج- الضغوط أو الصدمات أو الهزات الانفعالية .
صناعة القلق :
- القلق والأمراض تنتشر بكثرة في مرحلة المراهقة وتقل في الرشد والشباب ثم ترتفع في الشيخوخة .
- ينتشر بين الإناث أكثر منه لدى الذكور .
- العناية بالأبناء بدرجة مبالغ فيها، يؤدي إلى فقد الابن ثقته في نفسه .
- الإسراف في التدليل، حيث يولد الشعور بالحاجة إلى الآخرين .
- تعرض الطفل لأمراض وإصابات .
- شخصية الأبوين (التقبل ، الحب والضبط ، مشاعر الذنب ، العداوة ) .
- التعلم الاجتماعي .
- الأزمات الاجتماعية والخبرات الصدمية (التوترات، الحروب ، ... ) .
الأخطاء السلوكية التي تمارسها الأسر الصانعة للقلق :
- مقارنة الابن بالآخرين .
- تذكيره بأخطائه ونقاط ضعفه .
- التحقير من شأنه .
- حياتك من غيرنا صعبة (لسان حال الأبوين).
- التصرفات والسلوك الخاطئ عند الأزمات .
- عدم استقلالية الابن .
- التخويف المستمر من العالم والمستقبل .
- العقاب المستمر عند الخطأ .
- العزوف عن الحوار والتركيز على النقد .
- الشكوى الدائمة من الظروف الحياتية .
- ادرس لكي تصبح مهندساً كبيراً .
- الدفع المستمر للمنافسة .
- إثارة أهداف غير واقعية .
علاج القلق :
1- الكف بالنقيض : التعريض تدريجياً لما يثير الخوف، في الوقت نفسه تُقدم استجابة محببة للنفس .
2- توكيد الذات : لتنمية مشاعر الثقة بالنفس .
3- العلاج بالتعريض : مواجهة المواقف المثيرة للقلق (ركوب المصعد ، الخوف من الكلب) . 4- العلاج المعرفي : يعتمد على توسيع أفق المعرفة والفهم لحل المشكلات .
5- العلاج النفسي : يقوم على تذكر الصراعات في اللاوعي من النفس، للتحرر من تأثيرها
6- العلاج بالاسترخاء .
7- بناء هرم القلق .
8- النمذجة : ملاحظة من يتعامل بنجاح مع المثيرات التي تهدد المريض ، المواجهة حيث أن لها نتائج إيجابية.
9- العلاج الدوائي : لا يُحبذ استخدامه وهو أقل تأثيراً ولا بد أن يصاحب العلاج النفسي . www.sehha.com
عوامل الخطر المرتبطة باضطراب القلق :
أشارت الدراسات إلي العديد من عوامل الخطر أو العوامل المرتبطة باضطراب القلق والتي تساهم في تشكيله مثل : خصال الفرد ( متضمنا مزاج الطفل ، القابلية للتشويه المعرفي ، و نمط التعلق ) ، و خصال الآباء ( متضمنا القلق الوالدي والمتغيرات الوالدية ذات التأثير ) ، وتأثير الأصدقاء (طبيعة العلاقات الاجتماعية) ، و أحداث الحياة المثير للمشقة .
*- الخصال الشخصية للفرد:
هناك بعض الأشخاص الذين يكون مزاجهم الشخصي هو أحد عوامل الخطر للإصابة بالقلق .فالمزاج temperament عند الأطفال قد تمت دراسته من خلال العديد من الدراسات التي تهتم بأسباب الأمراض . ففي الدراسات للأطفال ذوي الأعمار 7-16 عام وجد Rapee & Szollos (1997) مقارنة بأمهات لأطفال غير القلقين أن أمهات الأطفال القلقين قرروا أن أطفالهم كانوا وبشكل دال أكثر عددا وشدة في نوبات البكاء ، ومشكلات في النوم، والإحساس بالألم ، وأكثر ثرثرة في السنة الأولي من العمر . وبالإضافة إلي ذلك أشارت الأمهات إلي أن أبنائهم كانوا أكثر خوفا من لحظة الميلاد حتى السنة الثانية من العمر .ويجدون صعوبة في تهدئه أنفسهم بعد المواقف المثيرة للمشقة .
ومن العوامل الأخرى المرتبطة باضطراب القلق ما يلي : الكف السلوكي Behavioral Inhibition، وعلامات المزاج الغير معتدل مثل حدة الطباع وسرعة التهيج لدي الرضيع والمخاوف في مرحلة بدايات المشي والخجل والحذر والانسحاب في الطفولة .
اضطراب القلق ( بشكل عام ) ، واضطراب القلق العام (بشكل خاص ) يميل إلي أن يكون تشوه معرفي cognitive vulnerability : شذوذ إدراكي أو تهديد للإدراك . فالكثير من البحوث تشير ألي أن المصابين باضطراب القلق يميلون إلي تقديرات مبالغ فيها مع تضخيم تأثيرات الأحداث المسببة للخطر . يشير Rapee (1991) إلي أن اضطراب القلق العام علي سبيل المثال لا يتضمن فقط تهديد مباشر للإدراك ولكنه مع ذلك يتضمن انخفاض إدراكي في القدرة علي التحكم في الموقف الشخصي أو البيئي . في حين تشير بحوث أخري إلي أن مصابي القلق تقل لديهم ادراكاتهم لعلامات الأمن .
وكذلك يعتبر نمط التعلق attachment style أحد المصادر الأساسية للتعرض للقلق في مرحلة الطفولة . وفي هذا يشير Bowlby (1982) ألي أن القلق الذي يصاب به المراهق ما هو إلا نتيجة للارتباط والتعلق غير الملائم في مرحلة الطفولة . وتبعا لبولبي Bowlby فأن التعلق ما هو إلا محاولة يضمن بها الأمن و السلام في عالمه . فإذا لم يكن الشخص المراد التعلق به موجودا أو متاحا ، فان الطفل يكتسب خبرة عن العالم علي أساس انه خطر ومصدر تهديد . وكذلك فان نمط التعلق الذي يسبب للطفل القلق في عمر 12 شهرا يرتبط بشكل كبير بالقلق الذي يحدث له في عمر 18 سنة . (يوسف,2006: 4)
*- الخصال الوالدية :
يعتبر القلق لدي الوالدين أحد الأسباب الأساسية التي تنبأنا باضطراب القلق لدي الأبناء . فالأفراد القلقين يتضح أن لديهم نسبة أكبر من الوالدين القلقين أيضا ، مقارنة بالأفراد غير القلقين . يعتبر القلق الوالدي احد العوامل مصدر الخطر للإصابة بالقلق لدي الأبناء وذلك ليس بشكل مباشر فقط ، ولكن بشكل غير مباشر أيضا ، عن طريق إما الجينات الموروثة أو كأحد العوامل البيئية . فدراسات التوائم تظهر أن العامل الجيني يضم ما بين 30 – 40 % من الأعراض القلقية واضطراب القلق. فالكثير من الدراسات تؤكد علي أن الوراثة تجعل الفرد لدية استعداد عام وراثي أكثر من غيره للإصابة الاضطرابات .
فالدراسات أكدت علي بعض الخصال الوالدية مثل التشدد ( التسلط ) ترتبط والقلق . وقد وجد Muris & Merckelbach (1998) عند فحص السلوكيات الوالدية وأعراض القلق في عينة الأطفال غير المرضي ، وجدا أن إدراك الطفل للتحكم الوالدي ترتبط مع بداية القلق ، وخاصة اضطراب القلق العام .
*- تأثير الأقران :
العلاقات والتفاعلات مع الأقران تنمي مهارات ضرورية لدي الأطفال ( مثل تأكيد الذات ، و الإيثار) وترتبط كذلك بمدي التوافق السلوكي . وغالبا ما يؤدي الأقران دور العامل المرجعي لبعضهم البعض من خلال العقاب أو تجاهل الشخص الغير مرغوب فيه للسلوكيات الشاذة والتي لا تتفق مع جماعتهم . فهناك العديد من السلوكيات ( مثل : الانسحاب والعدوانية ) ربما يمكن تكيفها وتعديلها عن طريق الأقران من خلال دورهم كمرجعية ( المرجعية المعرفية والسلوكية ) ولذلك فقد نجد أن الطفل القلق والذي يصادق أقران قلقين أيضا ربما لا يكون عرضة للخطر (لأنهم يقدرون ويشعرون بمشاكل بعضهم ) بينما الأقران القلقين والذين يرتبطون مع أقران غير قلقين ربما ، يكونون في الحقيقة ، متجهين إلي أن يكونوا أكثر جرأة . وكذلك الراشدين القلقين والذين يرتبطون مع مجموعة من الأقران أقل عرضة للتعامل مع عوامل الخطر ربما يتجهون نحو سلوكيات أكثر تجنبا أو أكثر قلقا.
*- أحداث الحياة المثيرة للمشقة والأحداث الصدمية :
تعتبر الأحداث المثيرة للمشقة والأحداث الصدمية أحد العوامل المرتبطة بالقلق. حيث يظهر الأفراد زيادة في القلق , والشكاوى الجسمية ، اضطرا بات النوم ، والأفكار المقتحمة ، وسلوكيات التجنب . وذلك بعد وقوع الأحداث الصدمية ,، مثل الزلازل والحرائق والعواصف . ولقد أشارت الكثير من الدراسات إلي أن الأشخاص المصابين بالقلق تؤثر فيهم أحداث الحياة المثيرة للمشقة ( مثل موت أحد أفراد الأسرة ، الانفصال ما بين الزوجين ) وبشكل دال أكثر من غيرهم ممن لم يصابوا بالقلق . ولوحظ كذلك ارتباط وقوع أحداث الحياة المثيرة للمشقة مع زيادة اضطراب القلق وذلك عبر الزمن . علما بأنه ليس كل الأفراد الذين يمرون بأحداث مثيرة للمشقة أو أحداث صدمية تتطور لديهم أعراض اضطراب القلق . حيث تلعب بعض العوامل دور في تعديل بعض هذه المراحل . (المرجع السابق,ص5- 6)
عوامل الوقاية من اضطراب القلق:
هناك بعض الدراسات التي أشارت إلي أن هناك بعض العوامل التي تقوم بالوقاية من الإصابة باضطراب القلق وأن هذه العوامل تتجه إلي فئتين رئيسيتين : الأولي تتجه حول الدور الوقائي للمساندة الاجتماعية . والثانية حول دور استراتيجيات المواجهة .
