زهرة الشمال
08-14-2010, 09:18 PM
استخدام العنف ضد الأطفال يسبب أمراضا نفسية واجتماعية خطيرة
د/اسلام رضا السعيد
يتعرض عدد من الأطفال في مجتمعنا لصنوف من التعذيب على أيدي بعض أفراد أسرهم، وقد يكون ذلك التعذيب الذي يمارس على الطفل كنوع من العقوبة لفظياً متمثلاً في كلام قاسٍ وجارح، وقد يكون فعلياً كالضرب والحبس والتعرض للكي بالنار في أجزاء متفرقة من ذلك الجسد الغض، تسرد أم نايف (معلمة بالمرحلة المتوسطة) حكاية واقعية سمعتها من إحدى جاراتها وتقول "عندما استمعت إليها أحسست أن شعر رأسي صار بلون الفضة من هول أحداثها ، والقصة باختصار أن ثمة طفلة صغيرة لا تتجاوز العاشرة قام والدها بتطليق أمها، وأخذها إلى بيته عنوة، وهناك تحولت الطفلة الغضة إلى محض خادمة في بيت أبيها الذي أخذ يضربها بقسوة ، ويسيء معاملتها ، كما لو كانت ليست ابنته، ويصل الأب في قسوته إلى حد أنه لم يتورع عن إحراقها بأعقاب السجائر إذا وجدها تغط في النوم، أو إذا وجدها قصرت في شؤون المنزل ، على الرغم من حداثة سنها وقلة خبرتها العملية في إدارة الشؤون المنزلية ، ليس هذا فحسب، بل إن هذا الأب الشرس يقوم بضرب طفلته ضرباً عنيفاً حتى تفقد الوعي، فضلاً عن الشتائم الجارحة التي تتلقاها كل وقت، لدرجة أن الطفلة صارت تعاني من حالات نفسية سيئة جداً من فرط ما تتعرض له من أذى وتعذيب وإهانة وسوء معاملة".
وأضافت حنان المنجومي "ثمة أب ضرب طفله الصغير الذي لا يزال في الثامنة من عمره ضرباً مبرحاً لا يقدر على احتماله الشخص الكبير، والسبب هو أن هذا الطفل - كما يقول ذلك الأب الغليظ - لا يسمع كلامه، وعلى الرغم من معارضة الأم لهذا الأسلوب العنيف في التربية، إلا أن هذا الأب لا يكترث أبداً ، ويظل يمارس سطوته على طفله بدون رحمة".
وتسرد ريم الحربي ( طالبة جامعية ) حكاية أخرى غريبة مفادها أن أماً تحب طفلها البالغ من العمر 7 سنوات حبا جما، وهذا أمر طبيعي وصحيح، لكن الذي ليس طبيعياً ولا صحيحاً أن زوجها والد الطفل أصبح يشعر بالغيرة الشديدة من طفله هذا، ويرى أنه خطف منه الأم التي باتت متشاغلة به - كما يزعم - فيما هو يتعرض لإهمالها - كما يقول - .
وتضيف ريم " انتقاما من هذه الأم وهذا الطفل، تشاجر الأب بأسلوب وحشي مع زوجته أم الطفل، أما هذا الأخير فتلقى عقاباً قاسياً من أبيه، إذ قام بحبسه في غرفة مظلمة، وأغلق عليه الباب، ليمكث وحيداً بهذا الوضع القاسي والبشع مدة 7 ساعات، ولم تجد معه محاولات الأم نفعاً، وعلى الرغم من بكاء الطفل الصغير ، وعلى الرغم من محاولات الاسترحام التي تقدمت بها الأم لدى هذا الأب غليظ القلب، فإنه لم يطلق سراح فلذة كبده إلا بعد انقضاء مدة العقوبة وهي 7 ساعات، الأمر الذي انعكس على الصغير وعلى نفسيته بصورة سلبية ، إذ صار الطفل يخاف من الأماكن المغلقة، كما بات يعاني من الذعر المستمر".
