معلم متقاعد
09-13-2011, 03:04 AM
فاعلية الإرشاد الوالدى في خفض
النشاط الزائد لدى عينة من تلاميذ المرحلة الابتدائية
بمحافظة أسوان
رسالة مقدمة من
حنان زكريا عبد الغنى
المدرس المساعد بقسم الصحة النفسية
للحصول علي درجة دكتوراه الفلسفة في التربية
"تخصص صحة نفسية"
إشــــراف الأستاذ الدكتـور
مشيرة عبد الحميد اليوسيفي
أستاذ الصحـة النفسيـة
ورئيـس قسـم الصحـة النفسيـة بكليـة التربيـة - جامعة المنيا
الدكتـور
منصـور محمـد السيـد
أستاذ الصحـة النفسيـة المساعـد
بكليـة التربيـة بأسوان
جامعة جنوب الوادي
الدكتـور
سلمـي محمـود حسـن الأنصاري مـدرس الصحـة النفسيـة بكليـة التربيـة بأسوان
جامعة جنوب الوادي
1432 هـ / 2011 م
المقدمة :
هناك التباس بين النشاط العادي لأي طفل وبين النشاط الزائد، فالنشاط: هو الحركة واللعب، وهما من المطالب الطبيعية، بل والضرورية للأطفال، فكل طفل يحب أن يلعب ويلهو، بل إن اللعب والحركة عنصران أساسيان من عناصر النمو الجسماني والنفسي والذهني والاجتماعي للطفل، ولكنهما ينبغي أن يكونا في حدود المعايير الطبيعية، وإلا انقلبا إلى مشكلة سلوكية، وهو ما يطلق عليه اسم "النشاط الزائد".
النشاط الزائد يبدو ملحوظاً لدى الأطفال في سن دخول المدرسة، حيث تلاحظ المدرسة أن الطفل أكثر حركة من باقي التلاميذ، وأقل تركيزاً منهم، وفي معظم الحالات يتأخر تشخيص هذه الحالة إلى حين دخول المدرسة لأن الآباء يعتبرون سلوك أولادهم مفرطي النشاط طبيعياً، وربما كان السبب في ذلك هو أننا في مجتمعاتنا الشرقية نرفض الاعتراف أن ابننا لديه مشكلة، وهو بحاجة إلي العلاج.
ويعد النشاط الزائد من المشكلات السلوكية التي يعاني منها الأطفال، ويشكل مصدراً أساسياً لضيق وتوتر وإزعاج المحيطين بالطفل، حيث يعاني من هذا النشاط الزائد أولياء الأمور والمعلمون والتلاميذ، ومما لاشك فيه أن سلوك هذا الطفل ومستوي نشاطه قد يؤثر علي استجابات الوالدين والمعلمين والقائمين علي رعاية الطفل، وعلي أسلوب معاملتهم للطفل، مما يؤثر بالتالي في نموه ومستقبله التعليمي والاجتماعي فيما بعد.
( مشيرة اليوسيفي : 2005 :14 )
فقد ذكر باركلي ( Barkley, 1990 ) أن الأطفال ذوي النشاط الزائد يكون لديهم قصور في الانتباه لا يتوافق مع ما هو متوقع من الأطفال في مثل أعمارهم، وأنهم غير قادرين علي الانتباه لفترات طويلة، وغير قادرين علي انجاز المهام المكلفين به، ولديهم عجز في السلوك التكيفي، وأنهم يتصفون بالاندفاعية التي تؤدي إلي وقوعهم في كثير من الأخطاء، وتؤدي أيضا إلي تحركهم بطريقة عشوائية وبدون هدف واضح.
كما توصل كلا من يوسف جلال ويحيي زكريا ( 2000: 313 ) إلي أن الأطفال ذوي النشـاط الزائد يتصفـون بصفات أساسـية وهي الحركة المستمرة، وتشتت الانتباه، والاندفاعية، وصفات ثانوية وهي المزاج المضطرب، واللامبالاة، وضعف الثقة بالنفس، والغيرة الشـديدة، وانخفاض التحصيل الدراسي، وضعف العلاقات الاجتماعية، والفوضى، والطيش، والاضطراب الانفعالي، كما تلعب الأسرة دوراً كبيراً وفعالاً في تنمية قدرات الطفل، وتطوير مهاراته واهتماماته، وتكوين شخصيته المستقلة، من خلال الرعاية المستمرة له خلال مراحل عمره المختلفة، والخبرات التي تتاح له، ليصبح فرد عامل في المجتمع، والأسرة هي البيئة الأولي التي يعرض لها الطفل، وهي تعتبر المؤسسة الاجتماعية الأولي التي يلتقي بها الطفل، وهي أول وسيط اجتماعي يحيط بالطفل، وهي التي تكون شخصيته، وتحدد ميوله واتجاهاته.