1- المساندة الاجتماعية :
تقوم المساندة الاجتماعية بدور معدل للعلاقة ما بين أحداث الحياة السلبية والإصابة باضطراب القلق . ومثال علي ذلك عندما تقوم المساندة الاجتماعية بدور وقائي ضد تطور اضطرابات ما بعد الصدمة، ففي دراسة عن المحاربين القدماء أشارت تقارير من وصفوا بأنهم أقل في المساندة الاجتماعية ، ( أنهم كانوا اقل فهما للذات ، وأقل قدرة علي التعبير، وأكثر اعتداءا علي زوجاتهم ، وذوي صعوبات أكثر في الحكم علي العلاقات الاجتماعية ) أكثر من المحاربين الأكثر مساندة اجتماعية ، ومن غير المحاربين . حيث يمكن للمساندة الاجتماعية أن تؤثر في خفض شدة أعراض الاضطراب أو في للاضطراب ذاته . ويشير Blow (2001) إلي أن المساندة الاجتماعية عامل وقاية من كل اضطرابات القلق.
2- استراتيجيات المواجهة :
تعرف استراتيجيات المواجهة بأنها تلك الجهود المبذولة لتغيير السلوك و الجوانب المعرفية لإدارة المتطلبات الخارجية و الداخلية والتي تعتبر كمصادر يصعب للفرد التعامل معها . فاستراتيجيات المواجهة هي عملية وسيطة ما بين أحداث الحياة المثيرة للمشقة و الصحة النفسية . فاستراتيجيات الحياة ( مع اختلاف الاستجابات النفسية والفسيولوجية الصادرة من الأفراد تجاه الضغوط ) أخذت اهتمام الكثيرين من العلماء . فعلي سبيل المثال يميز كل من Folkman و Lazarus (1980) ما بين نوعين من المواجهة :
النوع الأول من المواجهة يتجه نحو الانفعال ( حيث تبذل جهود ومحاولات لخفض المشقة الانفعالية وغالبا من خلال التجنب والتشتيت ) ،
النوع الثاني من استراتيجيات المواجهة يرتكز حول المشكلة ذاتها ( من خلال محاولات لتغيير مصدر المشكلة )
ويعتبر أسلوب التركيز علي المشكلة من أهم عوامل الوقاية. (المرجع السابق: ص17)
الجدول الخاص بطرق الوقاية الأولية وعوامل الخطر وعوامل الوقاية:
العوامل
الأفكار الأساسية
استراتيجيات الوقاية الأولية من عوامل الخطر
خصال الفرد
تشويه معرفي فيما يتعلق بمصدر التهديد
النمط المزاجي الذي لا يسمح بتفادي المناحي الغريبة أو المحتملة للمواقف المهددة
تجنب أو تبني نمط مواجهة انفعالي
زيادة التعليم المقدم للشخص عن القلق كي تتحسن إمكانياته ويكون قادر علي إدراك التأثير الحقيقي للقلق وعلاقته بالأعراض المرضية الجسمية وذلك حتى لا يسئ فهم و تأويل الأعراض ، وتدريبه بعض المهارات التي يستطيع من خلالها مقاومة تفسيرات غير واقعية لمصادر التهديد ، وتبنيه تفسيرات بديلة للموقف ، وتدريبه علي كيفية التقييم الحقيقي للتهديدات في البيئة .
تعليم بعض المهارات التي تزيد من القدرة علي تعميم الحلول المتعددة للموقف واختيار منحي معين وتجنب الأخر عندما لا يكون ملائما .
تعليمه كيفية إدارة القلق للتغلب علي الخوف غير الواقعي الذي يجب أن يواجهه .
تعليمه مهارات مفيدة مثل مناحي حل المشكلة كي يواجه مخاوفه
الأسرة والأقران والعوامل البيئية الأخرى
التعلق غير المستقر
القلق الوالدي
البيئة المشجعة لسلوك التجنب
تأثير الأقران من خلال تشكيل السلوك
ابتعاد الأقران
نقص المساندة الاجتماعية
تعليم الآباء لكي يدعموا التعلق الأمن مع أبنائهم.
تدريب الآباء علي إدارة قلقهم .
تعليم مهارات تزيد المساندة بين أفراد الأسرة،الأصدقاء، الزملاء؛ من خلال مهارات نقاوم سلوك التجنب .
إجراء تغييرات ايكولوجية داخل المدرسة وبيئة العمل، مزاوجة القلقين معا، والأشخاص الكافين لسلوكهم مع المتوافقين .
الحث علي قبول الاختلافات (في المدارس) لخفض الابتعاد عن الأشخاص القلقين .
زيادة التعليم الخاص بأهمية المساندة الاجتماعية وكيفية الحصول عليها في أوقات المشقة
(يوسف,2006:ص18)
مقدمة :
اتفق كثير من الباحثين في وصفهم لهذا العصر بأنه عصر القلق ، حيث أضحى القلق عنواناً للعديد من الدراسات النفسية سواء تلك التي تهتم منها بالسلوك المضطرب لدى الإنسان أو تلك التي تتصل لديه بالحاجة إلى الابتكار والإبداع وتطوير القيم .
هذا التطور الكبير دفع الكثير من العلماء إلى التركيز على القلق كأساس للاضطرابات النفسية,ولم يغفل ذلك من يتحدثون الآن عن علم النفس. ولعل مما يثير الانتباه أن نعلم " أن مفهوم القلق لم يكن مألوفاً في الدراسات النفسية حتى الثلاثينيات من القرن الماضي,ثم بدأ ينتشر بظهروه في كتابات فرويد".
ولقد تركزت أبحاث القلق ودراساته العديدة حول القلق العام ، إلا انه بالرغم من الاهتمام الكبير الذي أبداه الباحثون بالقلق العام ، ظهر أيضاً الاهتمام النسبي بدراسة أنواع أخرى من القلق مثل : القلق الاجتماعي وقلق الموت و قلق الامتحان كشكل محدود من القلق المرتبط بمواقف التقويم و التقدير.
وفي لغتنا العربية نجد أن كلمة القلق حديثة نسبياً,ونجد عدد من التعبيرات التي تصف هذا الشعور بشكل تقريبي.. مثل الخوف والوجل وعدم الاطمئنان والترقب والحذر,وغير ذلك من التعبيرات الشائعة مثل : العصبية(والنرفزة)وقلة الصبر والتوتر وانشغال البال..
ويمكننا أن نقول أن درجة من القلق هي صحية وإيجابية لأنها تدفع الإنسان نحو العمل لدرء الأخطار الممكنة أو المحتملة والتي يتعرض لها الإنسان في صراعه مع الحياة,فالقلق باعث ايجابي يساعد في الحفاظ على الذات والنجاح في مسيرة الحياة, ويمثل القلق النفسي المرتبة الأولى في الانتشار بين الاضطرابات النفسية,وتشير الإحصائيات أن هناك شخصاً بين أربعة أشخاص قد يعاني من القلق النفسي خلال فترة من حياته,وأن ما نسبته (10-17%)من الأشخاص يعانون من القلق في أي وقت في السنة. (البطانية وآخرون,2007:ص477)
ويعتبر القلق العام من أهم هذه الأصناف بالنسبة للإنسان، إذ أنه سلاح ذو حدين. فإذا نظرنا إلى الجانب السلبي منه وجدناه يمثل لب العُصاب النفسي واساس جميع الأمراض النفسية، في حين إذا نظرنا إلى الجانب الإيجابي منه وجدناه يمثل جميع إنجازاتنا بصورة كبيرة. ولكنْ بسبب مصاحبة أعراض القلق لجميع الأمراض النفسية تقريباً صُنّفَ على الأغلب كأحد أهم معوقات التوافق النفسي للفرد،وأحد المحددات التي تعيق تعلم الفرد وتواصله مع الآخرين, وعلى ضوء ذلك أصبح انخفاض القلق العام لدى الفرد دلالة على ارتفاع درجة توافقه النفسي، في حين أن ارتفاع درجته مؤشر على عدم التوافق النفسي للفرد بصورة عامة ودليل على إحساس الفرد وشعوره بعدم إشباع مجموعةٍ من حاجاته.والقلق لا يقتصر على مرحلة عمرية دون سواها بل يشمل مختلف الأعمار وبدرجات متفاوتة ومن هذه المراحل مرحلة
التعليم الأساسي حيث أفرادها يمرون بمرحلة نمو هامة ويقبلون على مرحلة نمو أخرى لا تقل أهمية. وتظهر بين هؤلاء التلاميذ المستويات العقلية المختلفة والتي لا تقتصر فقط على مستويين هما فئة التلاميذ العاديين وفئة التلاميذ الموهوبين بل هناك أيضاً فئة التلاميذ الذين يعانون من صعوبات التعلم ، حيث إن هذه الفئة في حاجة ماسة لإشباع حاجاتها والوصول إلى درجة جيدة من التوافق النفسي وان الكشف المبكر عن تلك الصعوبات التي يعاني منها هؤلاء الأفراد من شأنه أن يساعدهم على التخلص من معظم المشكلات النفسية التي تعترض طريق نموهم السليم ولعل القلق يعتبر من بين أهم تلك المشكلات . ( الليل,2004: 4)
تعريف القلق Anxiety:
هناك عدداً من الباحثين تناول تعريف القلق وكل حسب اتجاهاته وحسب النظرية التي يؤمن بها ونشير فيما يلي الى أهمها:
القلقاصطلاحاً" حالة نفسية تحدث حين يشعر الفرد بوجود خطر يهدده, وهو ينطوي علىتوتر انفعالي تصاحبه اضطرا بات فيزيولوجية، فالخطر فيالقلقشيء لم يقع ولكن ينتظروقوعه, وهولا يمس الشخص من بعيد بل يتهدد كيانه". ( تونسي,2002: 22)
فرويد : يعرفه : بأنه رد فعل لحالة خطر. أما هورني فتشير إلى أن : القلق : هو استجابة انفعالية لخطر يكون موجها إلى المكونات الأساسية للشخصية. كذلك نعيم الرفاعي يقول أن : القلق : هواستجابة انفعالية لخطر يخشى من وقوعه يكون موجها للمكونات الأساسية للشخصية 0( الرفاعي, 2005: 199) أما حامد زهران فيذكر أن القلق: هو حالة توتر شامل ومستمر نتيجة توقع تهديد خطر فعلي أورمزي ، قد يحدث ، ويصحبها خوف غامض وأعراض نفسية وعضوية 0وخلص أحمدعبد الخالق على أن : القلق : هو شعور عام بالخشية ، أو أن هناك مصيبة وشيكة الوقوع وتهديدمصدره غير معلوم ، مع شعور بالتوتر ، وخوف لا مسوغ له من الناحية الموضوعية ،وغالبا ما يتعلق بالمستقبل والمجهول 0
طبيعة القلق:الكثير من علماء النفس يركز على أن القلق شعور عامبالخيبة ، أو بخطر وشيك الوقوع ، ومصدره غير معلوم 0 إنه استجابة مبالغ فيها ،لمواقف لا تمثل خطراً حقيقياً ، وقد لا تخرج عن إطار الحياة العادية ، ولكن الفردالذي يعاني القلق يستجيب لها غالباً كما لو كانت تمثل خطراً ملحاً أو موقفاً يصعبمعالجته. وقد حدد لويس Lewis 1988 ، الخصائص الست للقلق وهي:
1- إنه حالة انفعالية يرتبط به : ذعر ، فزع ، خشية ، توقع خطر ، توجس.2ـ هذا الانفعال يتميز بأنه غير سار.3ـ إنه انفعال موجه نحوالمستقبل.4ـ لا يوجد تهديد حقيقي أو معروف أو محدد ،أو أن التهديد إن وجد فعلاً فهو لا يستدعي مثل هذا الانفعال 0 ولا يتناسب معه بهذهالدرجة من التهويل 05ـ هناك أعراض جسمية ذاتية تحدث في القلق وخاصة شعور بضيقالصدر. 6ـ يرافقه أيضا اضطرابات وتغيراتعضوية وجسمية واضحةوقد وضع نايتزلوبرنستاين ( Nietzel , Bernstin 1981 ) ، أربعة مبادئ سلوكية تميز القلق ، وأضافإليها بيلاك ورفاقه ( 1988 ) ثلاثة أخرى اعتمد عليها الكثير من العلماء في تقديرهمللقلق وطبيعته وهي :1ـ أن القلق ليس سمة أو خاصية للشخصية موجودة داخلالفرد 02ـ يمكن اكتساب القلق بطرق التعلم المختلفة ( التي شرحها السلوكيون ،مثل : الإشراط ، التعلم بالقدوة ) 03ـ يضم القلق مكونات سلوكية متعددة ومعقدة، تحدث مرتبطة بمثيرات استجابات القلق 0 من هنا يتحدث علماء النفس السلوكيون عنثلاثة جوانب لاستجابة القلق ، وهي :
- تقرير الشخص نفسه وما يتحدث عنه منضيق وتوتر وخشية 0- تغيرات عضوية جسمية ، وخاصة التغيرات المتعلقة بإثارةالجهاز العصبي. - الاستجابة الحركية الظاهرة التي قسمها بوالإلى قسمين ( مباشرة , غير مباشرة) 04ـ إن مكونات استجابة القلق هذه ليست مترابطة بدرجةعالية ( ليس من الضروري أن تكون متزامنة الحدوث ) 0 لقد دعيت هذه الخاصية للقلق ،بأنها تجزئ الاستجابة.5ـ إن مكونات استجابة القلق هذه، تشرح لنا العمليات المعرفية والعقلية عند الفرد : الإدراك ، والإدخال ، والترميزللمعلومات ، وكذلك تفسيرها وتحريفها.
