د حامد الغامدي
09-28-2011, 09:19 PM
بقلم الكاتب: عصام تليمة
انتشرت في الآونة الأخيرة عدة ظواهر غير صحية في مجال البحث العلمي، والمجال الدعوي الإسلامي، ومن هذه الظواهر ظاهرة السرقات العلمية بأشكالها وألوانها كافة، والعجيب في الأمر أن هذه الظاهرة استفحلت واستشرت في البلاد العربية الإسلامية، في مقابل أننا نرى الغرب في بحوثه ودراساته يحرص الدارس كل الحرص على إبراز المراجع، ويدون في مراجعه المقابلات الشخصية والوثائق، وتجد في كتب بعض الغربيين في مقدمة الدراسة شكرا خاصا لكل من ساهم، وليس شكرا عاما، بل يذكر كل من ساهم ولو بكلمة، وأحيانا تجد في المقدمة الشكر لعاملة الآلة الكاتبة التي طبعت له البحث، على الرغم من أن التي كتبت على الآلة الكاتبة أو على جهاز الحاسوب (الكمبيوتر) لم تقم بعمل فكري، إنما هو عمل عضلي محض، ليس فيه إعمال فكر ولا إبداع، وقد تقاضت أجرا على ما بذلت، ولكنه خلق الشكر لكل من أسدى له خدمة ساهمت في خروج بحثه.
وكم أكبر عالما كالشيخ عبدالفتاح أبي غدة رحمه الله، الذي عزا حديثا بالخطأ إلى الإمام مسلم، وقلده في ذلك الشيخ عبدالوهاب عبداللطيف في تحقيقه لتدريب الراوي، حتى عبر الشيخ أبو غدة عن ذلك قائلا: وهذا من تقليد الساهي للساهي!! ودله أحد طلبة العلم على خطئه في عزو الحديث للإمام مسلم، وأنه في غير صحيح مسلم، ولم يكن الشيخ أبو غدة يعرف طالب العلم، ولم تسعفه ذاكرته في تذكره، فكتب يعترف في تحقيقه لأحد الكتب تصويب هذا الطالب له، هاتفا بطالب العلم أن يتعرف إليه، حتى يشير إلى نسبة الفضل له في التصويب.
صور للسرقات العلمية
وللسرقات العلمية صور مختلفة، كلها تصب في خانة واحدة، هي خانة اللصوصية العلمية، مهما كان المبرر مقبولا أو غير مقبول.
1- النقل بدون عزو إلى القائل.
2- الاقتباس الكامل للفكرة دون الإشارة إلى صاحبها.
3- النقل الكامل دون عزو.
4- الكتابة الكاملة وشراء ما يُكتب: وهذه حالة استشرت عند أصحاب الثراء في عالمنا العربي والإسلامي، أو أصحاب النفوذ والمناصب العلمية، وقد يكون مقابل ما يكتب ماديا، أو معنويا، بالترغيب أو الترهيب، وكلاهما وسيلة من وسائل سرقة الجهود العلمية.
]أسباب انتشارها[/size]
1- غياب الوازع الديني: فبلا ضمير حي يقظ، يجعل صاحبه يتذكر وقوفه بين يدي الله عز وجل يحدث ما يحدث، ويأتي الخلل الخلقي، الذي يؤدي بصاحبه إلى سرقة جهود الآخرين.
2- العجز والتكاسل العلمي.
3- حب التنافس في كثرة المؤلفات.
4- عدم وجود رادع دنيوي.
5- إحساس السارق بأنه لن يكشفه أحد بحكم موقعه ونفوذه.
6- التناقض الشديد في السلوك: فهناك من الكتاب من تأتمنه على أموال الدنيا، ولا تستطيع أن تأتمنه على معلومة لك، أو فكرة انقدحت في ذهنك، وتخشى من البوح بها أمامه، وهذا من أكبر الدلالة على التناقض في السلوك، فهو أمين في الجانب المادي، غير مؤتمن على الجانب العلمي.
آثار هذه الظاهرة
1- تصيب الباحثين بالسلبية واليأس والإحباط.
2- تقضي على ملكة البحث العلمي النزيه وتجعل الباحث لا يبالي من أين أتى بالمعلومة، ولا مصدرها، وتنشئ عقليات هشة علميا، متهرئة فكريا، ويكون نتاجها أن تكون الأمة فراغا من كل عقلية بحثية.