وقد ظهر في الآونة الأخيرة اتجاهات ايجابية نحو تفعيل دور الوالدين في البرامج الإرشادية، وإيماناً منا بدور الأسرة وخاصة الوالدين بالنسبة للطفل عامة، وطفل المرحلة الابتدائية خاصة، قمنا بإشراك الوالدين في البرنامج الإرشادي.
مشكلة الدراسة :
تؤثر كثير من المشكلات السلوكية لدي الأطفال علي تحصيلهم الدراسي، وتكيفهم الأسري، ومن تلك المشكلات التي قد تستمر إلي مرحلة الرشد هي مشكلة النشاط الزائد، وفي الآونة الأخيرة حظيت هذه المشكلة باهتمام كثير من الباحثين.
وتعتبر مشكلة النشاط الزائد من أحد المشكلات السلوكية التي يعانى منها مجموعة من الأطفال، وهى من المشكلات الشائعة بينهم، وقد تنتشر بين 10% تقريبا من أطفال العالم.
( السيد على سيد أحمد – فائقة محمد بدر :1999: 9 )
ووفقاً لإحصائيات الجمعية الأمريكية للطب النفسي( American Psychiatric Association , 2000) إن نسبة انتشار النشاط الزائد قد تصل إلي 10% لدي الأطفال، و6% لدي البالغين، وهي تعتبر من المشكلات الأكثر شيوعاً في مرحلة الطفولة.
كما ذكرت علا عبد الباقي إبراهيم ( 1999: 9 ) أن نسبة الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة قد تصل إلى ما يقرب من 6% من مجموع الأطفال في المرحلة الابتدائية، فضلاً عن انتشار المشكلة بين عدد غير قليل من الأطفال في سن الروضة، وتوصل محمود حمودة ( 1998: 96 ) أن نسبة انتشار مشكلة النشاط الزائد بين الأطفال في مصر تبلغ 6.2 % اعتماداً علي تقدير المعلمين؛ مما يجعلنا أكثر قلقاً علي هذه الفئة من التزايد، ويعاني الأطفال ذوي النشاط الزائد من ضعف في الانتباه، النشاط الحركي، والاندفاعية، وقد تظهر الأعراض في سن مبكر من عمر الطفل، مما قد يؤثر علي الطفل في المواقف الحياتية المختلفة. ( Barkley: 1998 )
وقد أشار زكريا الشربيني ( 1994 ) أن الأطفال ذوي النشاط الزائد يتسمون بنقص الانتباه، والاندفاعية، والحركة المفرطة، كما اتفقت كثير من الدراسات علي اختلاف المظاهر السلوكية لمشكلة النشاط الزائد، كما اتفقوا بان الطفل ذوي النشاط الزائد يتسم بثلاث مظاهر أساسية وهي ( نقص الانتباه، الاندفاعية، والحركة المفرطة)، وكما توصل معتز المرسي ( 1998 ) إلي أن الأطفال ذوي النشاط الزائد يتصفون بعدم القدرة علي إقامة علاقات أسرية وبيئية، وقلة التكيف الاجتماعي، والعدوان الفظي والمادي، ووجود ميول مضادة للمجتمع، مما لا يساعدهم علي إقامة علاقات اجتماعية صحيحة سواء كانت داخل أو خارج الأسرة، كما لا يوجد في الوطن العربي بوجه العموم وفى مصر على الخصوص الاهتمام بالأطفال ذوي النشاط الزائد (ADHD ) حيث انه لا توجد في المدارس حجرات دراسية مجهزة لهؤلاء الأطفــال أو برامج تربوية خاصة بهم إذ أن الغالبية العظمى من العاملين في المجال التعليمي من معلمين وأخصائيين نفسيين واجتماعيين ليس لديهم المعلومات الكافية عن هذه المشكلة، وأسبابها.