6ـ إن التصنيف التشخيصي الذي وضعته الجمعية الأمريكية للقلق وأمراضه شجعتالكثير من البحوث ، من أجل دراسة الفروق و ( التشابه ) في أسبابه ، ومظاهره ،وجوانبه النفسية والعضوية وسيره وتطوره باعتباره اضطراب نفسي ( عصاب ). 7ـ يجبالتشديد في الاعتماد على المعيار التشخيصي الدقيق الذي وضعه الدليل التشخيصيوالإحصائي للأمراض النفسيةمن أجل تشخيص أمراض القلق 0 خصوصا أن الدليليشدد على أن هناك عوامل عديدة تؤثر في تقديرنا السلوكي للقلق وتشخيصه 0 (العرعري,2006:ص1)
ويُعد القلق واحداً من خصائص المتعلم المهمة جداً لاهتمامات التدريس. فهو حالة عاطفية تتميزبالمشاعرغير الطبيعية التي تشبه الخوف أو الخشية, وتتشابه الأنواع المختلفة للقلق, مثل قلق الاختبار , وقلق الرياضيات , وقلق الكلام , في أنها تصف حالة عاطفية غير مرغوب فيها تشبه الخوف و على الرغم من أنها تختلف في المواقف المعينة التي تثير هذه الحالة. ويوجد العديد من المقاييس لقياس الحالات العاطفية المختلفة. ويُعد قلق الاختبار مهماً جدا ًللتدريس, ويسمى بعض الأحيان بقلق الأداء. ويرجع قلق الاختبار إلى خوف الطلاب من مواقف تقييمية كالاختبارات, وقد أظهرت الأبحاث أن الطلاب الذين يسجلون نسباً أعلى في اختبارالقلق يكون أداؤهم غير جيد في المواقف التقييمية , بعكس الطلاب الأقل قلقاً, حتى ولو تساوت قدراتهم المدرسية.
وقد فُسّر الأداء المنخفض للطلاب القلقين بأن القلق يتدخل في عملية استرجاع التعليم المسبق عند اختبار الطلاب. ويرى واين و ساراسون (1972) أن هذا التدخل قد يرجع إلى أن الطلاب القلقين يقسمون انتابهم بين مطالب المهمة وعدد من الأمور التي تتعلق بالمهمة تتألف أساساً من الاستغراق السلبي في النفس ومشاعر العجز وما شابه ذلك. أما الطلاب الأقل قلقا ًفقد وجد أنهم يخصصون جزءاً كبيراً من اهتمامهم لمطالب المهمة وهذا يفسر أداءهم الجيد. (جانييه,2000 :320 - 321)
نظرية القلق :
يعتبر القلق لب الصراع النفسي وأساس الاضطرابات النفسية من جهة، ومن جهة أخرى يمكن اعتباره محفزاً هاماً لإنجازات الإنسان وركيزة لابتكاراته. لذلك فقد أعطته النظريات النفسية كامل اهتمامها.
وسوف نلقي بإيجاز بعض الضوء على تناول بعض النظريات لموضوع القلق بشكل عام.
أولاً : نظرية التحليل النفسي :
تناول العديد من علماء التحليل النفسي موضوع القلق من حيث العوامل المسببة له والنتائج المترتبة على وجوده :
1ـ القلق عند فرويد :
اهتم فرويد بسؤالين رئيسيين يتصلان بالقلق وهما :
- السؤال الأول : عن طبيعة الموقف الأول الذي سبب القلق لأول مرة. - السؤال الثاني : عن العلاقة بين القلق وبين الفعاليات الأخرى للشخصية. وكانالغرض الذي يسعى إليه فرويد من هذين السؤالين هو تفسير القلق وتطوره ويقولفرويد " إن القلق ظهر في الأصل كرد فعل لحالة خطر ، وهو يعاود الظهور كلما حدثتحالة خطر من ذلك النوع " ويعني هذا أن القلق ظهر لأول مرة عند الطفل أمام حالةخطر 0 فما هي حالة الخطر هذه ؟هي صدمة الميلاد ، إن عملية الميلاد هذه صدمة يتعرض لها الطفل ،وهي خطر حقيقي يهدد حياته ، إن رد فعل الطفل هنا ليس الخوف ، لأن الخوف يقتضي إدراكالخطر ، والطفل غير قادر عليه ، لذلك نقول إن رد الفعل تجاه صدمة الميلاد هو القلقالأول الذي تعمل فيه العناصر الفسيولوجية عملاً رئيسياً0ثم يخرجفرويد من هذا التفسير إلى فكرة افتقاد الموضوع من جهة ، وتطور القلق لدى الطفل معتطور التفاعل بين فعاليات الشخصية من جهة أخرى 0 فيتحدث أولاً عن ظهور القلق فيالمرحلة القضيبية التي يمر بها الطفل في مراحل نموه 0 ثم يتحدث عن نمو الأنا الأعلىوظهور القلق الخلقي 0 وفي الحالة الأولى ، كما في الحالة الثانية ، هناك خطر يأتيمن افتقاد الموضوع الذي يتصل به الطفل ويكون ذلك داعياً لظهورالقلق. إذن ففرويد يرى أن أصل القلق هو : استجابة قديمة ظهرت لدى الطفل أمامخطر معين هو صدمة الميلاد , ثم يتكرر ظهور هذا الخطر على شكل افتقاد الموضوع فيحالات مختلفة فيتكرر ظهور القلق ، وبذلك يبدو القلق متطورا من حيث هو ظاهرة نفسية ،وهو يلحق بذلك تطور مضمون حالة الخطر ، وهو مضمون يتغير بتغير مراحل الحياة ، فكلحالة خطر تقابل فترة خاصة من الحياة أو مرحلة من مراحل نمو الجهاز العقلي ، وهيتبدو مناسبة في هذه المرحلة. (الرفاعي,2003,ص211)
2- القلق عند هورني :تعتمد كارن هورني Karen Horney ، عددا من حالاتالمخاوف المرضية ، وحالات القلق ، لتذهب في تحليلها إلى رأي في القلق يختلف تماماعن رأي فرويد 0 فهي ترى وجود ثلاثة عناصر أساسية وهي :
- الشعور بالعجز 0- الشعور بالعداوة 0- الشعور بالانفراد أو العزلة 0وترى هورنيأنه من الممكن وضع هذه العوامل في ثلاث فئات ، وأنه من الممكن اعتبارها المصادرالرئيسية للقلق 0أ ) ـ تضم الفئة الأولى أشكال المعاملة داخل الأسرة ، مماينطوي تحت لواء الرابطة العاطفية فانعدام الوفاء العاطفي ، وحرمان الطفل من الحبوالحنان ، ونبذه ، وتركه وحيدا أمام حاجاته والشروط المختلفة المحيطة به ، ووضعهفي موقف من هو عدو تتجه نحوه أشكال مختلفة من سلوك الكراهية والانتقام ، كل هذهتعتبر من أهم مصادر القلق 0ب ) ـ وتضم الفئة الثانية أشكال المعاملة داخل الأسرةمما ينطوي تحت لواء السيطرة والعدالة 0 فالسيطرة القاسية ، وفقدان العدالة فيالمعاملة نحو الأخوة ، والإخلال بالوعود ، وعدم التقدير ونكران الحقوق ، وتمتعقطبي الأسرة بخيرات يمنعان منها القطب الثالث ، وأشكال العقاب المختلفة ، كل هذهالأمور وما هو في بابها مصادر أساسية للقلق كذلك 0ج ) ـ وتضم الفئة الثالثةالمعاملة المنتشرة في البيئة الاجتماعية التي تمتد حول الأسرة ، فالخداع ، والكذب ،والغش ، والحسد ، والعدوان ، والتناقضات الاجتماعية ، وأشكال العنف المختلفة التيينطوي عليها المجتمع حول الأسرة ، كل هذه الحالات تعتبر مصدرا قويا من مصادر القلق0والاتجاه هذا الذي تذهب إليه هورني معناه أننا لا نحتاج إلى تفسيروقائع ميلاد الطفل لفهم ميلاد القلق ، وأن شروط الحياة الواقعية التي يعيشها الطفلفي مراحل نموه تكفي لأن تمدنا بالعناصر التي تعمل على تكوين القلق لديه بصورةتدريجية 0 فالقلق ينبع من شعور الفرد بعجزه وضعفه وحرمانه 0 وهو شعور ينمو تدريجيامع عناصر من تربية الأسرة ، وعناصر من تأثير المحيط الاجتماعي الكبير الذي يحيط بها، ويغذيه ذلك التناقض العظيم الذي تنطوي عليه الحياة في مظاهرها الاجتماعية ،ومظاهرها الطبيعية ، ويدخل في ذلك أيضا عدوان حيوان على آخر ، سواء أكان من نوعه أمكان مختلفا عنه. ( المرجع السابق :212)