3- تقتل موهبة الإبداع والتنافس، فمن ملك المال فقد ملك العلم أيضا، وإن كان بالشراء والبيع، مما يزهد الباحثين النابهين في التفوق والتنافس والإبداع.
4- تجعل المجتمع يستمرئ السرقة ويتعود عليها.
حكمها الشرعي
هي بلا شك محرمة حرمة يقينية، وهي في الحقيقة جريمة دينية، وخلقية، كما أنها تجمع بين عدة جرائم معا، فهي:
1- سرقة: وإن كانت سرقة من نوع آخر، غير سرقة المال، إلا أنها أخطر، إذ المال يعوض، أما الفكرة التي سرقت، فقد صارت في حوزة لصها وسارقها بلا عودة لصاحبها.
2- نسبة ما ليس له إلى نفسه: كما أنها تنسب فضلا ليس له فيه أدنى دور أو حق.
3- استغلال حاجة طلبة العلم.
4- خداع الناس والقراء: كما أن هذه الجريمة تجمع إليها جريمة خداع الناس وإيهامهم أن هذا الكاتب رجل مبرز، وكاتب همام.
واجبنا نحو هذه الظاهرة
1- واجب شرعي: ويكون ببيان موقف الشرع من أمثال هؤلاء، وأن نبدأ معهم بالنصح لهم، في سرية تامة، ملتزمين آداب النصيحة، فمن عاد عن غيه، وانتهى عن سرقته، ورد الحقوق لأهلها، وجب علينا الستر عليه، وإلا ففضحه بين الناس بما فعل وارتكب يصير أمرًا شرعيا لا وزر فيه، وهذه هي وظيفة العلماء والمختصين، وكل ذي حس ديني وبصيرة.
2- واجب قانوني: فلابد من السعي لإصدار قانون يحاسب من يمارس السرقة العلمية.
3- واجب شعبي: ويكون بمقاطعة كتابات من يعرف عنهم السرقة العلمية، ويثبت عليهم ذلك، ولفظ كل من بنى كتاباته على السطو العلمي من المجتمع العلمي والشعبي.
انتشرت في الآونة الأخيرة عدة ظواهر غير صحية في مجال البحث العلمي، والمجال الدعوي الإسلامي، ومن هذه الظواهر ظاهرة السرقات العلمية بأشكالها وألوانها كافة، والعجيب في الأمر أن هذه الظاهرة استفحلت واستشرت في البلاد العربية الإسلامية، في مقابل أننا نرى الغرب في بحوثه ودراساته يحرص الدارس كل الحرص على إبراز المراجع، ويدون في مراجعه المقابلات الشخصية والوثائق، وتجد في كتب بعض الغربيين في مقدمة الدراسة شكرا خاصا لكل من ساهم، وليس شكرا عاما، بل يذكر كل من ساهم ولو بكلمة، وأحيانا تجد في المقدمة الشكر لعاملة الآلة الكاتبة التي طبعت له البحث، على الرغم من أن التي كتبت على الآلة الكاتبة أو على جهاز الحاسوب (الكمبيوتر) لم تقم بعمل فكري، إنما هو عمل عضلي محض، ليس فيه إعمال فكر ولا إبداع، وقد تقاضت أجرا على ما بذلت، ولكنه خلق الشكر لكل من أسدى له خدمة ساهمت في خروج بحثه.
وكم أكبر عالما كالشيخ عبدالفتاح أبي غدة رحمه الله، الذي عزا حديثا بالخطأ إلى الإمام مسلم، وقلده في ذلك الشيخ عبدالوهاب عبداللطيف في تحقيقه لتدريب الراوي، حتى عبر الشيخ أبو غدة عن ذلك قائلا: وهذا من تقليد الساهي للساهي!! ودله أحد طلبة العلم على خطئه في عزو الحديث للإمام مسلم، وأنه في غير صحيح مسلم، ولم يكن الشيخ أبو غدة يعرف طالب العلم، ولم تسعفه ذاكرته في تذكره، فكتب يعترف في تحقيقه لأحد الكتب تصويب هذا الطالب له، هاتفا بطالب العلم أن يتعرف إليه، حتى يشير إلى نسبة الفضل له في التصويب.