وتقول علياء الحكمي (ربة بيت) إنها تعرف سيدة تعامل طفلة عمرها 9 سنوات بقسوة شديدة، على النقيض تماماً من معاملتها لسائر أبنائها وبناتها، لأن تلك البنت ليست ابنتها، وإنما هي طفلة يتيمة ماتت أمها، وتولت هذه السيدة تربيتها لأنها زوجة أبيها".
وتضيف علياء "هذه الأم قاسية القلب تضرب تلك الطفلة بعنف شديد، وتعمد إلى كي جلدها بملعقة تقوم بتسخينها على النار، إلى أن تترك الملعقة علامات واضحة على جسد الطفلة الغض، أيضا هذه السيدة تقوم بالتمييز بين هذه الطفلة وأخواتها وإخوانها بحجة أنها - أي الطفلة - تتعمد مضايقتها ، وتقوم بأفعال لا تستسيغها زوجة الأب، وحين يلومها بعض الناس على هذا الأسلوب العنيف الذي تعامل به تلك الطفلة تقول إن الضرب لا يقتل، وإن أباها كان يعاملها هكذا وهي لم تمت ولم يحدث لها شيء".
ويروي محمد الشريف ( موظف بإحدى الشركات ) قصةً كان ضحيتها ابن صديق له، يقول "صديقي هذا لا يحسن معاملة طفله على الإطلاق، فهو يعامله بمنتهى القسوة، و لأن الطفل البالغ من العمر 8 سنوات كثير الحركة كأي طفل في سنه فإن هذا الأب يضيق ذرعاً بطفله، ويقوم بصفعه على وجهه بقسوة حتى تسيل الدموع من عينيه، ويتم ذلك أمام الجميع، فيعرض طفله للإهانة والحرج، لدرجة أنني ذات مرة أحسست بالغيظ، وشعرت وقتها أنني بحاجة إلى تلقين ذلك الأب القاسي درساً أمام جميع الناس بضربه ضرباً مبرحاً حتى يكف عن معاملة طفله الصغير البريء بكل تلك القسوة غير المبررة".
ويضيف الشريف " حاولت أن أسدي لذلك الصديق النصح كي يكف عن إلحاق الأذى بطفله، إلاّ أنه لم يرتدع ولم يصغ جيداً إلى نصائحي، على الرغم من أنني أوضحت له أن الطفل سيتأثر عميقاً بهذه الإساءات المتكررة ، وأنها ستنعكس عليه سلباً في القادم من الأيام ، ولكن لا حياة لمن تنادي".
ويقول رجل" قبل سنتين فقط تم الانفصال بيني وبين زوجتي بسبب مشاكل عائلية، وأعترف أنني اتخذت قرار الانفصال دون تفكير عميق فيه أو فيما يترتب عليه، وخرجت من هذا الزواج بطفلة عمرها 7 سنوات، وبعد فترة تزوجت بسيدة أخرى، وكان هدفي هو أن تهتم هذه الزوجة بطفلتي الوحيدة وأن تعوضني عما فات، لكن تلك السيدة كانت عديمة الرحمة، ومليئة بمشاعر قاسية، هي باختصار امرأة طاغية عاملت طفلتي بقسوة كبيرة، وأذاقتها مر العذاب، وكنت دائماً أشاهد طفلتي والدموع تترقرق في عينيها، كما أنها أصبحت تعيش بيننا منطوية وكئيبة، وكنت كلما سألت زوجتي عن سبب حزن طفلتي ترد علي قائلة بأنها لا تعرف عنها شيئاً، وكانت تظهر أمامي في صورة زوجة الأب المثالية، وكانت في حضوري تعامل طفلتي بالحسنى، وذات يوم قدر الله أن أعود إلى بيتي مبكراً دون علم زوجتي، وحالما فتحت الباب سمعت بكاءً شديداً، فكتمت أنفاسي ولم أصدر صوتاً أو أحدث جلبة، إلى أن دخلت بهدوء إلى الصالة، وهناك وجدت زوجتي المثالية تمسك طفلتي من شعرها، وتجرها جراً كالذبيحة إلى المطبخ، وكانت طفلتي ملقاة على الأرض، فعرفت حينها سبب حزن طفلتي وكآبتها، لقد كانت تلقى على يد تلك المرأة القاسية صنوفاً شتى من العذاب، ولهذا قررت تطليقها وفعلت من دون أسف، واتخذت قراراً آخر هو إعادة طفلتي لأمها، إذ ليس هناك من هو أحن من الأم على طفلتها".