3- القلق عند إيريك فروم:إيريكفروم Erich From يجعل من اعتماد الطفل على والديه من جهة ونزوعه إلى الاستقلال منجهة أخرى سبب لأصل القلق ، فالطفل يقضي فترة غير قصيرة من الزمن معتمدا على أمه ،فهو يعتمد عليها في غذائه وأمنه وتنقله ، وهذه الفترة من الاعتماد عليها تقوده إلىالارتباط بقيود أولية ، ولكن الطفل ينزع إلى الاستقلال مع نموه ، ويميل نحو مايسميه فروم بالانفراد ، وكان اعتماده على أمه وكذلك أبيه يوفر له الأمن والطمأنينة، أمّا مواجهة العالم مستقلا فتكشف له عن عجزه وبالتالي يولد لديه القلق ، فهو يشعربالمقاومة والمسؤوليات ويشعر كذلك بعدم كفاية قدراته ، وهكذا يكون القلق الأول وليدشعور الطفل بعجزه أمام ظروف العالم الخارجي حين ينزع إلى الاستقلال والانفراد 0 ولايقف فروم عند هذا الحد بل يضيف عاملا آخر وهو من بين العوامل التي ذكرتها ( هورني ) وهو النقد وعدم الاستحسان الذي يواجهه من أب قاس أو أم شديدة أو مجتمع غير واع إذاأراد القيام بعمل ما مستقلا عن والديه0 وهنا يكبت الطفل رغباته ويمتنع عن بعض مايريد عمله ، وهذا يكون مصدرا لقلقه. 4- أصل القلق عند مي: يرى مي May ، أن القلق إدراك لوجود خطر يهدد قيمة يعتبرها الفرد أساسيةلوجوده من حيث هو ( شخص ) 0 فكل مؤثر ينطوي على خطر من هذا النوع يمكن أن يولد قلقا، ولكن لما كان تقدير التهديد لقيمة أساسية مرتبطا بالخبرة الشخصية ، وكانت الخبرةالشخصية تنطوي على عدد من الظروف والمؤثرات فإن النتيجة التي تلحق بذلك هي أن هناكعددا كبيرا من المؤثرات تستطيع أن تولد القلق ، وهذه ليست كامنة فيها بل هي لاحقةبخبرة الشخص نفسه ، وأي مؤثر يولد القلق يكون في الأصل قد مرّ هو أو ما يشبهه فيخبرة الشخص السابقة أو ضمن ظروف كان فيها يهدد قيمة يعتبرها الشخص أساسية له 0وخلاصة القول نستطيع القول : أن القلق باعتباره استجابة انفعالية لحالة خطر، تلعب في تكوينه عوامل متنوعة نوجزها فيما يلي :
أ) ـ أشهر الطفولة الأولى ،وخاصة صدمة الميلاد ، وغياب الأم عن الطفل ، وعدم إشباع حاجاته. ب ) ـ ظروفالحياة الأسرية والاجتماعية ، وطريقة معاملة الوالدين للطفل وما يواجهه من حرمان وإخلال بالوعود ، وخلافات زوجية ، أو معاملة قاسية ، وكراهية ، وتسلط 0ج ) ـخبرات الفرد الخاصة عندما يصل إلى مرحلة النضج ، وطريقة تفكيره ، وأسلوبه في مواجهةالمواقف. ( الرفاعي,2005 : 214-215)
ثانياً : النظرية السلوكية :
يجمع أصحاب الاتجاه السلوكي على أن القلق سلوك متعلم فهو عبارة عن استجابة خوف مكتسبة، بحيث تقوم بعض العوامل المثيرة للخوف والقلق باستثارة تلك الاستجابة، وعلى الرغم من أن بعضاً من تلك العوامل لا تحدث الخوف أصلاً، إلا أن اقترانها بمواقف مخيفة وقلقة قد اكسبها قوة الإثارة والخوف والقلق .
ثالثاً : النظرية الإنسانية :
يرى أغلب أنصار الاتجاه الإنساني أَن القلق يحدث بسبب الخوف من المستقبل. فالإنسان بطبيعته المتميزة عن سائر المخلوقات يدرك معنى الموت والفناء ويدرك المستقبل المجهول وما قد يحمله من خبرات مؤلمة وفشل أو توقع الفشل في تحقيق طموحاته .. كل ذلك يتسبب في حدوث القلق له. كما يزداد إحساس الفرد بالقلق إذا شعر أن هناك عائقاً يحول بينه وبين تحقيق أهدافه في الحياة ونجاحه سواءٌ كان العائق مرضاً أو عجزاً جسمياً أو مالياً أو تقدماً في السن أو غير ذلك من معوقات. (الليل,2004:ص7)
تصنيف القلق :
يمكن تصنيف القلق النفسي إلى نموذجين:
الأول قلق الحالة : وهو الإحساس بالتوتر الذي ينتاب الفرد حين يكون مقدما على إنجاز ما كأداء اختبار أو التقدم إلى مفاضلة مثلا، أو حين يكون مترقبا لحدث أو خبر.. وهذا النوع طبيعي وينتهي بانتهاء المثير ويمكن أن يطلق عليه القلق الإيجابي على اعتبار أنه يمثل دافعا لتحقيق إنجاز أو طموح من خلال السعي والسعي الجاد وتقدير المسؤولية تجاه عديد من المهام الحياتية.
الثاني قلق السمة : أي أن القلق يعد سمة تميز شخصية الفرد وتحكم عليه بأنه صاحب شخصية قلقة ومتوترة، وتلازمه مشاعر القلق في عديد من المواقف التي يدركها ويتعامل معها على أنها عوامل خطرة وتهدد أمنه واستقراره. ( الشويعر,2005:ص11)
- والجدول التالي يوضح الفروق بين حالات قلق الحالة و قلق السمة :
قلق الحالة state anxiety
قلق السمة trait anxiety
- يحدث لبعض الوقت فقط.
- يحدث معظم الوقت.
- تولّده المواقف الصعبة والمهددة.
- تولده كل المواقف الصعبة و السهلة.
- يدوم لفترات قصيرة ثم يزول .
- يدوم لفترات طويلة ولا يكاد يزول.
- تأثيره على التعلم محدود و بسيط.
- تأثيره على التعلم خطير ومستمر.
- لا يحتاج إلى ترتيبات واحتياطات من المعلم .
- لا بد من إعداد ترتيبات و احتياطات معينة .
( العتوم وآخرون,2005: 190)
حالات القلق :
وضح بعض الباحثين في علم النفس التربوي تأثير حالات القلق في الأداء الصفي كما يلي :
تخيل أنّك لا تهتم إطلاقا ًبمادة العلوم ولا تشعر بأي درجة من القلق نحو هذه المادة.
ماذا ستكون تصرفاتك نحوها ونحو معلمها ؟
إنك بلا شك سوف لن تدرس إطلاقاً على امتحاناتها ولن تهتم بإنهاء واجباتها وتسليمها للمعلم. بل ربما لا تشتري كتاب العلوم أو لن تحضره معك إلى غرفة الصف أو قد لاتحضر أنت إلى حصة العلوم , وحتماً سوف لن تحصل على علامات عالية في هذه المادة .
لكن مقداراً بسيطاً من القلق قد يكون مفيداً للتعلم وزيادة الاهتمام بالمواد الدراسية. هذا المستوى من القلق يسمى عادة القلق الميّسر لأنه يسمح للطلاب بالتحرك نحو تحقيق أهدافهم و النجاح فيها: فيذهبون إلى الصف, ويقرأون الكتب المقررة, وينجزون الواجبات, ويحضرون للاختبارات , ويتأملون بإجاباتهم بدل أن يتسرعوا في الإجابة بدون تفكير فيها.
إلا أن المقادير الكبيرة من القلق تعيق الأداء الصفي الفعال,مكونة ما يسمى القلق المدّمر, مما يؤدي إلى تشتت انتباه الطلاب وصرفه عن المهمة التي يحاولون إنجازها. ويوضح الشكل التالي العلاقة بين مستوى القلق ومستوى الأداء الصفي, وهو ما يعرف بقانون " ييركس – دودسن "
الأداء الصفي
_ مرتفع
_ متوسط
_ منخفض
مستوى القلق
مرتفع متوسط منخفض
- متى يتوقف القلق أن يكون ميسراً و يبدأ بإعاقة الأداء الصفي وتدميره؟
الإجابة عن هذا السؤال ليست سهلة وبسيطة, لكن بشكل عام , فإن المهام السهلة جداً(أي التي يقوم بها الطلاب دون تفكير يذكر)تسهلها المقادير العالية من القلق. أما المهام الصعبة جداً(أي التي تحتاج إلى تفكير عميق) فإنها تحتاج إلى مقادير متوسطة فقط من القلق حتى يتم إنجازها بنجاح. ويتلخص الأثر الضار للمستويات العالية من القلق في عدد كبير من الأشياء اللازمة للنجاح في التعلم والأداء وهي :
أثر المستوى العالي من القلق : - صعوبة في الانتباه للتفاصيل المهمة.
- ضعف في معالجة المعلومات.
- عدم القدرة على التعبير عن التعلم والمهارات.
- تدني في الأداء والتحصيل الصفي.
- تدني في استيعاب المفاهيم الجديدة وحل المشكلات.
( المرجع السابق:190- 191)
مصادر القلق :
مصادر القلق كثيرة ومتنوعة , فقد يكون مصدره الارتباط بين المثير المقلق وبين موقف يثير القلق ( كما هو الحال في نظرية بافلوف في الإشراط الكلاسيكي ). فعندما ترتبط الرياضيات عند طالب معين بالفشل الدائم والإحباط. فإن الطالب يطور قلقاً عالياً من الرياضيات نتيجة لهذا الارتباط. وكذلك الحال في قلق الطالب من الامتحانات إذا كانت دائما ًترتبط بمشاعر الخزي والإذلال. ومن هنا يتوجب علينا كمعلمين أن نتأكد من عدم زج الطلاب في أنشطة صفية مهمة حال وجودهم في ظروف مثيرة للقلق المرتفع.
وهناك من يرى في هذا السياق ضرورة التفريق بين التهديد والتحدي ,فالموقف المثير للتهديد هو موقف يعتقد الطالب أن فرص النجاح فيه محدودة . أما الموقف المثير للتحدي فهو موقف يعتقد الطلاب أن النجاح فيه أمر ممكن إذا بذلوا مقدارا ًمن الجهد ,مع وجود احتمالية الفشل. فإذا شعر الطلاب أنهم في موقف مثير للتهديد وأن فرص نجاحهم محدودة أدى ذلك إلى ارتفاع وتيرة القلق المر (أو المعطل). أما إذا كان الموقف مثيراً للتحدي فإنهم يكونون ميّالين لبذل أفضل ما عندهم من جهد ويشعرون بالرضا والمتعة عندما ينجحون فيه. وعندما ننظم البيئة الصفية بشكل محدد تماما ًونقلل مستويات الغموض والتهديد, فإن ذلك كله يقود إلى أداء أفضل وتعلم أكاديمي أحسن. إن البيئات الصفية الواضحة الملموسة تيسر التعلم, وتخفف قدر الإمكان من القلق المعطل وبالتالي تزيد من مستويات الإنجاز والتحصيل.