(السيد على سيد ، فائقة محمد بدر : 1999: 10 )
وأشارت هدى قناوي وحسن مصطفى ( 2000) أن الأسرة في بداية حياة الطفل هي المسئولة عن تنشئته الاجتماعية وتعليمه أساليب مجتمعه، وإشباع حاجاته النفسية فإذا ما ذهب إلى المدرسة يشارك المعلمون الآباء في عملية التنشئة الاجتماعية، وكلما كبر الطفل وزادت مشاركته الاجتماعية بتفاعله مع الآخرين.
وحيث ذكر هاش وهوهنستون(Hash & Hohanston : 1995) أن أساليب المعاملة الوالدية الصحيحة التي يشعر الطفل منها بالقبول والاهتمام والحب من والديه تؤدى إلي توافقه النفسي والاجتماعي، أما أساليب المعاملة الوالدية الخاطئة التي تتسم بالرفض الصريح أو المقنع، والإهمال، واللامبالاة بالطفل، والعقاب البدني أو النفسي الشديد والتي يشعر الطفل منها بأنه منبوذ وغير مرغوب فيه، فإنها تؤدى إلى إصابته باضطراب الانتباه.
وقد أظهرت دراسة جولدستين وجولدستين ( Goldstein & Goldstein : 1998 ) أن النشاط الزائد يرتبط بجزء كبير بأسلوب معامله الطفل من قبل والديه، وكما أوضحت بعض الدراسات إلى أن أسلوب معاملة الوالدين للطفل ومدى التفاعل بينهما أحد الأسباب التي ينشا بسببها اضطراب النشاط الزائد Attention Deficit / Hyperactivity Disorder (ADHD ) مثل دراسة حجاج غانم(2001 ) والتي أسفرت علي أن العوامل النفسية والاجتماعية التي تتضمن مجموعة من أساليب المعاملة الوالدية تسهم بنسبة 18% في التأثير السببي علي النشاط الزائد، ودراسة حنان زكريا (2008 ) والتي أسفرت عن أن العوامل الأسرية من أهم العوامل المسهمة في النشاط الزائد.
ذكر كلا من أحمد عثمان،عفاف محمد ( 1995: 68 ) أنه يوجد بعض التفسيرات النفسية للإفراط في النشاط الحركي بصفته سمة مزاجية، والتي أشار فيها بيتلهايم Bettelheim إلى أن هناك أطفـالاً مهيئون للنشـاط المفرط بسبب خصائص مزاجية، وهم يستجيبون للنشـاط المفرط عندما يتعرضون لضغـوط بيئية تفوق قدرتهم على التحمل، وترجع هذه الضغوط البيئية إلى صعوبة التفاعل الجيد بين الطفل وبيئته الاجتماعية، وقد يؤدى عدم قدرة الطفل على الاستجابة بطريقة تتفق مع خصائص مزاجه السلبي إلى شعوره بأنه مشكلة؛ مما يؤدى إلى تدهور مفهومه للذات .
ويرى باركلي وآخرون ( Barkley, et. al :1992 ) أن ما يلاقيـه الأطفـال من ضـغوط نفسـية واجتمـاعية في المـنزل يكون سـبباً في ظهور مشكلة النشاط الزائـد لديهم، وتضيف مركوجليانو ( :1998( Mercogliano أن بعض العوامـل الاجتماعـية والنفسـية المحيطة بالطفل مثل الفقر، وعدم التواصل الوالدي، وغياب الأب من أهم أسباب النشاط الزائد لدى الأطفال .
بينما ذكر اشرف احمد عبد القادر (1993) إلى أن أساليب معاملة الأطفال ذوي النشاط الزائد تتسم بالتسلط والإهمال وإثارة الألم النفسي والتفرقة والتذبذب وهي جميعاً مؤشرات تشير إلى علاقة أساليب معاملة الطفل بنشاطه الزائد، كما أشار جولدسين وجولدستين(Goldstein,S & Goldstein,M : 1998) إلى أن العقاب البدني المتكرر للطفل ذوى النشاط الزائد يؤدى إلى نتائج عكسية، فهناك بعض الآباء من يتبع أساليب خاطئة في تربية هؤلاء الأطفال، مثل العقاب الجسدي وكثرة الأوامر والتعليمات، وتهدف برامج تدريب الوالدين علي كيفية تنظيم سلوك أطفالهم والعمل مع الطفل ذوي النشاط الزائد كي يكتشف بنفس نماذج السلوك والطرق البديلة للسيطرة علي انفعالاتهم، والعمل علي اكتساب مهارات جديدة في أساليب العلاقات الأسرية بهؤلاء الأطفال وتدريب الأسرة علي تكنيك التدعيم الايجابي للسلوك المرغوب فيه لدي الطفل.