يقول رئيس إدارة شركة التآلف للرعاية اللواء الدكتور محمد مصطفى الجهني موضحاً الآثار النفسية التي تنعكس على شخصية الطفل - الضحية" العنف الأسري الممارس على الأطفال من قبل الأسرة، الأب أو الأم أو أحد أفرادها يولد بثوراً غائرة وعميقة في نفس الطفل الذي تعرض للأذى، يبقى ذلك الأثر واضحاً ومؤثراً حتى حينما يكبر الطفل، ومهما كان نوع العنف لفظياً أو نفسيا ً أو جسدياً فإن آثاره تظل عميقة" .
ويضيف اللواء الجهني"هذه الممارسات العنيفة التي يذوق مرارتها الأطفال تخرج لنا أطفالاً يصبحون مجرمين حينما يكبرون، وذلك جراء ضغط تلك المشاكل وأثرها على حياتهم وسلوكهم"، ويرى أن هؤلاء الأطفال المعذبين يصبحون صيداً سهلاً حينما يكبرون، إذ يستطيع الأشرار تجنيدهم بسهولة للقيام بأعمال غير سوية - كالإرهاب وتجارة المخدرات مثلاً ، مما يكون له تأثير سلبي كبير على المجتمع بصفة شاملة، فضلاً عن كون الطفل الذي يتعرض للأذى مبكراً يتحول حين يكبر إلى إنسان منحرف، ويلجأ إلى تطبيق ما كان يتلقاه من عنف بحق المجتمع وكذلك بحق أبنائه.
وطالب اللواء الجهني جميع الأسر التي تمارس العنف على أطفالها بأن تكف عن ممارسة هذا الأسلوب، ويقترح نقل الطفل الذي يتعرض للعنف والقسوة والتسلط وصنوف التعذيب إلى خارج نطاق الأسرة، ليعيش مثلاً في دار الرعاية الاجتماعية، لأنه هناك يجد تربية أفضل ورعاية رائعة، مطالبا وزارة الداخلية والمؤسسات الاجتماعية والجهات القضائية بالتعاون لوضع حل حازم لهذا العنف الأسري، والوقوف ضد كل من يتسبب بالإساءة للأطفال.
وترى استشارية مخ وأعصاب بمستشفى الأمين بالطائف الدكتورة سهام عباس أن العنف النفسي واللفظي الموجه ضد الأطفال يتسبب بإلحاق الأذى بهم، وينتج عنه إصابة الطفل الذي تعرض لعنف أسري بانفصال عقلي، وتشدد على أن الألفاظ الجارحة والمهينة ذات تأثير سلبي كبير على نفسية الطفل، فهو حين يكبر يكره أمه وأباه جراء ما قاساه من عذاب على أيديهما.
أما العنف الجسدي فتؤكد الدكتورة سهام أن أخطاره كبيرة، خصوصاً إذا حدث من قبل الأب أو الأم ضد الابن أو الابنة، وتحذر من العنف في المؤسسات التعليمية، فمن واقع عملها ، رأت أن كثيراً من الأطفال يرفضون الذهاب إلى المدرسة على الرغم من كونهم أذكياء ومجتهدين، وذلك بسبب المعاملة القاسية التي يتلقاها الطفل من أساتذته أو من الهيئة الإدارية.
وتضيف "من تجربتي وجدت تلميذا مجتهداً يكره المدرسة واللغة العربية برمتها، وعرفت بطريقتي أن معلم هذه المادة قام بضربه أمام التلاميذ، مما ولد لديه هذا الشعور الكاره للعروبة واللغة العربية، فضلاً عن إصابته بحالة هستيريا نتيجة ذلك الضرب غير المبرر".