بعض مصادر القلق عند الطلاب:
- المظهر الجسمي: الخشية من السمنة المفرطة أو النحافة الزائدة.
- تصورات الآخرين وأحكامهم: خوف الطالب من أن لا يكون مقبولاً أو أن يكون منبوذاً من زملائه في الصف.
- الاختبارات الصفية والمقننة: خشية الطلاب من التفكير في التقدم للامتحان.
- المواد الدراسية الصعبة: الرهبة من حل مسائل الرياضيات وتعلم المفاهيم الرياضية.
- المواقف الجديدة: الخوف من الانتقال إلى مدرسة جديدة أومن المرحلة الأساسية إلى الثانوية.
- المواقف المهددة لتقدير الذات: الرهبة من أداء المهام الصفية بشكل خطأ أو غير تام.
( المرجع السابق,192)
القلق والخوف : :
بالرغم من أنهناك صعوبة في التمييز بين الخوف والقلق بسبب التشابه بينهما ، إلا أن هناك أوجهاختلاف ، خاصة بين القلق الموضوعي والخوف ، ويمكن أن نوضح ذلك من خلال الجدول التالي: ( www.elazayem.com (http://www.elazayem.com/) )
أوجه الشبه بين القلق والخوف
أوجه الاختلاف بين القلق والخوف
(1)ـ كل من الخوف والقلق حالةانفعالية.
(2)ـ كل من القلق والخوف يستثار بالشعور بوجود خطر يتهدد الفرد.
(3)ـ كل منالقلق والخوف إشارة تدعو الشخص إلى العمل من أجل الدفاع والمحافظة على البقاء.
(4)ـ كل من القلق والخوف مرافق بعدد غير قليل من التغيرات الفسيولوجية المتماثلة مثل الاضطراب في التنفس والدورة الدموية ، والعصارات المعدية .
(5)ـ منالممكن في القلق أن يبدأ مع إشارة خطر توجد في المحيط الخارجي ، ويكون من النوعالذي يستطيع استثارة الخوف 0
(6)ـ يمكن في الخوف أن يكون أحيانا أشد مما يستدعيهموضوع الخطر ، وأن ينقل الشخص إلى حالة من القلق ضعيفة أو شديدة ، وبذلك يشبه القلق
(1)- يكون موضوع الخوف معروفا ومدركا من الشخص ، بينما في القلق لا يكون هذا الأمر علىهذا الشكل دائما.
(2)ـ في الخوف يكون موضوعه موجودا في العالم الخارجي ، بينمالا يصدق ذلك في كل أشكال القلق
(3)ـ إذا صادف وكان مثير القلق موجودافي العالمالخارجي ، فإن وضوح الخطر فيه لا يكون معادلا لوضوح الخطر الظاهر في حالة الخوف
(4)ـ في حالة القلق يكون الخطر موجه إلى كيان الشخصية ، والأكثر ألا يكون الشعوربالتهديد في حالة الخوف بمثل هذه الشدة والتعميم 0
(5)ـ في حالة القلق يشعر الشخصبالعجز تجاه المصدر المجهول ، بينما لا يكون هذا الشعور بالعجز في حالة الخوف 0
(6)ـ تصاحب القلق والخوف تغيرات فسيولوجية متعددة ، ولكن الآثار التي يتركهاالقلق في الجسد أقوى عمقا من الآثار التي يتركها الخوف 0 وكثيرا ما تكون هذه الآثارخطرة 0
(7)ـ الخوف من مؤثر ما عادة لا يتكرر إذا لم يظهر المؤثر ، بينما يتكررظهور القلق ، ويبدو أن في ذلك تدخل عدد من العوامل النفسية 0 إضافة إلى أن حالةالخوف تكون عابرة ومؤقتة ، بينما القلق أكثر طولا في بقائه 0
ظواهر القلق :
1- محاولة الإنسان التغلب على قلقه وتخوفه من خلال تصرفات وسلوكيات لم يكن يقوم بها من قبل مثل العصبية الزائدة أو الهدوء الزائد، الصراخ، العدوانية وغيرها من السلوكيات السلبية التي لم يكن يقوم بها من قبل.
2- الاتكاليه- عادة ما يحاول الشخص الذي يشعر بالقلق بان يهرب من قلقه من خلال الاتكاليه على الغير وعادة هذه الظاهرة تكون موجودة وبارزة عند الأطفال أكثر منها عند البالغين.
3- التعمد بالابتعاد عن المواقف التي تتطلب منا اتصالا اجتماعيا والبعد عن الفعاليات الاجتماعية.
4- الشرود، قلة التركيز والانتباه .
5- أعراض جسدية مثل الشعور بالألم في البطن، الرأس والنوم العميق.
6- الانطواء والابتعاد عن الأصدقاء.
مظاهر القلق :
للقلق مظهران أساسيان هما:1ـ المظهر الدافعي الإيجابيالذي يتضمن دفع الفرد إلى التقدم والإنتاج والعمل الجدي المفيد له ولمجتمعه.2ـ المظهر الإحباطي السلبي الذي يتضمن إعاقة الفرد عن العمل والإنتاجوالتقدم . ويعتبر هذا النوع من القلق مرضي وينبغي السيطرة عليه والتخلص منه .( www.arabnat.ws
أنواع القلق النفسي:
ذهب مجموعة من علماء النفس إلى محاولة حصر أنواع القلق النفسي حسب ضوابط نفسية معينة، وبحسب خطرها على الفرد، وجاء التصنيف كما يلي:
(1)- الرهاب الاجتماعي: وهو الخوف من شيء معين، ومنه عدة أنواع مثل: رهاب لمنظر الدم، رهاب الإبر، رهاب الأماكن العالية، ويعتبر أكثر الأمراض النفسية شيوعاً، وأشدها تأثيراً على حياة الإنسان.
ويُعرف الرهاب الاجتماعي بأنه: هو خوف الشخص من التجمعات والمجالس التي يتواجد بها أناس غرباء وذلك لإحساسه بخوف من حدوث شيء يسبب له الإحراج والفشل، فيبدأ بتجنب حضور تلك المناسبات الاجتماعية.
(2)- الهلع: وهو قلق نفسي حاد يتميز عن غيره من الأنواعبشده الأعراض وحدوثها فجأة دون سابق إنذار، مع الشعور بأن المريض سوف يموت في هذهاللحظة وقد تتطور الحالة إلي تجنب المواقف التي حدثت فيها أعراض الهلع، فمثلاًً إنحدثت في الشارع يتجنب المريض الخروج إلي الشارع، حيث تسيطر عليه فكرة أن الموتسيدركه ولن يكون هناك منفذ له (بارلو,2005 :ص5) (3)- الخوف الشديد:جميعنا نشعر بالخوف في بعض الأحيان، ولكن الخوف الشديدالمرضي يكون المريض نفسه مدرك بعدم جدواه، أنه لا يستحق هذا الكم من الخوف ولكنه لايستطيع التحكم في هذا الخوف، وعادة ما يكون الخوف مرتبط بأشياء معينه أو أنشطةمحددة أو أحياناًً مواقف بعينها قد يكون هذا الخوف بدرجة عالية بحيث يجعل الإنسانيتجنب هذه المواقف أو الأماكن مما يؤثر بصورة سلبية علي حياته العملية. فمثلاًإذا كان الخوف من التحدث أمام الأغراب أو أشخاص لا يعرفهم الإنسان ويؤثر بصورةسلبية علي حياته الاجتماعية مما يؤدي به إلي الانطواء.
(4)- الوسواس القهري:هو عبارة عن فكرة أو خيال أو رغبة تأتي بصورة متكررة على التفكير رغم إرادة الشخص , يحاول طردها ولا يستطيع وعادة تكون مزعجة وتسبب القلق للشخص وتؤدي إلى حدوث مقاومة لديه مثال على ذلك: يدخل فجأة إلى تفكير الشخص أنه يديه متسختين يحاول مقاومة الفكرة , لا يستطيع, يغسل يديه يرتاح, قليلاً لتعاوده الفكرة من جديد وهكذا. من الممكن أن تكون هذه الوساوس معطلة لحياة المصاب في الحالات الشديدة. (الريماوي وآخرون,2006: 646)
(5)- القلق النفسيالعام:وهو حالة من القلق المستمر الزائد عن الطبيعي يشعر به المريض بصورةمزعجة، لا يستطيع معها التكيف أو القيام بأعماله اليومية أو المشاركة في الحياةالاجتماعية. يكون هنا المريض في حالة قلق – عصبية – كثير الاهتمام بالأمورالصحية والعائلية – دائم التوقع السيئ ويستثار من أقل مؤثر خارجي أو داخلي – لهردود أفعال عصبية وعنيفة غير متناسبة مع حجم الفعل الأساسي. (المرجع السابق:647)
أنواع القلق عند فرويد:يرى فرويد أن القلق نوع من الخوف ، ولكنهغامض وغير محدد ، ويرى أن الإشارة فيه يمكن أن تأتي من العالم الخارجي ، وقد تلتصقبالعالم الخارجي ، وقد تكون تعبيرا عن غضب الأنا الأعلى أو عقابه 0 ومن هنا يقسمفرويد القلق إلى ثلاثة أنواع وهي:
1ـ القلق الموضوعي: Objective Anxiety وهو عبارة عن رد فعل يحدث الفرد عند إدراكه خطرا خارجيا واقعا أوسيقع بعد وجود إشارة تدل عليه 0 وظروف هذا النوع من القلق تأخذ دلالتها الأساسية منمعرفة الشخص وخبراته السابقة 0 ومثال ذلك : قلق البحار الخبير حين يرى سحابة صغيرةتظهر في الأفق ، ويقدر حينئذ استنادا إلى خبرته الشخصية أنها نذير إعصار شديد ( ياسين وآخرون,1997: 161) 2ـ القلق العصابي Neurotic Anxiety :والقلق العصابي هو قلقشديد لا تتضح معالم المثير فيه ، وهو يبدو على شكل خوف من مجهول ، وصاحبه يلقياللوم على أكثر من مؤثر واحد من دون أن تكون الصلة واضحة أو واقعية بين حالة القلقوالمثير 0 والقلق العصابي كما يراه فرويد يمكن أن يكون حالة عامة تتكرر ويسميهاحالة القلق الطافي، ويمكن أن يأخذ شكل ردود خوف مرضي، ويمكن أن يكون حالة من الشعور بالتهديد ترافق اضطرابا نفسيا مثلالهستيريا 03ـ القلق الخلقي Moral Anxiety :
يكون مصدر الخطر في هذاالنوع هو احتمال غضب الأنا الأعلى ، ويغلب فيه أن يأتي نتيجة حكم الأنا الأعلىبارتكاب الشخص ذنبا ، ويُحتمل فيه كذلك أن يكون نتيجة إحباط لأمر موجود بين مكوناتالأنا الأعلى 0( ياسين وآخرون,1997: 163- 164)
- وهناك من يصف نوعان للقلق :
النوع الأول ( القلق خارجي المنشأ ) : أو القلق المستثار فهو الذي يخبره الناس في الأحوال كرد فعل على الضغط النفسي أو الخطر, عندما يستطيع الإنسان أن يميز بوضوح شيئاً يتهدد أمنه أو سلامته: كأن يصوب لص مسدساً أو كأن تفشل كوابح ( فرامل ) السيارة. فهو عندئذ يشعر بالاضطراب والارتجاف. فيجف ريقه , وتعرق يداه وجبهته ,وتزيد نبضات قلبه. ويعاني الخوف العقلي والقلق. وأغلب الناس أحسوا بهذه المشاعر في أوقات الخطر أو الضغط. وكذلك إذا تعرض أحد الناس مرات متكررة للهجوم عليه أو الخوف في موقف معين , فإنه يتعلم الإحساس بالخوف كلما واجه هذا الموقف , وتلك استجابة دفاعية عادية . فإذا عقر كلب شرس أي إنسان مرات عديدة فسرعان ما يصير حذراً من الكلاب خائفاً عند رؤيتها.