(مشيرة اليوسيفي : 2005 :90 )
وفى ضوء ما تقدم وما أوضحته نتائج وتوصيات الدراسات السابقة من أن أساليب المعاملة الوالدية لها اكبر الأثر في تشكيل شخصية الفرد، لذا فقد حاولت الدراسة الحالية خفض النشاط الزائد عن طريق برنامج (أرشاد والدي ) لدى عينة من تلاميذ المرحلة الابتدائية بمحافظة أسوان وذلك بتنمية بعض المهارات التفاوضية لدي والدي الأطفال ذوي النشاط الزائد.
وتعقيباً علي ما سبق يتضح أن النشاط الزائد (ADHD )أحد أهم المشكلات السلوكية التي تظهر على الأطفال، فتحرمهم من الاستمتاع بطفولتهم، لأنها تستنزف الكثير من طاقاتهم الذهنية والبدنية، وتعرضهم للنقد والعقاب على سلوكياتهم، ويمتد الأثر السلبي لهذه الظاهرة للمحيطين من زملائهم وأخواتهم ومعلميهم وآبائهم.
تتحدد مشكلة الدراسة في الإجابة عن التساؤلات التالية :
1- ما فاعلية الإرشاد الوالدي في خفض النشاط الزائد لدي أطفال المرحلة الابتدائية؟
2- ما الفروق بين درجات أبناء الوالدين في المجموعة التجريبية علي مقياس النشاط الزائد قبل وبعد تطبيق البرنامج الإرشادي ؟
3- ما الفروق بين درجات والدي الأطفال ذوي النشاط الزائد في المجموعة التجريبية وذلك علي مقياس المهارات التفاوضية للوالدين قبل وبعد تطبيق البرنامج الإرشادي؟
4- هل يوجد استمرارية لفاعلية البرنامج الإرشادي في القياس البعدي والتتبعي بعد شهر ونصف من نهاية التطبيق البعدي للمجموعة التجريبية ؟
النشاط الزائد لدى عينة من تلاميذ المرحلة الابتدائية
بمحافظة أسوان
رسالة مقدمة من
حنان زكريا عبد الغنى
المدرس المساعد بقسم الصحة النفسية
للحصول علي درجة دكتوراه الفلسفة في التربية
"تخصص صحة نفسية"
إشــــراف الأستاذ الدكتـور
مشيرة عبد الحميد اليوسيفي
أستاذ الصحـة النفسيـة
ورئيـس قسـم الصحـة النفسيـة بكليـة التربيـة - جامعة المنيا
الدكتـور
منصـور محمـد السيـد
أستاذ الصحـة النفسيـة المساعـد
بكليـة التربيـة بأسوان
جامعة جنوب الوادي
الدكتـور
سلمـي محمـود حسـن الأنصاري مـدرس الصحـة النفسيـة بكليـة التربيـة بأسوان
جامعة جنوب الوادي
1432 هـ / 2011 م
المقدمة :
هناك التباس بين النشاط العادي لأي طفل وبين النشاط الزائد، فالنشاط: هو الحركة واللعب، وهما من المطالب الطبيعية، بل والضرورية للأطفال، فكل طفل يحب أن يلعب ويلهو، بل إن اللعب والحركة عنصران أساسيان من عناصر النمو الجسماني والنفسي والذهني والاجتماعي للطفل، ولكنهما ينبغي أن يكونا في حدود المعايير الطبيعية، وإلا انقلبا إلى مشكلة سلوكية، وهو ما يطلق عليه اسم "النشاط الزائد".
النشاط الزائد يبدو ملحوظاً لدى الأطفال في سن دخول المدرسة، حيث تلاحظ المدرسة أن الطفل أكثر حركة من باقي التلاميذ، وأقل تركيزاً منهم، وفي معظم الحالات يتأخر تشخيص هذه الحالة إلى حين دخول المدرسة لأن الآباء يعتبرون سلوك أولادهم مفرطي النشاط طبيعياً، وربما كان السبب في ذلك هو أننا في مجتمعاتنا الشرقية نرفض الاعتراف أن ابننا لديه مشكلة، وهو بحاجة إلي العلاج.