صور للسرقات العلمية
وللسرقات العلمية صور مختلفة، كلها تصب في خانة واحدة، هي خانة اللصوصية العلمية، مهما كان المبرر مقبولا أو غير مقبول.
1- النقل بدون عزو إلى القائل.
2- الاقتباس الكامل للفكرة دون الإشارة إلى صاحبها.
3- النقل الكامل دون عزو.
4- الكتابة الكاملة وشراء ما يُكتب: وهذه حالة استشرت عند أصحاب الثراء في عالمنا العربي والإسلامي، أو أصحاب النفوذ والمناصب العلمية، وقد يكون مقابل ما يكتب ماديا، أو معنويا، بالترغيب أو الترهيب، وكلاهما وسيلة من وسائل سرقة الجهود العلمية.
]أسباب انتشارها[/size]
1- غياب الوازع الديني: فبلا ضمير حي يقظ، يجعل صاحبه يتذكر وقوفه بين يدي الله عز وجل يحدث ما يحدث، ويأتي الخلل الخلقي، الذي يؤدي بصاحبه إلى سرقة جهود الآخرين.
2- العجز والتكاسل العلمي.
3- حب التنافس في كثرة المؤلفات.
4- عدم وجود رادع دنيوي.
5- إحساس السارق بأنه لن يكشفه أحد بحكم موقعه ونفوذه.
6- التناقض الشديد في السلوك: فهناك من الكتاب من تأتمنه على أموال الدنيا، ولا تستطيع أن تأتمنه على معلومة لك، أو فكرة انقدحت في ذهنك، وتخشى من البوح بها أمامه، وهذا من أكبر الدلالة على التناقض في السلوك، فهو أمين في الجانب المادي، غير مؤتمن على الجانب العلمي.
آثار هذه الظاهرة
1- تصيب الباحثين بالسلبية واليأس والإحباط.
2- تقضي على ملكة البحث العلمي النزيه وتجعل الباحث لا يبالي من أين أتى بالمعلومة، ولا مصدرها، وتنشئ عقليات هشة علميا، متهرئة فكريا، ويكون نتاجها أن تكون الأمة فراغا من كل عقلية بحثية.
3- تقتل موهبة الإبداع والتنافس، فمن ملك المال فقد ملك العلم أيضا، وإن كان بالشراء والبيع، مما يزهد الباحثين النابهين في التفوق والتنافس والإبداع.
4- تجعل المجتمع يستمرئ السرقة ويتعود عليها.
حكمها الشرعي
هي بلا شك محرمة حرمة يقينية، وهي في الحقيقة جريمة دينية، وخلقية، كما أنها تجمع بين عدة جرائم معا، فهي:
1- سرقة: وإن كانت سرقة من نوع آخر، غير سرقة المال، إلا أنها أخطر، إذ المال يعوض، أما الفكرة التي سرقت، فقد صارت في حوزة لصها وسارقها بلا عودة لصاحبها.
2- نسبة ما ليس له إلى نفسه: كما أنها تنسب فضلا ليس له فيه أدنى دور أو حق.
3- استغلال حاجة طلبة العلم.
4- خداع الناس والقراء: كما أن هذه الجريمة تجمع إليها جريمة خداع الناس وإيهامهم أن هذا الكاتب رجل مبرز، وكاتب همام.
واجبنا نحو هذه الظاهرة
1- واجب شرعي: ويكون ببيان موقف الشرع من أمثال هؤلاء، وأن نبدأ معهم بالنصح لهم، في سرية تامة، ملتزمين آداب النصيحة، فمن عاد عن غيه، وانتهى عن سرقته، ورد الحقوق لأهلها، وجب علينا الستر عليه، وإلا ففضحه بين الناس بما فعل وارتكب يصير أمرًا شرعيا لا وزر فيه، وهذه هي وظيفة العلماء والمختصين، وكل ذي حس ديني وبصيرة.
2- واجب قانوني: فلابد من السعي لإصدار قانون يحاسب من يمارس السرقة العلمية.
3- واجب شعبي: ويكون بمقاطعة كتابات من يعرف عنهم السرقة العلمية، ويثبت عليهم ذلك، ولفظ كل من بنى كتاباته على السطو العلمي من المجتمع العلمي والشعبي.