فالقلق خارجي المنشأ تعني الشيء الذي ينشأ أو ينتج من الخارج . أي أن المصطلح يتضمن فكرة معينة هي أن الفرد يستطيع أن يميز دائماً مصدراً مقبولاً يبرز هذا النوع من القلق عند حدوثه.
النوع الثاني ( قلق داخلي المنشأ ) : فهو الذي لم يخبره الناس من قبل , وتتكاثر الآن دلائل توحي بأن حالات القلق من هذا النوع الثاني إنما هي مرض. ويبدو أن ضحاياه قد ولدوا باستعداد وراثي له وهو يبدأ عادة بنوبات من القلق تدهم المصابين فجأة أو بغتة , دون إنذار أو سبب ظاهر. فأحياناً يبدو أن أعضاء مختلفة من الجسم قد أفلت زمامها, فقد يحدث أن تزيد دقات القلب أو يحس المصاب بالدوار أو الاختناق و تقاصر النفس حتى عند غياب أي ضغط أو خطر ظاهر. وهذا ما يجعل هذا المرض مختلفاً عن القلق السوي الآخر.
فالمشكلة المركزية هنا تنبع من مصدر ما داخل جسم الفرد, بدلاً من صدورها كاستجابة لموقف من خارج الإنسان , كما أن مرض القلق هذا له حياته الخاصة به مثل سائر الأمراض وهو يجرّ على أصحابه الشقوة و المعاناة .(شيهان,1988: 17- 18)
أعراض القلق :
أولاً : إحساس شديد بالقلق والانزعاج (الكدر) مَعَ توقُّعِ الشرِّ.
يحدث ذلك للفرد أغلب الأوقات وخلال فترة لا تقل عن ستة أشهر ويكون سببه واحداً , أو مجموعة من الأحداث والأنشطة المتعلقة بالجانب المهني أو المدرسي مثل التحصيل الدراسي.
ثانياً : يجد الفرد صعوبة في السيطرة على القلق.
ثالثاً : يرتبط كل من القلق والانزعاج بثلاثة , على الأقل أو أكثر من الأعراض التالية مع ملاحظة أن واحداً من هذه الأعراض يعتبر كافياً في حدوث ذلك بالنسبة للأطفال، مع الإشارة أيضاً إلى أهمية الأعراض خلال الشهور الستة الأخيرة من ملاحظتها على الشخص. وهذه الأعراض هي :
1- الإحساس بالتململ والتعب وشعور الشخص أنه على حافة الهاوية والسقوط.
2- الإحساس السريع بالإجهاد والإرهاق.
3- الصعوبة في التركيز والشعور بالفراغ الذهني.
4- الهيجان الشديد.
5- توتر العضلات وشدها.
6- اضطراب النوم سواءٌ في ذلك صعوبة الدخول فيه أو الاستمرار فيه أو الاستمرار
بارتياح فيه.
رابعاً : عدم حصر القلق والانزعاج في ملامح الاضطراب المذكورة في المحور الأول، ذلك أَنهما عَرَضانِ في الوقت نفسه من أعراض بعض الاضطرابات الأخرى مثل: الهلع والخوف الاجتماعي والوسواس القهري وفقدان الشهية العصبي والتوهم المرضي.
خامساً : إن القلق والانزعاج أو الأعراض الجسمية كل ذلك قد يتسبب في حدوث التوتر والضيق بالنسبة للفرد وذلك في أثناء نشاطه المهني والاجتماعي وغير ذلك من الأنشطة التي يمارسها.
سادساً : حدوث هذا الاضطراب لا يرجع إلى تَأَثُّرِ الشخص بالأدوية أو بالمواد المخدرة أو من اضطرابات النمو والاضطرابات المزاجية والعقلية أو بِسَبَبِ الظروف الطبية العامة مثل فرط إفراز الغدة الدرقية.
الأعراض القلق الفيزيولوجية الأساسية هي:
- ضربات قلب سريعة وعنيفة.
- تصبب العرق.
- ارتعاشالأطراف.
- عدم القدرة علي التنفس بشكل طبيعي.
- إحساس بالاختناق.
- غثيانوآلام بالبطن.
- دواروشعور بعدم توازن.
- الشعور بعدم القدرة علي التحكم وأنالمريض سيفقد عقله أو يموت.
- تنميل في الأطراف.
- رعشة فجائية وحدوث نوباتسخونة بالجسم. بما أن هذه الأعراض تحدث فجأة وبدون سبب محدد فإن أغلب المرضىيشعرون كأنها ذبحة صدرية.www.jedgifted.org
الأسباب العامة للقلق :
يمكن إيجازها على النحو التالي :
1- أسباب وراثية : ويقصد بها استعداد الفرد للإصابة بالقلق. فقد وجد Notes et al (نقلاً عن عبد الرحمن، 2000م) أن هناك نسبة عالية لاضطراب القلق العام (المعمم) بين الأشخاص الذين تربطهم صلات القربى وذلك مقارنة بالاضطرابات الأخرى. كما أشار المصدر نفسه إلى أن نسبة إسهام العوامل الوراثية يتراوح بين 19 و 30% من بين العوامل الأخرى.
2- أسباب بيئية : وتشمل جميع العوامل التربوية والنفسية والاجتماعية والمهنية وغيرها، وما يحدث فيها من خبرات مؤلمة وَمُحْبِطَة وحرمان ومعاملة سيئة.
الليل ,2005:ص50)
- وإذا تحدثنا عن أسباب القلق العام لا بد من التأكيد على نظرية العوامل العضوية النفسية والاجتماعية في فهم الاضطرابات النفسية. وتبين الدراسات الحديثة تأثير العوامل العضوية في نشوء حالات القلق العام وبشكل أوضح نوبات الهلع, فمن الناحية الوراثية تبين أن 25% من أقارب الدرجة الأولى للمريض لديهم نفس الاضطراب. كما تصل نسبة إصابة التوائم وحيدة البيضة إلى خمسة أضعاف إصابة التوائم ثنائية البضة.
وتشير إحدى النظريات العضوية إلى وجود حساسية خاصة في جذع الدماغ لغاز ثاني أوكسيد الكربون (co2) وهي حساسية مزمنة تؤدي إلى فرط التنفس المزمن ( سرعة التنفس وسطحيته )
وقد تبين بالتجربة أنه إذا كان هواء الغرفة مشبعاً بنسبة 5% من غاز(co2) فإن ذلك يؤدي إلى حدوث نوبة هلع في الأشخاص المهيئين لهذه الاضطرابات.
وتتفاوت الفرضيات العضوية في تأكيدها على أهمية منطقة معينة من الدماغ من حيث زيادة نشاطها أو وجود نقص في أحد الخمائر الدماغية وغير ذلك في علاقتها بنشوء القلق, وربما تكون منطقة اللطخة الزرقاء (locus coerrolous ) هي المسؤولة عن إفرازات دفعة من مادة الأدرينالين المولدة للقلق.
وبشكل عام لا يوجد إلى الآن تفسير قاطع وواضح حول آلية حدوث نوبة الهلع وسبب الخلل العضوي الكامن وراءها. ولكن الدراسات الحديثة والتطورات التقنية تبشر بفهم أعمق وواضح لماهية القلق وأسبابه العضوية.
- وإذا تحدثنا عن الأسباب النفسية نجد أن هناك عدة أمور أساسية مثل ما يسمى
(بقلق الخصاء,castration anxiety) والذي يحسه الشخص في أعماقه على شكل خطر وتهديد من رموز السلطة الأبوية. وهو ينتج عن أسباب تربوية تؤدي بتلإنسان إلى الشعور بالتهديد والقلق عندما يحاول أن يثبت ذاته أثناء حله لمشكلة أو موقف صعب يعوضه لقلق الفشل والشعور بالضعف والقصور.
وهناك قلق الانفصال ( separation anxiety ) والذي يبدأبشكل خوف من الذهاب إلى المدرسة في سن الطفولة وفيما بعد يظهربشكل نوبات هلع يغادر الإنسان منزله ويسافر بعيداًعن أهله وعلاقاته المهمة. ويرتبط بذلك التعقيدات النفسية والحرمانات والآلام التي يتعرض لها الإنسان خلال مرحلة الاستقلال والانفصال في نموه النفسي ,مما يترك في التفس جروحاً وحساسية خاصة لكل ما يذكر بالاستقلال و الانفصال حيث تنمو لديه صفات الاعتمادية على الآخرين وأعراض الهلع المتكررة .
- وتفيد نظريات التعلم السلوكي في فهمنا أيضاً لأسباب القلق ,وهي تتلخص في أن الإنسان قد تعلم أن ازدياد دقات القلب مثلاً مرتبط بحدوث الخطر الشديد مهما كان سبب هذا الازدياد ,ويؤدي ذلك إلى ارتباط الخوف والقلق بالظرف المؤلم وبالتالي بتوقع الخطر.
( المالح,2001,ص30-31)
- وتلعب العوامل الاجتماعية والتربوية دورها في ازدياد الشعور بالخطر وعدم الأمان من خلال الحروب و الكوارث الاضطرابات الاجتماعية وأحوال الحياة وتناقضاتها وتغيراتها الحادة ,إضافة للتنافس الشديد والتربية القاسية والحرمانات ,مما يزيد في حساسية الجهاز العصبي والنفسي ,وأيضاً الحساسية لإشارات الخطر وهذا يزيد في حدوث القلق العام ,وكما هو معروف فالعصر الحديث هو عصر القلق ,ونمط الحياة الحديثة يغذي القلق ويشجعه مقارنة مع نمط الحياة البسيطة . (المرجع السابق,ص32)
بعض أشكال القلق :
1- قلق الموت.