ويعد النشاط الزائد من المشكلات السلوكية التي يعاني منها الأطفال، ويشكل مصدراً أساسياً لضيق وتوتر وإزعاج المحيطين بالطفل، حيث يعاني من هذا النشاط الزائد أولياء الأمور والمعلمون والتلاميذ، ومما لاشك فيه أن سلوك هذا الطفل ومستوي نشاطه قد يؤثر علي استجابات الوالدين والمعلمين والقائمين علي رعاية الطفل، وعلي أسلوب معاملتهم للطفل، مما يؤثر بالتالي في نموه ومستقبله التعليمي والاجتماعي فيما بعد.
( مشيرة اليوسيفي : 2005 :14 )
فقد ذكر باركلي ( Barkley, 1990 ) أن الأطفال ذوي النشاط الزائد يكون لديهم قصور في الانتباه لا يتوافق مع ما هو متوقع من الأطفال في مثل أعمارهم، وأنهم غير قادرين علي الانتباه لفترات طويلة، وغير قادرين علي انجاز المهام المكلفين به، ولديهم عجز في السلوك التكيفي، وأنهم يتصفون بالاندفاعية التي تؤدي إلي وقوعهم في كثير من الأخطاء، وتؤدي أيضا إلي تحركهم بطريقة عشوائية وبدون هدف واضح.
كما توصل كلا من يوسف جلال ويحيي زكريا ( 2000: 313 ) إلي أن الأطفال ذوي النشـاط الزائد يتصفـون بصفات أساسـية وهي الحركة المستمرة، وتشتت الانتباه، والاندفاعية، وصفات ثانوية وهي المزاج المضطرب، واللامبالاة، وضعف الثقة بالنفس، والغيرة الشـديدة، وانخفاض التحصيل الدراسي، وضعف العلاقات الاجتماعية، والفوضى، والطيش، والاضطراب الانفعالي، كما تلعب الأسرة دوراً كبيراً وفعالاً في تنمية قدرات الطفل، وتطوير مهاراته واهتماماته، وتكوين شخصيته المستقلة، من خلال الرعاية المستمرة له خلال مراحل عمره المختلفة، والخبرات التي تتاح له، ليصبح فرد عامل في المجتمع، والأسرة هي البيئة الأولي التي يعرض لها الطفل، وهي تعتبر المؤسسة الاجتماعية الأولي التي يلتقي بها الطفل، وهي أول وسيط اجتماعي يحيط بالطفل، وهي التي تكون شخصيته، وتحدد ميوله واتجاهاته.
وقد ظهر في الآونة الأخيرة اتجاهات ايجابية نحو تفعيل دور الوالدين في البرامج الإرشادية، وإيماناً منا بدور الأسرة وخاصة الوالدين بالنسبة للطفل عامة، وطفل المرحلة الابتدائية خاصة، قمنا بإشراك الوالدين في البرنامج الإرشادي.
مشكلة الدراسة :
تؤثر كثير من المشكلات السلوكية لدي الأطفال علي تحصيلهم الدراسي، وتكيفهم الأسري، ومن تلك المشكلات التي قد تستمر إلي مرحلة الرشد هي مشكلة النشاط الزائد، وفي الآونة الأخيرة حظيت هذه المشكلة باهتمام كثير من الباحثين.
وتعتبر مشكلة النشاط الزائد من أحد المشكلات السلوكية التي يعانى منها مجموعة من الأطفال، وهى من المشكلات الشائعة بينهم، وقد تنتشر بين 10% تقريبا من أطفال العالم.
( السيد على سيد أحمد – فائقة محمد بدر :1999: 9 )
ووفقاً لإحصائيات الجمعية الأمريكية للطب النفسي( American Psychiatric Association , 2000) إن نسبة انتشار النشاط الزائد قد تصل إلي 10% لدي الأطفال، و6% لدي البالغين، وهي تعتبر من المشكلات الأكثر شيوعاً في مرحلة الطفولة.