د/اسلام رضا السعيد
يتعرض عدد من الأطفال في مجتمعنا لصنوف من التعذيب على أيدي بعض أفراد أسرهم، وقد يكون ذلك التعذيب الذي يمارس على الطفل كنوع من العقوبة لفظياً متمثلاً في كلام قاسٍ وجارح، وقد يكون فعلياً كالضرب والحبس والتعرض للكي بالنار في أجزاء متفرقة من ذلك الجسد الغض، تسرد أم نايف (معلمة بالمرحلة المتوسطة) حكاية واقعية سمعتها من إحدى جاراتها وتقول "عندما استمعت إليها أحسست أن شعر رأسي صار بلون الفضة من هول أحداثها ، والقصة باختصار أن ثمة طفلة صغيرة لا تتجاوز العاشرة قام والدها بتطليق أمها، وأخذها إلى بيته عنوة، وهناك تحولت الطفلة الغضة إلى محض خادمة في بيت أبيها الذي أخذ يضربها بقسوة ، ويسيء معاملتها ، كما لو كانت ليست ابنته، ويصل الأب في قسوته إلى حد أنه لم يتورع عن إحراقها بأعقاب السجائر إذا وجدها تغط في النوم، أو إذا وجدها قصرت في شؤون المنزل ، على الرغم من حداثة سنها وقلة خبرتها العملية في إدارة الشؤون المنزلية ، ليس هذا فحسب، بل إن هذا الأب الشرس يقوم بضرب طفلته ضرباً عنيفاً حتى تفقد الوعي، فضلاً عن الشتائم الجارحة التي تتلقاها كل وقت، لدرجة أن الطفلة صارت تعاني من حالات نفسية سيئة جداً من فرط ما تتعرض له من أذى وتعذيب وإهانة وسوء معاملة".
وأضافت حنان المنجومي "ثمة أب ضرب طفله الصغير الذي لا يزال في الثامنة من عمره ضرباً مبرحاً لا يقدر على احتماله الشخص الكبير، والسبب هو أن هذا الطفل - كما يقول ذلك الأب الغليظ - لا يسمع كلامه، وعلى الرغم من معارضة الأم لهذا الأسلوب العنيف في التربية، إلا أن هذا الأب لا يكترث أبداً ، ويظل يمارس سطوته على طفله بدون رحمة".
وتسرد ريم الحربي ( طالبة جامعية ) حكاية أخرى غريبة مفادها أن أماً تحب طفلها البالغ من العمر 7 سنوات حبا جما، وهذا أمر طبيعي وصحيح، لكن الذي ليس طبيعياً ولا صحيحاً أن زوجها والد الطفل أصبح يشعر بالغيرة الشديدة من طفله هذا، ويرى أنه خطف منه الأم التي باتت متشاغلة به - كما يزعم - فيما هو يتعرض لإهمالها - كما يقول - .
وتضيف ريم " انتقاما من هذه الأم وهذا الطفل، تشاجر الأب بأسلوب وحشي مع زوجته أم الطفل، أما هذا الأخير فتلقى عقاباً قاسياً من أبيه، إذ قام بحبسه في غرفة مظلمة، وأغلق عليه الباب، ليمكث وحيداً بهذا الوضع القاسي والبشع مدة 7 ساعات، ولم تجد معه محاولات الأم نفعاً، وعلى الرغم من بكاء الطفل الصغير ، وعلى الرغم من محاولات الاسترحام التي تقدمت بها الأم لدى هذا الأب غليظ القلب، فإنه لم يطلق سراح فلذة كبده إلا بعد انقضاء مدة العقوبة وهي 7 ساعات، الأمر الذي انعكس على الصغير وعلى نفسيته بصورة سلبية ، إذ صار الطفل يخاف من الأماكن المغلقة، كما بات يعاني من الذعر المستمر".