2- القلق الاجتماعي.
3- القلق الامتحاني.
ومن خلال هذا البحث سنتناول أحد هذه الأشكال ( القلق الاجتماعي ).
القلق الاجتماعي :
ويقصد بالقلق الاجتماعي بالخوف غير المقبول وتجنب المواقف التي يفترض فيها للمعني أن يتعامل أو يتفاعل فيها مع الآخرين ويكون معرضاً بنتيجة ذلك إلى نوع من أنواع التقييم. فالسمة الأساسية المميزة للقلق الاجتماعي تتمثل في الخوف غير الواقعي من التقييم السلبي للسلوك من قبل الآخرين والتشوه لإدراكي للمواقف الاجتماعية لدى القلق اجتماعياً. والمعنيون غالباً ما يشعرون بأنهم محط أنظار محيطهم بمقدار أكبر بكثير مما يعنونه أنفسهم لهذا المحيط، ويتصورون أن محيطهم ليس له من اهتمام آخر غير تقييمهم المستمر و بطبيعة الحال فإنهم يتصورون دائماً أن التقييم لابد وأن يكون سلبياً. أما النتيجة فهي التضخيم الكارثي للعواقب الذي يتمثل مثلاً من خلال التطرف في طرح المتطلبات من الذات بحيث يتحول أدنى خطأ يرتكبه المعني إلى كارثة بالنسبة له تغرقه في الخجل وتعزز ميله للانسحاب.
مكونات القلق الاجتماعي:
ويفرق المتخصصين بين المكونات التالية للقلق الاجتماعي:
- قصور في مجال المهارات الاجتماعية،
- اتجاهات سلبية أو غير سوية للشخص تجاه نفسه،
- مركب من الخوف الاجتماعي والكف مصبوغ بدرجة عالية من المظاهر الانفعالية والفيزيولوجية.
وهناك اختلاف في تقدير نسبة انتشار المخاوف الاجتماعية في المجتمعات الغربية، إذ تقدر النسبة بين 1,2% و 2,2% (انتشار ستة أشهر) في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويشير الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع DSM-IV إلى نسبة تقع بين 3% و 13% (انتشار مدى الحياة)، ويقدرها أغراس (Agras,1990) بنسبة 1.5% و وبولارد وهندرسون (Pollard & Henderson, 1988) بنسبة 2.0%، في حين تبلغ نسبة القلق الاجتماعي بين 10% -20% من اضطرابات القلق ككل، وتزيد نسبة الانتشار بين النساء عن الرجال، غير أنه في غالبية العينات الإكلينيكية تشير النتائج إلى تساوي التوزع الجنسي أو غلبة نسبة الذكور عن الإناث. وغالبية المرضى من العزاب أو من الأشخاص الذين لا يمتلكون شريكاً ثابتاً ويقدر سن بدء الاضطراب بين سن 15- 20 عاماً، وهي المرحلة النمائية التي تواجه الفرد بمطالب جديدة، وتفرض عليه أدواراً حياتية مختلفة، وتتطلب من الفرد مزيداً من الاستقلالية والثقة. ويتحدث "راينكر" عن هذه المرحلة بصفتها "الطور الحساس" في نشوء المخاوف الاجتماعية.
ومن ناحية التصنيف المرضي يتم التمييز بين شكلين من المخاوف الاجتماعية، يسمى الشكل الأول بالخوف الاجتماعي الأوليPrimary الذي يتصف بحدوث ردود فعل الخوف في مجال واسع من المواقف الاجتماعية، ويسمى الشكل الثاني الخوف الاجتماعي الثانوي Secondary حيث لا يتصف هذا الشكل من المخاوف بالخوف من المواقف الاجتماعية في حد ذاتها، وإنما يتميز بنقص في المهارات الاجتماعية للشخص مما يؤدي إلى الخوف. والأشخاص من النمط الثاني لا يعرفون مثلاً كيف يبدؤون محادثة أو ينهونها أو كيف يتصرف الإنسان في موقف معين. ويعانون من مشكلات في التعامل مع الآخرين ويظهر لديهم سلوك تجنب واضح للمواقف الاجتماعية. الأمر الذي يقود إلى أن يعيشوا منعزلين وغير سعداء ومكتئبين. والأشخاص من هذا النوع غالباً ما يكونوا خجولين جداً. أما الأشخاص الذين يعانون من الخوف الاجتماعي الأولي فيظهر القلق لديهم في مواقف اجتماعية خاصة على الرغم من امتلاكهم للمهارات الاجتماعية اللازمة و ليس بالضرورة أن يكون الخجل موجوداً لديهم. ويغلب أن تظهر لدى هؤلاء ردود فعل فيزيولوجية واضحة عند مواجهتهم بالموقف المخيف بالنسبة لهم.
وبهذا المعنى يتحدث الدليل الأمريكي التشخيصي الرابع عن نوع خاص وآخر معمم من القلق الاجتماعي، مع الإشارة إلى أن النوع المعمم من القلق يشبه القلق الثانوي الموصوف أعلاه.
مستويات ظهور القلق الاجتماعي :
ولو حاولنا التفريق بين المستويات التي يظهر فيها القلق الاجتماعي لوجدنا -كما هو الحال بالنسبة للقلق واضطراباته بشكل عام- أن القلق الاجتماعي يظهر وفق ثلاثة مستويات:
- المستوى السلوكي: ويتجلى في سلوك الهرب من مواقف اجتماعية مختلفة وتجنبها كعدم تلبية الدعوات الاجتماعية والتقليل من الاتصالات الاجتماعية…الخ.
- المستوى المعرفي: ويتمثل في أفكار تقييمية للذات، وتوقع الفضيحة أو عدم لباقة السلوك، والمصائب والانشغال المتكرر بالمواقف الاجتماعية الصعبة أو المثيرة للقلق، وعما يعتقده الآخرون حول الشخص نفسه، والقلق الدائم من ارتكاب الأخطاء…الخ.
- المستوى الفيزيولوجي: و يتضح من معاناة الشخص من مجموعة مختلفة من الأعراض الجسدية المرتبطة بالمواقف الاجتماعية المرهقة بالنسبة له، كالشعور بالغثيان والأرق والإحساس بالغصة في الحلق والارتجاف والتعرق…الخ.( البطانية وآخرون,2007: 480- 481)
القلق وراثة وصناعة :
أ- الاستعداد الطبيعي والتهيؤ الوراثي .
ب- التعلم الاجتماعي .
ج- الضغوط أو الصدمات أو الهزات الانفعالية .
صناعة القلق :
- القلق والأمراض تنتشر بكثرة في مرحلة المراهقة وتقل في الرشد والشباب ثم ترتفع في الشيخوخة .
- ينتشر بين الإناث أكثر منه لدى الذكور .
- العناية بالأبناء بدرجة مبالغ فيها، يؤدي إلى فقد الابن ثقته في نفسه .
- الإسراف في التدليل، حيث يولد الشعور بالحاجة إلى الآخرين .
- تعرض الطفل لأمراض وإصابات .
- شخصية الأبوين (التقبل ، الحب والضبط ، مشاعر الذنب ، العداوة ) .
- التعلم الاجتماعي .
- الأزمات الاجتماعية والخبرات الصدمية (التوترات، الحروب ، ... ) .
الأخطاء السلوكية التي تمارسها الأسر الصانعة للقلق :
- مقارنة الابن بالآخرين .
- تذكيره بأخطائه ونقاط ضعفه .
- التحقير من شأنه .
- حياتك من غيرنا صعبة (لسان حال الأبوين).
- التصرفات والسلوك الخاطئ عند الأزمات .
- عدم استقلالية الابن .
- التخويف المستمر من العالم والمستقبل .
- العقاب المستمر عند الخطأ .
- العزوف عن الحوار والتركيز على النقد .
- الشكوى الدائمة من الظروف الحياتية .
- ادرس لكي تصبح مهندساً كبيراً .
- الدفع المستمر للمنافسة .
- إثارة أهداف غير واقعية .
علاج القلق :
1- الكف بالنقيض : التعريض تدريجياً لما يثير الخوف، في الوقت نفسه تُقدم استجابة محببة للنفس .
2- توكيد الذات : لتنمية مشاعر الثقة بالنفس .
3- العلاج بالتعريض : مواجهة المواقف المثيرة للقلق (ركوب المصعد ، الخوف من الكلب) . 4- العلاج المعرفي : يعتمد على توسيع أفق المعرفة والفهم لحل المشكلات .
5- العلاج النفسي : يقوم على تذكر الصراعات في اللاوعي من النفس، للتحرر من تأثيرها
6- العلاج بالاسترخاء .
7- بناء هرم القلق .
8- النمذجة : ملاحظة من يتعامل بنجاح مع المثيرات التي تهدد المريض ، المواجهة حيث أن لها نتائج إيجابية.
9- العلاج الدوائي : لا يُحبذ استخدامه وهو أقل تأثيراً ولا بد أن يصاحب العلاج النفسي . www.sehha.com
عوامل الخطر المرتبطة باضطراب القلق :
أشارت الدراسات إلي العديد من عوامل الخطر أو العوامل المرتبطة باضطراب القلق والتي تساهم في تشكيله مثل : خصال الفرد ( متضمنا مزاج الطفل ، القابلية للتشويه المعرفي ، و نمط التعلق ) ، و خصال الآباء ( متضمنا القلق الوالدي والمتغيرات الوالدية ذات التأثير ) ، وتأثير الأصدقاء (طبيعة العلاقات الاجتماعية) ، و أحداث الحياة المثير للمشقة .
*- الخصال الشخصية للفرد:
هناك بعض الأشخاص الذين يكون مزاجهم الشخصي هو أحد عوامل الخطر للإصابة بالقلق .فالمزاج temperament عند الأطفال قد تمت دراسته من خلال العديد من الدراسات التي تهتم بأسباب الأمراض . ففي الدراسات للأطفال ذوي الأعمار 7-16 عام وجد Rapee & Szollos (1997) مقارنة بأمهات لأطفال غير القلقين أن أمهات الأطفال القلقين قرروا أن أطفالهم كانوا وبشكل دال أكثر عددا وشدة في نوبات البكاء ، ومشكلات في النوم، والإحساس بالألم ، وأكثر ثرثرة في السنة الأولي من العمر . وبالإضافة إلي ذلك أشارت الأمهات إلي أن أبنائهم كانوا أكثر خوفا من لحظة الميلاد حتى السنة الثانية من العمر .ويجدون صعوبة في تهدئه أنفسهم بعد المواقف المثيرة للمشقة .