كما ذكرت علا عبد الباقي إبراهيم ( 1999: 9 ) أن نسبة الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة قد تصل إلى ما يقرب من 6% من مجموع الأطفال في المرحلة الابتدائية، فضلاً عن انتشار المشكلة بين عدد غير قليل من الأطفال في سن الروضة، وتوصل محمود حمودة ( 1998: 96 ) أن نسبة انتشار مشكلة النشاط الزائد بين الأطفال في مصر تبلغ 6.2 % اعتماداً علي تقدير المعلمين؛ مما يجعلنا أكثر قلقاً علي هذه الفئة من التزايد، ويعاني الأطفال ذوي النشاط الزائد من ضعف في الانتباه، النشاط الحركي، والاندفاعية، وقد تظهر الأعراض في سن مبكر من عمر الطفل، مما قد يؤثر علي الطفل في المواقف الحياتية المختلفة. ( Barkley: 1998 )
وقد أشار زكريا الشربيني ( 1994 ) أن الأطفال ذوي النشاط الزائد يتسمون بنقص الانتباه، والاندفاعية، والحركة المفرطة، كما اتفقت كثير من الدراسات علي اختلاف المظاهر السلوكية لمشكلة النشاط الزائد، كما اتفقوا بان الطفل ذوي النشاط الزائد يتسم بثلاث مظاهر أساسية وهي ( نقص الانتباه، الاندفاعية، والحركة المفرطة)، وكما توصل معتز المرسي ( 1998 ) إلي أن الأطفال ذوي النشاط الزائد يتصفون بعدم القدرة علي إقامة علاقات أسرية وبيئية، وقلة التكيف الاجتماعي، والعدوان الفظي والمادي، ووجود ميول مضادة للمجتمع، مما لا يساعدهم علي إقامة علاقات اجتماعية صحيحة سواء كانت داخل أو خارج الأسرة، كما لا يوجد في الوطن العربي بوجه العموم وفى مصر على الخصوص الاهتمام بالأطفال ذوي النشاط الزائد (ADHD ) حيث انه لا توجد في المدارس حجرات دراسية مجهزة لهؤلاء الأطفــال أو برامج تربوية خاصة بهم إذ أن الغالبية العظمى من العاملين في المجال التعليمي من معلمين وأخصائيين نفسيين واجتماعيين ليس لديهم المعلومات الكافية عن هذه المشكلة، وأسبابها.
(السيد على سيد ، فائقة محمد بدر : 1999: 10 )
وأشارت هدى قناوي وحسن مصطفى ( 2000) أن الأسرة في بداية حياة الطفل هي المسئولة عن تنشئته الاجتماعية وتعليمه أساليب مجتمعه، وإشباع حاجاته النفسية فإذا ما ذهب إلى المدرسة يشارك المعلمون الآباء في عملية التنشئة الاجتماعية، وكلما كبر الطفل وزادت مشاركته الاجتماعية بتفاعله مع الآخرين.
وحيث ذكر هاش وهوهنستون(Hash & Hohanston : 1995) أن أساليب المعاملة الوالدية الصحيحة التي يشعر الطفل منها بالقبول والاهتمام والحب من والديه تؤدى إلي توافقه النفسي والاجتماعي، أما أساليب المعاملة الوالدية الخاطئة التي تتسم بالرفض الصريح أو المقنع، والإهمال، واللامبالاة بالطفل، والعقاب البدني أو النفسي الشديد والتي يشعر الطفل منها بأنه منبوذ وغير مرغوب فيه، فإنها تؤدى إلى إصابته باضطراب الانتباه.
وقد أظهرت دراسة جولدستين وجولدستين ( Goldstein & Goldstein : 1998 ) أن النشاط الزائد يرتبط بجزء كبير بأسلوب معامله الطفل من قبل والديه، وكما أوضحت بعض الدراسات إلى أن أسلوب معاملة الوالدين للطفل ومدى التفاعل بينهما أحد الأسباب التي ينشا بسببها اضطراب النشاط الزائد Attention Deficit / Hyperactivity Disorder (ADHD ) مثل دراسة حجاج غانم(2001 ) والتي أسفرت علي أن العوامل النفسية والاجتماعية التي تتضمن مجموعة من أساليب المعاملة الوالدية تسهم بنسبة 18% في التأثير السببي علي النشاط الزائد، ودراسة حنان زكريا (2008 ) والتي أسفرت عن أن العوامل الأسرية من أهم العوامل المسهمة في النشاط الزائد.