وتقول علياء الحكمي (ربة بيت) إنها تعرف سيدة تعامل طفلة عمرها 9 سنوات بقسوة شديدة، على النقيض تماماً من معاملتها لسائر أبنائها وبناتها، لأن تلك البنت ليست ابنتها، وإنما هي طفلة يتيمة ماتت أمها، وتولت هذه السيدة تربيتها لأنها زوجة أبيها".
وتضيف علياء "هذه الأم قاسية القلب تضرب تلك الطفلة بعنف شديد، وتعمد إلى كي جلدها بملعقة تقوم بتسخينها على النار، إلى أن تترك الملعقة علامات واضحة على جسد الطفلة الغض، أيضا هذه السيدة تقوم بالتمييز بين هذه الطفلة وأخواتها وإخوانها بحجة أنها - أي الطفلة - تتعمد مضايقتها ، وتقوم بأفعال لا تستسيغها زوجة الأب، وحين يلومها بعض الناس على هذا الأسلوب العنيف الذي تعامل به تلك الطفلة تقول إن الضرب لا يقتل، وإن أباها كان يعاملها هكذا وهي لم تمت ولم يحدث لها شيء".
ويروي محمد الشريف ( موظف بإحدى الشركات ) قصةً كان ضحيتها ابن صديق له، يقول "صديقي هذا لا يحسن معاملة طفله على الإطلاق، فهو يعامله بمنتهى القسوة، و لأن الطفل البالغ من العمر 8 سنوات كثير الحركة كأي طفل في سنه فإن هذا الأب يضيق ذرعاً بطفله، ويقوم بصفعه على وجهه بقسوة حتى تسيل الدموع من عينيه، ويتم ذلك أمام الجميع، فيعرض طفله للإهانة والحرج، لدرجة أنني ذات مرة أحسست بالغيظ، وشعرت وقتها أنني بحاجة إلى تلقين ذلك الأب القاسي درساً أمام جميع الناس بضربه ضرباً مبرحاً حتى يكف عن معاملة طفله الصغير البريء بكل تلك القسوة غير المبررة".
ويضيف الشريف " حاولت أن أسدي لذلك الصديق النصح كي يكف عن إلحاق الأذى بطفله، إلاّ أنه لم يرتدع ولم يصغ جيداً إلى نصائحي، على الرغم من أنني أوضحت له أن الطفل سيتأثر عميقاً بهذه الإساءات المتكررة ، وأنها ستنعكس عليه سلباً في القادم من الأيام ، ولكن لا حياة لمن تنادي".
ويقول رجل" قبل سنتين فقط تم الانفصال بيني وبين زوجتي بسبب مشاكل عائلية، وأعترف أنني اتخذت قرار الانفصال دون تفكير عميق فيه أو فيما يترتب عليه، وخرجت من هذا الزواج بطفلة عمرها 7 سنوات، وبعد فترة تزوجت بسيدة أخرى، وكان هدفي هو أن تهتم هذه الزوجة بطفلتي الوحيدة وأن تعوضني عما فات، لكن تلك السيدة كانت عديمة الرحمة، ومليئة بمشاعر قاسية، هي باختصار امرأة طاغية عاملت طفلتي بقسوة كبيرة، وأذاقتها مر العذاب، وكنت دائماً أشاهد طفلتي والدموع تترقرق في عينيها، كما أنها أصبحت تعيش بيننا منطوية وكئيبة، وكنت كلما سألت زوجتي عن سبب حزن طفلتي ترد علي قائلة بأنها لا تعرف عنها شيئاً، وكانت تظهر أمامي في صورة زوجة الأب المثالية، وكانت في حضوري تعامل طفلتي بالحسنى، وذات يوم قدر الله أن أعود إلى بيتي مبكراً دون علم زوجتي، وحالما فتحت الباب سمعت بكاءً شديداً، فكتمت أنفاسي ولم أصدر صوتاً أو أحدث جلبة، إلى أن دخلت بهدوء إلى الصالة، وهناك وجدت زوجتي المثالية تمسك طفلتي من شعرها، وتجرها جراً كالذبيحة إلى المطبخ، وكانت طفلتي ملقاة على الأرض، فعرفت حينها سبب حزن طفلتي وكآبتها، لقد كانت تلقى على يد تلك المرأة القاسية صنوفاً شتى من العذاب، ولهذا قررت تطليقها وفعلت من دون أسف، واتخذت قراراً آخر هو إعادة طفلتي لأمها، إذ ليس هناك من هو أحن من الأم على طفلتها".