ومن العوامل الأخرى المرتبطة باضطراب القلق ما يلي : الكف السلوكي Behavioral Inhibition، وعلامات المزاج الغير معتدل مثل حدة الطباع وسرعة التهيج لدي الرضيع والمخاوف في مرحلة بدايات المشي والخجل والحذر والانسحاب في الطفولة .
اضطراب القلق ( بشكل عام ) ، واضطراب القلق العام (بشكل خاص ) يميل إلي أن يكون تشوه معرفي cognitive vulnerability : شذوذ إدراكي أو تهديد للإدراك . فالكثير من البحوث تشير ألي أن المصابين باضطراب القلق يميلون إلي تقديرات مبالغ فيها مع تضخيم تأثيرات الأحداث المسببة للخطر . يشير Rapee (1991) إلي أن اضطراب القلق العام علي سبيل المثال لا يتضمن فقط تهديد مباشر للإدراك ولكنه مع ذلك يتضمن انخفاض إدراكي في القدرة علي التحكم في الموقف الشخصي أو البيئي . في حين تشير بحوث أخري إلي أن مصابي القلق تقل لديهم ادراكاتهم لعلامات الأمن .
وكذلك يعتبر نمط التعلق attachment style أحد المصادر الأساسية للتعرض للقلق في مرحلة الطفولة . وفي هذا يشير Bowlby (1982) ألي أن القلق الذي يصاب به المراهق ما هو إلا نتيجة للارتباط والتعلق غير الملائم في مرحلة الطفولة . وتبعا لبولبي Bowlby فأن التعلق ما هو إلا محاولة يضمن بها الأمن و السلام في عالمه . فإذا لم يكن الشخص المراد التعلق به موجودا أو متاحا ، فان الطفل يكتسب خبرة عن العالم علي أساس انه خطر ومصدر تهديد . وكذلك فان نمط التعلق الذي يسبب للطفل القلق في عمر 12 شهرا يرتبط بشكل كبير بالقلق الذي يحدث له في عمر 18 سنة . (يوسف,2006: 4)
*- الخصال الوالدية :
يعتبر القلق لدي الوالدين أحد الأسباب الأساسية التي تنبأنا باضطراب القلق لدي الأبناء . فالأفراد القلقين يتضح أن لديهم نسبة أكبر من الوالدين القلقين أيضا ، مقارنة بالأفراد غير القلقين . يعتبر القلق الوالدي احد العوامل مصدر الخطر للإصابة بالقلق لدي الأبناء وذلك ليس بشكل مباشر فقط ، ولكن بشكل غير مباشر أيضا ، عن طريق إما الجينات الموروثة أو كأحد العوامل البيئية . فدراسات التوائم تظهر أن العامل الجيني يضم ما بين 30 – 40 % من الأعراض القلقية واضطراب القلق. فالكثير من الدراسات تؤكد علي أن الوراثة تجعل الفرد لدية استعداد عام وراثي أكثر من غيره للإصابة الاضطرابات .
فالدراسات أكدت علي بعض الخصال الوالدية مثل التشدد ( التسلط ) ترتبط والقلق . وقد وجد Muris & Merckelbach (1998) عند فحص السلوكيات الوالدية وأعراض القلق في عينة الأطفال غير المرضي ، وجدا أن إدراك الطفل للتحكم الوالدي ترتبط مع بداية القلق ، وخاصة اضطراب القلق العام .
*- تأثير الأقران :
العلاقات والتفاعلات مع الأقران تنمي مهارات ضرورية لدي الأطفال ( مثل تأكيد الذات ، و الإيثار) وترتبط كذلك بمدي التوافق السلوكي . وغالبا ما يؤدي الأقران دور العامل المرجعي لبعضهم البعض من خلال العقاب أو تجاهل الشخص الغير مرغوب فيه للسلوكيات الشاذة والتي لا تتفق مع جماعتهم . فهناك العديد من السلوكيات ( مثل : الانسحاب والعدوانية ) ربما يمكن تكيفها وتعديلها عن طريق الأقران من خلال دورهم كمرجعية ( المرجعية المعرفية والسلوكية ) ولذلك فقد نجد أن الطفل القلق والذي يصادق أقران قلقين أيضا ربما لا يكون عرضة للخطر (لأنهم يقدرون ويشعرون بمشاكل بعضهم ) بينما الأقران القلقين والذين يرتبطون مع أقران غير قلقين ربما ، يكونون في الحقيقة ، متجهين إلي أن يكونوا أكثر جرأة . وكذلك الراشدين القلقين والذين يرتبطون مع مجموعة من الأقران أقل عرضة للتعامل مع عوامل الخطر ربما يتجهون نحو سلوكيات أكثر تجنبا أو أكثر قلقا.
*- أحداث الحياة المثيرة للمشقة والأحداث الصدمية :
تعتبر الأحداث المثيرة للمشقة والأحداث الصدمية أحد العوامل المرتبطة بالقلق. حيث يظهر الأفراد زيادة في القلق , والشكاوى الجسمية ، اضطرا بات النوم ، والأفكار المقتحمة ، وسلوكيات التجنب . وذلك بعد وقوع الأحداث الصدمية ,، مثل الزلازل والحرائق والعواصف . ولقد أشارت الكثير من الدراسات إلي أن الأشخاص المصابين بالقلق تؤثر فيهم أحداث الحياة المثيرة للمشقة ( مثل موت أحد أفراد الأسرة ، الانفصال ما بين الزوجين ) وبشكل دال أكثر من غيرهم ممن لم يصابوا بالقلق . ولوحظ كذلك ارتباط وقوع أحداث الحياة المثيرة للمشقة مع زيادة اضطراب القلق وذلك عبر الزمن . علما بأنه ليس كل الأفراد الذين يمرون بأحداث مثيرة للمشقة أو أحداث صدمية تتطور لديهم أعراض اضطراب القلق . حيث تلعب بعض العوامل دور في تعديل بعض هذه المراحل . (المرجع السابق,ص5- 6)
عوامل الوقاية من اضطراب القلق:
هناك بعض الدراسات التي أشارت إلي أن هناك بعض العوامل التي تقوم بالوقاية من الإصابة باضطراب القلق وأن هذه العوامل تتجه إلي فئتين رئيسيتين : الأولي تتجه حول الدور الوقائي للمساندة الاجتماعية . والثانية حول دور استراتيجيات المواجهة .
1- المساندة الاجتماعية :
تقوم المساندة الاجتماعية بدور معدل للعلاقة ما بين أحداث الحياة السلبية والإصابة باضطراب القلق . ومثال علي ذلك عندما تقوم المساندة الاجتماعية بدور وقائي ضد تطور اضطرابات ما بعد الصدمة، ففي دراسة عن المحاربين القدماء أشارت تقارير من وصفوا بأنهم أقل في المساندة الاجتماعية ، ( أنهم كانوا اقل فهما للذات ، وأقل قدرة علي التعبير، وأكثر اعتداءا علي زوجاتهم ، وذوي صعوبات أكثر في الحكم علي العلاقات الاجتماعية ) أكثر من المحاربين الأكثر مساندة اجتماعية ، ومن غير المحاربين . حيث يمكن للمساندة الاجتماعية أن تؤثر في خفض شدة أعراض الاضطراب أو في للاضطراب ذاته . ويشير Blow (2001) إلي أن المساندة الاجتماعية عامل وقاية من كل اضطرابات القلق.
2- استراتيجيات المواجهة :
تعرف استراتيجيات المواجهة بأنها تلك الجهود المبذولة لتغيير السلوك و الجوانب المعرفية لإدارة المتطلبات الخارجية و الداخلية والتي تعتبر كمصادر يصعب للفرد التعامل معها . فاستراتيجيات المواجهة هي عملية وسيطة ما بين أحداث الحياة المثيرة للمشقة و الصحة النفسية . فاستراتيجيات الحياة ( مع اختلاف الاستجابات النفسية والفسيولوجية الصادرة من الأفراد تجاه الضغوط ) أخذت اهتمام الكثيرين من العلماء . فعلي سبيل المثال يميز كل من Folkman و Lazarus (1980) ما بين نوعين من المواجهة :
النوع الأول من المواجهة يتجه نحو الانفعال ( حيث تبذل جهود ومحاولات لخفض المشقة الانفعالية وغالبا من خلال التجنب والتشتيت ) ،
النوع الثاني من استراتيجيات المواجهة يرتكز حول المشكلة ذاتها ( من خلال محاولات لتغيير مصدر المشكلة )
ويعتبر أسلوب التركيز علي المشكلة من أهم عوامل الوقاية. (المرجع السابق: ص17)
الجدول الخاص بطرق الوقاية الأولية وعوامل الخطر وعوامل الوقاية:
العوامل
الأفكار الأساسية
استراتيجيات الوقاية الأولية من عوامل الخطر
خصال الفرد
تشويه معرفي فيما يتعلق بمصدر التهديد
النمط المزاجي الذي لا يسمح بتفادي المناحي الغريبة أو المحتملة للمواقف المهددة
تجنب أو تبني نمط مواجهة انفعالي
زيادة التعليم المقدم للشخص عن القلق كي تتحسن إمكانياته ويكون قادر علي إدراك التأثير الحقيقي للقلق وعلاقته بالأعراض المرضية الجسمية وذلك حتى لا يسئ فهم و تأويل الأعراض ، وتدريبه بعض المهارات التي يستطيع من خلالها مقاومة تفسيرات غير واقعية لمصادر التهديد ، وتبنيه تفسيرات بديلة للموقف ، وتدريبه علي كيفية التقييم الحقيقي للتهديدات في البيئة .
تعليم بعض المهارات التي تزيد من القدرة علي تعميم الحلول المتعددة للموقف واختيار منحي معين وتجنب الأخر عندما لا يكون ملائما .
تعليمه كيفية إدارة القلق للتغلب علي الخوف غير الواقعي الذي يجب أن يواجهه .
تعليمه مهارات مفيدة مثل مناحي حل المشكلة كي يواجه مخاوفه
الأسرة والأقران والعوامل البيئية الأخرى
التعلق غير المستقر
القلق الوالدي
البيئة المشجعة لسلوك التجنب
تأثير الأقران من خلال تشكيل السلوك
ابتعاد الأقران
نقص المساندة الاجتماعية
تعليم الآباء لكي يدعموا التعلق الأمن مع أبنائهم.
تدريب الآباء علي إدارة قلقهم .
تعليم مهارات تزيد المساندة بين أفراد الأسرة،الأصدقاء، الزملاء؛ من خلال مهارات نقاوم سلوك التجنب .
إجراء تغييرات ايكولوجية داخل المدرسة وبيئة العمل، مزاوجة القلقين معا، والأشخاص الكافين لسلوكهم مع المتوافقين .
الحث علي قبول الاختلافات (في المدارس) لخفض الابتعاد عن الأشخاص القلقين .
زيادة التعليم الخاص بأهمية المساندة الاجتماعية وكيفية الحصول عليها في أوقات المشقة
(يوسف,2006:ص18)