ذكر كلا من أحمد عثمان،عفاف محمد ( 1995: 68 ) أنه يوجد بعض التفسيرات النفسية للإفراط في النشاط الحركي بصفته سمة مزاجية، والتي أشار فيها بيتلهايم Bettelheim إلى أن هناك أطفـالاً مهيئون للنشـاط المفرط بسبب خصائص مزاجية، وهم يستجيبون للنشـاط المفرط عندما يتعرضون لضغـوط بيئية تفوق قدرتهم على التحمل، وترجع هذه الضغوط البيئية إلى صعوبة التفاعل الجيد بين الطفل وبيئته الاجتماعية، وقد يؤدى عدم قدرة الطفل على الاستجابة بطريقة تتفق مع خصائص مزاجه السلبي إلى شعوره بأنه مشكلة؛ مما يؤدى إلى تدهور مفهومه للذات .
ويرى باركلي وآخرون ( Barkley, et. al :1992 ) أن ما يلاقيـه الأطفـال من ضـغوط نفسـية واجتمـاعية في المـنزل يكون سـبباً في ظهور مشكلة النشاط الزائـد لديهم، وتضيف مركوجليانو ( :1998( Mercogliano أن بعض العوامـل الاجتماعـية والنفسـية المحيطة بالطفل مثل الفقر، وعدم التواصل الوالدي، وغياب الأب من أهم أسباب النشاط الزائد لدى الأطفال .
بينما ذكر اشرف احمد عبد القادر (1993) إلى أن أساليب معاملة الأطفال ذوي النشاط الزائد تتسم بالتسلط والإهمال وإثارة الألم النفسي والتفرقة والتذبذب وهي جميعاً مؤشرات تشير إلى علاقة أساليب معاملة الطفل بنشاطه الزائد، كما أشار جولدسين وجولدستين(Goldstein,S & Goldstein,M : 1998) إلى أن العقاب البدني المتكرر للطفل ذوى النشاط الزائد يؤدى إلى نتائج عكسية، فهناك بعض الآباء من يتبع أساليب خاطئة في تربية هؤلاء الأطفال، مثل العقاب الجسدي وكثرة الأوامر والتعليمات، وتهدف برامج تدريب الوالدين علي كيفية تنظيم سلوك أطفالهم والعمل مع الطفل ذوي النشاط الزائد كي يكتشف بنفس نماذج السلوك والطرق البديلة للسيطرة علي انفعالاتهم، والعمل علي اكتساب مهارات جديدة في أساليب العلاقات الأسرية بهؤلاء الأطفال وتدريب الأسرة علي تكنيك التدعيم الايجابي للسلوك المرغوب فيه لدي الطفل.
(مشيرة اليوسيفي : 2005 :90 )
وفى ضوء ما تقدم وما أوضحته نتائج وتوصيات الدراسات السابقة من أن أساليب المعاملة الوالدية لها اكبر الأثر في تشكيل شخصية الفرد، لذا فقد حاولت الدراسة الحالية خفض النشاط الزائد عن طريق برنامج (أرشاد والدي ) لدى عينة من تلاميذ المرحلة الابتدائية بمحافظة أسوان وذلك بتنمية بعض المهارات التفاوضية لدي والدي الأطفال ذوي النشاط الزائد.
وتعقيباً علي ما سبق يتضح أن النشاط الزائد (ADHD )أحد أهم المشكلات السلوكية التي تظهر على الأطفال، فتحرمهم من الاستمتاع بطفولتهم، لأنها تستنزف الكثير من طاقاتهم الذهنية والبدنية، وتعرضهم للنقد والعقاب على سلوكياتهم، ويمتد الأثر السلبي لهذه الظاهرة للمحيطين من زملائهم وأخواتهم ومعلميهم وآبائهم.
تتحدد مشكلة الدراسة في الإجابة عن التساؤلات التالية :
1- ما فاعلية الإرشاد الوالدي في خفض النشاط الزائد لدي أطفال المرحلة الابتدائية؟
2- ما الفروق بين درجات أبناء الوالدين في المجموعة التجريبية علي مقياس النشاط الزائد قبل وبعد تطبيق البرنامج الإرشادي ؟
3- ما الفروق بين درجات والدي الأطفال ذوي النشاط الزائد في المجموعة التجريبية وذلك علي مقياس المهارات التفاوضية للوالدين قبل وبعد تطبيق البرنامج الإرشادي؟
4- هل يوجد استمرارية لفاعلية البرنامج الإرشادي في القياس البعدي والتتبعي بعد شهر ونصف من نهاية التطبيق البعدي للمجموعة التجريبية ؟