يقول رئيس إدارة شركة التآلف للرعاية اللواء الدكتور محمد مصطفى الجهني موضحاً الآثار النفسية التي تنعكس على شخصية الطفل - الضحية" العنف الأسري الممارس على الأطفال من قبل الأسرة، الأب أو الأم أو أحد أفرادها يولد بثوراً غائرة وعميقة في نفس الطفل الذي تعرض للأذى، يبقى ذلك الأثر واضحاً ومؤثراً حتى حينما يكبر الطفل، ومهما كان نوع العنف لفظياً أو نفسيا ً أو جسدياً فإن آثاره تظل عميقة" .
ويضيف اللواء الجهني"هذه الممارسات العنيفة التي يذوق مرارتها الأطفال تخرج لنا أطفالاً يصبحون مجرمين حينما يكبرون، وذلك جراء ضغط تلك المشاكل وأثرها على حياتهم وسلوكهم"، ويرى أن هؤلاء الأطفال المعذبين يصبحون صيداً سهلاً حينما يكبرون، إذ يستطيع الأشرار تجنيدهم بسهولة للقيام بأعمال غير سوية - كالإرهاب وتجارة المخدرات مثلاً ، مما يكون له تأثير سلبي كبير على المجتمع بصفة شاملة، فضلاً عن كون الطفل الذي يتعرض للأذى مبكراً يتحول حين يكبر إلى إنسان منحرف، ويلجأ إلى تطبيق ما كان يتلقاه من عنف بحق المجتمع وكذلك بحق أبنائه.
وطالب اللواء الجهني جميع الأسر التي تمارس العنف على أطفالها بأن تكف عن ممارسة هذا الأسلوب، ويقترح نقل الطفل الذي يتعرض للعنف والقسوة والتسلط وصنوف التعذيب إلى خارج نطاق الأسرة، ليعيش مثلاً في دار الرعاية الاجتماعية، لأنه هناك يجد تربية أفضل ورعاية رائعة، مطالبا وزارة الداخلية والمؤسسات الاجتماعية والجهات القضائية بالتعاون لوضع حل حازم لهذا العنف الأسري، والوقوف ضد كل من يتسبب بالإساءة للأطفال.
وترى استشارية مخ وأعصاب بمستشفى الأمين بالطائف الدكتورة سهام عباس أن العنف النفسي واللفظي الموجه ضد الأطفال يتسبب بإلحاق الأذى بهم، وينتج عنه إصابة الطفل الذي تعرض لعنف أسري بانفصال عقلي، وتشدد على أن الألفاظ الجارحة والمهينة ذات تأثير سلبي كبير على نفسية الطفل، فهو حين يكبر يكره أمه وأباه جراء ما قاساه من عذاب على أيديهما.
أما العنف الجسدي فتؤكد الدكتورة سهام أن أخطاره كبيرة، خصوصاً إذا حدث من قبل الأب أو الأم ضد الابن أو الابنة، وتحذر من العنف في المؤسسات التعليمية، فمن واقع عملها ، رأت أن كثيراً من الأطفال يرفضون الذهاب إلى المدرسة على الرغم من كونهم أذكياء ومجتهدين، وذلك بسبب المعاملة القاسية التي يتلقاها الطفل من أساتذته أو من الهيئة الإدارية.
وتضيف "من تجربتي وجدت تلميذا مجتهداً يكره المدرسة واللغة العربية برمتها، وعرفت بطريقتي أن معلم هذه المادة قام بضربه أمام التلاميذ، مما ولد لديه هذا الشعور الكاره للعروبة واللغة العربية، فضلاً عن إصابته بحالة هستيريا نتيجة ذلك الضرب غير المبرر".